"على تلةٍ في إيطاليا، جمعنا شباناً وشاباتٍ من كل أنحاء العالم لينقلوا لكم هذه الرسالة". تظهر الكلمات السابقة في إعلان "التلّة" الشهير لكوكا كولا الذي صدر عام 1971 وحملت أغنيته رسائل يوتوبية كـ "شراء منزل للعالم وفرشه بالحب" أو "تعليم العالم كيف يغني بكل تناغم".
لا شك في أن الإعلان المصوّر حينها كان ضربة ناجحة للشركة، التي استطاعت امتصاص راديكالية الستينيات وإعادة إنتاجها لتخدمها عبر مجموعة من الهيبيز، متعددي الأعراق والإثنيات المتحدين خلف هدفٍ سامٍ. أما اليوم، فإن العودة إلى هذا الفيديو، والاتجاه الذي يمثله، لا تتعدى إثارة الضحك والخيبة على منعطفٍ آخر من المنعطفات التي سلكناها حتى وصلنا إلى يومنا هذا، حيث لا يبدو أن الكثير قد تغير.
فبعد أن باتت قضية مقتل الأميركي من أصل أفريقي، جورج فلويد، على يد الشرطة، شأناً عالمياً، رغم تزامنها مع جائحة فيروس كورونا المستجد، وجدت كثير من الجهات نفسها أمام إلزامٍ بالتحرك الفوري لإدانة ما حصل، ليبدو الناتج النهائي - إذا ما تخيلناه على شاشة هاتف كبيرٍ - سلسلة طويلة من المواقف الشجاعة والمشرّفة التي ما عليك سوى تحريك إصبعك للمرور عليها.
تتفاوت المواقف في حد "الشجاعة" الذي تصله. فبينما يكتفي بعضها بالـ"اكتفاء من العنصرية"، من دون أي إشارة أبعد، يذهب البعض الآخر إلى الدعم العلني لحركة "Black Lives Matter" عبر الهاشتاغ أو التبرع المادي. وعلينا أن نشير إلى أن الشكل الأخير الجريء ليس وليد رد فعلٍ على إحساس مفاجئ بالظلم، بل الناتج لدراسة مطولة عن جمهورٍ مستهدف يتقبل ويدعم هذه الإشارة، وبعض المنظمات التي تراقب نشاط المؤسسات والجهات المختلفة وتدينها حين تصمت. إلا أن المشترك بين كل الدعوات، خجولةً كانت أم جريئة، ومباشرةً كانت أم خفية، اشتراكها بالدعوة الكبيرة للتصرف، لوضع حدٍ معين. وقد يسأل أحدنا ما: الضرر في كل ذلك؟
فلنعد، بحثاً عن إجابة لهذا السؤال، إلى السبب المباشر للاحتجاجات الأخيرة، ونقصد بذلك المشهد العنيف لمقتل فلويد على يد أربعة رجال شرطة. لا شك في أن المشهد بقسوته، والطريقة التي قتل فيها فلويد بدم بارد، رغم احتجاج المحيطين به، وإصرار قاتله ديريك شوفين على خنقه بطريقة وحشية، يثيران الحنق والشعور بأن ثمة ظلماً يجب الوقوف ضده، وذلك إذا ما استثنينا الحوادث الأخيرة، كمقتل أحمد أربيري وبريونا تايلر. ولنركز على الفيديو؛ نحن نجد أنفسنا أمام تصوير مباشر وواضح للعنف غير المبرر. ولكي يتوقف هذا العنف يجب محاسبة مرتكبيه الأربعة وكل من يقوم بأفعالٍ شبيهة. والواقع فإن غالبية التغطية الإعلامية الداعمة للاحتجاجات أو المناوئة لها كانت منصرفة بشكل كامل لهذه الأشكال الشبيهة والمباشرة.
