لا يغيب ملحم زين عن الساحة الفنية، إذ يظل باحثاً عن المكان والزمان المناسبين، ومتأنياً في مواعيد ظهوره. يحاول القفز إلى الأمام في رحلة غنائية مشوبة بالمخاطر، في ظل الوضع الاستهلاكي الذي يعانيه عالم الغناء العربي، إضافة إلى الظروف الأمنية والسياسية الحرجة.
قبل أسبوع، حضر ملحم زين حفل تكريم موسيقار لبنان وديع الصافي، في الذكرى الأولى لغيابه. الدعوة وجّهت إليه من السيدة نايلة عبد الخالق، صديقة وديع الصافي، التي أرادت أن ترسل من مكان إقامتها في باريس رسائل حب للفنان الراحل، ولم تجد إلا ملحم زين وقلة قليلة من الفنانين لدعوتهم لإحياء الذكرى وتوجيه التحية لـ"أبو كلثوم العرب".
صورة ملحم في باريس لم تختلف أمام وسائل الإعلام. كان طبيعياً جداً. لقاء خاطف مع قناة العربية في شوارع العاصمة الفرنسية مع الصحافي ليث برازي، كان كفيلاً ليتعرف متابعو القناة السياسية على فنان شاب حقق بصوته فقط شعبية عالية، ولو أنه ينأى بنفسه عن "التقوقع" داخل شرنقة النجوم التي يجدها زين مزيفة، أو مختلفة عن طبيعته ونشأته الأقرب إلى الناس.
ملحم، في حفل تكريم وديع الصافي الأخير في باريس، إلى جانب جاهدة وهبي، أنشد أغنيات الصافي التي تأثر بها، لكنها في المقابل لم تسجنه في إطار مدرسة الصافي. على العكس، استطاع ابن مدينة بعلبك أن يتفوّق قبل امتحان وديع الصافي في برنامج "سوبر ستار"، وأن يكسر مقولة التزام الفنان بصوت معيّن، فهو كان قد بدّل جلده عندما تبارى في برنامج سبق "سوبر ستار" بالغناء لمطرب الجيل محمد عبد الوهاب، وفاز يومها بكأس محمد عبد الوهاب في برنامج المخرج سيمون أسمر "كأس النجوم"، وذلك ما منحه مناعة عالية في الخروج من عباءات العمالقة، الذين أتقن زين حرفية وتقنية الغناء لديهم واستطاع أن يحجز مكانته في عالم حفل بأصوات متفاوتة، بعد مرحلة ملحم زين وربما قبلها بقليل.
نأى ملحم زين بنفسه في خضمّ المعركة، وكالسلحفاة سار بخطوات ثابتة قوّت حضوره، ومنها انطلق إلى العالم العربي، وقد تحدث عن هذه المسيرة في لقاء أجري معه في باريس أخيراً لصالح محطة "فرانس 24"، ودون شك هذا ما جعله يُدعى قبل أيام للمشاركة في حفلات "دار الاوبرا" المصرية، كنوع من الاعتراف بحسن الأداء والقيمة، ومن تمكّنه لإعادة إنشاد أغنيات الفنان الكبير محمد عبد الوهاب ووديع الصافي لمدة أربعين دقيقة على مسرح الأوبرا في القاهرة. هي ليست المرة الأولى التي يحضر ملحم زين فيها إلى القاهرة ويتفوّق منافساً كبار نجومها. الصوت "الجبلي"، في المصطلح اللبناني، يتفوّق أحياناً فيخلع عباءة الغناء اللبنانية إلى كل الألوان الأخرى. هكذا فرض ملحم زين نفسه وصوته في القاهرة، كما في بيروت. أمامه، مع بداية العام الجديد، بحسب معلومات خاصة، جولة أوروبية تستغرق نحو شهر بدءاً من ستوكهولم، ثم إلى أستراليا منتصف 2015، خصوصاً أن التفاعل العربي في الدول الأجنبية أصبح محطة ينتظرها النجم العربي، ليدرك مدى وصول فنّه وصوته إلى هذا العالم الذي لم يعد بعيداً، وكذلك إلى هؤلاء المتابعين الذين مهّد التواصل التقني والاجتماعي والميديا البديلة أمامهم الطريق للتواصل مع نجمهم، والتفاعل معه، لحظة إحياء الحفل في بلدانهم.
