من كان يظن أن مسلسل "الهيبة" سيخرج من نطاق مسلسل رمضاني تخييلي قائم على المبالغة، إلى حالة جماهيرية في الواقع؟ فبعد انتشار عشرات مقاطع الفيديو لمراهقين وأطفال صغار يقلدون حركات "جبل"، ينطقون كلماته الشهيرة ويحاولون استحضار "الهيبة" في تفاصيل معينة، باتت الظاهرة أكثر انتشاراً بعد تفشي صور لمجتمعات ومظاهر قبلية وعشائرية لا تقل ضخامة عن "الهيبة". فضمن مدينة صلخد جنوب السويداء في سورية، تشكل الزعامة العائلية نموذجاً يمكن اعتباره نموذجاً حقيقياً لقرية "الهيبة". وكيف لا، وتشهد السويداء خروجاً جزئياً لسلطة النظام السوري، بحيث تتصدَّر المشهدَ مجموعة من الفصائل المسلحة المحليَّة ذات خلفيات دينية وعائلية. فالحالة ذاتها، تبدو في مدينة شهبا وقريتي عريقة ولبين، إلا أنها أكثر وضوحاً في صلخد، نظراً إلى قرب المدينة من حدود السويداء، وكونها نائية من مركز المدينة، وطريق العاصمة دمشق، إذ تبدو كجمهورية مستقلة بذاتها تماماً كـ"الهيبة"، فضلاً عن التشابه في الجغرافيا. فصلخد تعلو عن سطح البحر، نظراً إلى وجود قلعة أثرية مرتفعة تتوسطها.
إذاً، الخلافات العائلية هي الواجهة في أي قضية تحدث ضمن نطاق صلخد وأبرزها الخلافات على توزيع المعونات القادمة للنازحين، وأهل المنطقة من جهات إغاثية. ومع انتشار السلاح أكثر، وتردي الوضع الاقتصادي نتيجة الحرب الدائرة في سورية، وعنف النظام السوري ضد البيئات التي خرجت ثائرة ضده، بدأ الاستخدام غير الأخلاقي للسلاح من حيث انتشار حالات الخطف مقابل فدية مالية، وكثرة جرائم القتل والسلب، مع مظاهر لا تدل إلا على السلطة المحلية والمتمثلة في عدة عائلات كبيرة التعداد. وتكرر الهجوم عدة مرات على مؤسسة المياه والفرن الآلي والمستشفى الحكومي ومراكز توزيع المحروقات، فما كان من أهل المدينة إلا التوجه إلى الزعامات التقليدية "الوجاهات" لاسترداد الحقوق. في المقابل، تقف القوى الأمنية التابعة لنظام بشار الأسد موقف المتفرج، ويقتصر دورها على نقل الأخبار إلى السلطة في دمشق، حيث لا أولوية لحل جذري للظاهرة بنظر الحكومة، فضلاً عن تفضيل حالة الفلتان الأمني، حتى يظل أهل المنطقة متمسكين بوجود سلطة للنظام في مناطقهم حتى لو كانت شكلية. كما أنَّ المنطقة تشكل خط تهريب من البادية إلى درعا، وهذا ما ينسجم تماماً مع حالة "الهيبة" في التهريب بين الحدود السورية واللبنانية. وتحقق هذه الصفقات عائداً مالياً كبيراً للجماعات المتزعمة المشهدَ وللنظام من خلفها.
