يغيبُ الإنتاجُ الدراميُّ السوريُّ التابع للمعارضة هذا الموسم الرمضاني عن المحطات التلفزيونية، في حين استمرَّ نظام بشار الأسد، إن من خلال مديرية الإنتاج بالتلفزيون الحكومي، أو عبر شركات خاصة بالداخل السوري، بإنتاج نحو عشرين عملاً دراميّاً سوريّاً، ما يحافظ على عائد ماليٍّ وإعلانيٍّ كبير، ويكرّس، في الوقت نفسه، مقولات نظام الأسد ضد المعارضة عبر الفن، حسب تصريحات خبراء دراما لـ"العربي الجديد".
وفي واقع تخلي السوريين عن سلاح الدراما، بعد النجاحات العربية التي حققتها، لتسويق قضيتهم وتحصيل أرباح وتشغيل ممثلين وفنيين معارضين، يأتي السؤال عن عدم نقل صناعة الدراما السورية المتطوّرة للخارج، وعدم تطويرها خصوصاً في واقع ازدياد عدد المستهلكين، وعدد المحطات التلفزيونية.
صناعة خاسرة
يرى المخرج السوريّ، مأمون البني، أنّ صناعة وتجارة الدراما، لم تعد مغريةً لجهة المال والأرباح، كما كانت بالسابق، لأن عزوف المعلنين ومنافسة وسائل التواصل الاجتماعي، سحبَت بعض السوق من الدراما التلفزيونية. ويركِّز البني على الجانب الاقتصادي بقوله: "كانت المحطة التلفزيونية الواحدة، تبثُّ عشر مسلسلات خلال شهر رمضان. وتدفع مبالغ كبيرة ثمناً لها، وربما بشكل حصري، لتنال بالمقابل مبالغ أكبر من المعلنين الذين ينتظرون شهر الصيام للإعلان عن إنتاجهم وخططهم".
ولكِن، يستدرِك المخرجُ السوري، خلال حديثه مع "العربي الجديد": "اليوم، تغيَّر الحال بعد دخول وسائل الاتصال والتواصل الإعلامي على اهتمام أكثر المتلقّين، وخاصَّة فئة الشباب. بل يمكنني مجازاً، القول إنَّها سحبت أعداداً كبيرة من الشباب، وظهرت شركات تنتج أعمالاً ضمن دوائر مغلقة، وتبثُّ عبر الاشتراك، ما دفع المعلنين باتجاهها. ولعلّ الإعلانات بتويتر وفيسبوك ومقارنتها بالمحطات التلفزيونية، يوضح الأمر لمن يخامره الشك". هذا السبب المهم، دفعَ القائمين على المحطّات التلفزيونية إلى تقليص شراء الأعمال الدراميّة، وخاصة الحصريّة، والانتظار إلى ما بعد شهر رمضان، لأنّ السعر ينخفض أمام تراجع الطلب، ربما إلى أكثر من 70%.
ويتابع البني: "بالمقابل، زادت النفقات الإنتاجية، اليوم، لأسبابٍ كثيرةٍ، منها توزُّع الممثلين على أكثر من بلد لجوء، وربما استحالة التصوير ببلد واحد، ما دفع بالمنتجين للبحث عن نجمٍ، يعطونه نصف ميزانيّة المسلسل، مقابل التراجع عن الكم. فمن كان ينتج 4 مسلسلات لرمضان بالعام، الآن صار ينتج مسلسلين أو ربما واحداً".
وحول تكاليف العمل الدرامي، وأجور الممثلين والكادر الفني، يقول البني: "ليس من رقمٍ مُحدد لتكلفة العمل الدرامي، إذ يختلف الاجتماعي عن التاريخي عن البدوي. وتصل الميزانية أحياناً إلى أكثر من 7 ملايين دولار للأعمال التاريخيّة، ولكن، يمكن القول إن مليوناً ونصف المليون دولار، هي الميزانية المتوسّطة لإنتاج عملٍ دراميّ من 30 حلقة. كان المخرج قبل الثورة يأخذ نحو 200 ألف دولار أجراً، واليوم يقبل بـ60 ألفاً. وكما قلت، يكون الرقم الأكبر نصيب النجم الأساسي في العمل، لتتوزع بقية الميزانية على الممثلين والكادر والمصاريف".
لهذا أحجمت المعارضة
وعند سؤالنا المخرج البني عن سبب وقف كُتَّاب سيناريو وممثلين ومخرجين كُثُر إلى جانب الثورة والشعب، لكننا لم نر تشكيل شركات إنتاج درامية، ولا حتى أعمالاً باسم المعارضة، يرى أن هناك أسباباً عدة، أهمها برأيه أن رجال الأعمال الداعمين للثورة وموقف الشعب، لا يرون بالدراما سلاحاً ينشر مواقف السوريين أو يحقق النصر. كما أن معظمهم يسعى لأعمال ومساعدات يظهر اسمه خلالها، في حين يرون أن الشهرة بالدراما تذهب للمخرج والممثلين.
