يبدو أن مسلسل باب الحارة بات يحتاج إلى أكثر من طبيب نفسي، أو إلى "رقية شرعية" على المسلسل وصناعه لفك "الحسد" عن العمل وحمايته من اللعنة التي تصيبه، فها هي الأقدار تواصل معاندتها، لتفقده مرة بعد أخرى بعضاً من أبطاله، أو تخرّب أماكن تصويره بالرصاص حيناً وبالنار حيناً أخرى.. وها هو نجم من نجوم العمل، الفنان محمد الشماط (بائع الخضروات أبو مرزوق) يرقد في العناية المشددة في دمشق إثر تدهور صحته المفاجئ، وقد أنهى الرجل تصوير عدد من مشاهده في مدينة دمشق القديمة، وبات المرض الآن يحول دون تصويره لمشاهده الخارجية المفترضة في ديكورات الحارة.
حادثة الشماط، تأتي ولم تغب إعلامياً بعد، تداعيات حادث أليم كاد أن يودي بحياة نجم العمل عباس النوري "أبو عصام" بعد أن تحول المشهد الذي يفترض أن يمهد لهربه من سجن أرواد والعودة إلى حارته حادثةً أليمة، حين فشل طاقم العمل في السيطرة على النيران المندلعة في السجن (وفق ما يقتضيه سيناريو الحكاية) بالفعل، ما أدى إلى إصابة النجم النوري بحالة اختناق، وتعرض ثلاثة من عناصر الكومبارس معه إلى حروق وصفت بالبالغة.
حريق موقع تصوير سجن أرواد، سبقه خراب ديكورات باب الحارة في القرية الشامية التي شهدت تصوير أجزاء العمل الخمسة، بعد أن طالته نار الأحداث الدموية التي تشهدها سورية منذ آذار/مارس 2011.
وقبيل حادثة احتراق موقع تصوير سجن أرواد، توقف تصوير مسلسل "باب الحارة" لتشارك أسرته في تشييع واحد من أهم شخصياته، هو الفنان وفيق الزعيم، وكان هذا الأخير قد اعتذر عن المشاركة في الجزأين السادس والسابع من العمل لأسباب صحية، تعذر معها أداء شخصية "أبو حاتم" صاحب المقهى في حارة الضبع، ليحل مكانه الفنان سليم صبري في أداء الشخصية ذاتها.
رحيل وفيق الزعيم أعقبه موت زعيم الحارة أبو صالح "الفنان عبد الرحمن آل رشي" أثناء تصوير المسلسل إلا أن موت الرجلين لم يؤثر على سير تصوير العمل، فالأول اعتذر عن أداء الشخصية، والثاني خرج من بداية الجزء الثاني، وفق ما اقتضت الحكاية، حين قتله الجاسوس اصطيف.
وفيما كانت وسائل الإعلام تتناقل أنباء أواخر العام الفائت عن تحضيرات جدية تُجرى لتصوير جزء سادس وسابع من المسلسل، فجع الوسط الفني برحيل مفاجئ للفنان سليم كلاس (تاجر النحاسيات أبو خاطر) بداية شهر كانون الأول/ديسمبر من العام الفائت 2013.. وقبله بنحو عام، وبالضبط في 25 آب/أغسطس 2012 توفي الفنان صبحي الرفاعي باحتشاء قلبي، وقد أدى الرجل في العمل شخصية أبو مرعي، فيما توفي الفنان حسن دكاك الذي أدى شخصية أبو بشير الفرّان في المسلسل إثر نوبة قلبية في يوليو/تموز 2011، فيما قتل صاحب شخصية إبراهيم في العمل الفنان محمد رافع على يد مسلحين في تشرين الثاني/نوفمبر 2012.
إذا ما أضفنا الموت الدرامي لشخصية "أبو شهاب"، بقرار إخراجي، وموت "مأمون بيك" جاسوس الفرنسيين، يمكن القول إن الموت غيّب معظم "أعضوات" الحارة، فلم يبق منهم سوى الشيخ عبد العليم وأبو كاسم.
بالتأكيد لم يؤثر غياب أي من الفنانين الراحلين قبيل تصوير العمل على سيره لاحقاً، لكن في موتهم تكمن مفارقة المسلسل الذي يصر على المضي قدماً رغم موت أو مرض نجومه.