عند هذا المستوى الأولي لقراءة ما يحدث، يمكن لشركةٍ مثل أمازون أن تشجب وتدين، وأن يقوم رئيسها التنفيذي، جيف بيزوس، بعملٍ بطولي كمواجهة مستخدم عنصري. لكن المطالب الفعلية - وإن كانت الشرارة متعلقة بمقتل فلويد - لا تنحصر عند التعامل المباشر مع رجال الشرطة، بل تمتد إلى جوانب أكبر كإصلاح النظام القضائي والعدالة الاجتماعية والاقتصادية بشكلٍ أساسي، وهو مستوىً آخر من العنف يعمل بشكلٍ أقل وضوحاً ولا يمكن للكاميرا أن توثقه بمقطع محدد، ولا للشركات الكبرى أن تقف بصفه بطبيعة الحال، لأنها متواطئة بممارسته ومستفيدة من بقائه.
ولنبقى عند أمازون. ما هي القيمة الفعلية للإدانة التي تقدمها الشركة للـ"عنصرية" كما تراها، ولأي "لفتة" تشارك بها حين تكون الشركة ذاتها مسؤولة عن ممارسة العنف؟ يزخر تاريخ الشركة بالممارسات العنيفة، سواء تلك التي تجرّد عبرها موظفيها من إنسانيتهم عبر ممارسات تتراوح بين دفع الموظفين للتبول في عبوات بلاستيكية توفيراً للوقت، أو ظروف العمل غير الآمنة بشكل عام، وكما تكشف خلال أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد والأجور الزهيدة، والأهم الضغط عليهم لمنع تنظيم صفوفهم والمطالبة بتحسين حيواتهم، كما ظهر ذلك في محاولة الشركة للضغط على موظف أسود حاول تنظيم صفوف العمال مؤخراً.
ورغم أن الشركة أوقفت تقديم خدمة التعرف إلى الوجوه للشرطة الأميركية على إثر الاحتجاجات، إلا أنها لم تفعل ذلك بشكل نهائي وعلّقت الخدمة لمدة عامٍ واحد (إلى أن تعود الأمور إلى نصابها الطبيعي ربما)، مع الإبقاء على استضافتها لشركة Palantir التي تقدم خدمات مثيرة للجدل لوكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، ولا يمكن بأي حال الحديث عن العنصرية من دون المرور بها. وكما هو الحال بالنسبة للتعامل مع الموظفين، فإن العلاقة المشبوهة مع السلطات ليست شأناً تتهم به أمازون وحدها، إذ قامت كل من IBM وMicrosoft بخطوات شبيهة مؤخراً للتوقف عن بيع بياناتها للشرطة تحت تأثير الضغط.
أما اقتصادياً وإدارياً، فإن الشركة التي لم تدفع خلال عام 2018 أي ضرائب رغم العائدات الخيالية التي تجنيها، تلجأ إلى مستوى عنيف آخر، يساهم بدوره في تعزيز اللامساواة وتصدير هذا النمط القاسي من العلاقات إلى خارج الشركة، التي يشكل موظفو الخط الأول فيها من ذوي البشرة الملونة 60% من التعداد الكلي، بينما يشكل البيض من المديرين فيها 60% أخرى، فضلاً عن الضغط غير المباشر للحفاظ على بنية تشريعية تسمح لكل هذا بالازدهار، وهو ما يقف وجهاً لوجه مع المطالب بإعادة تنظيم هذه البيئة.
وإذا كانت كل الإحصائيات تشير إلى أن التهميش الاقتصادي للأميركيين من أصل أفريقي أمر حقيقي، فإن أمازون لا شك شريكة به، وبذلك تصبح متواطئة في الجريمة التي تدينها اليوم مهما حاولت إظهار النقيض.
لا لشيء سوى التداخل التاريخي بين مفهومي العنصرية والطبقية في دولة كالولايات المتحدة الأميركية، التي يحدث أن قطاع "السجن الربحي" فيها "يستضيف" 8.5 من مساجينها، ويشكل عمل مساجينها منخفض الأجر قطاعاً شديد الريع.
وإزاء عنفٍ ممنهج وقانوني وهادئ كهذا، يبدو التوقف عند نقاش تُهم نهب الأعمال الصغيرة أقل أهمية أكثر وأكثر، وتظهر تفاهة محاولات التعامل مع العنف المرئي والدموي كظاهرة منعزلة وفردية متعلقة ببعض ثمار التفاح الفاسدة - كما قال جورج بوش واصفاً المسؤولين عن انتهاكات أبو غريب.
