في منطقة سهل الغاب بريف حماة الغربي، ترى قطيعاً من الجاموس يستجم وسط بركة من المياه، وهو ما لا يجرؤ عليه قطيع من البقر، أما في المرعى فتجد الأطفال يلعبون بين القطيع أو يقومون برعاية القطيع.
يتحمل الجوع أكثر من الأبقار التي تأنف أكل ما يأكله الجاموس، إلا أن الأخير حتى في حالة الجوع ينتج من الحليب أكثر مما تنتجه البقر، فيما لحمه أقل دهوناً من لحوم البقر. ويُمكن أن يمنح رأس الجاموس الواحد قرابة خمسة آلاف لتر من الحليب خلال العام الواحد، فيما يكبر عجل الجاموس 800 غرام في اليوم الواحد، حيث يعطي لحماً أكثر من لحم عجل البقر، أما من حيث المذاق فيقول المربون أنه ألذّ من لحم البقر والغنم.
ويُربى الجاموس بشكل عام في سورية في المناطق التي تُعتبر غنية بالمياه وقريبة من الأنهار مثل ريف حماة، الذي يمر به نهر العاصي، ومنطقة الجزيرة التي يمر بها نهر الفرات وروافده، ومناطق أخرى، وتربية الحيوان تبقى مهددة دائما بالجفاف.
يتحدث "حسن فياض" أحد المزارعين الذين ما زالوا على اهتمام بتربية جاموس في سهل الغاب مع "العربي الجديد" أنه ورث تربية الجاموس عن أجداده، مشيرا إلى أن الجاموس يختلف عن البقر فهو ذو بنية جسدية مقاومة أكثر للأمراض، وحليبه ولبنه ألذ من حليب البقر، ويلقى لحم وحليب الجاموس اهتماماً من البعض في المنطقة إلا أن سعره غال.
وباتت عملية تربية الجاموس صعبة بسبب قلة الاهتمام من المسؤولين في المنطقة، وعدم توفر الأعلاف المناسبة للجاموس وغلاء أسعارها، كذلك افتقار المراعي للخصوبة، فضلاً عن الجفاف الذي يضرب المنطقة.
يقول فياض "إن الجاموس ومع ارتفاع درجات الحرارة حياته مهددة بالخطر، لذلك نقوم كل يوم في ساعات ارتفاع درجات الحرارة برعي القطيع حول أقنية المياه على نهر العاصي".
وأضاف: "يتكون القطيع الواحد من الجاموس في المنطقة من 40 إلى 50 رأسا، ويتم علاجها من الأمراض عن طريق الأدوية المتوفرة في المنطقة والمستوردة من خارج سورية، إلا أنها غير مدعومة لعدم وجود مؤسسة حكومية متخصصة في المنطقة، وأسعار الأدوية مرتفعة".
ويقول عضو المجلس المحلي في سهل الغاب أيمن سلامة لـ"العربي الجديد": "إن المزارعين في المنطقة يهتمون بتربية الجاموس منذ زمن بعيد، لكن مؤخراً انخفضت بشكل كبير وذلك نتيجة النزوح في سهل الغاب وقلة المراعي، وغلاء الأعلاف".
وتابع "أما من حيث الإنتاج فقد انخفض مردود الجاموس ما بين 10 و 20 كلغ حليب في اليوم، إلى ما بين 3 و 5 كيلوغرامات، وذلك بسبب قلة الاهتمام الناتجة عن قلة الدعم. وباتت تربية الجاموس عبئاً بالنسبة لبعض المزارعين، حيث غدا استهلاك الجاموس أكثر من إنتاجه للألبان والأجبان، وأصبحت تربيته مهددة بالانقراض في المنطقة، حيث انخفضت بنسبة 95 بالمائة، كما انخفض عدد الجواميس في سهل الغاب من 1500 رأس إلى 300 رأس، خلال السنوات السبع الماضية".
وقال مهنا كوجك صاحب معمل أجبان وألبان في المنطقة، "إن حليب الجاموس أكثر جودة وسعرها ضعف سعر منتجات البقر، إلا أن الكميات قليلة والقطيع في المنطقة ينتج اليوم طنا واحدا من الحليب، فيما كان ينتج سابقاً ما بين 10 و 15 طناً". وأشار مهنا إلى أن الجاموس في المنطقة مهدد بـ"الانقراض" وبات دخوله في الثروة الغذائية مهدداً نتيجة قلة الإنتاج، وصعوبة الحصول على الأعلاف.