في خطابه أثناء افتتاح مجمع صناعي للبتروكيمياويات بالإسكندرية، وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الوضع الاقتصادي، بـ"الصعب"، قائلا "لن أستطيع مواجهته بمفردي وستتم مواجهته بمساندة الجميع... ولا بد من تقليل النفقات والاستهلاك في استخدام الكهرباء والمياه".
توعّد السيسي في الخطاب ذاته الذي ألقاه في أغسطس/آب الجاري، باتخاذ إجراءات اقتصادية صعبة على غرار قرارات الرئيس الراحل أنور السادات في العام 1977 التي أدت إلى ما عرف وقتها بـ"انتفاضة الخبز" والتي كان دافعها سعي النظام لتخفيض عجز الموازنة، من أجل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتدبير موارد مالية إضافية تلزم لتحقيق هذا الأمر، ما تطلب رفع الدعم عن المصريين وزيادة الأسعار، وهو نفسه ما يعيشه المصريون هذه الأيام، بعد إعلان اتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي لمدها بقرض بقيمة 12 مليار دولار لتقليص عجز الموازنة.
اقــرأ أيضاً
بيع الأطفال وشراء طائرات فاخرة
عقب أيام قليلة من خطاب السيسي، وقعت حادثتان في يوم واحد تكشفان حقيقة الوضع الاقتصادي الذي وصل إليه المصريون، في انتظار قرارات السيسي الاقتصادية الصعبة، إذ كشفت وسائل إعلام محلية عن إلقاء القبض على مصرية أثناء بيعها ابنتها مُقابل 180 ألف جنيه، (أي ما يوازي 20.2 ألف دولار أميركي، وفقا للسعر الرسمي)، وفي اليوم ذاته، أعلنت جريدة "لا تربيون" الفرنسية عن توقيع الحكومة المصرية عقدا مع شركة داسو الفرنسية لشراء 4 طائرات من طراز "فالكون إكس 7" الفاخرة لاستخدامها في تنقلات المسؤولين الحكوميين.
وأوضحت "لا تربيون" أن الصفقة بلغت قيمتها 300 مليون يورو، أي ما يوازي قرابة 4 مليارات جنيه مصري، مُقابل 4 من الطائرات الفارهة والتي تُضاف إلى سرب الطائرات الرئاسية الفارهة أيضا، والتي يصل عددها إلى 24 طائرة من طراز "Gulfstream"، وطراز "Dassault Falcon"، وطائرتين للإسعاف السريع من طراز "Station"، و7 طائرات هليكوبتر من طراز "Black Hawk"، علاوة على الطائرة الرئاسية من طراز "Airbus A320-200"، إلى جانب الطائرات الحربية التابعة للقوات المُسلحة التي تلحق بالسرب الرئاسي لأعمال الخدمات، وفقا لما نشرته وسائل إعلام مصرية في أغسطس/آب من العام 2012.
رفع الأسعار وزيادة الضرائب على الفقراء
يوما وراء يوم يستحدث برلمان السيسي طُرقا جديدة لجمع الضرائب من المواطنين من أجل زيادة رواتب الطبقة الحاكمة، آخر تلك الطرق كانت فرض ضريبة على المواطنين لتطوير صندوق التأمين الصحي الخاص بالقضاة والذين يُعالجون أصلا في أفخم المستشفيات داخل وخارج الجمهورية على حساب الدولة، وكذلك فرض ضريبة على المواطنين لصالح صندوق تحسين خدمات الرعاية الاجتماعية والصحية لأعضاء هيئة الشرطة، وهو الدرب الذي يكشف نهج السيسي في دعم الأغنياء وفرض التقشف على الفقراء.
وفي الوقت الذي قام السيسي بشراء طائرات فارهة بمبلغ 4 مليارات جنيه، "تمتنع حكومته عن تنفيذ حكم القضاء الإداري برفع بدل العدوى للأطباء من 19 جنيها إلى 1000 جنيه، والذي ناضلت من أجله نقابة الأطباء لعدة أعوام داخل أروقة المحاكم وخلال مظاهرات ووقفات احتجاجية، على الرغم من أنه لن يُكلف الدولة سوى مليار جنيه سنوياً"، وفق ما قاله الدكتور إيهاب الطاهر، أمين عام النقابة، أي ما يوازي "ربع قيمة صفقة الطائرات".
لا تعد تلك المفارقة، مجرد حادثة عابرة، إذ يراها مراقبون دليلا على نهج يتبعه السيسي منذ توليه الرئاسة، إذ قام برفع أسعار الكهرباء ثلاث مرات، آخرها بلغت 40% خلال عامين، ما جعل المواطنين يصرخون من هذا الغلاء الذي "وصفوه بالإجرام في حقهم"، بل ودفع الأمر المواطن المصري، السيد محمد السيد سالم، إلى عرض أحد أبنائه للبيع، حتى يستطيع دفع فاتورة الكهرباء التي بلغت 340 جنيها (38 دولارا)، في الوقت الذي يتم إنشاء مبنى أسطوري للنائب العام على شكل "معبد فرعوني" على مساحة 20 ألف متر مربع مملوء بالتماثيل والتُحف والحوائط والأرضيات الغرانيت والبورسلين والأسقف المُعلقة، وكذلك قُبة سماوية، بكلفة 300 مليون جنيه (33.7 مليون دولار)، على الرغم من وجود مكتب للنائب العام بمبنى دار القضاء العالي التاريخي بوسط القاهرة.