هل صار الأمر ممتعاً أكثر من اللازم؟
ربما يثبت "قطاع" النزول إلى الشارع أنه الأقل تضرراً من التوجه المؤتمت واللامادي اليوم، إذ لا يزال وسيلة مفضلة لإبداء الامتعاض، كما تثبت الأحداث الأخيرة. ومع ذلك، فهو ليس الخيار الوحيد، إذ تعمل وسائل التواصل الاجتماعي اليوم معه ضمن وظائف عدة، كالتغطية والتوثيق والترتيب، والمنافسة حتى. وفي شأن الوظيفة الأخيرة، نتوقف عند ظاهرة المربعات السوداء، التي شاركها المستخدمون والمشاهير على حدٍ سواء.
تتسم هذه المحاولات جميعها بكونها "مبتكرة أو مؤثرة أو رمزية أو مُمِكّنة"، وبينما لا ينكر أحد أنها تضفي على أي ظاهرة بعداً عالمياً بسبب سهولة انتشارها وشعور أصحاب الشأن بأن ثمة من يدعمهم حول العالم، إلا أنها وفقاً لنسبة "المعلومات إلى الأفعال"، كما صاغها الباحث الأميركي نيل بوستمان، تثير بعض الشكوك حول جدواها.
وإذا ما عدنا إلى بوستمان نفسه، فهو يعترف بأن الغلبة ستكون دائماً للمعرفة على حساب الفعل، إلا أن الكفة لم ترجح أبداً صوب المعلومة كما هي اليوم، إذ بتنا اليوم نعرف الكثير من المعلومات المجتزأة التي تفتقد إلى سياق يجمعها ولا نستطيع فعل شيء حقيقي حيالها. وعلى النقيض، يقول البعض إننا حين نشارك هذه الصور نحدث ضرراً، عندما نشّوش على معلومات مهمة، تتعلق بما يجري على الأرض، وتندرج تحت وظيفة الإخبار وتحمل الهاشتاغ نفسه.
اقــرأ أيضاً
فبعد أن باتت قضية مقتل الأميركي من أصل أفريقي، جورج فلويد، على يد الشرطة، شأناً عالمياً، رغم تزامنها مع جائحة فيروس كورونا المستجد، وجدت كثير من الجهات نفسها أمام إلزامٍ بالتحرك الفوري لإدانة ما حصل، ليبدو الناتج النهائي - إذا ما تخيلناه على شاشة هاتف كبيرٍ - سلسلة طويلة من المواقف الشجاعة والمشرّفة التي ما عليك سوى تحريك إصبعك للمرور عليها.
تتفاوت المواقف في حد "الشجاعة" الذي تصله. فبينما يكتفي بعضها بالـ"اكتفاء من العنصرية"، من دون أي إشارة أبعد، يذهب البعض الآخر إلى الدعم العلني لحركة "Black Lives Matter" عبر الهاشتاغ أو التبرع المادي. وعلينا أن نشير إلى أن الشكل الأخير الجريء ليس وليد رد فعلٍ على إحساس مفاجئ بالظلم، بل الناتج لدراسة مطولة عن جمهورٍ مستهدف يتقبل ويدعم هذه الإشارة، وبعض المنظمات التي تراقب نشاط المؤسسات والجهات المختلفة وتدينها حين تصمت. إلا أن المشترك بين كل الدعوات، خجولةً كانت أم جريئة، ومباشرةً كانت أم خفية، اشتراكها بالدعوة الكبيرة للتصرف، لوضع حدٍ معين. وقد يسأل أحدنا ما: الضرر في كل ذلك؟
فلنعد، بحثاً عن إجابة لهذا السؤال، إلى السبب المباشر للاحتجاجات الأخيرة، ونقصد بذلك المشهد العنيف لمقتل فلويد على يد أربعة رجال شرطة. لا شك في أن المشهد بقسوته، والطريقة التي قتل فيها فلويد بدم بارد، رغم احتجاج المحيطين به، وإصرار قاتله ديريك شوفين على خنقه بطريقة وحشية، يثيران الحنق والشعور بأن ثمة ظلماً يجب الوقوف ضده، وذلك إذا ما استثنينا الحوادث الأخيرة، كمقتل أحمد أربيري وبريونا تايلر. ولنركز على الفيديو؛ نحن نجد أنفسنا أمام تصوير مباشر وواضح للعنف غير المبرر. ولكي يتوقف هذا العنف يجب محاسبة مرتكبيه الأربعة وكل من يقوم بأفعالٍ شبيهة. والواقع فإن غالبية التغطية الإعلامية الداعمة للاحتجاجات أو المناوئة لها كانت منصرفة بشكل كامل لهذه الأشكال الشبيهة والمباشرة.