كما أن بعض الممولين ورجال الأعمال يحجمون عن صناعة الدراما لأسباب روحية، إذ يرون فيها عملاً حراماً. ويختم البني أن لإحجام كبرى المحطات العربية عن شراء أعمال درامية عن الثورة السورية، سبباً آخر لا يقل أهمية، مشيراً إلى أن ثمة نصوصاً كثيرة جاهزة للإنتاج وممثلين سوريين كباراً يعملون بغير تخصصهم، ومخرجين يقبلون بأجور زهيدة كي لا يجلسوا عاطلين عن العمل.
دراما سورية لا أسدية
ويوضح الكاتب والسيناريست السوري، عدنان العودة، أنّ الدراما السورية ليسَت من نتاج النظام، بل هي من نتاج الكوادر السورية التي استطاعت بعد ظهور الفضائيات أنْ تُقدِّم أعمالاً تستحوذُ على اهتمام المشاهد العربي والخليجي خاصة. ومن هنا، باتت الدراما السوريّة حاجة عربيَّة لا سوريَّة فقط، لكن النظام السوري عمل على احتوائها وتسييرها من خلال احتواء كوادرها وإنشاء شركات لإنتاجها، وهكذا قام بربطها به بطريقة أو بأخرى، واستمر ذلك حتى الآن.
ويلفت عودة "العربي الجديد" إلى أن مُؤسَّسات المعارضة السورية لم تتمكن، بالمقابل، من استقطاب هذه الكوادر أو إنشاء شركات تُعنَى بإنتاج الدراما، وجذب صُنّاعها إلى جانب الثورة السورية، إذ خسِر الكثيرُ من الكتاب والفنانين مورد رزقهم ووجودهم في الساحة الفنيّة، نتيجة موقفهم الأخلاقي مع الثورة السورية.
خسارة مواقف وعائد مالي
يقول العودة إنَّ ابتعاد المعارضة السورية عن صناعة الدراما، إنَّما يُؤخذ عليها، لأن قطاعاً كهذا كان سيمارس دوراً كبيراً في التقديم للثورة وتصحيح مسارها، لو أن رموز المعارضة التفتوا إليه. هذا عدا عن أن الدراما التلفزيونية تتجاوز كونها مادة للمشاهدة، إلى كونها سلعة للبيع، ومجالاً يوفِّر مئات الفرص من العمل لمن يمتهنها. فكلفة المسلسل السوري تتراوح ما بين نصف مليون دولار ومليوني دولار.
اقــرأ أيضاً
وفي واقع تخلي السوريين عن سلاح الدراما، بعد النجاحات العربية التي حققتها، لتسويق قضيتهم وتحصيل أرباح وتشغيل ممثلين وفنيين معارضين، يأتي السؤال عن عدم نقل صناعة الدراما السورية المتطوّرة للخارج، وعدم تطويرها خصوصاً في واقع ازدياد عدد المستهلكين، وعدد المحطات التلفزيونية.
صناعة خاسرة
يرى المخرج السوريّ، مأمون البني، أنّ صناعة وتجارة الدراما، لم تعد مغريةً لجهة المال والأرباح، كما كانت بالسابق، لأن عزوف المعلنين ومنافسة وسائل التواصل الاجتماعي، سحبَت بعض السوق من الدراما التلفزيونية. ويركِّز البني على الجانب الاقتصادي بقوله: "كانت المحطة التلفزيونية الواحدة، تبثُّ عشر مسلسلات خلال شهر رمضان. وتدفع مبالغ كبيرة ثمناً لها، وربما بشكل حصري، لتنال بالمقابل مبالغ أكبر من المعلنين الذين ينتظرون شهر الصيام للإعلان عن إنتاجهم وخططهم".
ولكِن، يستدرِك المخرجُ السوري، خلال حديثه مع "العربي الجديد": "اليوم، تغيَّر الحال بعد دخول وسائل الاتصال والتواصل الإعلامي على اهتمام أكثر المتلقّين، وخاصَّة فئة الشباب. بل يمكنني مجازاً، القول إنَّها سحبت أعداداً كبيرة من الشباب، وظهرت شركات تنتج أعمالاً ضمن دوائر مغلقة، وتبثُّ عبر الاشتراك، ما دفع المعلنين باتجاهها. ولعلّ الإعلانات بتويتر وفيسبوك ومقارنتها بالمحطات التلفزيونية، يوضح الأمر لمن يخامره الشك". هذا السبب المهم، دفعَ القائمين على المحطّات التلفزيونية إلى تقليص شراء الأعمال الدراميّة، وخاصة الحصريّة، والانتظار إلى ما بعد شهر رمضان، لأنّ السعر ينخفض أمام تراجع الطلب، ربما إلى أكثر من 70%.
