احتلّت الروبوتات قلب الثقافة الشعبية، منذ استخدام تلك الكلمة في عام 1920، حين بدأ الهوس البشري في إعادة خلق كائنات على صورة الإنسان. لذلك وتلبية لشغف الإنسان في التعرّف على تاريخها بعد أن أصبحت بشرية بشكل متزايد، يخصّص متحف العلوم في العاصمة البريطانية لندن، معرضاً جديداً لها، يكشف عن قصصها الرّائعة التي تعود إلى 500 عام.
ويضمّ المعرض ما يزيد عن 100 روبوت، منها الرّاهب الميكانيكي من القرن الـ 16 إلى روبوتات الخيال العلمي ومختبرات البحوث في العصر الحديث. فضلاً عن الروبوت الطفل الذي قد يعجز البعض عن تمييزه عن الطفل البشري، خصوصاً أنّه يتنفّس ويعطس ويغمض عينيه ويبدي تعابير على وجهه ويحرّك يديه ورجليه كما لو أنّه مولود وليس آلة صنعتها أيادي البشر.
أمّا الروبوت كاسبر، بحجم صبي لا يتجاوز الست سنوات من العمر، فيشكّل حالة خاصّة، لأنّه لم يصنع للقيام بأعمال وخدمات ووظائف تسهّل حياة الإنسان، كما عهدنا الروبوتات في الأفلام وغيرها. بل جاء ليبدّل حياة الأطفال الذين يعانون من مرض التوحّد في بريطانيا وفي العالم.
طوّرت كاسبر جامعة هيرتفوردشير، واستخدم في دراسات طويلة الأمد، على ما يقارب الـ 170 طفلاً من مرضى التوحّد، في بريطانيا والعالم، وذلك عن طريق صنع 28 روبوتاً منه. والخطوة التالية لكاسبر ستكون بنقله من المختبر إلى المدارس والمنازل وربّما المستشفيات والعيادات التي تحتاج إليه.
وفي هذا الشأن، يقول دكتور بن روبنز، من جامعة هيرتفوردشير، لـ "العربي الجديد"، إنّ كاسبر وسيط بين أطفال مرضى التوحّد والأطفال الطبيعيين. ويتابع أنّهم جعلوا ملامحه بسيطة من دون حواجب أو أي تعابير وجه قد تبدو معقّدة لمرضى التوحّد، كي يشعر هؤلاء الأطفال بالأمان في التعاطي معه.
اقــرأ أيضاً
ويضيف الدكتور روبنز أنّ غالبية أطفال مرضى التوحّد الذين تعاملوا مع كاسبر، أحبّوه منذ لقائهم الأوّل به، فهو يعلّمهم التفاعل والتواصل والاختلاط في المجتمع بسهولة. ويكمل أنّ، كاسبر قادر على التحدّث وتسريح شعره والإمساك بفرشاة الأسنان وتسمية أعضاء من جسمه وكذلك الغناء مع الأطفال.
كذلك يلفت الدكتور روبنز إلى أنّ الهدف الأساسي لكاسبر هو مساعدة الأطفال الذين يعانون من مرض التوحّد على اكتشاف عواطف الإنسان الأساسية وكيفية التواصل والتفاعل الجسدي المقبول اجتماعياً.
يعطي دكتور روبنز، مثالاً على ذلك، حين يدغدغ قدم كاسبر الذي يتجاوب بابتسامة وبعدها يقرص أنفه، ثم يضع كاسبر يديه على وجهه ويبدو حزيناً. "هذه الأمور تعلّم أطفال مرضى التوحّد، ما هو مقبول وما هو مرفوض" يقول الدكتور روبنز.
بدورها، تقول البروفيسورة كيرستن دوتينهاهن، من جامعة هيرتفوردشير، إنّ كاسبر ساعد العديد من أطفال مرضى التوحّد لما يزيد عن عقد من الزمن، وأثبت أنّه من المهم استخدامه في مدارس بريطانيا والعالم. وتردف البروفيسورة، دوتينهاهن، أنّهم يريدون الانتقال بهذا النجاح إلى الخطوة التالية، وتوفير كاسبر لكل طفل يحتاجه في العالم، ويمتلكون التكنولوجيا والخبرات اللازمة ولا ينقصهم سوى التمويل الكافي للمضي بهذا المشروع.
ومن الروبوتات اللافتة أو المميّزة في المعرض: الروبوت تيسبيان، الذي يعتبر أوّل رجل آلي بحجم الإنسان يتم إنتاجه تجارياً، ويقدّم عرضاً مسرحياً كلّ 20 دقيقة للزوّار. و كودومورويد، المرأة الروبوت اليابانية، التي لو تأمّلنا فيها لعجزنا عن تصنيفها ضمن الروبوتات، كون مظهرها مطابقا للبشر تماماً. أنجزتها جامعة أوساكا ومختبرات البحوث اليابانية المتطورة في عام 2014، وكانت أوّل روبوت أقرب إلى البشر في العالم. وستتحرّك في المعرض كلّ 20 دقيقة وتشارك الزوّار قصتين عن الروبوت.