عند هذا المستوى الأولي لقراءة ما يحدث، يمكن لشركةٍ مثل أمازون أن تشجب وتدين، وأن يقوم رئيسها التنفيذي، جيف بيزوس، بعملٍ بطولي كمواجهة مستخدم عنصري. لكن المطالب الفعلية - وإن كانت الشرارة متعلقة بمقتل فلويد - لا تنحصر عند التعامل المباشر مع رجال الشرطة، بل تمتد إلى جوانب أكبر كإصلاح النظام القضائي والعدالة الاجتماعية والاقتصادية بشكلٍ أساسي، وهو مستوىً آخر من العنف يعمل بشكلٍ أقل وضوحاً ولا يمكن للكاميرا أن توثقه بمقطع محدد، ولا للشركات الكبرى أن تقف بصفه بطبيعة الحال، لأنها متواطئة بممارسته ومستفيدة من بقائه.
ولنبقى عند أمازون. ما هي القيمة الفعلية للإدانة التي تقدمها الشركة للـ"عنصرية" كما تراها، ولأي "لفتة" تشارك بها حين تكون الشركة ذاتها مسؤولة عن ممارسة العنف؟ يزخر تاريخ الشركة بالممارسات العنيفة، سواء تلك التي تجرّد عبرها موظفيها من إنسانيتهم عبر ممارسات تتراوح بين دفع الموظفين للتبول في عبوات بلاستيكية توفيراً للوقت، أو ظروف العمل غير الآمنة بشكل عام، وكما تكشف خلال أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد والأجور الزهيدة، والأهم الضغط عليهم لمنع تنظيم صفوفهم والمطالبة بتحسين حيواتهم، كما ظهر ذلك في محاولة الشركة للضغط على موظف أسود حاول تنظيم صفوف العمال مؤخراً.
ورغم أن الشركة أوقفت تقديم خدمة التعرف إلى الوجوه للشرطة الأميركية على إثر الاحتجاجات، إلا أنها لم تفعل ذلك بشكل نهائي وعلّقت الخدمة لمدة عامٍ واحد (إلى أن تعود الأمور إلى نصابها الطبيعي ربما)، مع الإبقاء على استضافتها لشركة Palantir التي تقدم خدمات مثيرة للجدل لوكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، ولا يمكن بأي حال الحديث عن العنصرية من دون المرور بها. وكما هو الحال بالنسبة للتعامل مع الموظفين، فإن العلاقة المشبوهة مع السلطات ليست شأناً تتهم به أمازون وحدها، إذ قامت كل من IBM وMicrosoft بخطوات شبيهة مؤخراً للتوقف عن بيع بياناتها للشرطة تحت تأثير الضغط.
أما اقتصادياً وإدارياً، فإن الشركة التي لم تدفع خلال عام 2018 أي ضرائب رغم العائدات الخيالية التي تجنيها، تلجأ إلى مستوى عنيف آخر، يساهم بدوره في تعزيز اللامساواة وتصدير هذا النمط القاسي من العلاقات إلى خارج الشركة، التي يشكل موظفو الخط الأول فيها من ذوي البشرة الملونة 60% من التعداد الكلي، بينما يشكل البيض من المديرين فيها 60% أخرى، فضلاً عن الضغط غير المباشر للحفاظ على بنية تشريعية تسمح لكل هذا بالازدهار، وهو ما يقف وجهاً لوجه مع المطالب بإعادة تنظيم هذه البيئة.
