لا يزال قرار تأجيل الدورة الـ73 لـ"مهرجان كانّ السينمائي" من مايو/أيار إلى نهاية يونيو/ حزيران ـ بداية يوليو/تموز المقبل يُثير جدلاً في أوساطٍ سينمائية مختلفة. البعض "يتمنّى" ألّا يُلغى نهائياً هذا العام، فالتأجيل بالنسبة إليه غير ناضج وغير واضح، والموعد الجديد غير مؤكّد. والبعض الآخر يرى في تأخّر إدارته بإعلان التأجيل "نوعاً" من الالتفاف على مهرجانات أخرى لاحقة، أبرزها فينيسيا وتورنتو، كي لا تحصل على أفلامٍ كان يُمكنه الحصول عليها، أو ربما سيحصل عليها إذا أُكِّد الموعد الجديد.
استطلاع لآراء سينمائيين مختلفي المهن والتوجّهات جرى تداوله في أوساطٍ صحافية وإعلامية فرنسية، في الأيام القليلة الماضية، تناول المسألة من وجهة نظر عاملين في صناعة السينما. ورغم أهمية ما قيل فيه، إلّا أن الصحيفة الفرنسية التي نشرت التحقيق "20 دقيقة" (20 مارس/ آذار 2020)، يخلو من أسمائهم، رغبة منهم في عدم البوح بها، لأسبابٍ لم تذكرها كاتبة التحقيق، كارولين فيّيه.
"كنا نتوقّع التأجيل، ومع هذا أحدث الخبر صدمة لنا"، كما قال مخرج لم يشأ ذكر اسمه. كزملاء له في المهنة، كان يحلم بأن يُختار فيلمه في هذا القسم أو ذاك في التظاهرة: "لعلّ (قرار) التأجيل غير ناضجٍ كفاية"، كما قال، متمنياً ضمنياً أنْ تُقام الدورة الجديدة في موعدها الجديد. "أعتقد أن أعضاء لجنة الاختيار سيستمرون في عملهم". لكن تفاؤله هذا لا يُشاركه فيه الجميع، المبتعدين كثيراً عن أي تفاؤل ممكن.
ورغم أنّ أحداً من هؤلاء لم يرد أن يُذكر اسمه في التحقيق، إلّا أنّهم، كممثلين عن السينما، لا "يعلكون" كلامهم. "لا أفهم لماذا أمضى المنظّمون وقتاً طويلاً لإنكار ما هو واضح"، كما قال منتجٌ، متسائلاً: "هل صحيح أنّهم كانوا يريدون "مُصادرة" الأفلام، كي يتأكّدوا من أنّ مهرجانات أخرى لن تحصل عليها؟". بالنسبة إليه، "إنْ كان هذا صحيحاً، فهذا يعني أنّ تصرّفهم رثٌّ للغاية".
بحسب آخرين، يُمكن مهرجانَي فينيسيا وتورنتو اللذين يُفترض بدورتيهما الجديدتين أنْ تُقاما في سبتمبر/أيلول المقبل، "أنْ يفرحا كثيراً" بفكرة إمكانيّتهما الحصول على أفضل أفلام الاختيار الخاص بمهرجان "كانّ". تقول منتجة أميركية: "لكن، يجب على هذين المهرجانين أن يتمكّنا من إقامة دورتيهما في الموعد المحدد سابقاً". أضافت: "لا شيء مؤكّد، لأننا نتلمّس خطواتنا شيئاً فشيئاً. أتصوّر أنّ هذين النشاطين سيتوقّفان بدوريهما".
لن يكون الأمر أكثر دراميّة للأفلام نفسها، في ظلّ توقّف بعض عمليات التصوير وعمليات ما بعد الإنتاج، وتأجيل بعضها الآخر، فهذا الأمر أصاب الجميع تقريباً، وسيكون للأفلام مكانٌ في البرمجة الجديدة. "أتمنّى أنْ تعود الأمور إلى شكلها الطبيعي"، كما قال مبرمج مهرجانات، مضيفاً: "أحاول وزملائي أن نبقى واثقين بالمستقبل".
في المحصّلة النهائية، فإنّ المهنيّين الذين سألتهم "20 دقيقة" غير مقتنعين بتأجيل الدورة الجديدة لـ"كانّ"، لكنّهم يتّفقون على ما قالته موزّعة أفلام: "من غير المحتمل أنْ يُخاطر الأميركيون في المجيء إلى "كانّ" في تلك الفترة، تماماً كالآسيويين، فالوباء عالميّ". بحسب معلومات صحافية مختلفة، "الجميع ألغوا حجوزاتهم في الفنادق، وينتظرون معرفة المزيد من الأخبار المؤكّدة قبل قيامهم بحجوزات جديدة. هذا معرّض لأن يكون معقّداً. أخبرتني إدارة الفندق الذي أحجز فيه أنْ لا غرف شاغرة في بداية الصيف"، كما قال مخرج.
في المقابل، لا يزال عرض الأفلام عبر منصّات خاصّة "متوقّعٌ"، كما يُردّد بعض المطّلعين على كواليس المشهد السينمائي الفرنسي حالياً: "سيكون هذا مخالفاً لروح المهرجان، الذي يعتمد أفضل الشروط في العالم، في مسألة عرض الأفلام المختارة".
في النهاية، ينتظر الجميع "القرار المقبل" لمنظّمي مهرجان "كانّ"، وهم يتمنّون "نهاية سينمائية سعيدة".