يقول العم فاضل أبو أطياف، لـ"العربي الجديد"، إن هواية تربية الحمام الزاجل فطرة تكاد تكون لكل أهل بغداد، لما يمتلكه الزاجل من خصائص نادرة، فهو الوديع الوفي لصاحبه، ويضيف: "كان الزاجل يستخدم لغرض المراسلة منذ أيام الدولة العباسية بين بغداد ودمشق والقاهرة، وموطنه في العراق، وتحديداً بادية الموصل، وفي الكرك الأردنية أيضاً وحلب في سورية، ويمكن القول أن سورية والأردن كانت مناطق استراحة للزاجل، قبل أن يكمل مشواره إلى القاهرة، حاملاً رسائل أهل بغداد".
ويقول علي كاظم، الملقب (أبو سويكة)، عن أنواع الحمام الزاجل: "اهتم الغربيون به وقاموا بما لم ننجح به، فلقد قاموا بتزويج أصناف معينة من الزاجل مع الحمام الجبلي والمدجن، وكانت النتائج مبهرة، ومنها حمام باركر، الذي استخدم في إرسال الرسائل أثناء الحرب العالمية الأولى وحمام الدارغون الإنكليزي، وهو من أصل بلجيكي إنكليزي، أما الحمام الفرنسي فهو من نتيجة تزاوج الحمام البلجيكي مع الحمام البغدادي، ومميز بطوله وصدره العريض، والقائمة تطول بعملية التهجين الرائعة".
ويضيف لـ"العربي الجديد": "أشهر الأنواع العراقية اليوم هي طويرني والآخر يسمى زاز وجيني والبخاري، وتبدأ أسعار الحمام الزاجل بأرقام بسيطة وزهيدة من 5 دولارات أميركية حتى تصل إلى 9000 دولار وأكثر، فعالم الزاجل كبير وله أسرار كثيرة، وللطير الأصيل ميزات تختلف عن المهجن، وإن نجح التهجين وأنتج نوعاً مميزاً فنحن ننظر إلى الطير إن حلق على مسافات عالية كيف سيكون طيرانه؟ هل سيقلب أم سيبقى ثابتاً أمام الريح؟".
ويضيف أبو سويكة: "في العراق، بدأ تنظيم سباق خاص للزاجل في تسعينيات القرن الماضي، وهناك تصنيفات وأسماء وجنسيات يحملها الزاجل، ومن خلالها يعلن سعر البيع، وكذلك بعد إعلان النتائج، أي أن سعر الحمام يرتفع بالنتائج أيضاً".
ويشكو أبو سويكة من الإرهاب الذي طاول الحمام وقتل الكثير منه بغاية الابتزاز، فهناك عصابات مختصة ترصد لحظات السباق وتقوم باصطياد الحمام ومن ثم المقايضة على سعر لعودته أو قتل الحمام، وهذه العملية بدأت بعد العام 2003، حيث تجاهلت وزارة الرياضة والشباب رابطتنا، وكذلك اللجنة الأولمبية، على العكس من حكومة ما قبل العام 2003 حيث أولتنا الرعاية والاهتمام وأصدرت قوانين وشددت على كل من يقوم بقتل الحمام بالعقوبات بالسجن والغرامات المالية، وشكلت لنا الرابطة وخصصت لنا مقراً في اللجنة الأولمبية العراقية آنذاك، وإلى اليوم أحتفظ بالهويات التي أصدرت لنا".
وفي السياق، يقول أبو مهدي الحلفي، لـ"العربي الجديد": "تبدأ سباقاتنا مع مطلع يناير/ كانون الثاني من كل عام، وتكون المراحل بالمسافات القريبة 150 كلم إلى أن نصل إلى 500 كلم في البصرة، وكذلك هناك سباق سنوي، تكون فيه الانطلاقة من أربيل إلى البصرة".
ومن جهته، يؤكد جاسم الساعدي أن السباق كان معرضاً لعملية الغش والتلاعب، حيث كانت البدايات تعتمد على الساعات اليدوية لمعرفة نتيجة السباق، ويوضح: "قبلها كنا نعطي كل مكان نسبة من الوقت بحسب المجالات الجوية، لكن بعد العام 2003 استخدمنا (GPS) وكنا نحدد المسافات الجوية من حيث أماكن هبوط الحمام، فمن يسكن في البداية ليس كمن يبعد عن غيره من حيث نقطة الانطلاق".
ويتابع: "بعد ذلك أدخلنا جهاز البنزك الألماني، وهو الجهاز الأدق في العالم الذي يستخدم لإظهار النتائج في سباق الحمام الزاجل، وهو عبارة عن (ماستر كلاب) تقوم بإدارة وبرمجة السباق من حيث تخزين المعلومات للحمام الزاجل، وتعرف إحداثيات الطير ونتيجة السباق، من خلال الشريحة التي توضع في الطير وتعرف في الماستر، وتنقل عبر الأقمار الصناعية (GPS)، وتحفظ البيانات في الحاسبة لضمان حقوق المتبارين في السباق".
وشرح: "يعد هذا الجهاز العالمي الوحيد الذي يقرأ أجزاء الثانية، ولذلك تعلن النتائج بدقة متناهية، وانتهت بوجود هذا الجهاز عملية الغش، لأنه جهاز لا يمكن التلاعب به. ويتيح هذا البرنامج إعلان النتائج في الموقع الخاص لشركة بنزك الألمانية، ومن خلاله يرى العالم كله نتائج سباق الزاجل في العراق عبر الشبكة العنكبوتية على الرابط www.pigeonline.com".
ويقول الحاج رزاق، وهو مستورد للطيور: "كانت بيئة العراق أفضل سابقاً، كنا بالأمس نستورد علاجات بسيطة، أما اليوم، فقد انتشرت أوبئة كثيرة جراء الحروب والتلوث البيئي، إضافة إلى أجوائنا الحارة في الصيف، كل هذه عوامل تشكل عبئاً كبيراً على الهواة، ومن خلال انفتاح العراق على العالم بعكس ما قبل العام 2003، أدخلنا كل أنواع الطير الزاجل بكل الجنسيات الأصلية منها أو المهجنة".