في أهم مشهد من الفيلم الوثائقي "جاي الزمان"، أول أفلام المخرجة دينا حمزة، والذي يعرض حالياً في سينما "زاوية" في القاهرة، تقول في التعليق الصوتي أنها تخاف بأن تكون مثل السيدة "ميرفت" التي تظهر في الفيلم عالقة في زمن وصور وأغاني عبدالحليم حافظ، وهي تخاف لأن "ميرفت تشعر بالحنين لزمن عاشته فعلاً، أما هي فلماذا تشعر بالحنين تجاه زمن لم تعشه؟!".
المشهد هو "الأهم" لأنه يملك بداخله رؤية نقدية للفيلم، والمنظور الذي صُنع به، ومع ذلك فدينا حمزة لا تفلت من هذا الحنين، بالرغم من وعيها به، ووعيها أنه يسيطر على فيلمها.
فراغ الرحيل
الفيلم يبدأ بوفاة الشاعر المصري محمد حمزة، الذي كتب عدداً كبيراً من الأغنيات لأهم مطربي الستينيات، وعلى رأسهم عبدالحليم حافظ. ابنته دينا محمد حمزة هي صانعه الفيلم، تحكي عن شعورها بالوحدة بعد رحيله، والغربة عن مكانها وزمانها، وكمحاولة للنجاة فقد قررت صنع هذا الفيلم (للبحث عنه).
إقرأ أيضاً:10 أغانٍ طبعت ذاكرة جيل كامل من اللبنانيين
صانعة الفيلم صادقة فعلاً في حزنها، وصادقة فيما ترويه، ولكن المشكلة الحقيقية أنها هي نفسها (اختفت) تماماً وراء ما تبحث عنه، الفيلم مرتبك في جزئية "ما إذا كان فيلم عن دينا حمزة" أم هو "فيلم عن والدها"؟ نظرياً الإجابة أنه عنها، ولكن عملياً هو عنه، المادة الأكبر منه غارقة تماماً في الحنين لزمن الستينيات، المثالي جداً في الذاكرة الجمعية، ودينا حمزة تعيد إنتاج نفس الرؤية عن أنه "الزمن الجميل الرائع"، وأن كل شيء تغير ولم يعد كذلك بعدها، رؤية غير نقدية ومغرقة في الحنين، الساذج أحياناً، اتجاه كل شيء، ومع الاستخدام الزائد لأغاني محمد حمزة، واللقطات الأرشيفية، يبدو الفيلم في بعض لحظاته كأنه حلقة تلفزيونية في ذكرى شاعر كبير.
الحضور الغائب
حضور دينا حمزة يظل غياباً حتى عندما تظهر على الشاشة، لأنها في ظهوراتها تظل في نفس دائرة "الحنين"، حيث تتحدث مع كل الشخصيات عن (زمن مضى)، ليس عنها ولا عنهم في وقتهم الحالي، ليس عن حزنها أو ألمها أو دواخلها الحقيقية، وفي أحيانٍ كثيرة يكون حضور الشخصيات نفسه فائضاً، ويزيد من الطابع (التلفزيوني) للفيلم ويقلل تماماً من حس الذاتية الذي من المفترض أن يصنع به لكي يكون مصدر قوته كتجربة.
ولكل هذه الأسباب فإن الربع ساعة الأولى المنبئة بفيلم جيد تغرق في دائرة لا تنتهي من الحنين بعد ذلك، ليس محاولة "للنجاة" مثلما يفترض أن يكون، ولكنه محاولة للهروب من الزمن الحالي، بكل انكساراته وهزائم جيل ما بعد ثورة يناير في مصر، والاتجاه بالبوصلة اتجاه زمن أسبق.. لم تعشه دينا حمزة ولم يعشه أي منا، والأسوأ أنه لم يكن "جميلاً" كما يُراد لنا أن نراه.
إقرأ أيضاً:أغاني الكادحين
المشهد هو "الأهم" لأنه يملك بداخله رؤية نقدية للفيلم، والمنظور الذي صُنع به، ومع ذلك فدينا حمزة لا تفلت من هذا الحنين، بالرغم من وعيها به، ووعيها أنه يسيطر على فيلمها.
فراغ الرحيل
الفيلم يبدأ بوفاة الشاعر المصري محمد حمزة، الذي كتب عدداً كبيراً من الأغنيات لأهم مطربي الستينيات، وعلى رأسهم عبدالحليم حافظ. ابنته دينا محمد حمزة هي صانعه الفيلم، تحكي عن شعورها بالوحدة بعد رحيله، والغربة عن مكانها وزمانها، وكمحاولة للنجاة فقد قررت صنع هذا الفيلم (للبحث عنه).
إقرأ أيضاً:10 أغانٍ طبعت ذاكرة جيل كامل من اللبنانيين
صانعة الفيلم صادقة فعلاً في حزنها، وصادقة فيما ترويه، ولكن المشكلة الحقيقية أنها هي نفسها (اختفت) تماماً وراء ما تبحث عنه، الفيلم مرتبك في جزئية "ما إذا كان فيلم عن دينا حمزة" أم هو "فيلم عن والدها"؟ نظرياً الإجابة أنه عنها، ولكن عملياً هو عنه، المادة الأكبر منه غارقة تماماً في الحنين لزمن الستينيات، المثالي جداً في الذاكرة الجمعية، ودينا حمزة تعيد إنتاج نفس الرؤية عن أنه "الزمن الجميل الرائع"، وأن كل شيء تغير ولم يعد كذلك بعدها، رؤية غير نقدية ومغرقة في الحنين، الساذج أحياناً، اتجاه كل شيء، ومع الاستخدام الزائد لأغاني محمد حمزة، واللقطات الأرشيفية، يبدو الفيلم في بعض لحظاته كأنه حلقة تلفزيونية في ذكرى شاعر كبير.
الحضور الغائب
حضور دينا حمزة يظل غياباً حتى عندما تظهر على الشاشة، لأنها في ظهوراتها تظل في نفس دائرة "الحنين"، حيث تتحدث مع كل الشخصيات عن (زمن مضى)، ليس عنها ولا عنهم في وقتهم الحالي، ليس عن حزنها أو ألمها أو دواخلها الحقيقية، وفي أحيانٍ كثيرة يكون حضور الشخصيات نفسه فائضاً، ويزيد من الطابع (التلفزيوني) للفيلم ويقلل تماماً من حس الذاتية الذي من المفترض أن يصنع به لكي يكون مصدر قوته كتجربة.
ولكل هذه الأسباب فإن الربع ساعة الأولى المنبئة بفيلم جيد تغرق في دائرة لا تنتهي من الحنين بعد ذلك، ليس محاولة "للنجاة" مثلما يفترض أن يكون، ولكنه محاولة للهروب من الزمن الحالي، بكل انكساراته وهزائم جيل ما بعد ثورة يناير في مصر، والاتجاه بالبوصلة اتجاه زمن أسبق.. لم تعشه دينا حمزة ولم يعشه أي منا، والأسوأ أنه لم يكن "جميلاً" كما يُراد لنا أن نراه.
إقرأ أيضاً:أغاني الكادحين