تقضي الفلسطينية منيرة طبش (40 عاماً)، من قرية عبسان الكبيرة الواقعة إلى الشرق من مدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة، ساعات طويلةٍ في الرسم بالإبرة والخيط. وصارت تبدع في رسم العشرات من الأشكال والشخصيات بواسطة الإبرة والخيط الملوّن على قطع قماشية، وهي رسومات تمتاز بالحرفية والدقة المتناهية في العمل. ويعتبر هذا النوع من الفن، نادراً في العالم العربي.
عمل طبش مُرهق ومُكلف، لكنه يحكي عن رسمٍ نوعي لا يستطيع الكثيرون إتقانه بسهولة. إذْ تعمل في مجال الرسم بالإبرة والخيط منذ ما يزيد عن 25 عاماً، منذ أن كانت شابّة صغيرة، قبل أن تعود إلى غزة، إذْ كانت تسكن في الجزائر. وكان لطبش ميولٌ إلى عالم الفن منذ أن كانت صغيرة، وتلقت تشجيعاً من محيطها كي تنمّي وتطوّر هذه الموهبة.
تقول طبش لـ"العربي الجديد"، بأنها بدأت فكرة التطريز ببعض الأعمال الشخصية البسيطة. ومع مرور الوقت لاحظ من حولها أنها تمتاز بقدرة تحويل الأشياء القديمة البالية إلى جديدة ذات مظهر فني جميل. بل أكثر من ذلك، يمكن للمشاهد أن يستمتع بجمالها الفنّي، ويقتنيها من أجل استخدامها مرة أخرى. إذْ إنَّ أعمالها تجمع بين الجمالية الفنيّة والفائدة الواقعية المباشرة.
تعتمد طبش على جميع الخامات المتاحة، من إبر حياكة وخرز و"كروشيه"، بالإضافة إلى جميع أنواع الأقمشة. ولكنها تفضل الرسم بقماش" الجوخ"؛ لأنه من الأنواع التي لا تُخْفَى العيوب فيها، وتظلّ بجمالها لأطول فترة ممكنة، ولا يتمكّن الزمن منها سريعاً. وتشير منيرة، إلى أنّ زوجها كان الداعم الأوّل لها، وقد شجّعها بقوة، وكان يوفر لها كل الموادّ الأساسية اللازمة لأعمالها. مؤكدةً أنها تمكنت من رسم أكثر من خمس لوحات قماشية، بصورة ملفتة وجميلة، وذلك بجهدٍ استمر بين شهر وشهرين.
وتفتخر منيرة التي عاشت طفولتها في الجزائر، أنها من النساء القليلات اللواتي يقدّمْن فن الرسم بالإبرة والخيط في غزة. وأنّ أغلب لوحاتها تعبّر عن الهوية الفلسطينية والمشغولات التراثية التي يحاول الاحتلال الإسرائيلي سرقتها وطمسها. ووظفت طبش كذلك، التطريز في عمل حقائب نسائية شبيهة بالتطريز الفلاحي، إلى جانب الرسم بالإبرة والخيط.
توضح طبش، أنَّها تقوم باستخدام هذه الأدوات فى الرسم على "التيشرتات" والوسائد وألواح الديكور. بالإضافة إلى استخدامها في الكثير من مستلزمات الأطفال. إضافة إلى ذلك، تقوم بتصميم الأكسسوارات النسائية باستخدام الإبرة والخيط، فجميع أعمالها تعتمد على الحياكة اليدوية. وتكلف اللوحات التي تقوم بتصميمها ما يقارب 100 دولار أميركي فما فوق للقطعة الواحدة، وتحتاج لمن يقدر قيمتها الجمالية التراثية، غير أن الوضع الاقتصادي الصعب والقاسي على مليوني فلسطيني في القطاع المحاصر، يجعل الإقبال على شرائها ضعيفاً.