لم ينته الجدل الواسع الذي أثارته الطفلة المصرية هايدي محمد (12 عامًا)، بعد مشاركتها في الحلقة الثالثة من برنامج "فويس كيدز"، إذْ لم تلتفّ كراسي المدربين إليها. لكن الواضح أن الطفلة عرفت كيف تحرك الإعلام البديل والمحطات التلفزيونية المصريّة. ليظهر سؤال عند قسم كثيرٍ من المتابعين؟ لماذا لم تحظ هايدي بإعجاب أو اختيار المدربين. خصوصًا عند المقارنة بين ردة فعل الجمهور الحماسيَّة وردود لجنة التحكيم التي فضّلت عدم الضغط على زرّ القبول. ومنهم بالطبع عاصي الحلاني الذي أقر بأن بعض المتبارين من الأطفال يعلمون جيداً قبل المشاركة، بأنَّ ظهورهم سيكون لمرة واحدة فقط، وفق استراتيجية البرنامج، بعد أن يكتمل فريق كل فنان، والمؤلّف من 15 طفلاً، يتمُّ اختيارهم من قبل الفنانين أنفسهم. لكنَّ التساؤل الأكبر، كان في طريقة إثارة مرور طفلة تغني، لم يحالفها الحظ للبقاء في المراحل المقبلة من برنامج مواهب عادي، واستغلال ذلك ربما لصالح جميع الأطراف، بعد أن تحولت هايدي إلى "قضية".
بدايةً، من المعروف أن كل البرامج التلفزيونية تحاول الخروج من دائرة التقليدية، واستغلال بعض الوسائل الخاصة، بعضها يكون مرسوماً ومُعدّاً وفق الخطة التسويقية للبرنامج، واعتمادًا على المعادلة التجارية أو ما ينتج عنها. هذا التداخل بين الفني والترويجي، ظهر قبل سنوات في هذا النوع من البرامج، إزاء قضية اللاجئين. واستنزفت هذه الاستراتيجيّة في نيل الترويج مجموعة من الحالات المُهجَّرة أو المهاجرة خارج سورية، مثلاً، للقول بأنه رغم الأزمة السورية، هناك طاقة تولّد الإبداع. هذا استغلال مؤقت وواضح لقضيَّة مصيرية تتعلق بالأطفال، إضافة إلى عدم احترام معاناة تجتاح الوطن العربي برمته. أمّا القول بأن هذه البرنامج أو المحطات تساهم في الترفيه عن الأطفال المهاجرين أو المعذبين فهو غير سليم، لأنّها مجرد استعانة مؤقّتة، ضمن ظهور يستمرُّ لساعات أو أسابيع من عرض البرنامج، وينتهي مع إعلان فوز الطفل باللقب.
وهكذا تأتي قضية هايدي محمد، الطفلة التي وقفت تغني لأم كلثوم "هذه ليلتي"، من كلمات الشاعر اللبناني الراحل جورج جرداق وألحان موسيقار الجيل محمد عبد الوهاب. وعلى الرغم من صعوبة الأغنية، لم تستطع هايدي إقناع لجنة المدربين، لسببين: السبب الأول، بحسب ما شاهدناه، هو خروج هايدي عن بعض الجمل اللحنية بداية، والواضح أنها لم تكن مرتاحة أو متمرنة مع الفرقة الموسيقية الخاصة في البرنامج، بالقدر الذي يمكنها من الغناء للسيدة أم كلثوم. والسبب الثاني، هو الخوف الذي تملكها، خصوصاً أن المدربين لم يدوروا بكراسيهم. وكان واضحًا على وجوههم الموقف الحرج والمتلبّك. وهذا طبيعي لجهة الضياع والتردد اللذين سادا على لجنة التحكيم، إذا كانت تستحق الالتفات أم لا. لكن وبعد انتهاء هايدي من الغناء، عبَّر عاصي الحلاني عن ندمه. في حين كان عزاء زميله حماقي بأن هايدي لا تزال في بداية الطريق، وأنَّ بإمكانها التقدم ثانية لحجز مكانها مرة أخرى في البرنامج، كما حصل مع مشتركين آخرين سابقاً.
لم تنته قصة هايدي عند هذا الحد، إذْ حاول بعض الإعلام المصري إدخالها في لعبة الترويج، معتمداً على محبتها للمغني تامر حسني الذي حاول هو أيضاً دعمها، فزارها قبل أيام، مستغلاً الجدل الحاصل على المواقع البديلة لمصلحته الخاصة، لإظهار نفسه كداعمٍ للمواهب الصاعدة، وكذلك لزيادة غضب المتابعين المصريين على البرنامج والمحطة التي تعرضه، وحتى الفنانين المدربين.