تتزين الشوارع والطرقات والمساجد بالزينة، وتصدح المحال التجارية عبر مكبرات الصوت بالأغاني الدينية الخاصة بهذه الذكرى.
جميل المصري من مدينة نابلس، والذي يعمل رئيساً لفرقة "أحباب المصطفى" للإنشاد والمدائح النبوية، يحرص كل عام على إحياء ذكرى المولد النبوي، هو يشارك مع فرقته على بإدخال السرور إلى قلوب الناس والمحتفلين بهذه المناسبة، وتوزيع الحلوى.
نابلس التي تتزين شوارعها بالزينة الخاصة، واللافتات تشهد ولأول مرة هذا العام إخراج شعرات النبي محمد من مكانها في المسجد الحنبلي بالبلدة القديمة من نابلس، والطواف بها على الناس.
كانت العادة أن يتم إخراج الشعرات مرتين في السنة، في ليلة القدر، وفي يوم الإسراء والمعراج، تأكيداً على حب وبركة النبي محمد، كما يوضح المصري.
ومنذ أكثر من مئة عام تواصل عائلة البيطار في نابلس، المحافظة على شعرات النبي محمد، بعدما عُهد الاعتناء بها إلى أحد أجدادها القاضي الشرعي الشيخ رشيد البيطار، وأودعت بزجاجة مفرغة من الهواء في خزنة بمسجد الحنبلي في البلدة القديمة، مع وثيقة تؤكّد حقّ عائلة البيطار في ذلك، حينما بعث السلطان العثماني محمد رشاد الخامس بثلاث شعرات للنبي محمد، تكريماً لعلماء نابلس.
المصري (60 عاماً) يحرص على الإنشاد بهذه المناسبة مع فرقته منذ أن كان صغيراً، ويوضح لـ"العربي الجديد"، أنه يوزع مع فرقته على المحتفلين حلويات يحصلون عليها هدايا من الناس، فإما أن تكون بقلاوة، أو حلقوماً، أو ملبّساً، وتوزع القهوة كذلك على المشاركين.
وبعد الانتهاء من الاحتفال والمدائح النبوية التي تسمى "مولد"، يدعو أحد أصحاب محال الحلويات، الفرقة والمشاركين لتناول الكنافة النابلسية الشهيرة.
لم تكن تلك الحلويات فقط التي توزع بهذه المناسبة، إذ اعتاد أهالي نابلس على توزيع أنواع أخرى "حلوى النبي" والتي تشبه المهلبية مزينة ببذور الصنوبر، علاوة على توزيع الحلاوة القرعية والمصنوعة من القرع المطبوخ والزلابية.
ويوضح الخبير في التاريخ والباحث في التراث، عبد الله كلبونة لـ"العربي الجديد"، أن أكثر الحلويات التي توزع في نابلس واعتادت عليها المدينة في الاحتفال بمناسبة المولد النبوي هي الزلابية مع القرع، إذ اعتادت عليها عائلات نابلس للتعبير عن صلة الرحم في هذه المناسبات، وتسمى "فقدة الرحم".
ويشير كلبونة إلى أن أهالي نابلس اعتادوا كذلك رش الملبّس على المشاركين في احتفالات المولد النبوي وقراءة الموالد في الشوارع، حيث كان الناس يفرشون السجاد، ويزينون المكان بأغصان الزيتون، والحلاق يرش الروائح العطرية على المارة،، أما الآن فإن الاحتفال يكون بتوزيع الحلويات والزينة وقراءة "المولد النبوي".
الاحتفالات تعم المحافظات الفلسطينية الأخرى. المحاضرة الجامعية، رولا غانم من مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية، تحرص على إرساء مفاهيم حب النبي محمد في طفلتها ميرا ابنة الصف الثالث الأساسي، وتحضر لها هدايا مغلفة ومكتوب عليها عبارة الصلاة على النبي، وبداخلها حلويات الملبس والشوكولاتة، لتوزيعها على زميلاتها في الغرفة الصفية.
وتقول رولا، إن "مثل هذه العادة، ترسخ حب النبي محمد في نفوس أبنائنا، وتؤكد أن هذا اليوم هو من أفضل الأيام وأعظمها".
وتوضح أن بعض المحال التجارية توزع الحلويات المشكلة على شكل قراطيس من الملبس والشوكولاتة على الأطفال، فيما يوزع الأهالي حلويات "البقلاوة" على بعضهم، بالتوازي مع الزينة التي تعلق في الشوارع، إضافة إلى الاحتفال بالمولد النبوي في المساجد، بينما تطلق مكبرات الصوت الأغاني الدينية بهذه المناسبة من أمام المحال التجارية.
في مدينة الخليل، يحرص الأهالي وخاصة في البلدة القديمة منها وفي محيط الحرم الإبراهيمي وفي داخله، على الاحتفال وتوزيع الحلوى في هذه المناسبة. ويوضح لنا مدير الحرم الإبراهيمي، حفظي أبو سنينة، "نحرص على توزيع الحلويات على أبواب الحرم الإبراهيمي، بينما يحرص الأهالي على توزيع الحلويات بينهم، وتشارك مصانع الحلويات في البلدة القديمة بالتبرع وتوزيع هذه الحلويات كهدايا بهذه المناسبة".
واعتاد أهالي الخليل توزيع حلوى المشبك المصنوع من الدقيق والسميد مضافاً إليه الأصباغ، وكذلك يتم توزيع العوامة والحلقوم والغريبة المصنوعة من الدقيق والسمنة. وقد يوزع الأهالي حلويات أخرى مختلفة، أما هذا العام فقد تم توزيع الملبس والمصاحف وبعض أنواع الحلويات في الطرقات وفي المستشفيات والأماكن العامة، كما يوضح أبو سنينة.
أهالي مدينة القدس بدورهم اعتادوا على تزيين مدينتهم وخاصة البلدة القديمة منها، وتوزيع الحلويات بهذه المناسبة، وخاصة حلوى المشبك والعوامة، بينما تطرب الآذان الأناشيد والمدائح النبوية، ابتهاجا بهذه المناسبة.