قبل شهرين، بدأ عرض المسلسل المصري "سابع جار"، في الصيغة الإنتاجية الجديدة لمسلسلات الـ45 حلقة التي تعرض خارج شهر رمضان. ومنذ الحلقة الأولى، كان واضحاً وجود شيء مختلف في هذا العمل، سواء في وقوف 3 مخرجات معاً وراء الكاميرا؛ وهن نادين خان وآيتن أمين وهبة يسري، أو الكم الكبير من الأسماء الشابة في أدوار البطولة الرئيسية، أو طبيعة الحوارات والعلاقات التي تتشكّل داخل المسلسل بطريقة واقعية وصورة غير معتادة على الدراما المصرية.
ومع الوقت، ارتبط المشاهدون بالعمل، لدرجة تحقيقه 10 ملايين مشاهدة على موقع يوتيوب، بخلاف المشاهدات التلفزيونية. ووسط حالة الجدل والصدام التي خلقها، من المهم أيضاً أن يتم تناوله فنياً، والبحث في عيوبه ومميزاته.
تدور أحداث المسلسل داخل عمارة سكنية في القاهرة؛ كل شقة هي لعائلة من الطبقة المتوسطة، ويختلف أفراد وطبيعة كل أسرة؛ أرملة وبناتها وابنها يعيشون معاً، أو أزواج جدد أو قدامى ومشاكلهم، أو ضابط عجوز تجاوز الستين ويعيش بمفرده وعلاقته بالسيدة التي ترعاه، وغيرها من أشكال وتكوينات الأسر المصرية داخل العمارة، حيث تتشعب العلاقات والشخصيات وسط الدراما اليومية.
تأتي صانعات المسلسل الثلاث من خلفية مرتبطة بالسينما المستقلة في مصر؛ آيتن أمين هي مخرجة "فيلا 69" ونادين خان مخرجة "هرج ومرج". وعلى الرغم من أن هبة يسري لم تخرج أفلاماً طويلة من قبل إلا أن فيلمها التسجيلي "ستوزاد" حقق قبولاً عند عرضه قبل أعوام عدة. وكانت أعمالهن السابقة كلها قليلة التكلفة، ومختلفة الأفكار، وتحاول ألا تخضع لقوانين السوق التجاري والذوق السائد. لذلك كان من المثير رؤية ما يمكن لهن تقديمه في التلفزيون، وسط شروط وقواعد وأشكال إنتاجية مختلفة وضاغطة.
منذ البداية كان واضحاً أن رهانهن الأساسي مرتبط بجذب الناس لرؤية "حياتهم اليومية على شاشة التلفزيون"، مع إعطاء مساحة كبيرة للمواقف العادية والحوارات المطولة بين أم وابنتها على سبيل المثال. وهو الرهان الذي منح العمل الجزء الأكبر من طزاجته واختلافه. وهو ما عبّرت عنه تعليقات المشاهدين في مواقع التواصل، خصوصاً الفتيات، عن "الشبه" بينهم وبين شخصية "هبة" أو أن أمهاتهن يشبهن شخصية الأم (التي قامت بدورها الممثلة الكبيرة دلال عبد العزيز)، أو أن تناول الفتاة المحجبة التي تشعر بالقلق طوال الوقت عن علاقتها بالله وبالمجتمع هو تصور قريب جداً من الواقع.
ومن اللافت في هذا السياق، أن عدداً من أكثر مشاهد المسلسل شعبية بين الجمهور كانت لتفاصيل وحوارات بسيطة جداً، كأن تسأل الأم عن "الغداء" وتكون النتيجة في النهاية هي "المعكرونة والفراخ البانية"، أو الجدالات بين زوجين عمن سيذهب بالأطفال إلى المدرسة، أو اهتمام مراهق بعضلات جسده كي يجذب الفتيات، وغيرها من التفاصيل العادية من حياة المصريين التي تؤكد أن رهان المخرجات كان ناجحاً.
في المقابل، لم يخلُ المسلسل من عيوبٍ فنية ضخمة، على صعيد الكتابة أو التنفيذ. فاختيار السيناريو الذي تصدت له "هبة يسري"، إلى جانب كونها واحدة من المخرجات، كان غريباً جداً، لأن مسيرتها السابقة لا تحوي أي تجارب كتابة درامية. ومنذ الوهلة الأولى ظهرت مشاكل السيناريو الفادحة، أبرزها تنميط الشخصيات منذ اللحظة الأولى، وعدم وجود أبعاد مختلفة فيها. فتلك هي الفتاة المتدينة، والأخرى هي التي تبحث عن نفسها، وهذا هو الموسيقار المكتئب. فالشخصيات، على الرغم من ملامح الواقعية فيها، أحادية جداً درامياً. مع الوقت أيضاً ظهرت مشاكل الإطالة في المشاهد، وعدم منطقية بعض التطورات، ثم الأهم، أن الدراما والأحداث لا تتحرَّك للأمام إلا ببطءٍ شديد ومن دون أي سياق لـ"حدوتة". فحتى لو ظل الرهان على الواقعية قائماً، فمن الصعب استمراره لـ45 حلقة. فالقصة تظل هي الأساس، وهو الأمر الذي يَفلت من السيناريو أغلب الأحيان، ويشعر المتفرج أن هناك حلقات كاملة لن يؤثر حذفها في سير الأحداث.
