مي سكاف، كبعض فناني وفنانات سورية، انحازت بوضوحٍ تام لثورة مارس/آذار منذ بدايتها، وهو انحيازٌ دفعت لاحقاً ثمناً باهظاً لهُ. فهي أولاً، ابنة الوسط الفني في سورية، الذي وُجِدَ فيه موالون للثورة، وأيضاً "محايدون" في المواقف المُعلنة، لكنه أيضاً مليءٌ بمن مثلوا لسنواتٍ أدواراً تتحدث عن استشراء الفساد في كل مؤسسات الدولة السورية، وتفشي الحالة المافياوية في الاقتصاد الوطني، وغير ذلك.
كل هذا قبل أن يتضح أنهم مجرد ممثلين فعلاً، إذ انحازوا حينما حانت الثورة لمضادتها تماماً، وأوكِلَ لهم، أن يجيشوا الشارع ضد الفنانين والفنانات ممن اختار الثورة طريقاً، واصفين إياهم بـ"الخونة"، كون هؤلاء "الخونة" قرروا أن يثوروا من أجل سورية، ضد الأسد.
وهي ثانياً، مسيحيةٌ، في بلدٍ يحكمه نظامٌ، يروج ليل نهار، بأنه حامي الأقليات، لتخرُجَ من هذه الأقليات، شخصياتٌ كثيرةٌ، مثل سكاف، عَرَّت الرواية المزعومة، مُعلنة أن الثورة وطنيةٌ ضد دكتاتورية الطاغية الذي لن يقبل أي صوتٍ مضادٍ له، مهما كانت خلفية هذا الصوت العرقية أو الدينية أو الطائفية أو الايديولوجية.
وهي ثالثاً، وبغض النظر عن خلفيتها، بالغةُ الوضوحِ في طرحها المُتمرد، ومواقفها غير حمالة الأوجه. صرحت مراراً وتكراراً، بأنها تؤيد الثورة التي تنادي بالتغيير، وتنشد الحرية المُكمّمة، والكرامة المسلوبة، وبأنها تأمل أن ترى سورية، حرةً كريمة، يتساوى الجميع فيها بالحقوق والواجبات، وبحكم القانون، لا بمزاجية القائد الذي يحكم الناس، من خلال درجة ولائهم له.
"مي سكاف يا صوت الحق.. سكتوها قالت لاء. عِزة سورية بشعبها.. مو بعصابة الأسدية"، تعالى هذا الهتاف، مساء الثامن عشر من تموز/يوليو 2011، عندما تجمع آلافُ المتظاهرين، في ساحة العاصي، وسط مدينة حماه، يهتفون ضد نظام الأسد، موجهين تحيةً للفنانة مي سكاف، لكونها من أوائل الفنانين الذين صدحوا بموقفٍ واضح مؤيد للثورة منذ بدايتها، ما عرضها للاعتقال.
"أنا ابنة شارع.. ويلعن أبوهم.. هكذا وصّفت مي علاقتها مع الثورة من جهة، والنظام من جهة أخرى، وذلك خلال زيارتنا منزلها في دمشق في أغسطس/آب عام 2011" كتب هذا الصحافي السوري إياد شربجي، على صفحته في "فيسبوك" يوم وفاة مي سكاف، مُرفقاً مع المنشور، شريطاً مصوراً، تتحدث به مي عن علاقتها بالثورة.
ولكونها "ابنة شارع"، وشاركت في المظاهرات بشوارع العاصمة السورية، بداية من الاعتصام أمام مبنى القصر العدلي بدمشق، ثم مظاهرة المثقفين في حي الميدان بدمشق، فقد حظيت بشعبيةٍ واسعة في هذا الشارع، المؤيد للثورة، وبعداوةٍ استثنائيةٍ من الطرف الآخر.
اعتقلت ثم أفرج عنها، ثم اعتقلت، ثم اضطرت لاحقاً لمغادرة سورية، نحو الأردن، ومنها إلى منفاها الأخير في العاصمة الفرنسية. ومنذ خروجها من سورية، اشتهرت بتمسكها بنفس المبادئ التي ثارت لأجلها، وظهرت مراراً، على شاشات الفضائيات المُختلفة، تُعيد التأكيد دائماً: "من الآخر أستاذ حسن.. هذه ثورتي حتى أموت.. وسأظل أدافع عن سورية العظيمة وليس سورية بشار الأسد"، كان هذا خلال لقاءٍ تلفزيوني لها، مع الإعلامي حسن معوض، وكررت هذا الكلام لاحقاً في مناسباتٍ كثيرة.
على شاشة "التلفزيون العربي"، أطلت في الذكرى السنوية الخامسة للثورة، تُجدد مرة إضافية، أنها اختارت طريق الثورة "ثورة كرامة، وثورة لا تضاهيها ثورة حصلت في التاريخ السياسي للثورات الديمقراطية".
