تسرد الكتب حكايات ثلاثة حكماء حمقى في العصور الوسطى: تيل أويلنشبيغل الألماني ونصرالدين خوجه التركي وجحا العربي. وهؤلاء ما زالت نوادرهم حاضرة في الثقافات الشعبية، وتستلهم في الكثير من المجالات الإبداعية الكتابية والموسيقى والسينما والتلفزيون.
في العرض الموسيقي المسرحي "آنا ونور والحكماء الحمقى"، الذي قدم مساء أمس على مسرح دراما في الحي الثقافي "كتارا" بالدوحة، قاد الموسيقي مياس اليماني الأوركسترا، واضطلعت تمارا شافر وسفيتلانا شميتز بالأداء المسرحي لحكايات فكاهية، تبادلتا فيها شخصيات أويلنشبيغل وجحا وخوجه، إضافة إلى مقاطع من خيال الظل.
جالت تمارا وسفيتلانا في ثلاث مناطق وأدتا الحكايات وحدهما تارة، وتارة بمشاركة الجمهور الذي تفاعل من مقاعده، أو صعوداً إلى المسرح.
الموسيقى بدورها لم تكن خلف ستار، أو على مسافة من الحكايات، بل في لبها، تدور وتتصاعد الحكاية، والموسيقى جزء منها، وحين تعزف وحدها تبدو دائماً معبرة عن الحالة الشعورية المرحة التي تتركها الحكاية حين تسرد.
اشتغلت الخلطة المسرحية الموسيقية على شخصيات ثلاث في مناطق ثقافية مختلفة، فأويلنشبيغل ألماني، وخوجه وجحا من جذور ثقافية مشتبكة، حتى إن الكثير من قصصهما لا تختلف، غير أن هناك جزءاً منها له طبيعة تركية ينتمي إلى مدن ومجتمعات لها خصوصية تركية، والحال في المقابل مع شخصية جحا وحكايات ذات خصوصية عربية.
يقول المؤلف الموسيقي مياس اليماني لـ"العربي الجديد" إن التحضير للعرض تطلب معرفة الكثير عن المجتمعات التي انطلقت منها هذه الشخصيات الشهيرة، بمعنى قراءة التفاصيل الثقافية في العموم، قبل الذهاب إلى البحث عن أنواع الموسيقى في كل مجتمع وأوزانها وإيقاعاتها، وفوق كل ذلك معاينة الشخصية ذات التصرفات الغريبة والفكاهية والمفاجئة، وتعكس كل ذلك في الموسيقى.
لو تخيلنا العرض موسيقى فقط دون أداء للحكايات ودون ممثلين، سيكون علينا أن نتعرف إلى ثلاثة أنماط موسيقية عربية وتركية وألمانية.
يشرح اليماني الأمر قائلاً إن اللحن العربي عادة ما يكون بإيقاعات مدوّرة غير مكسورة، بينما الموسيقى التركية، تستخدم الإيقاعات المكسورة، إضافة إلى اللجوء أكثر للكلارنيت والفلوت والدفوف، بينما يتوافر في الموسيقى العربية العود والشبابة. العود وجدنا مقاربة له عبر النقر على التشيلو، والأبوا بديلاً للشبابة.
ووفقاً له فإن التأليف الموسيقي لشخصية جحا استفاد من السمات المعروفة لها، كالبدانة، مما جعل الموسيقى أكثر بطئاً، بينما في حالة خوجه تسارعت، حسب ما عرف عنها في تركيا من مزيج الدهاء والحمق.
أما الموسيقى الألمانية –يضيف- فلم يكن الأمر صعباً، ذلك لأن هناك موسيقى كلاسيكية تحمل اسم الشخصية الهزلية أويلنشبيغل، ألفها ريتشارد شتراوس (1864- 1949)، وقدمت في العرض مع بعض التعديلات البسيطة.
يذكر أن اليماني مؤسس فرقة "مقام" الموسيقية التي تحتفل بمرور عشر سنوات على تأسيسها، وتستعد لجولة في العديد من الدول الآسيوية والأوروبية.