وحيث تستقي الدراما ملامحها من الواقع، لا يمكن اقتصار "الهيبة" على ضيعة حدودية سورية - لبنانية، فالمشهد ليس بالجديد على المنطقة، وسبق وأن ظهر بشكل فج خلال حكم حافظ الأسد سورية في عدة مناطق أبرزها مدينة حضر، داخل نطاق جبل الشيخ مع عائلة الطويل ذات النفوذ القوي في السيطرة وفرض النفوذ على كامل حضر. لكن الظروف الراهنة جعلت من الظاهرة نموذجاً متكرراً في عدة مناطق، قد يكون لها أكثر من "جبل" واحد، أو ربما يتغير "جبل" من فترة لأخرى بحسب ظروف المرحلة. لكن هل يعني أن "الهيبة" باتت نموذجاً حياً يعمّم بمنطق القوة؟! من غير المستهجن وجود عشرات المناطق التي تشبه "الهيبة". لكن الغريب أن يعرض هذا النموذج في الدراما بشكل بطولي، ويبرر استخدام السلاح بهذا الشكل الفج دون أي عقاب أو كسر لهذا النفوذ المستفحل في كافة مفاصل حياة سكان هذه المناطق. "الهيبة" وجدت طريقها عبر الشاشة عبر السلاح، فمن يعيد لشعوب المنطقة السلام؟!
إذاً، الخلافات العائلية هي الواجهة في أي قضية تحدث ضمن نطاق صلخد وأبرزها الخلافات على توزيع المعونات القادمة للنازحين، وأهل المنطقة من جهات إغاثية. ومع انتشار السلاح أكثر، وتردي الوضع الاقتصادي نتيجة الحرب الدائرة في سورية، وعنف النظام السوري ضد البيئات التي خرجت ثائرة ضده، بدأ الاستخدام غير الأخلاقي للسلاح من حيث انتشار حالات الخطف مقابل فدية مالية، وكثرة جرائم القتل والسلب، مع مظاهر لا تدل إلا على السلطة المحلية والمتمثلة في عدة عائلات كبيرة التعداد. وتكرر الهجوم عدة مرات على مؤسسة المياه والفرن الآلي والمستشفى الحكومي ومراكز توزيع المحروقات، فما كان من أهل المدينة إلا التوجه إلى الزعامات التقليدية "الوجاهات" لاسترداد الحقوق. في المقابل، تقف القوى الأمنية التابعة لنظام بشار الأسد موقف المتفرج، ويقتصر دورها على نقل الأخبار إلى السلطة في دمشق، حيث لا أولوية لحل جذري للظاهرة بنظر الحكومة، فضلاً عن تفضيل حالة الفلتان الأمني، حتى يظل أهل المنطقة متمسكين بوجود سلطة للنظام في مناطقهم حتى لو كانت شكلية. كما أنَّ المنطقة تشكل خط تهريب من البادية إلى درعا، وهذا ما ينسجم تماماً مع حالة "الهيبة" في التهريب بين الحدود السورية واللبنانية. وتحقق هذه الصفقات عائداً مالياً كبيراً للجماعات المتزعمة المشهدَ وللنظام من خلفها.
وحيث تستقي الدراما ملامحها من الواقع، لا يمكن اقتصار "الهيبة" على ضيعة حدودية سورية - لبنانية، فالمشهد ليس بالجديد على المنطقة، وسبق وأن ظهر بشكل فج خلال حكم حافظ الأسد سورية في عدة مناطق أبرزها مدينة حضر، داخل نطاق جبل الشيخ مع عائلة الطويل ذات النفوذ القوي في السيطرة وفرض النفوذ على كامل حضر. لكن الظروف الراهنة جعلت من الظاهرة نموذجاً متكرراً في عدة مناطق، قد يكون لها أكثر من "جبل" واحد، أو ربما يتغير "جبل" من فترة لأخرى بحسب ظروف المرحلة. لكن هل يعني أن "الهيبة" باتت نموذجاً حياً يعمّم بمنطق القوة؟! من غير المستهجن وجود عشرات المناطق التي تشبه "الهيبة". لكن الغريب أن يعرض هذا النموذج في الدراما بشكل بطولي، ويبرر استخدام السلاح بهذا الشكل الفج دون أي عقاب أو كسر لهذا النفوذ المستفحل في كافة مفاصل حياة سكان هذه المناطق. "الهيبة" وجدت طريقها عبر الشاشة عبر السلاح، فمن يعيد لشعوب المنطقة السلام؟!