وعلى شاشة "الجزيرة" التي ظهرت فيها مراراً منذ بداية الثورة، قالت سنة 2011، إن "هذه البلاد (سورية) لا تحتمل الديكتاتورية أكثر، ولا تحتمل أن يكون رئيس الجمهورية للأبد، ولا تحتمل إلا نظاماً ديمقراطياً، وأحزاباً تضم كل فئات الشعب، دينياً وإثنياً وعقائدياً.. هذا الذي نطالب به". وإذ يصعب حصرُ مشاركات مي الإعلامية، وغيرها من نشاطاتها في الشارع، فإن الثابت أن كل هذا إضافة لكونها تحظى بجماهيرية مُميزة في سورية، جعلها "خائنة" استثنائية بنظر أنصار نظام بشار الأسد.
مُجرد إلقاء نظرة، على صفحاتٍ موالية لنظام الأسد، في الانترنت، يُعطي فكرةً لا لبسَ فيها، عن كراهية مؤيدي النظام غير المحدودة لمي سكاف التي لها صوتٌ مسموعٌ وصل شرقاً وغرباً، فضحت من خلاله، انتهاكات وجرائم النظام في سورية.
حتى أن واحدةً من أهم الصفحات المعروفة بولائها المُطلق للأسد، وعدائها لكل من هو ضده، هي "دمشق الآن" (الرسمية الموثقة)، نشرت استفتاءً لجمهوره، مساء يوم وفاة الفنانة السورية، تسأل فيه جمهورها: "هل مي سكاف برأيك 1- خائنة لوطنها، 2- ليست خائنة"، لتنهال مئات التعليقات على الصفحة، ممن يبدو واضحاً ولاؤهم للأسد، بوصف سكاف بـ"الإرهابية"، "الخائنة للقيادة والقائد"، وبألفاظٍ وعباراتٍ أخرى، يتعذر نشرها.
وفيما حذفت الصفحة لاحقاً، سؤال الاستفتاء، فإن آلاف التعليقاتِ، كتبها موالون للنظام على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي المُختلفة، تؤكد المؤكد سابقاً، بأنه من شبه المستحيل، إقناع هؤلاء، بالتخلي عن نهج الإقصاء والإلغاء الذي يتبناه النظام علناً، إذ إن كل صاحب رأيٍ مُغايرٍ للأسد، هو عند نظامه خائن عميلٌ وإرهابي.
ولعل من أبرز المواقف التي تُدلل على ذلك، حجم الشتائم وكم التخوين الذي تعرضت له الفنانة السورية المعروفة التي تقيم في دمشق، أمل عرفة، لمجرد أنها كتبت منشوراً صغيراً، تترحم فيه على زميلتها مي سكاف.
كل هذا قبل أن يتضح أنهم مجرد ممثلين فعلاً، إذ انحازوا حينما حانت الثورة لمضادتها تماماً، وأوكِلَ لهم، أن يجيشوا الشارع ضد الفنانين والفنانات ممن اختار الثورة طريقاً، واصفين إياهم بـ"الخونة"، كون هؤلاء "الخونة" قرروا أن يثوروا من أجل سورية، ضد الأسد.
وهي ثانياً، مسيحيةٌ، في بلدٍ يحكمه نظامٌ، يروج ليل نهار، بأنه حامي الأقليات، لتخرُجَ من هذه الأقليات، شخصياتٌ كثيرةٌ، مثل سكاف، عَرَّت الرواية المزعومة، مُعلنة أن الثورة وطنيةٌ ضد دكتاتورية الطاغية الذي لن يقبل أي صوتٍ مضادٍ له، مهما كانت خلفية هذا الصوت العرقية أو الدينية أو الطائفية أو الايديولوجية.
وهي ثالثاً، وبغض النظر عن خلفيتها، بالغةُ الوضوحِ في طرحها المُتمرد، ومواقفها غير حمالة الأوجه. صرحت مراراً وتكراراً، بأنها تؤيد الثورة التي تنادي بالتغيير، وتنشد الحرية المُكمّمة، والكرامة المسلوبة، وبأنها تأمل أن ترى سورية، حرةً كريمة، يتساوى الجميع فيها بالحقوق والواجبات، وبحكم القانون، لا بمزاجية القائد الذي يحكم الناس، من خلال درجة ولائهم له.
"مي سكاف يا صوت الحق.. سكتوها قالت لاء. عِزة سورية بشعبها.. مو بعصابة الأسدية"، تعالى هذا الهتاف، مساء الثامن عشر من تموز/يوليو 2011، عندما تجمع آلافُ المتظاهرين، في ساحة العاصي، وسط مدينة حماه، يهتفون ضد نظام الأسد، موجهين تحيةً للفنانة مي سكاف، لكونها من أوائل الفنانين الذين صدحوا بموقفٍ واضح مؤيد للثورة منذ بدايتها، ما عرضها للاعتقال.
