أسئلة كثيرة تُطرح، هذه الأيام، في الوسط الفني الفرنسي، تتعلق بمغني أفضل مجموعات موسيقى "الروك" في فرنسا، "نوار ديزير”، برتران كانتا. وهي أسئلة يتداخل فيها العاطفي والفني والحقوقي.
لم يكن برتران كانتا، قبل هذه الأيام، نكرة في فرنسا. ولم يكن نكرة، حين كان يتربع مع مجموعته على عرش الروك الفرنسي، ولكنه ازداد شهرة حين تسببت صفعة قوية منه وجَّهَها لصديقته، وتحت تأثير مادة مخدرة، في دخولها غيبوبة لم تخرج منها أبداً، وكانا في عاصمة ليتوانيا، فيلنيوس. في سنة 2003، دخل الفنان الفرنسي السجن، بعد أن حكم عليه القضاء الليتواني، بالسجن لمدة ثماني سنوات، بتهمة القتل غير العمد لماري، ابنة المخرجة نادين ترنتينيان، والممثل الكبير جان لوي ترنتينيان. وقد قضى نصف عقوبته السجنية، ثم حصل على حرية مشروطة سنة 2007. وفي سنة 2011، حصل على حريته الكاملة، بعد أن تم حلّ مجموعته الشهيرة "نوار ديزير"، سنة 2010، وهي السنة التي انتحرت فيها زوجته المجرية الأصل.
وإذا كان برتران كانتا قد استطاع، في كل مرة، أن يعود إلى جمهوره وإلى فنه الذي لا يعرف سواه، سواء بصفة منفردة، أو مع مجموعات غنائية، إلا أنه في كل مرة يلاحقه ماضيه، والذي يتمثل في لوبي قوي منغرس في وسائل الإعلام تتحرك من ورائه نادين ترنتينيان، ويرغمه على إلغاء العديد من أنشطته الموسيقية.
وقد جرّبت ذلك المجلة الثقافية الأسبوعية الفرنسية "ليزانروكيبتيبل"، في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2017، حين كرّست له، بمناسبة صدور ألبومه الفردي "أمور فاتي"، صفحتَها الأولى، مع حوار طويل تحت عنوان: "كانتا، باسمه"، فتعرضت لانتقادات كبيرة، دفعت كوكبة من الفنانات إلى نشر بيان في مجلة ELLE، ينتقد مبادرة مجلة "ليزانروكيبتيبل"، وتضمَّنَ الغلاف صورة لماري ترينتينيان وعنوان: "بِاسْم ماري”، وكرّست افتتاحية المجلة “لإدانة كل أنواع العنف الموجه ضد النساء، ومن بينهن أصبحت ماري ترنتينيان الرمز الحزين".
ولم تفوت سكرتيرة الدولة المكلفة بالمساواة بين النساء والرجال، مارلين شيابا، هذا الظهور الإعلامي لبرتران كانتا، فصرّحت: “باسم ماذا يتوجب علينا أن نتحمل الحملة الترويجية لِمَن قتَلَ ماري ترنتينيان بلكمات؟ لن ندع أي شيء يمرّ”.
وحرص كانتا في الحوار، على أن يعتذر عن فعلته، فاعترف في لقائه مع مجلة "ليزانروكيبتيبل"، في بوح مؤثر، بأن المأساة لا تزال تشغل باله وعقله في كل ثانية. وأنه لم يَسْتَعِدْ سوى "ما يشبه الحياة"، وأضاف: "بما أني لا أعرف النكران، فلن أفلت. وأظلّ وحيدًا جداً مع كل هذا. أقبلُ قدَري. ولا يعني هذا أني أعيش من دون نَدَم. وقد تَوجّبَ عليَّ أن آخذ كل شيء وأن أتحمل نتائج أفعالي. وقد كشفتُ، دائماً، عن وضوح تام حول قبولي للحكم القضائي ولإدانتي".
مرة أخرى، وبينما يستعيد الفنان برتران كانتا جمهوره الوفي، في حفلات، في ربوع فرنسا، تعرف نجاحاً وإقبالاً يكشف عن موهبة الفنان، وعن المكانة التي يحتلها في المشهد الفني الفرنسي، بدأت الماكينة الإعلامية المعادية للفنان في الاشتغال. ولم تتوقف عند حدود جمع عشرات الآلاف من التوقيعات ضد عودة الفنان إلى مهنته وموهبته، ولا عند تجمعات معادية له على أبواب المسارح وقاعات الحفلات، بل انضمت والدة الضحية، المخرجة نادين ترنتينيان، إلى هؤلاء المعارضين لعودة الفنان لمزاولة مهنته، فاعترفت، في برنامج في القناة الرسمية الثانية، يوم 12 مارس/آذار، بما لم تقله من قبل. فقد دعت بصراحة إلى قتله فنياً. "لا يكفي أن يتخلى كانتا عن الغناء في الحفلات، هذا الصيف"، وأضافت: "كيف يمتلك هذه الجرأة؟"، وقالت: "ليس لديه الحق في أن يمارس هذه المهنة، لأنه مارس القتل". قبل أن تختم: "إذا توقف، بصفة نهائية، فهذا سيناسبني، تماماً"، وتأسفت لأنه لم ينل "حكماً قضائياً عادياً، أي السجن عشرين سنة".