وإذا كانت كل الإحصائيات تشير إلى أن التهميش الاقتصادي للأميركيين من أصل أفريقي أمر حقيقي، فإن أمازون لا شك شريكة به، وبذلك تصبح متواطئة في الجريمة التي تدينها اليوم مهما حاولت إظهار النقيض.
لا لشيء سوى التداخل التاريخي بين مفهومي العنصرية والطبقية في دولة كالولايات المتحدة الأميركية، التي يحدث أن قطاع "السجن الربحي" فيها "يستضيف" 8.5 من مساجينها، ويشكل عمل مساجينها منخفض الأجر قطاعاً شديد الريع.
وإزاء عنفٍ ممنهج وقانوني وهادئ كهذا، يبدو التوقف عند نقاش تُهم نهب الأعمال الصغيرة أقل أهمية أكثر وأكثر، وتظهر تفاهة محاولات التعامل مع العنف المرئي والدموي كظاهرة منعزلة وفردية متعلقة ببعض ثمار التفاح الفاسدة - كما قال جورج بوش واصفاً المسؤولين عن انتهاكات أبو غريب.
هل صار الأمر ممتعاً أكثر من اللازم؟
ربما يثبت "قطاع" النزول إلى الشارع أنه الأقل تضرراً من التوجه المؤتمت واللامادي اليوم، إذ لا يزال وسيلة مفضلة لإبداء الامتعاض، كما تثبت الأحداث الأخيرة. ومع ذلك، فهو ليس الخيار الوحيد، إذ تعمل وسائل التواصل الاجتماعي اليوم معه ضمن وظائف عدة، كالتغطية والتوثيق والترتيب، والمنافسة حتى. وفي شأن الوظيفة الأخيرة، نتوقف عند ظاهرة المربعات السوداء، التي شاركها المستخدمون والمشاهير على حدٍ سواء.
تتسم هذه المحاولات جميعها بكونها "مبتكرة أو مؤثرة أو رمزية أو مُمِكّنة"، وبينما لا ينكر أحد أنها تضفي على أي ظاهرة بعداً عالمياً بسبب سهولة انتشارها وشعور أصحاب الشأن بأن ثمة من يدعمهم حول العالم، إلا أنها وفقاً لنسبة "المعلومات إلى الأفعال"، كما صاغها الباحث الأميركي نيل بوستمان، تثير بعض الشكوك حول جدواها.
وإذا ما عدنا إلى بوستمان نفسه، فهو يعترف بأن الغلبة ستكون دائماً للمعرفة على حساب الفعل، إلا أن الكفة لم ترجح أبداً صوب المعلومة كما هي اليوم، إذ بتنا اليوم نعرف الكثير من المعلومات المجتزأة التي تفتقد إلى سياق يجمعها ولا نستطيع فعل شيء حقيقي حيالها. وعلى النقيض، يقول البعض إننا حين نشارك هذه الصور نحدث ضرراً، عندما نشّوش على معلومات مهمة، تتعلق بما يجري على الأرض، وتندرج تحت وظيفة الإخبار وتحمل الهاشتاغ نفسه.
وفي الحقيقة، يبدو الشك في جدوى هذه "النوايا الطيبة" الناتج الطبيعي لتأمل هذا الطقس الصحي من الزوايا السابقة. ومع ذلك فإننا، عندما ننظر بهذه العين إلى صحوة الشركات الكبيرة والمشاهير اليوم (وسنستثني منهم تانيا صالح لأن قضيتها مختلفة بعض الشيء)، يجب أن نشوب شكّنا بالتعاطف والتفهم الشديدين للضغط الذي يواجهه هؤلاء (نقصد موظفي أقسام التواصل عندهم بالطبع)، ليدّعوا وقوفهم على الجانب الصحيح من التاريخ عند كل حادثة وفي كل يوم من الأيام المخصصة لشريحة مضطهدة، وعلينا إظهار التسامح حين يفشلون في ذلك حتى - كما جرى مع كيندال جينر، حين صنعت السلام بين رجال الشرطة ومحتجي Black Lives Matter عبر عبوات البيبسي - لأن العالم خارج هذه الأقسام يتأثر بالكاد كل مرة.