عساف أعاد فن عمه للواجهة وأكمل مسيرة الدعم لقضيته الفلسطينية، ورسم لوحةً رد بها على قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، القاضي بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، من خلال رسمةٍ للمدينة المحتلة تلمع بها قبة الصخرة بلونها الذهبي، وعلى ضفتها حمامة بيضاء ترمز للسلام الذي ضاع مع "إقرار الحق لمن لا يملكه".
تلك اللوحة و25 أخرى عُلقت في معرض "أزهار الشهداء" الذي افتتحه مركز رواسي فلسطين للثقافة والفنون، اليوم الأربعاء، بمدينة غزة، شارك برسمها أبناء عوائل الشهداء والجرحى في القطاع المحاصر إسرائيلياً منذ 11 عاماً، موصلين رسائل الانتفاضة والمقاومة بأشكالها وشعارات تجذر الفلسطينيين بالأرض التي يحاول الاحتلال ومعه أميركا سلبها منهم.
يوضح عساف لـ"العربي الجديد" أنه أخذ أدوات عمه الفنية ليُكمل رسمه عن القضية الفلسطينية على مدار الـ10 سنوات الماضية، وآخرها تلك اللوحة التي رد بها على قرار ترامب، ليُرسل رفضه من خلال الفن الذي اعتبره مقاومة متعددة الأشكال، بجانب هبّات الفلسطينيين في وجه طمس التاريخ المقدس للفلسطينيين وحقهم بالقدس.
جهاد عبّاس، ابن الشهيد، وأخ لاثنين آخرين قضوا في قصف إسرائيلي متفرق لبلدة بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، ما بين عامي 2007 و2009، شارك بصورة "الوجع لأم فلسطينية متجعدة الوجه، تُغلق فمها بيدها كصمت حاضر على ألم الفُراق الذي يُسكت القلب حرقاً على محتل يسرق الأرواح من البيوت".
يقول عباس لـ"العربي الجديد": "حالة الحُزن التي تُلازم الفلسطينيين منذ النكبة عام 1948، جعّدت وجوههم وزادت قلوبهم كآبة على ضياع أراضيهم وسلب أرواح المُقربين منهم بفعل آلة الحرب الإسرائيلية التي لا تزالت تُطارد الكل، من أجل طمس كل معالم وجودهم وتجذرهم في الأرض".
أمّا مفتاح العودة للأراضي المحتلة عام 1948، فعبرت عنه الفلسطينية هبة الله شباكي، وكأنه لحنٌ تعزفه امرأة لذلك البيت العتيق الذي تربى به أجدادها، وتوضح لـ"العربي الجديد"، أن "المرأة الفلسطينية لطالما رمزت للنضال في وجه الاحتلال بصبرها، فهي أم الشهداء والجرحى والأسرى".
ولم تنس سمر صالح غصن الزيتون، الذي لا يزال الاحتلال الإسرائيلي يقتلعه من الأراضي الفلسطينية، وعبرت عنه بلوحتها التي أوضحتها برسمة لرجل كبير السن موشح بالكوفية الفلسطينية يعتني بتلك الأشجار في أرضه، وفوقه جنود الاحتلال يصوبون فوهة بنادقهم تجاهه، في محاولة منهم لإخراجه منها قسراً.
وما زالت القدس عاصمة للدولة الفلسطينية بنظر فناني غزة، إذ رسم أحمد زروق، صورة لفلسطينية تنظر بعينيها العسليتين للمدينة المحتلة، بينما يهاجمها كفٌ أميركي يُخرس فمها عن قُدسها، كما صرخت أمٌ نجدةً للقدس، في لوحة أخرى رسمتها الشابة أسماء أحمد، تعبيراً عن الغضب الذي يسكن القلوب باعتبار القدس عاصمة لمن لا أساس لهم، بنظر ترامب.
إلى ذلك، بيّن مدير مركز رواسي فلسطين للثقافة والفنون، فايز الحسني، أن المعرض "ضم لوحات من رسم أبناء عوائل الشهداء في غزة، ضمن برنامج تنمية وتطوير قدراتهم، لخلق صورة من النضال الفلسطيني المُستمر بالفن، ولإيصال فكرة أن الشعب لا يزال متجذراً بأرضه التي لن يتخلى عنها مهما طالت التحديات".
وقال الحسني في كلمته بالمعرض: "إن القرارات الأميركية التي تحاول سرقة القدس واعتبارها عاصمة لدولة الاحتلال لن تُغير من حقيقة التاريخ شيئاً، ولن تُسكت الفلسطينيين عن محاربتها بشتى الوسائل المتاحة، حيث ستبقى القدس عاصمة لدولة فلسطين الأبدية".