في جديد ملحم زين، تحضيرات على نار هادئة لألبوم يتوقع صدوره قريباً، لكن لا تاريخ محدد لذلك. ووفق المعلومات الخاصة بـ"العربي الجديد"، فإن حالة من الانتظار يعيشها ملحم زين لمعرفة ما ستؤول إليه الأوضاع مع الشركة المنتجة لأعماله، "روتانا". وفي التفاصيل، أن لملحم زين في ذمة الشركة السعودية عمل غنائي لم يصدر بعد، إضافة إلى مستحقات مالية عالقة منذ ما يقارب العامين، وذلك دون توضيحات من قبل مسؤولي الشركة الذين ارتبط معهم ملحم زين بصداقة أكثر منها علاقة عمل، لكن الأمور وصلت اليوم إلى نقطة لم يعد بإمكان زين تحمّلها، وهذا ما يجعله يفكر بترك الشركة، خصوصاً أن الشركة بداية العام المقبل ستذهب باتجاه تقليل الانتاجات الغنائية، وفق خطة تعدّها من جديد، وتقضي بإصدار "ميني ألبوم" لأي فنان ينتسب إليها. وبحسب المعلومات، فإن روتانا ستنتهج خطاً جديداً مفاده أن السوق لم تعد تتحمّل أكثر، خصوصاً في ظل قرصنة الأعمال الغنائية، تحديداً الالبومات الكاملة، التي تسبّب خسارة فادحة للشركة، وللمنتج في آن واحد، ويعتبر الــ"ميني ألبوم" أقل خطراً في حال سرقته من ألبوم كامل، كما أصبح واضحاً أن اللجوء إلى شركات الدعاية والإعلانات التجارية بات أمراً حتمياً لناحية كلفة الكليبات الباهظة، التي أصبحت في الفترة الأخيرة موقّعة من قبل شركات دعائية، ما حوّل الكليب إلى إعلان في أغنية لا أكثر.
أمّا تعاون ملحم زين الجديد فهو حتى اليوم على أغنيتين، الأولى من كلمات وألحان فارس إسكندر وتوزيع عمر صباغ، أمّا الثانية فهي من ألحان وسام الأمير وتوزيع روجيه خوري. الأغنيتان سُجلتا في بيروت، ويعمل زين على شراء مزيد من الأغنيات، أو الاستماع إلى أعمال جديدة، ليضمها إلى جديده الذي يرجّح، حسب زين، أن يصدر قبل جولته المرتقبة إلى أستراليا في يونيو/ حزيران 2015، فيما تصدر خلال أيام أغنية "وجع الروح" بعدما سُجلت لصالح مسلسل يحمل الاسم نفسه، ويعرض على محطة "أو تي في" اللبنانية، من بطولة زينة مكي وعمار شلق وجهاد الأطرش، كتابة طارق سويد وإخراج دافيد أوريان.
هكذا أقنعت المحطة اللبنانية المغني الشاب بشارة مسلسل وأغنية تناقلها روّاد مواقع التواصل، قبل بدء عرض المسلسل، وكتب بعضهم: "جديد الفنان ملحم زين"، وهي دلّت على مدى تعلّق جمهوره بجديده الغنائي، لا بل انتظاره وتسويقه.
يُذكر أخيراً أنّ الفنان ملحم زين سيشارك، في ليلة رأس السنة، نانسي عجرم في حفل كبير يقام في فندق دبي انتركونتيننتال، كي ينضم هو أيضاً إلى نجوم لبنان الذين فضّلوا دبي هذا العام، ومنهم وائل كفوري وهيفا وأليسا، إذ سيكونون في دبي معاً لاستقبال العام الجديد.