"أنا ابنة شارع.. ويلعن أبوهم.. هكذا وصّفت مي علاقتها مع الثورة من جهة، والنظام من جهة أخرى، وذلك خلال زيارتنا منزلها في دمشق في أغسطس/آب عام 2011" كتب هذا الصحافي السوري إياد شربجي، على صفحته في "فيسبوك" يوم وفاة مي سكاف، مُرفقاً مع المنشور، شريطاً مصوراً، تتحدث به مي عن علاقتها بالثورة.
Facebook Post |
ولكونها "ابنة شارع"، وشاركت في المظاهرات بشوارع العاصمة السورية، بداية من الاعتصام أمام مبنى القصر العدلي بدمشق، ثم مظاهرة المثقفين في حي الميدان بدمشق، فقد حظيت بشعبيةٍ واسعة في هذا الشارع، المؤيد للثورة، وبعداوةٍ استثنائيةٍ من الطرف الآخر.
اعتقلت ثم أفرج عنها، ثم اعتقلت، ثم اضطرت لاحقاً لمغادرة سورية، نحو الأردن، ومنها إلى منفاها الأخير في العاصمة الفرنسية. ومنذ خروجها من سورية، اشتهرت بتمسكها بنفس المبادئ التي ثارت لأجلها، وظهرت مراراً، على شاشات الفضائيات المُختلفة، تُعيد التأكيد دائماً: "من الآخر أستاذ حسن.. هذه ثورتي حتى أموت.. وسأظل أدافع عن سورية العظيمة وليس سورية بشار الأسد"، كان هذا خلال لقاءٍ تلفزيوني لها، مع الإعلامي حسن معوض، وكررت هذا الكلام لاحقاً في مناسباتٍ كثيرة.
على شاشة "التلفزيون العربي"، أطلت في الذكرى السنوية الخامسة للثورة، تُجدد مرة إضافية، أنها اختارت طريق الثورة "ثورة كرامة، وثورة لا تضاهيها ثورة حصلت في التاريخ السياسي للثورات الديمقراطية".
Facebook Post |
وعلى شاشة "الجزيرة" التي ظهرت فيها مراراً منذ بداية الثورة، قالت سنة 2011، إن "هذه البلاد (سورية) لا تحتمل الديكتاتورية أكثر، ولا تحتمل أن يكون رئيس الجمهورية للأبد، ولا تحتمل إلا نظاماً ديمقراطياً، وأحزاباً تضم كل فئات الشعب، دينياً وإثنياً وعقائدياً.. هذا الذي نطالب به". وإذ يصعب حصرُ مشاركات مي الإعلامية، وغيرها من نشاطاتها في الشارع، فإن الثابت أن كل هذا إضافة لكونها تحظى بجماهيرية مُميزة في سورية، جعلها "خائنة" استثنائية بنظر أنصار نظام بشار الأسد.
مُجرد إلقاء نظرة، على صفحاتٍ موالية لنظام الأسد، في الانترنت، يُعطي فكرةً لا لبسَ فيها، عن كراهية مؤيدي النظام غير المحدودة لمي سكاف التي لها صوتٌ مسموعٌ وصل شرقاً وغرباً، فضحت من خلاله، انتهاكات وجرائم النظام في سورية.
حتى أن واحدةً من أهم الصفحات المعروفة بولائها المُطلق للأسد، وعدائها لكل من هو ضده، هي "دمشق الآن" (الرسمية الموثقة)، نشرت استفتاءً لجمهوره، مساء يوم وفاة الفنانة السورية، تسأل فيه جمهورها: "هل مي سكاف برأيك 1- خائنة لوطنها، 2- ليست خائنة"، لتنهال مئات التعليقات على الصفحة، ممن يبدو واضحاً ولاؤهم للأسد، بوصف سكاف بـ"الإرهابية"، "الخائنة للقيادة والقائد"، وبألفاظٍ وعباراتٍ أخرى، يتعذر نشرها.
وفيما حذفت الصفحة لاحقاً، سؤال الاستفتاء، فإن آلاف التعليقاتِ، كتبها موالون للنظام على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي المُختلفة، تؤكد المؤكد سابقاً، بأنه من شبه المستحيل، إقناع هؤلاء، بالتخلي عن نهج الإقصاء والإلغاء الذي يتبناه النظام علناً، إذ إن كل صاحب رأيٍ مُغايرٍ للأسد، هو عند نظامه خائن عميلٌ وإرهابي.
ولعل من أبرز المواقف التي تُدلل على ذلك، حجم الشتائم وكم التخوين الذي تعرضت له الفنانة السورية المعروفة التي تقيم في دمشق، أمل عرفة، لمجرد أنها كتبت منشوراً صغيراً، تترحم فيه على زميلتها مي سكاف.
Facebook Post |