ويستعد نظام السيسي خلال الفترة المقبلة، لتطبيق ضريبة القيمة المُضافة، والتي تحاشت الأنظمة السابقة تطبيقها لآثارها الصعبة على حياة المصريين المعيشية، إذ يؤكد خبراء اقتصاديون أنها "ستتسبب في زيادة جديدة على أسعار السلع والخدمات والغذاء والدواء"، في حلقة من مُسلسل "حلب" جيوب المواطنين عبر نظام ضريبي يتبعه السيسي منذ توليه الرئاسة ويساعده فيه برلمانه، إذ تم رفع الضرائب على دخل المواطنين، وعلى أسعار تذاكر السفر، والضرائب العقارية، والسجائر، وغيرها الكثير من طرق الجباية التي أهلكت المواطنين، ما دفع الشاب المصري أحمد جمال، أحد حَمَلَة الماجستير والدكتوراه إلى الإعلان عن رغبته في بيع كليته في ظل عدم تمكنه من الحصول على وظيفة كغيره من الحاصلين على درجات الماجستير والدكتوراه الذين لم تتوقف مظاهراتهم احتجاجا على أحوالهم المعيشية الصعبة في ظل البطالة المنتشرة بينهم.
اقــرأ أيضاً
دعم الأغنياء
في الوقت ذاته الذي تشتد فيه الدولة في الضرب على يد الفقراء، قامت بالتنازل للملياردير ناصف ساويرس عن ضرائب بقيمة 14 مليار جنيه (1.57 مليار دولار)، تم تخفيضها إلى 7.2 مليارات جنيه (810 ملايين دولار)، كما تم تخفيض غرامة رجل الأعمال وأمين التنظيم السابق للحزب الوطني المنحل، أحمد عز، من 100 مليون جنيه (11 مليون دولار) إلى 10 ملايين فقط (1.1 مليون دولار)، في قضية احتكار الحديد، كما تهرب رجل الأعمال محمد الأمين من ضرائب بمبلغ 420 مليون جنيه (47 مليون دولار).
وبينما يقوم النظام بإنشاء مبنى جديد لوزارة الداخلية على مساحة ضخمة وصلت إلى 300 ألف متر مربع، وبكلفة 200 مليون جنيه (22.5 مليون دولار)، فيما يقوم بحراسته أكثر من 1000 مُجند، في بذخ شديد وتبديد فادح لموارد الدولة، تغرق الشرائح الفقيرة والمتوسطة في طوفان من الغلاء وزيادة الأسعار، إذ تم رفع أسعار غاز المنازل بنسبة 300%، وهي نسبة زيادة لم تحدث في التاريخ، غير أن النظام وفي الوقت نفسه قام بتخفيض أسعار الغاز المُقدم لمصانع الحديد من 7 دولارات إلى 4.5 دولارات فقط لكل مليون وحدة حرارية، أي انه قد تخفيضها لنسبة فاقت الثُلث لم تخدم سوى أصحاب مصانع الحديد الذين يبلغ دخلهم مليارات الدولارات سنويا، في استمرار لسياسات النظام الذي لم يدخر جهدا في "تدليل" الفئات والشرائح الغنية والمرفهة بالأصل.
اقــرأ أيضاً
زيادة أجور الجيش والشرطة والقضاة
في السياق ذاته، تتصاعد حالة التمييز الاقتصادي بين الموظفين المدنيين والفئات الحاكمة من الجيش والشرطة والقضاة في مصر، وخلال عامين من حكم السيسي، لم يتوان خلالهما عن "تدليل" وترفيه ومُضاعفة أجور وبدلات ومرتبات الفئات الثلاث الحاكمة، في الوقت الذي يرفض زيادة مداخيل بقية عمال وموظفي مصر، بحجة عدم توافر موارد، إذ يعتبر السيسي أن أزمة الدين الداخلي ناتجة عن مرتبات الموظفين، متوعداً بسنوات "صعبة"، كما جاء في خطابه الأخير بالإسكندرية، قائلاً "نزوّد المرتبات ازاي؟"، وهو ما سبق أن قاله لـ"المُعلمين" في احتفالية عيد المعلم في سبتمبر/أيلول من العام 2014 "لا تطلبوا المستحيل".
