كيف هو حال إنتاج البرامج في العالم العربي؟ سؤال كبير، تبدأ الإجابة عنه من خلال الوقائع التي يتخبط فيها الإعلام العربي، والذي لا يقتصر على خلو الساحة من البرامج الضخمة، بل يصل إلى حدود تخفيض ميزانية المحطات التلفزيونية أولا، وتسريح عدد كبير من الموظفين، وإقفال مكاتب في عدد من الدول العربية. لكن ما هي الأسباب التي أدت إلى كل هذا؟ وما هي الرؤية أو الصيغة الجديدة لحل أزمة "التلفزة" العربية؟ والسؤال الأهم ما هو سبب المشكلة الحقيقي لكل هذا التجاذب داخل المحطات؟
من دون شك، أن مرحلة ما بعد الثورات العربية ليست كما كان الحال قبل عام 2011، من تونس بداية إلى الخليج، قلّ الحماس "التلفزيوني" بعد العام الثاني من الثورة، وحاولت معظم المحطات الخروج بأقل خسائر ممكنة من جراء تداخل أوجه الحرب بعضها ببعض، وتأثيرها على المحطات والدول الداعمة لهذه المحطات بالدرجة الأولى.
هذا النمط من "الحروب المتقطعة" دخل بشكل متجزّئ على عالم التلفزيون العربي. والمفارقة أنه لم يؤثر على الإنتاج الدرامي كوجه يتناقض تمامًا مع نظرتنا إلى البرامج الأخرى. ولا نغالي إذا قلنا إن دراما "شهر رمضان" وحدها ما زالت المقياس الأساسي للأعمال التلفزيونية التي ينتظرها المشاهد، وهي "المُنشط" الرئيسي للمحطات الذي يعود بالأرباح وعائدات الإعلان الضرورية لصمود عالم التلفزيون، والإبقاء على نمط خاص من التوجه إلى الناس أو الجمهور.
"ثمة أزمة لا محالة"، يؤكد أحد مسؤولي الإنتاج في محطة لبنانية، ويقول نعم هناك أزمات إنتاج في لبنان والعالم العربي، قبل سنتين وضعنا خطة جديدة لترتيب أوضاعنا، وحاولنا أن نقلل كثيراً من صرف ميزانيات ضخمة لعدد من البرامج التي كنّا نصرف على إنتاجها مبالغ لم يعد بإمكاننا اليوم دفعها، لأسباب كثيرة، منها سياسي يتعلق بالدعم الذي تتلقاه المحطة الذي لم يعد سرا خافيًا، إضافة إلى عدم وجود الأفكار الجديدة أو قدرة لبنان تحديدا على استيعاب التكرار في أفكار وبرامج أصبحت "معلوكة" وعرضت على الشاشات وتناوب عليها عدد من المقدمين أو الضيوف. باختصار.. لا جديد.
لكن الحرب المندلعة في اليمن تحديداً، كان لها الأثر الأكبر في رسم سياسة "الضياع" التي تشهدها معظم محطات الخليج العربي. كل المحطات الخليجية، وتحديداً تلك التابعة للمملكة العربية السعودية، تنتظر القرار النهائي لتوقف الحرب في اليمن كي تتنفس الصعداء وتعود إلى سابق عهدها. الخوف أصبح يسيطر مثلاً على كل موظفي محطة "أم بي سي"، إن في مكتب لبنان أو في المقرّ الرئيسي للمحطة في دبي، خصوصاً بعد القرار المفاجئ لتسريح 28 موظفًا من مكتب محطة "العربية" في بيروت، وهي المحطة الشقيقة لـ"أم بي سي". وفق المصادر، فإن وضع "أم بي سي" اليوم يعتبر مستقراً جداً، لا قرارات بشأن الاستغناء عن موظفين، أجواء مريحة وفق المصدر، لا بل فوجئ الموظفون في محطة "أم بي سي" بزيادة على الرواتب ومكافأة "bonus" نهاية الشهر الماضي. ويعزو المصدر سبب تسريح موظفي العربية من مكتب بيروت إلى تجاذب حول ملكية القناة الإخبارية السعودية بعدما تحولت ملكيتها إلى مساهمات خاصة في الفترة الأخيرة، ما قد يفتح الباب على إعادة تموضع استراتيجي سيقرره الشركاء الجدد في المحطة، وبإمكان هؤلاء إعادة فتح مكتب تمثيلي يعتمد على مراسلين غير موظفين freelance، هذا ربما يفتح الباب أمام أسئلة جديدة حول إعادة ترتيب البيت الداخلي للمحطات قبل "أجندة" البرامج التائهة.
