الأتراك يستقبلون رمضان بتقاليد عثمانية
يحافظ الأتراك على عادة عثمانية منذ ما يقارب 450 عاماً، إذ يحرصون على تعليق لافتات ضوئية على مآذن المساجد طوال شهر رمضان، وتخصص لعرض أحاديث أو مواعظ مفيدة أو عبارات دينية.
ويطلق الأتراك على هذه العادة اسم "المحيا" المأخوذة من كلمة الحياة وتعني (شهر الحياة)، في حين يلقبون كاتب عبارات الزينة المضيئة والمسؤول عن تعليقها فوق مآذن المساجد باسم "المحياجي"، ويعتقد الكثيرون منهم بأن هذا العمل يساعد في توجيه الناس نحو الإحسان وإعطائهم رسائل جيدة لفعل الخير خلال شهر رمضان.
وفي إطار الاستعدادات لتزيين المساجد بتلك اللوحات، يعكف عشرات من الحرفيين في الورشة التابعة لمديرية الأوقاف العامة بمدينة إسطنبول على العمل منذ ثلاثة أشهر على تنفيذ وإكمال تلك التصاميم المضيئة، ونقش العبارات والأقوال والأدعية عليها، والتي غالباً ما يتم تعليقها بين مآذن المساجد، وتتغير باستمرار على مدار الشهر.
ومن بين العبارات التي تكتب في تلك اللوحات خلال رمضان "بسم الله، وما شاء الله، وليلة القدر، يا غني، يا معبود، يا كافي، يا شهر رمضان ياكريم، الحمدلله، شهر الغفران، الوداع يا شهر رمضان، وكلمة الفراق في آخر يوم من الشهر".
وبحسب حديث بعض الحرفيين العاملين في تجهيز هذه اللوحات، فإن أول مسجد يتم تزيينه هذا العام سيكون مسجد "أيوب سلطان" في مدينة إسطنبول، وستزين بعده بقية المساجد في جميع أنحاء العاصمة وبقية المدن الأخرى.
Facebook Post |
وخلال السنوات الأخيرة الماضية، أصبحت تلك اللوحات تستهوي زائري مدينة إسطنبول من السياح الأجانب، وكذلك هواة التصوير الذين يحرصون على التقاط الصور لمنارات المساجد الشهيرة في حلتها الجديدة، وخصوصاً منتصف شهر رمضان.
وتفيد الروايات التركية بأن أولى لافتات "المحيا" علقت قبل 450 عاماً، تحديداً في عهد السلطان العثماني أحمد الأول بين مئذنتي جامع "السلطان أحمد". وأصبح ذلك التقليد عادة سنوية تشرف عليها رئاسة الشؤون الدينية التركية.
وبحسب الروايات، فقد كان الأتراك يتنقلون بين الجوامع الكبيرة لمشاهدة هذا الفن الذي ظهر كوسيلة ترفيهية وإعلامية مرئية، قبل التلفاز والصحف والسينما، وبعد تأسيس الجمهورية استبدلت المصابيح الزيتية بشبكة ومصابيح كهربائية.
وكانت "المحايا" في الماضي تزين بمصابيح الزيت، وتعلق فوق المساجد والجبال. وكان "المحياجي" يرسم التصميم الذي يريد إظهاره فوق "المحيا" على ورقة أولًا، حيث يعمل على تحديد أماكن المصابيح وأشكالها، وبعد ذلك يبدأ بتطبيقها.
وسعى "المحياجيون" قديماً إلى زيادة فضول الناس من خلال إخفائهم ما سيتم عرضه من "محايا" متحركة طوال اليوم حتى يحل المساء، وبعد ذلك يعرضونها، في حين كان الأتراك يحاولون طوال اليوم تخمين ما سيتم عرضه في المساء.
المساهمون
المزيد في منوعات