وهناك زينو آر 25، الذي يمكن شراؤه من المعرض، وهو يستخدم في النشاطات التعليمية وعلاج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة، ويقلّد تعابير وجوه الزوّار، كما يرشدهم إلى الوقوف في المكان الصحيح للتواصل معه. وأيضاً الروبوت الشهير في فيلم "Terminator Salvation" المعروف باسم "T800" والأكثر رعباً في عالم الخيال العلمي للرجال الآليين.
ونعود للراهب الآلي، الذي هو واحد من أصل ثلاثة في العالم فقط، يصلّي ويمشي فوق طاولة وهو يحرّك شفتيه رافعاً صليباً ومسبحة، ضارباً على صدره بندم.
وتتوسّط المعرض بإضاءات مختلفة، نسخة طبق الأصل عن الروبوت ماريا، وهي أشبه بامرأة حديدية، تقف بصلابة من دون القيام بأي حركة.
ولا ننسى إريك أوّل رجل آلي صنعته بريطانيا، ودعت في العام الماضي إلى المساعدة على إعادته للحياة، بعد أن اختفى أثناء جولة دولية له منذ نحو 90 عاماً، ولم يتمكّن أحد من العثور عليه. بيد أنّ الحلم بإعادته إلى الحياة بدأ حين اقتفى خبراء آثار صانعيه وتواصلوا معهم.
تلقّى إريك الدعم المادي الكافي خلال هذه الفترة وتمّ إنقاذه، ليصبح ضمن مجموعة الروبوتات الدائمة في المعرض. وعلى الرّغم من مرور الزمن وصناعة العديد من الرجال الآليين، لا يزال إريك يحتل مكانة فريدة من نوعها في تاريخ التكنولوجيا في بريطانيا.
كذلك، يتعرّف زوّار المعرض الذين بدأوا بالتوافد إليه من 8 فبراير/شباط، على كيفية تأثير المعتقدات الدينية والثورة الصناعية والثقافة الشعبية في القرن الـ 20 والأحلام المستقبلية على تشكيل الروبوتات والمجتمعات. ويتوفّر في المعرض كتابان عن الروبوتات أحدهما يروي تاريخها بالصور وقصصا عنها، وآخر للأطفال كي يكتشفوا عالم الرجال الآليين، الذي قد يفيدهم في مستقبل قريب ربّما يزدحم بهم، ويساعدهم على تخيّل حياة مشتركة معهم.
اقــرأ أيضاً
ويضمّ المعرض ما يزيد عن 100 روبوت، منها الرّاهب الميكانيكي من القرن الـ 16 إلى روبوتات الخيال العلمي ومختبرات البحوث في العصر الحديث. فضلاً عن الروبوت الطفل الذي قد يعجز البعض عن تمييزه عن الطفل البشري، خصوصاً أنّه يتنفّس ويعطس ويغمض عينيه ويبدي تعابير على وجهه ويحرّك يديه ورجليه كما لو أنّه مولود وليس آلة صنعتها أيادي البشر.
أمّا الروبوت كاسبر، بحجم صبي لا يتجاوز الست سنوات من العمر، فيشكّل حالة خاصّة، لأنّه لم يصنع للقيام بأعمال وخدمات ووظائف تسهّل حياة الإنسان، كما عهدنا الروبوتات في الأفلام وغيرها. بل جاء ليبدّل حياة الأطفال الذين يعانون من مرض التوحّد في بريطانيا وفي العالم.
طوّرت كاسبر جامعة هيرتفوردشير، واستخدم في دراسات طويلة الأمد، على ما يقارب الـ 170 طفلاً من مرضى التوحّد، في بريطانيا والعالم، وذلك عن طريق صنع 28 روبوتاً منه. والخطوة التالية لكاسبر ستكون بنقله من المختبر إلى المدارس والمنازل وربّما المستشفيات والعيادات التي تحتاج إليه.
وفي هذا الشأن، يقول دكتور بن روبنز، من جامعة هيرتفوردشير، لـ "العربي الجديد"، إنّ كاسبر وسيط بين أطفال مرضى التوحّد والأطفال الطبيعيين. ويتابع أنّهم جعلوا ملامحه بسيطة من دون حواجب أو أي تعابير وجه قد تبدو معقّدة لمرضى التوحّد، كي يشعر هؤلاء الأطفال بالأمان في التعاطي معه.