اقــرأ أيضاً
في "أم بي سي" العديد من البرامج المطروحة للمواسم المقبلة، لكن الواضح أن المحطة تائهة في برمجة وتنفيذ هذا النوع من البرامج. لم يثبت أبداً أن المحطة السعودية قررت نقل برنامج "أرب آيدول" إلى الأردن، وفق معلومات خاصة، لا قرار بعرض موسم رابع من البرنامج، الأسباب غير معروفة، وحتى أعضاء لجنة التحكيم لا يعرفون أي تفاصيل حول موعد الموسم المقبل من أرب آيدول، ولا قرار حاسما بإخبارهم بالانتقال خارج بيروت.
وكذلك الأمر بالنسبة لبرنامج project run way الذي يُعنى بأمور الموضة والأزياء، وستبدأ قريبًا عرض إعلاناته التسويقية من خلال المحطة، وبعدما كان مقرراً عرضه نهاية العام الحالي بات في حكم المؤكد تقريب الموعد إلى الخريف المقبل، أي بعد انتهاء مرحلة الصيف، تحاول "أم بي سي" مرة جديدة الابتعاد عن برامج المواهب، والاستعانة بنجم تصميم الأزياء، المصمم إيلي صعب، عبر مشاركته التي تأكدت ضمن لجنة تحكيم البرنامج، ما يكسب المحطة بعداً جديداً في هذا العالم المخصص لهواة هذا النوع من الأزياء مع الأهداف الكامنة من وراء ذلك، لجهة الدعاية والتسويق الخاصة بدور الأزياء وعالم التصاميم العالمية.
اقــرأ أيضاً
رمضان يسابق الزمن
يسابق شهر رمضان كل الإنتاجات التي تعتزم المحطات تقديمها، أو التي لم تقرر بعد مواقيت عرضها، لكن السلة الرمضانية تفتح شهية مسؤولي المحطات للمغامرة، على اعتبار أن الميزانية الكبيرة تساهم في الترويج والإعلانات والعائدات، لكن هذا العام يبدو أن الاتجاه سيكون مجددا إلى أنواع محددة من الأعمال الدرامية، فشهية المحطات مفتوحة على الدراما السورية، في وقت تحارب فيه الدراما المصرية لبلوغ هدفها، وذلك مع تراجع الإنتاجات المصرية في الفترة الأخيرة، وكذلك انتصار مسلسلات البيئة الشامية وما سُمي بالدراما المشتركة التي أسهم فيها السوريون بشكل كبير على غيره من البلدان المحصورة بجنسية واحدة. وكذلك أسهم انفتاح رجال الأعمال للدخول في هذه الدائرة من الإنتاجات على تسويقها بشكل كبير وتحقيق أرباح خيالية.. من هنا يقاسم الشهر الفضيل الإنتاجات أو ميزانيات باقي أشهر السنة من دون اعتراض من قبل مسؤولي المحطة على كل الاقتراحات الخاصة بعروض الشهر الكريم.
من دون شك، أن مرحلة ما بعد الثورات العربية ليست كما كان الحال قبل عام 2011، من تونس بداية إلى الخليج، قلّ الحماس "التلفزيوني" بعد العام الثاني من الثورة، وحاولت معظم المحطات الخروج بأقل خسائر ممكنة من جراء تداخل أوجه الحرب بعضها ببعض، وتأثيرها على المحطات والدول الداعمة لهذه المحطات بالدرجة الأولى.
هذا النمط من "الحروب المتقطعة" دخل بشكل متجزّئ على عالم التلفزيون العربي. والمفارقة أنه لم يؤثر على الإنتاج الدرامي كوجه يتناقض تمامًا مع نظرتنا إلى البرامج الأخرى. ولا نغالي إذا قلنا إن دراما "شهر رمضان" وحدها ما زالت المقياس الأساسي للأعمال التلفزيونية التي ينتظرها المشاهد، وهي "المُنشط" الرئيسي للمحطات الذي يعود بالأرباح وعائدات الإعلان الضرورية لصمود عالم التلفزيون، والإبقاء على نمط خاص من التوجه إلى الناس أو الجمهور.
"ثمة أزمة لا محالة"، يؤكد أحد مسؤولي الإنتاج في محطة لبنانية، ويقول نعم هناك أزمات إنتاج في لبنان والعالم العربي، قبل سنتين وضعنا خطة جديدة لترتيب أوضاعنا، وحاولنا أن نقلل كثيراً من صرف ميزانيات ضخمة لعدد من البرامج التي كنّا نصرف على إنتاجها مبالغ لم يعد بإمكاننا اليوم دفعها، لأسباب كثيرة، منها سياسي يتعلق بالدعم الذي تتلقاه المحطة الذي لم يعد سرا خافيًا، إضافة إلى عدم وجود الأفكار الجديدة أو قدرة لبنان تحديدا على استيعاب التكرار في أفكار وبرامج أصبحت "معلوكة" وعرضت على الشاشات وتناوب عليها عدد من المقدمين أو الضيوف. باختصار.. لا جديد.
