كلّ يومٍ، في الساعة العاشرة مساء، يجتمعُ الشباب في المقاهي المصرية لمشاهدة مسلسل "الأسطورة"، وعلى الرغم من أن ذلك الموعد يتزامن مع مباريات بطولة أوروبا. والعرف السائد، أن المقاهي في مصر تعرض دائماً كرة القدم، إلا أن 90% من الأماكن لم تعد تفعل ذلك، بناء على طلبات الزبائن، الذين يفضلون مشاهدة "الأسطورة" والتفاعل معه، عوضاً عن مباراة مهمة بين كرواتيا وإسبانيا مثلاً! والأمر ملفت في تكراره في الكثير من المناطق، وهو الدليل الأكبر على أن النجاح الذي يحققه المسلسل، يتجاوز أي عمل آخر في رمضان، ويمثل ظاهرة دون شك. فما هي العناصر والأسباب التي دفعت هذا العمل تحديداً لكل هذا النجاح؟. أحداث المسلسل تدور حول عالم تجارة السلاح، يبدأ برفاعي الدسوقي (يؤديه محمد رمضان) الذي يحكم سيطرته على المنطقة، ويملك ورشة اسمها "الأسطورة"، يصنع بها الأسلحة بالتعاون مع رجال أعمال وشخصيات مهمة في الدولة. يحاول شقيقه ناصر الدسوقي (يؤديه رمضان أيضاً) أن يدخل سلك النيابة، ولكن عمل عائلته المنافي للقانون يجعله يُرفض. وفي ظل مشاكل وصراعات مع الشرطة من ناحية، ومع عصابات أخرى في سوق العمل الخطيرة من ناحية أخرى، يُقتل رفاعي بالرصاص، ويحل ناصر بدلاً منه ليصبح هو "الأسطورة".
مبدئيَّاً، يخلقُ المسلسل عالماً يحبُّه المصرّيون، عالماً خطيراً وخارجاً عن القانون، عالماً ذكورياً للغاية، ويتعامل مع مصطلحات حادة مثل "الخيانة" "العائلة" "الوفاء" "الانتقام". وفي أكثر من لحظة يبدو "الأسطورة"، أباً روحيّاً مصريّاً. تأثُّر السيناريو بثلاثيَّة The Godfather الكلاسيكيَّة، واضح جداً، بل ويتحوَّل أحياناً لاقتباس التفاصيل، كوضع العائلة فوق كل شيء، ووجود بطل خارج القانون، ولكننا نتعاطف معه، لأنه أخلاقي في حياته الداخلية، ووجود صراعات ضد عائلات أخرى، ولحظات من الصعود والهبوط، وقتل مفاجئ للبطل الرئيسي بالرصاص من ظهره (رفاعي الدسوقي هنا، وفيتو كورليوني في The Godfather)، وصعود الأخ الأصغر (ناصر هنا، ومايكل في The Godfather)، وكلاهما كان يتبع الدولة، ويعترض على نشاط أسرته (خريج حقوق يرغب في سلك النيابة.. وضابط في الجيش) ليصبح مصيره النهائي هو "قائد العائلة" الجديد. تلك الأرضية الممتلئة بالصراع والشد والبطل الذي ينحاز له المتفرج، تغطي كل جوانب الضعف الأخرى في المسلسل، فهو يقبل العالم كما هو، بكل مبالغاته.
المسلسل كذلك، لا يُفوِّت أية لحظة دون أن يصنع "ميلودراما"، ومشاهد حادة درامياً، لدرجة أن محبي العمل، يقومون بشكل شبه يومي بتقطيع مشهد أو أكثر لتبادله مع الآخرين، وتنال تلك المشاهد منفردة، عشرات الآلاف من المشاهدات، وبدءاً من لحظة قتل رفاعي الدسوقي في الحلقة السابعة، وهي حيلة درامية ذكية وغير معتادة في مصر تمهيداً للبطل الحقيقي للأحداث، ناصر، وصل تفاعل الناس مع تلك المشاهد إلى ذروته، ولحظات مثل براءة ناصر الدسوقي أو قتل عصام النمر أو الانتقام من مرسي يتفاعل معها المشاهدون بالصياح والتصفيق في المقاهي، قبل أن يعيدوا مشاهدتها والتعليق عليها مراراً في المواقع الاجتماعية، في حالة تفاعل ضخمة لم تحدث منذ سنوات.