اقــرأ أيضاً
ومع الوقت، ارتبط المشاهدون بالعمل، لدرجة تحقيقه 10 ملايين مشاهدة على موقع يوتيوب، بخلاف المشاهدات التلفزيونية. ووسط حالة الجدل والصدام التي خلقها، من المهم أيضاً أن يتم تناوله فنياً، والبحث في عيوبه ومميزاته.
تدور أحداث المسلسل داخل عمارة سكنية في القاهرة؛ كل شقة هي لعائلة من الطبقة المتوسطة، ويختلف أفراد وطبيعة كل أسرة؛ أرملة وبناتها وابنها يعيشون معاً، أو أزواج جدد أو قدامى ومشاكلهم، أو ضابط عجوز تجاوز الستين ويعيش بمفرده وعلاقته بالسيدة التي ترعاه، وغيرها من أشكال وتكوينات الأسر المصرية داخل العمارة، حيث تتشعب العلاقات والشخصيات وسط الدراما اليومية.
تأتي صانعات المسلسل الثلاث من خلفية مرتبطة بالسينما المستقلة في مصر؛ آيتن أمين هي مخرجة "فيلا 69" ونادين خان مخرجة "هرج ومرج". وعلى الرغم من أن هبة يسري لم تخرج أفلاماً طويلة من قبل إلا أن فيلمها التسجيلي "ستوزاد" حقق قبولاً عند عرضه قبل أعوام عدة. وكانت أعمالهن السابقة كلها قليلة التكلفة، ومختلفة الأفكار، وتحاول ألا تخضع لقوانين السوق التجاري والذوق السائد. لذلك كان من المثير رؤية ما يمكن لهن تقديمه في التلفزيون، وسط شروط وقواعد وأشكال إنتاجية مختلفة وضاغطة.
منذ البداية كان واضحاً أن رهانهن الأساسي مرتبط بجذب الناس لرؤية "حياتهم اليومية على شاشة التلفزيون"، مع إعطاء مساحة كبيرة للمواقف العادية والحوارات المطولة بين أم وابنتها على سبيل المثال. وهو الرهان الذي منح العمل الجزء الأكبر من طزاجته واختلافه. وهو ما عبّرت عنه تعليقات المشاهدين في مواقع التواصل، خصوصاً الفتيات، عن "الشبه" بينهم وبين شخصية "هبة" أو أن أمهاتهن يشبهن شخصية الأم (التي قامت بدورها الممثلة الكبيرة دلال عبد العزيز)، أو أن تناول الفتاة المحجبة التي تشعر بالقلق طوال الوقت عن علاقتها بالله وبالمجتمع هو تصور قريب جداً من الواقع.
ومن اللافت في هذا السياق، أن عدداً من أكثر مشاهد المسلسل شعبية بين الجمهور كانت لتفاصيل وحوارات بسيطة جداً، كأن تسأل الأم عن "الغداء" وتكون النتيجة في النهاية هي "المعكرونة والفراخ البانية"، أو الجدالات بين زوجين عمن سيذهب بالأطفال إلى المدرسة، أو اهتمام مراهق بعضلات جسده كي يجذب الفتيات، وغيرها من التفاصيل العادية من حياة المصريين التي تؤكد أن رهان المخرجات كان ناجحاً.
في المقابل، لم يخلُ المسلسل من عيوبٍ فنية ضخمة، على صعيد الكتابة أو التنفيذ. فاختيار السيناريو الذي تصدت له "هبة يسري"، إلى جانب كونها واحدة من المخرجات، كان غريباً جداً، لأن مسيرتها السابقة لا تحوي أي تجارب كتابة درامية. ومنذ الوهلة الأولى ظهرت مشاكل السيناريو الفادحة، أبرزها تنميط الشخصيات منذ اللحظة الأولى، وعدم وجود أبعاد مختلفة فيها. فتلك هي الفتاة المتدينة، والأخرى هي التي تبحث عن نفسها، وهذا هو الموسيقار المكتئب. فالشخصيات، على الرغم من ملامح الواقعية فيها، أحادية جداً درامياً. مع الوقت أيضاً ظهرت مشاكل الإطالة في المشاهد، وعدم منطقية بعض التطورات، ثم الأهم، أن الدراما والأحداث لا تتحرَّك للأمام إلا ببطءٍ شديد ومن دون أي سياق لـ"حدوتة". فحتى لو ظل الرهان على الواقعية قائماً، فمن الصعب استمراره لـ45 حلقة. فالقصة تظل هي الأساس، وهو الأمر الذي يَفلت من السيناريو أغلب الأحيان، ويشعر المتفرج أن هناك حلقات كاملة لن يؤثر حذفها في سير الأحداث.