وأمام استمرار هذه الحملات القوية، التي لا تعرف الكلل، مع كل ظهور إعلامي وفني، مصحوبة بسجالات متكررة، لا تخلو من عنف وقسوة، اضطر الفنان إلى إلغاء بعض حفلاته، كما أعلن عن انسحابه من مهرجانات الصيف.
وقد جاء هذا الموقف في بيان طويل له نشره، الثلاثاء 13 مارس/آذار، على موقعه على فيسبوك، يذكّر فيه، بحقيقة ما جرى له، وبأنه دفع الثمن المطلوب قضائيّا جراء ذلك، واعترف بأنه لا يزال "يرتعد وهو يكتب عن ما جرى". معترفاً بوجود: "ثقوب سوداء في نسيج الجسد لا يمكن غلقها"، وأضاف بأنه لم يُرد أبداً التنصل من نتائج ما فعل ومن العدالة. وجدّد تعاطفه الصادق والعميق والكامل مع عائلة ماري وأقربائها.
اقــرأ أيضاً
ثم ندّد بالتحوير الذي قامت به بعض وسائل الإعلام لما جرى، وبالعديد من الخلط، الذي يقترب من الكاريكاتير. واعتذر إن كان غلاف مجلة "ليزانروكيبتيبل" قد صدم البعض، كما عبّر عن تفهُّمه لكون برمجته في مهرجانات الصيف قد تطرح بعض المشاكل. ولهذا قرر الانسحاب حتى لا يتعرض المنظّمون لأي ضغوط كانت. وفي الأخير، صارح الفنان الفرنسيين بأنه دفع دَيْنَهُ. وقضى فترة العقوبة، ولم يستفد من أي امتيازات. ثم وجّه نداء عاطفيّاً: "أتمنى، اليوم، مثل أي مواطن آخر، أن يكون لي الحق في إعادة الاندماج. الحق في مزاولة مهنتي، وحق أقربائي في العيش في فرنسا من دون أن يتعرضوا للضغط ولا للافتراء. حق الجمهور في حضور حفلاتي وفي الإنصات لموسيقاي".
لم يكن برتران كانتا، قبل هذه الأيام، نكرة في فرنسا. ولم يكن نكرة، حين كان يتربع مع مجموعته على عرش الروك الفرنسي، ولكنه ازداد شهرة حين تسببت صفعة قوية منه وجَّهَها لصديقته، وتحت تأثير مادة مخدرة، في دخولها غيبوبة لم تخرج منها أبداً، وكانا في عاصمة ليتوانيا، فيلنيوس. في سنة 2003، دخل الفنان الفرنسي السجن، بعد أن حكم عليه القضاء الليتواني، بالسجن لمدة ثماني سنوات، بتهمة القتل غير العمد لماري، ابنة المخرجة نادين ترنتينيان، والممثل الكبير جان لوي ترنتينيان. وقد قضى نصف عقوبته السجنية، ثم حصل على حرية مشروطة سنة 2007. وفي سنة 2011، حصل على حريته الكاملة، بعد أن تم حلّ مجموعته الشهيرة "نوار ديزير"، سنة 2010، وهي السنة التي انتحرت فيها زوجته المجرية الأصل.
وإذا كان برتران كانتا قد استطاع، في كل مرة، أن يعود إلى جمهوره وإلى فنه الذي لا يعرف سواه، سواء بصفة منفردة، أو مع مجموعات غنائية، إلا أنه في كل مرة يلاحقه ماضيه، والذي يتمثل في لوبي قوي منغرس في وسائل الإعلام تتحرك من ورائه نادين ترنتينيان، ويرغمه على إلغاء العديد من أنشطته الموسيقية.
وقد جرّبت ذلك المجلة الثقافية الأسبوعية الفرنسية "ليزانروكيبتيبل"، في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2017، حين كرّست له، بمناسبة صدور ألبومه الفردي "أمور فاتي"، صفحتَها الأولى، مع حوار طويل تحت عنوان: "كانتا، باسمه"، فتعرضت لانتقادات كبيرة، دفعت كوكبة من الفنانات إلى نشر بيان في مجلة ELLE، ينتقد مبادرة مجلة "ليزانروكيبتيبل"، وتضمَّنَ الغلاف صورة لماري ترينتينيان وعنوان: "بِاسْم ماري”، وكرّست افتتاحية المجلة “لإدانة كل أنواع العنف الموجه ضد النساء، ومن بينهن أصبحت ماري ترنتينيان الرمز الحزين".