ويتابع البني: "بالمقابل، زادت النفقات الإنتاجية، اليوم، لأسبابٍ كثيرةٍ، منها توزُّع الممثلين على أكثر من بلد لجوء، وربما استحالة التصوير ببلد واحد، ما دفع بالمنتجين للبحث عن نجمٍ، يعطونه نصف ميزانيّة المسلسل، مقابل التراجع عن الكم. فمن كان ينتج 4 مسلسلات لرمضان بالعام، الآن صار ينتج مسلسلين أو ربما واحداً".
وحول تكاليف العمل الدرامي، وأجور الممثلين والكادر الفني، يقول البني: "ليس من رقمٍ مُحدد لتكلفة العمل الدرامي، إذ يختلف الاجتماعي عن التاريخي عن البدوي. وتصل الميزانية أحياناً إلى أكثر من 7 ملايين دولار للأعمال التاريخيّة، ولكن، يمكن القول إن مليوناً ونصف المليون دولار، هي الميزانية المتوسّطة لإنتاج عملٍ دراميّ من 30 حلقة. كان المخرج قبل الثورة يأخذ نحو 200 ألف دولار أجراً، واليوم يقبل بـ60 ألفاً. وكما قلت، يكون الرقم الأكبر نصيب النجم الأساسي في العمل، لتتوزع بقية الميزانية على الممثلين والكادر والمصاريف".
لهذا أحجمت المعارضة
وعند سؤالنا المخرج البني عن سبب وقف كُتَّاب سيناريو وممثلين ومخرجين كُثُر إلى جانب الثورة والشعب، لكننا لم نر تشكيل شركات إنتاج درامية، ولا حتى أعمالاً باسم المعارضة، يرى أن هناك أسباباً عدة، أهمها برأيه أن رجال الأعمال الداعمين للثورة وموقف الشعب، لا يرون بالدراما سلاحاً ينشر مواقف السوريين أو يحقق النصر. كما أن معظمهم يسعى لأعمال ومساعدات يظهر اسمه خلالها، في حين يرون أن الشهرة بالدراما تذهب للمخرج والممثلين.
كما أن بعض الممولين ورجال الأعمال يحجمون عن صناعة الدراما لأسباب روحية، إذ يرون فيها عملاً حراماً. ويختم البني أن لإحجام كبرى المحطات العربية عن شراء أعمال درامية عن الثورة السورية، سبباً آخر لا يقل أهمية، مشيراً إلى أن ثمة نصوصاً كثيرة جاهزة للإنتاج وممثلين سوريين كباراً يعملون بغير تخصصهم، ومخرجين يقبلون بأجور زهيدة كي لا يجلسوا عاطلين عن العمل.
دراما سورية لا أسدية
ويوضح الكاتب والسيناريست السوري، عدنان العودة، أنّ الدراما السورية ليسَت من نتاج النظام، بل هي من نتاج الكوادر السورية التي استطاعت بعد ظهور الفضائيات أنْ تُقدِّم أعمالاً تستحوذُ على اهتمام المشاهد العربي والخليجي خاصة. ومن هنا، باتت الدراما السوريّة حاجة عربيَّة لا سوريَّة فقط، لكن النظام السوري عمل على احتوائها وتسييرها من خلال احتواء كوادرها وإنشاء شركات لإنتاجها، وهكذا قام بربطها به بطريقة أو بأخرى، واستمر ذلك حتى الآن.
ويلفت عودة "العربي الجديد" إلى أن مُؤسَّسات المعارضة السورية لم تتمكن، بالمقابل، من استقطاب هذه الكوادر أو إنشاء شركات تُعنَى بإنتاج الدراما، وجذب صُنّاعها إلى جانب الثورة السورية، إذ خسِر الكثيرُ من الكتاب والفنانين مورد رزقهم ووجودهم في الساحة الفنيّة، نتيجة موقفهم الأخلاقي مع الثورة السورية.
خسارة مواقف وعائد مالي
يقول العودة إنَّ ابتعاد المعارضة السورية عن صناعة الدراما، إنَّما يُؤخذ عليها، لأن قطاعاً كهذا كان سيمارس دوراً كبيراً في التقديم للثورة وتصحيح مسارها، لو أن رموز المعارضة التفتوا إليه. هذا عدا عن أن الدراما التلفزيونية تتجاوز كونها مادة للمشاهدة، إلى كونها سلعة للبيع، ومجالاً يوفِّر مئات الفرص من العمل لمن يمتهنها. فكلفة المسلسل السوري تتراوح ما بين نصف مليون دولار ومليوني دولار.
المساهمون
المزيد في منوعات