هناك ميزة جانبية كبيرة في وجود صناعة سينما ضخمة داخل هوليوود، وهي أنَّ الهامش المستقلّ واسع للغاية، وقادر على استيعاب مواهب وتجارب وأفكار جديدة، بعيدًا عن نظام الاستديو. فيلم Upgrade ينتمي إلى هذا الهامش. مخرجه لي وانيل اسم ضعيف، والعمل ينتمي إلى فئة أفلام الرعب الرخيصة. بطله لوغان مارشيل غرين ممثّل أدوار صغيرة. كلفته 5 ملايين دولار أميركي فقط. الفئة المنتمي إليها مكلفة، تمامًا كالخيال العلمي والـ"أكشن". مع هذا، كانت هناك فرصة للخروج بنتيجة ممتازة، وبعمل مسلٍّ ومتماسك ومتقن جدًا على مستوى التنفيذ.
الفكرة الأساسية تدور في مستقبل غير محدَّد، يعتمد فيه البشر على الآلة والذكاء الاصطناعي في كلّ شيء، إلى درجة زراعة آلات في جسم الإنسان لتطويره. بطل القصّة، غراي تريس، يعيش بالشكل القديم. يعتمد على نفسه في صنع الأشياء، وهذا يظهر في السيارة العتيقة التي يملكها، ولا يتعاون مع سائق آلي كجميع من حوله. لكن، مع تعرّضه لحادثٍ بشع تُقتل فيه زوجته، ويتعرّض هو لشلل كامل في جسده، يقبل تريس عرض إيرون كين (العالم التقني) بزراعة شريحة ذكاء اصطناعي متطوّرة جدا، تسمى "ستيم"، في جهازه العصبي، كي يتمكّن من التحرّك مجدّدًا. مع نجاح العملية، وبالإضافة إلى قدرته على الحركة، يكتسب تريس قدرات عقلية وجسدية خارقة بفضل الشريحة التي تساعده في تحقيق انتقامه، مع بحثه عن مساحة إرادة واستقلال أكبر في جسده البشري.
يؤسّس لي وانيل، ككاتب ومخرج، عالم فيلمه بشكل فعّال للغاية، منذ اللحظة الأولى. ربما ليس مبتكرًا أو جديدًا، لكنه مناسب للقصّة التي يرويها. ثلاثة مَشَاهد فقط تمنح إمكانية إدراك شكل المستقبل، وعلاقة البطل بزوجته، والشركات التي تخترع أنظمة تزرعها في جسم الإنسان. عند الوصول إلى النقطة المحورية عن حادث القتل والشلل، تكون المعلومات كلّها متوفّرة، فيصبح الفيلم أقوى لاحقًا.
مَشاهد اكتئاب غراي تريس فعّالة شعوريًا، وقبوله عرض كين منطقي للغاية. بداية اكتشافه أن "ستيم" يتكلّم معه واللعب على فكرة الكائن الموجود داخل المرء، رائعان، بشكل أفضل بكثير من Venon، الذي أخرجه روبن فلايشر عام 2018. ثم لحظة الذروة، مع ملاحقة أحد قتلة زوجته، واكتشافه، في مشهد عراك معه، القدرات الجسدية والحركية التي يضيفها له "ستيم". ومع الصدمة، في نهاية المشهد، يُضيف وانيل آخر ما يُشكّل طبيعة فيلمه: العنف الشديد في المَشاهد القتالية، مع اختلاف في طريقة تنفيذها، من حيث الحركة الآلية للبطل (تبعًا لتحكّم "ستيم" به)، مع عمل موازٍ على حركة الكاميرا نفسها. تميّز Upgrade يخفّ في فصله الثالث (الختام). من ناحية أولى، انشغل أكثر من اللازم بصنع التواءات درامية بشكلٍ متسارع جدًا، في آخر ربع ساعة تحديدًا. ومن ناحية ثانية، لا تعطي المسارات التي اختارها إجابات كافية لسدّ فجوات منطقية في الحكاية، وأبرزها: لماذا تريس هو المُختار للتجربة؟ لماذا هذا القدر من الانسحاق من قِبل كين إزاء كائنه المُخترع؟ فجوات ناتجة من الالتواءات الدرامية غير الضرورية إطلاقًا، لكنّها لا تُقلِّل من أهمية المُشاهدة، وهي مسلية فعليًا، وفيها جرأة واختلاف وتجريب على المستوى التنفيذي، بشكل يجعل مخرجه من الأسماء المنتظر لمعانها في إنتاجات سينمائية أضخم في الأعوام القليلة المقبلة.