واندمجت الفتاتان برفقة عدد من الزميلات خلال دورة التدريب الفني، داخل المرسم الثقافي للفنون، غربي مدينة غزة، والتي تتم خلالها إعادة إحياء فن الفسيفساء القديم، حيث يعتبر ذا قيمة فنية عالية عالمياً، إذ تدخل مراحله المتقدمة في ترميم لوحات الفسيفساء الأثرية.
واكتظت طاولة التدريب بالقصاصات البيضاء والرسوم المتنوعة، وحجارة الفسيفساء والمكعبات الصغيرة الملونة، التي تصف بعناية على صدر اللوحات، بعد تخطيطها بالرسم المطلوب، وتجهيزها باللاصق، وفق زوايا محددة.
والتحقت سلمى مطر بالدورة التدريبية، بهدف تطوير مواهبها في الرسم التقليدي، والذي تعتمد فيه على الأقلام والألوان، وتعبر عن رغبتها في تعلم طرق فنية حديثة، يمكن من خلالها التعبير عن ذاتها.
أما الفتاة لارا الصوراني، والتي التحقت بالتدريب عن طريق والدتها، فكان لديها فضول لمعرفة تفاصيل هذا الفن الغريب، وغير المنتشر، وتقول إنها رغبت في ممارسة تجربة جديدة وفريدة.
والموزاييك هو فن صناعة واستعمال المكعبات صغيرة الحجم في الزخرفة وتزيين اللوحات الفنية، أو الفراغات الأرضية، والجداريات، عبر تثبيتها فوق أسطح ناعمة، وتجهيز الأشكال المتنوعة والمطلوبة، ويمكن تنويع الخامات، عبر استخدام الحجارة، والزجاج، والأصداف، والزجاج، وغيرها.
وترغب الفنانة التشكيلية رشا أبو زايد، برفقة زوجها الفنان سيد العميري، عبر المرسم الثقافي للفنون، والذي يختص بالفنون بأنواعها، في نشر ثقافة الفن التشكيلي لكل الفئات من خلال دورات تدريبية، تتم فيها مواكبة مختلف أشكال التطور الفني.
وتوضح المدربة أبو زايد لـ"العربي الجديد" أنها حاولت نقل تجربتها التي اكتسبتها خلال جولتها في أوروبا وعدد من الدول العربية، عبر دورات تدريبية متنوعة في الفنون عامة، وتحديداً فن الفسيفساء، والذي يعتبر من أدق الفنون.
وتبدأ رحلة تكوين اللوحات الفنية، وفق أبو زايد، بتخطيط مسبق لشكل الرسمة على الخشب، والهيكل العام، الذي يحدّد الزوايا الرئيسية للوحة، والبدء بتجهيز القطع الصغيرة، وقطعها بأدوات القَطع الخاصة، ولصقها بالغراء، وتوزيعها بشكل متناسق بين الألوان والزوايا، ومن ثم صب اللوحة بخلطة الإسمنت، بهدف تغطية المسام، وإزالته بعناية بعد أن يجف، بحيث يعطي نتيجة نهائية لافتة بعد إظهار القطع المصففة.
واختارت الفنانة أبو زايد فن الموزاييك على وجه التحديد، لوجوده في الحضارة العربية منذ القِدم، إلا أنه لم يتم نشره وتطبيقه بشكل كبير في فلسطين عموماً، وقطاع غزة على وجه التحديد.
وتلفت إلى الحاجة لنشر ثقافة الفسيفساء، لتصبح جزءاً أساسياً في الفنون التشكيلية المتنوعة، والتي تتقنها شريحة من أبناء الشعب الفلسطيني.
وتسعى الدورات الفنية، والتي تتم فيها مواكبة كل أشكال التقدم الفني، إلى زيادة الثقافة الفنية، والتي تساعد شريحة الفنانين على عَكس مختلف أفكارهم وتصوراتهم، وإيصال رسائلهم إلى العالم الخارجي، لتصبح متنفسهم الوحيد، بعد حرمانهم من حرية الحركة نتيجة القيود التي تفرضها قوات الاحتلال الإسرائيلي على المعابر.