موسيقيون سوريون يبيعون الفرح في شوارع إسطنبول

إسطنبول
01 ديسمبر 2016
F5287E6B-7388-45E7-9318-084E982C2169
+ الخط -

شتتتهم الحرب فجمعتهم الموهبة والحاجة للبقاء على قيد الإبداع والحياة، فكانت شوارع مدينة إسطنبول التركية الملتقى لخمسة عازفين سوريين، ليؤسسوا فرقة موسيقية جائلة، ويشقوا في زحمة شارع الاستقلال "البوليفار" طريق عيشهم وليصححوا على طريقتهم وأوتارهم، ما شاب سورية والسوريين من ظلم، تماماً كما يصححون النظرة عن الفن والموسيقى العربية.

ويقول قائد الفرقة بعد أن عزف ساعات في ليل إسطنبول، حيث تنخفض الحرارة عن الصفر مائوية "أنا عضو بنقابة الفنانين بسورية سابقاً، أجبرتني الحرب، كما كثير من السوريين، على الهروب والهجرة، ولا أجيد سوى العزف والعمل بالفن، عانيت ببداية قدومي لتركيا من الغلاء والبطالة، حتى تعرفت على زملاء فنانين، فأسسنا الفرقة لنعمل بتخصصنا ولا نمد يدنا أو نعيش بالمخيمات".

وحول ساعات العمل والعائد المالي، يضيف قائد الفرقة "ليس من وقت محدد للعزف بالشارع، لكنه لا يقل عن ثماني ساعات يومياً، فضلاً عن العزف ببعض المطاعم السورية التي انتشرت بكثرة بإسطنبول، وبعض المحال بتركيا، والعائد بمجمله، بالكاد يسد حاجاتنا وأسرنا اليومية، فإسطنبول غالية والوضع صعب".

ووجه المايسترو عبر "العربي الجديد" نداء إلى تركيا لتسهيل الإقامة إذ يعاني السوريون بتركيا، منذ عام ونصف العام، من صعوبة الحصول على بطاقة لاجئ "كيملك" أو إقامة سياحية، ما يزيد من خطورة عملهم بالشارع، المشوب أصلاً، على حسب قوله، بملاحقة "البوليس" ومضايقات من أصحاب بعض المحال وبعض الفرق الموسيقية الجائلة التركية.

واكتشفنا، بعد حديث مع أعضاء الفرقة، أن فيها معلماً لمادة الموسيقى، درّس بالعديد من المراكز والمعاهد في سورية، فسألناه عن عدم العمل بالمدارس والمعاهد السورية التي يزيد عددها عن 40 مركزاً ومدرسة بإسطنبول، لينقل معارفه الموسيقية للأطفال السوريين فقال "للأسف، قلما تدرج مناهج الموسيقى ضمن تعليم السوريين بتركيا، إذ يبدو للممولين والقائمين على عملية تعليم الأطفال رأي بالموسيقى، لكن ذلك لم يمنعنا من الاستمرار والسعي، لتعليم الأطفال ومساعدة اللاجئين، أحيينا حفلات بشكل مجاني ليذهب ريعها للاجئين السوريين".

وأضاف "طرقنا أبواب بعض المدارس، لكنها رأت في تعليم الموسيقى "حراماً" كما رأت بعض المشاريع الإعلامية "الدكاكين" في عملنا إضافة غير ضرورية، فقد عرضت على بعض الإذاعات السورية بتركيا أن أكمل حلمي ومشروعي عن دراسة وإنتاج التراث بتوزيع عصري لكني فوجئت بالمؤسسية والشللية وسيطرة الهواة والناشطين ولن أشرح أكثر من ذلك".

وعلى مقربة من الفرقة السورية الموسيقية، التي حولت جزءاً من شارع الاستقلال وسط إسطنبول، لحفل غنائي، فجذبت سوريين وأتراكاً وسياحاً، رقصوا وغنوا وتبرعوا لها بالمال. يعزف سوريان "عود وغيتار" في الظلام منزويين، لفتتنا الحالة فسألنا عازف الغيتار "خليل" عن العزف بالشارع وبهذا الطقس شديد البرودة، فقال بشيء من الوجع وأشياء من الألم "نحن فنانون ولا نجيد أي عمل آخر، نعزف بالشارع وبهذا الطقس البارد، لنوزع الفرح على العابرين ونستطيع محاربة الظروف الصعبة، نحن نبيع الفرح لكننا لسنا فرحين".

وأردف، خياراتنا جد محدودة، فإما الهجرة عبر البحر لأوروبا، وما ينطوي عليها من مخاطر قد تصل للموت غرقاً، أو العمل بمعامل تركية ساعات طويلة وبأجور بالكاد تكفي إيجار البيت، أو العمل بمهنتنا ومواجهة الظروف الصعبة التي يعيشها السوريون، مشيراً إلى المضايقات التي يتعرض لها العازفون السوريون، من ملاحقات البوليس وبعض الفرق الموسيقية التي وجدت أن الفرق السورية الجائلة تسرق زبائنها، وخاصة من السياح العرب الذين تستهويهم الموسيقى والأغاني العربية".

خليل، الذي رفض اعتبار عمل الموسيقيين بالشارع، حالة من التسوّل، اعترف أن هذا العمل غريب عن العادات والطقوس السورية، وقد لا يتقبله بعضهم، لكن له، حسب عازف الغيتار السوري، أهداف كثيرة، لا تقف عند العمل وتحصيل ما يسد حاجات أسرهم بتركيا، بل تصل لنقل الموسيقى العربية وتسويقها للأتراك والسياح بتركيا.

ولفتنا من خلال حديثنا مع الفرقتين الموسيقيتين، وعلى غير الفرق السورية التي كانت تعزف خلال السنوات الفائتة للثورة والثوار، ابتعادهم عن السياسة، إن عبر العزف والغناء، أو عن إجاباتنا لأسئلة تتعلق بالثورة السورية ومآلاتها، مكتفين بالقول، وكأن ثمة اتفاقاً بينهما، نحن موسيقيون ونكرّس الحب والخير والجمال، نصارع الظروف الصعبة لنعيش بكرامتنا عبر عملنا بما نعرف، ولا نتكلم بما لا نعرف.





دلالات

ذات صلة

الصورة

سياسة

أعلنت وزارة الدفاع التركية، ليل أمس الأربعاء، قتل العديد من مسلحي حزب العمال الكردستاني وتدمير 32 موقعاً لهم شمالي العراق.
الصورة
احتجاج ضد مقتل الطفلة نارين غوران في تركيا، 9 سبتمر 2024 (فرانس برس)

مجتمع

لم تلق جريمة قتل بتركيا، ما لقيه مقتل واختفاء جثة الطفلة، نارين غوران (8 سنوات) بعدما أثارت قضيتها تعاطفاً كبيراً في تركيا واهتماماً شخصياً من الرئيس التركي
الصورة
عبد الله النبهان يعرض بطاقته كلاجئ سوري شرعي (العربي الجديد)

مجتمع

تنفذ السلطات التركية حملة واسعة في ولاية غازي عنتاب (جنوب)، وتوقف نقاط تفتيش ودوريات كل من تشتبه في أنه سوري حتى لو امتلك أوراقاً نظامية تمهيداً لترحيله.
الصورة
الشاب الفلسطيني بسام الكيلاني، يونيو 2024 (عدنان الإمام)

مجتمع

يُناشد الشاب الفلسطيني بسام الكيلاني السلطات التركية لإعادته إلى عائلته في إسطنبول، إذ لا معيل لهم سواه، بعد أن تقطّعت به السبل بعد ترحيله إلى إدلب..
المساهمون