لكن الحرب المندلعة في اليمن تحديداً، كان لها الأثر الأكبر في رسم سياسة "الضياع" التي تشهدها معظم محطات الخليج العربي. كل المحطات الخليجية، وتحديداً تلك التابعة للمملكة العربية السعودية، تنتظر القرار النهائي لتوقف الحرب في اليمن كي تتنفس الصعداء وتعود إلى سابق عهدها. الخوف أصبح يسيطر مثلاً على كل موظفي محطة "أم بي سي"، إن في مكتب لبنان أو في المقرّ الرئيسي للمحطة في دبي، خصوصاً بعد القرار المفاجئ لتسريح 28 موظفًا من مكتب محطة "العربية" في بيروت، وهي المحطة الشقيقة لـ"أم بي سي". وفق المصادر، فإن وضع "أم بي سي" اليوم يعتبر مستقراً جداً، لا قرارات بشأن الاستغناء عن موظفين، أجواء مريحة وفق المصدر، لا بل فوجئ الموظفون في محطة "أم بي سي" بزيادة على الرواتب ومكافأة "bonus" نهاية الشهر الماضي. ويعزو المصدر سبب تسريح موظفي العربية من مكتب بيروت إلى تجاذب حول ملكية القناة الإخبارية السعودية بعدما تحولت ملكيتها إلى مساهمات خاصة في الفترة الأخيرة، ما قد يفتح الباب على إعادة تموضع استراتيجي سيقرره الشركاء الجدد في المحطة، وبإمكان هؤلاء إعادة فتح مكتب تمثيلي يعتمد على مراسلين غير موظفين freelance، هذا ربما يفتح الباب أمام أسئلة جديدة حول إعادة ترتيب البيت الداخلي للمحطات قبل "أجندة" البرامج التائهة.
في "أم بي سي" العديد من البرامج المطروحة للمواسم المقبلة، لكن الواضح أن المحطة تائهة في برمجة وتنفيذ هذا النوع من البرامج. لم يثبت أبداً أن المحطة السعودية قررت نقل برنامج "أرب آيدول" إلى الأردن، وفق معلومات خاصة، لا قرار بعرض موسم رابع من البرنامج، الأسباب غير معروفة، وحتى أعضاء لجنة التحكيم لا يعرفون أي تفاصيل حول موعد الموسم المقبل من أرب آيدول، ولا قرار حاسما بإخبارهم بالانتقال خارج بيروت.
وكذلك الأمر بالنسبة لبرنامج project run way الذي يُعنى بأمور الموضة والأزياء، وستبدأ قريبًا عرض إعلاناته التسويقية من خلال المحطة، وبعدما كان مقرراً عرضه نهاية العام الحالي بات في حكم المؤكد تقريب الموعد إلى الخريف المقبل، أي بعد انتهاء مرحلة الصيف، تحاول "أم بي سي" مرة جديدة الابتعاد عن برامج المواهب، والاستعانة بنجم تصميم الأزياء، المصمم إيلي صعب، عبر مشاركته التي تأكدت ضمن لجنة تحكيم البرنامج، ما يكسب المحطة بعداً جديداً في هذا العالم المخصص لهواة هذا النوع من الأزياء مع الأهداف الكامنة من وراء ذلك، لجهة الدعاية والتسويق الخاصة بدور الأزياء وعالم التصاميم العالمية.
رمضان يسابق الزمن
يسابق شهر رمضان كل الإنتاجات التي تعتزم المحطات تقديمها، أو التي لم تقرر بعد مواقيت عرضها، لكن السلة الرمضانية تفتح شهية مسؤولي المحطات للمغامرة، على اعتبار أن الميزانية الكبيرة تساهم في الترويج والإعلانات والعائدات، لكن هذا العام يبدو أن الاتجاه سيكون مجددا إلى أنواع محددة من الأعمال الدرامية، فشهية المحطات مفتوحة على الدراما السورية، في وقت تحارب فيه الدراما المصرية لبلوغ هدفها، وذلك مع تراجع الإنتاجات المصرية في الفترة الأخيرة، وكذلك انتصار مسلسلات البيئة الشامية وما سُمي بالدراما المشتركة التي أسهم فيها السوريون بشكل كبير على غيره من البلدان المحصورة بجنسية واحدة. وكذلك أسهم انفتاح رجال الأعمال للدخول في هذه الدائرة من الإنتاجات على تسويقها بشكل كبير وتحقيق أرباح خيالية.. من هنا يقاسم الشهر الفضيل الإنتاجات أو ميزانيات باقي أشهر السنة من دون اعتراض من قبل مسؤولي المحطة على كل الاقتراحات الخاصة بعروض الشهر الكريم.