ولم تفوت سكرتيرة الدولة المكلفة بالمساواة بين النساء والرجال، مارلين شيابا، هذا الظهور الإعلامي لبرتران كانتا، فصرّحت: “باسم ماذا يتوجب علينا أن نتحمل الحملة الترويجية لِمَن قتَلَ ماري ترنتينيان بلكمات؟ لن ندع أي شيء يمرّ”.
وحرص كانتا في الحوار، على أن يعتذر عن فعلته، فاعترف في لقائه مع مجلة "ليزانروكيبتيبل"، في بوح مؤثر، بأن المأساة لا تزال تشغل باله وعقله في كل ثانية. وأنه لم يَسْتَعِدْ سوى "ما يشبه الحياة"، وأضاف: "بما أني لا أعرف النكران، فلن أفلت. وأظلّ وحيدًا جداً مع كل هذا. أقبلُ قدَري. ولا يعني هذا أني أعيش من دون نَدَم. وقد تَوجّبَ عليَّ أن آخذ كل شيء وأن أتحمل نتائج أفعالي. وقد كشفتُ، دائماً، عن وضوح تام حول قبولي للحكم القضائي ولإدانتي".
مرة أخرى، وبينما يستعيد الفنان برتران كانتا جمهوره الوفي، في حفلات، في ربوع فرنسا، تعرف نجاحاً وإقبالاً يكشف عن موهبة الفنان، وعن المكانة التي يحتلها في المشهد الفني الفرنسي، بدأت الماكينة الإعلامية المعادية للفنان في الاشتغال. ولم تتوقف عند حدود جمع عشرات الآلاف من التوقيعات ضد عودة الفنان إلى مهنته وموهبته، ولا عند تجمعات معادية له على أبواب المسارح وقاعات الحفلات، بل انضمت والدة الضحية، المخرجة نادين ترنتينيان، إلى هؤلاء المعارضين لعودة الفنان لمزاولة مهنته، فاعترفت، في برنامج في القناة الرسمية الثانية، يوم 12 مارس/آذار، بما لم تقله من قبل. فقد دعت بصراحة إلى قتله فنياً. "لا يكفي أن يتخلى كانتا عن الغناء في الحفلات، هذا الصيف"، وأضافت: "كيف يمتلك هذه الجرأة؟"، وقالت: "ليس لديه الحق في أن يمارس هذه المهنة، لأنه مارس القتل". قبل أن تختم: "إذا توقف، بصفة نهائية، فهذا سيناسبني، تماماً"، وتأسفت لأنه لم ينل "حكماً قضائياً عادياً، أي السجن عشرين سنة".
وأمام استمرار هذه الحملات القوية، التي لا تعرف الكلل، مع كل ظهور إعلامي وفني، مصحوبة بسجالات متكررة، لا تخلو من عنف وقسوة، اضطر الفنان إلى إلغاء بعض حفلاته، كما أعلن عن انسحابه من مهرجانات الصيف.
وقد جاء هذا الموقف في بيان طويل له نشره، الثلاثاء 13 مارس/آذار، على موقعه على فيسبوك، يذكّر فيه، بحقيقة ما جرى له، وبأنه دفع الثمن المطلوب قضائيّا جراء ذلك، واعترف بأنه لا يزال "يرتعد وهو يكتب عن ما جرى". معترفاً بوجود: "ثقوب سوداء في نسيج الجسد لا يمكن غلقها"، وأضاف بأنه لم يُرد أبداً التنصل من نتائج ما فعل ومن العدالة. وجدّد تعاطفه الصادق والعميق والكامل مع عائلة ماري وأقربائها.
ثم ندّد بالتحوير الذي قامت به بعض وسائل الإعلام لما جرى، وبالعديد من الخلط، الذي يقترب من الكاريكاتير. واعتذر إن كان غلاف مجلة "ليزانروكيبتيبل" قد صدم البعض، كما عبّر عن تفهُّمه لكون برمجته في مهرجانات الصيف قد تطرح بعض المشاكل. ولهذا قرر الانسحاب حتى لا يتعرض المنظّمون لأي ضغوط كانت. وفي الأخير، صارح الفنان الفرنسيين بأنه دفع دَيْنَهُ. وقضى فترة العقوبة، ولم يستفد من أي امتيازات. ثم وجّه نداء عاطفيّاً: "أتمنى، اليوم، مثل أي مواطن آخر، أن يكون لي الحق في إعادة الاندماج. الحق في مزاولة مهنتي، وحق أقربائي في العيش في فرنسا من دون أن يتعرضوا للضغط ولا للافتراء. حق الجمهور في حضور حفلاتي وفي الإنصات لموسيقاي".