ويضيف الدكتور روبنز أنّ غالبية أطفال مرضى التوحّد الذين تعاملوا مع كاسبر، أحبّوه منذ لقائهم الأوّل به، فهو يعلّمهم التفاعل والتواصل والاختلاط في المجتمع بسهولة. ويكمل أنّ، كاسبر قادر على التحدّث وتسريح شعره والإمساك بفرشاة الأسنان وتسمية أعضاء من جسمه وكذلك الغناء مع الأطفال.
كذلك يلفت الدكتور روبنز إلى أنّ الهدف الأساسي لكاسبر هو مساعدة الأطفال الذين يعانون من مرض التوحّد على اكتشاف عواطف الإنسان الأساسية وكيفية التواصل والتفاعل الجسدي المقبول اجتماعياً.
يعطي دكتور روبنز، مثالاً على ذلك، حين يدغدغ قدم كاسبر الذي يتجاوب بابتسامة وبعدها يقرص أنفه، ثم يضع كاسبر يديه على وجهه ويبدو حزيناً. "هذه الأمور تعلّم أطفال مرضى التوحّد، ما هو مقبول وما هو مرفوض" يقول الدكتور روبنز.
بدورها، تقول البروفيسورة كيرستن دوتينهاهن، من جامعة هيرتفوردشير، إنّ كاسبر ساعد العديد من أطفال مرضى التوحّد لما يزيد عن عقد من الزمن، وأثبت أنّه من المهم استخدامه في مدارس بريطانيا والعالم. وتردف البروفيسورة، دوتينهاهن، أنّهم يريدون الانتقال بهذا النجاح إلى الخطوة التالية، وتوفير كاسبر لكل طفل يحتاجه في العالم، ويمتلكون التكنولوجيا والخبرات اللازمة ولا ينقصهم سوى التمويل الكافي للمضي بهذا المشروع.
ومن الروبوتات اللافتة أو المميّزة في المعرض: الروبوت تيسبيان، الذي يعتبر أوّل رجل آلي بحجم الإنسان يتم إنتاجه تجارياً، ويقدّم عرضاً مسرحياً كلّ 20 دقيقة للزوّار. و كودومورويد، المرأة الروبوت اليابانية، التي لو تأمّلنا فيها لعجزنا عن تصنيفها ضمن الروبوتات، كون مظهرها مطابقا للبشر تماماً. أنجزتها جامعة أوساكا ومختبرات البحوث اليابانية المتطورة في عام 2014، وكانت أوّل روبوت أقرب إلى البشر في العالم. وستتحرّك في المعرض كلّ 20 دقيقة وتشارك الزوّار قصتين عن الروبوت.
وهناك زينو آر 25، الذي يمكن شراؤه من المعرض، وهو يستخدم في النشاطات التعليمية وعلاج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة، ويقلّد تعابير وجوه الزوّار، كما يرشدهم إلى الوقوف في المكان الصحيح للتواصل معه. وأيضاً الروبوت الشهير في فيلم "Terminator Salvation" المعروف باسم "T800" والأكثر رعباً في عالم الخيال العلمي للرجال الآليين.
ونعود للراهب الآلي، الذي هو واحد من أصل ثلاثة في العالم فقط، يصلّي ويمشي فوق طاولة وهو يحرّك شفتيه رافعاً صليباً ومسبحة، ضارباً على صدره بندم.
وتتوسّط المعرض بإضاءات مختلفة، نسخة طبق الأصل عن الروبوت ماريا، وهي أشبه بامرأة حديدية، تقف بصلابة من دون القيام بأي حركة.
ولا ننسى إريك أوّل رجل آلي صنعته بريطانيا، ودعت في العام الماضي إلى المساعدة على إعادته للحياة، بعد أن اختفى أثناء جولة دولية له منذ نحو 90 عاماً، ولم يتمكّن أحد من العثور عليه. بيد أنّ الحلم بإعادته إلى الحياة بدأ حين اقتفى خبراء آثار صانعيه وتواصلوا معهم.
تلقّى إريك الدعم المادي الكافي خلال هذه الفترة وتمّ إنقاذه، ليصبح ضمن مجموعة الروبوتات الدائمة في المعرض. وعلى الرّغم من مرور الزمن وصناعة العديد من الرجال الآليين، لا يزال إريك يحتل مكانة فريدة من نوعها في تاريخ التكنولوجيا في بريطانيا.
كذلك، يتعرّف زوّار المعرض الذين بدأوا بالتوافد إليه من 8 فبراير/شباط، على كيفية تأثير المعتقدات الدينية والثورة الصناعية والثقافة الشعبية في القرن الـ 20 والأحلام المستقبلية على تشكيل الروبوتات والمجتمعات. ويتوفّر في المعرض كتابان عن الروبوتات أحدهما يروي تاريخها بالصور وقصصا عنها، وآخر للأطفال كي يكتشفوا عالم الرجال الآليين، الذي قد يفيدهم في مستقبل قريب ربّما يزدحم بهم، ويساعدهم على تخيّل حياة مشتركة معهم.