اقــرأ أيضاً
الشيء الثالث، الذي يمكن الحديث عنه بحثاً عن أسباب نجاح المسلسل، هو، محمد رمضان، نفسه. الممثل الذي يصدر نفسه دائماً، كـ"بطلٍ شعبي"، كشخص يتحدى السلطة ومجتمع الأغنياء، وهو شخص فاسد في الكثير من الأحيان، ولكنه يحمل صفات ذكورية أيضاً، أحد أكثر المقاطع الناجحة مثلاً على صفحة "رمضان" في موقع "يوتيوب" من المسلسل، هو مقطع عراك كبير بينه وبين عدد من الأشخاص يتعرضون لحبيبته. فيقوم بضربهم بقوة ويقول في النهاية "اللي يعاكس المدام يبقى حكم على نفسه بالإعدام". تلك الحدة والقوة، يجيد رمضان تصديرها، وهي تنجح مع الناس في رحلتهم الدائمة، بطول تاريخ السينما والتلفزيون، في البحث عن بطل، ولذلك فهم يتأثرون لمقتل رفاعي ويؤيدون ناصر بلا اعتراض، رغم أن كليهما تاجرا سلاح.
مبدئيَّاً، يخلقُ المسلسل عالماً يحبُّه المصرّيون، عالماً خطيراً وخارجاً عن القانون، عالماً ذكورياً للغاية، ويتعامل مع مصطلحات حادة مثل "الخيانة" "العائلة" "الوفاء" "الانتقام". وفي أكثر من لحظة يبدو "الأسطورة"، أباً روحيّاً مصريّاً. تأثُّر السيناريو بثلاثيَّة The Godfather الكلاسيكيَّة، واضح جداً، بل ويتحوَّل أحياناً لاقتباس التفاصيل، كوضع العائلة فوق كل شيء، ووجود بطل خارج القانون، ولكننا نتعاطف معه، لأنه أخلاقي في حياته الداخلية، ووجود صراعات ضد عائلات أخرى، ولحظات من الصعود والهبوط، وقتل مفاجئ للبطل الرئيسي بالرصاص من ظهره (رفاعي الدسوقي هنا، وفيتو كورليوني في The Godfather)، وصعود الأخ الأصغر (ناصر هنا، ومايكل في The Godfather)، وكلاهما كان يتبع الدولة، ويعترض على نشاط أسرته (خريج حقوق يرغب في سلك النيابة.. وضابط في الجيش) ليصبح مصيره النهائي هو "قائد العائلة" الجديد. تلك الأرضية الممتلئة بالصراع والشد والبطل الذي ينحاز له المتفرج، تغطي كل جوانب الضعف الأخرى في المسلسل، فهو يقبل العالم كما هو، بكل مبالغاته.
المسلسل كذلك، لا يُفوِّت أية لحظة دون أن يصنع "ميلودراما"، ومشاهد حادة درامياً، لدرجة أن محبي العمل، يقومون بشكل شبه يومي بتقطيع مشهد أو أكثر لتبادله مع الآخرين، وتنال تلك المشاهد منفردة، عشرات الآلاف من المشاهدات، وبدءاً من لحظة قتل رفاعي الدسوقي في الحلقة السابعة، وهي حيلة درامية ذكية وغير معتادة في مصر تمهيداً للبطل الحقيقي للأحداث، ناصر، وصل تفاعل الناس مع تلك المشاهد إلى ذروته، ولحظات مثل براءة ناصر الدسوقي أو قتل عصام النمر أو الانتقام من مرسي يتفاعل معها المشاهدون بالصياح والتصفيق في المقاهي، قبل أن يعيدوا مشاهدتها والتعليق عليها مراراً في المواقع الاجتماعية، في حالة تفاعل ضخمة لم تحدث منذ سنوات.
الشيء الثالث، الذي يمكن الحديث عنه بحثاً عن أسباب نجاح المسلسل، هو، محمد رمضان، نفسه. الممثل الذي يصدر نفسه دائماً، كـ"بطلٍ شعبي"، كشخص يتحدى السلطة ومجتمع الأغنياء، وهو شخص فاسد في الكثير من الأحيان، ولكنه يحمل صفات ذكورية أيضاً، أحد أكثر المقاطع الناجحة مثلاً على صفحة "رمضان" في موقع "يوتيوب" من المسلسل، هو مقطع عراك كبير بينه وبين عدد من الأشخاص يتعرضون لحبيبته. فيقوم بضربهم بقوة ويقول في النهاية "اللي يعاكس المدام يبقى حكم على نفسه بالإعدام". تلك الحدة والقوة، يجيد رمضان تصديرها، وهي تنجح مع الناس في رحلتهم الدائمة، بطول تاريخ السينما والتلفزيون، في البحث عن بطل، ولذلك فهم يتأثرون لمقتل رفاعي ويؤيدون ناصر بلا اعتراض، رغم أن كليهما تاجرا سلاح.