وعلى الرغم من رفض السيسي لزيادة رواتب الموظفين المدنيين، قام بزيادة معاشات القوات المُسلحة سبع مرات خلال عامي حكمه، كما شهدت مداخيل أعضاء الهيئات القضائية طفرة غير مسبوقة، عبر رفع المرتب الأساسي، وإضافة عشرات الآلاف من الجنيهات تحت بنود بدل منصة وبدل جهود غير عادية، وبدل علاج، وقائمة أخرى طويلة أخرى تُكلف الميزانية مئات الملايين لا تأتي على بال السيسي، إضافة إلى الزيادات والعلاوات التي لا يتم الإعلان عنها رسميا لصالح النخبة الحاكمة، التي يرى السيسي أنها فقط هي من تستحق تحسين أحوالها الحسنة أصلا بينما لا بد أن يدفع بقية الشعب من الفقراء والطبقة المتوسطة ثمن تلك الرفاهية له ولنخبته.
توعّد السيسي في الخطاب ذاته الذي ألقاه في أغسطس/آب الجاري، باتخاذ إجراءات اقتصادية صعبة على غرار قرارات الرئيس الراحل أنور السادات في العام 1977 التي أدت إلى ما عرف وقتها بـ"انتفاضة الخبز" والتي كان دافعها سعي النظام لتخفيض عجز الموازنة، من أجل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتدبير موارد مالية إضافية تلزم لتحقيق هذا الأمر، ما تطلب رفع الدعم عن المصريين وزيادة الأسعار، وهو نفسه ما يعيشه المصريون هذه الأيام، بعد إعلان اتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي لمدها بقرض بقيمة 12 مليار دولار لتقليص عجز الموازنة.
بيع الأطفال وشراء طائرات فاخرة
عقب أيام قليلة من خطاب السيسي، وقعت حادثتان في يوم واحد تكشفان حقيقة الوضع الاقتصادي الذي وصل إليه المصريون، في انتظار قرارات السيسي الاقتصادية الصعبة، إذ كشفت وسائل إعلام محلية عن إلقاء القبض على مصرية أثناء بيعها ابنتها مُقابل 180 ألف جنيه، (أي ما يوازي 20.2 ألف دولار أميركي، وفقا للسعر الرسمي)، وفي اليوم ذاته، أعلنت جريدة "لا تربيون" الفرنسية عن توقيع الحكومة المصرية عقدا مع شركة داسو الفرنسية لشراء 4 طائرات من طراز "فالكون إكس 7" الفاخرة لاستخدامها في تنقلات المسؤولين الحكوميين.
وأوضحت "لا تربيون" أن الصفقة بلغت قيمتها 300 مليون يورو، أي ما يوازي قرابة 4 مليارات جنيه مصري، مُقابل 4 من الطائرات الفارهة والتي تُضاف إلى سرب الطائرات الرئاسية الفارهة أيضا، والتي يصل عددها إلى 24 طائرة من طراز "Gulfstream"، وطراز "Dassault Falcon"، وطائرتين للإسعاف السريع من طراز "Station"، و7 طائرات هليكوبتر من طراز "Black Hawk"، علاوة على الطائرة الرئاسية من طراز "Airbus A320-200"، إلى جانب الطائرات الحربية التابعة للقوات المُسلحة التي تلحق بالسرب الرئاسي لأعمال الخدمات، وفقا لما نشرته وسائل إعلام مصرية في أغسطس/آب من العام 2012.
رفع الأسعار وزيادة الضرائب على الفقراء
يوما وراء يوم يستحدث برلمان السيسي طُرقا جديدة لجمع الضرائب من المواطنين من أجل زيادة رواتب الطبقة الحاكمة، آخر تلك الطرق كانت فرض ضريبة على المواطنين لتطوير صندوق التأمين الصحي الخاص بالقضاة والذين يُعالجون أصلا في أفخم المستشفيات داخل وخارج الجمهورية على حساب الدولة، وكذلك فرض ضريبة على المواطنين لصالح صندوق تحسين خدمات الرعاية الاجتماعية والصحية لأعضاء هيئة الشرطة، وهو الدرب الذي يكشف نهج السيسي في دعم الأغنياء وفرض التقشف على الفقراء.
وفي الوقت الذي قام السيسي بشراء طائرات فارهة بمبلغ 4 مليارات جنيه، "تمتنع حكومته عن تنفيذ حكم القضاء الإداري برفع بدل العدوى للأطباء من 19 جنيها إلى 1000 جنيه، والذي ناضلت من أجله نقابة الأطباء لعدة أعوام داخل أروقة المحاكم وخلال مظاهرات ووقفات احتجاجية، على الرغم من أنه لن يُكلف الدولة سوى مليار جنيه سنوياً"، وفق ما قاله الدكتور إيهاب الطاهر، أمين عام النقابة، أي ما يوازي "ربع قيمة صفقة الطائرات".
لا تعد تلك المفارقة، مجرد حادثة عابرة، إذ يراها مراقبون دليلا على نهج يتبعه السيسي منذ توليه الرئاسة، إذ قام برفع أسعار الكهرباء ثلاث مرات، آخرها بلغت 40% خلال عامين، ما جعل المواطنين يصرخون من هذا الغلاء الذي "وصفوه بالإجرام في حقهم"، بل ودفع الأمر المواطن المصري، السيد محمد السيد سالم، إلى عرض أحد أبنائه للبيع، حتى يستطيع دفع فاتورة الكهرباء التي بلغت 340 جنيها (38 دولارا)، في الوقت الذي يتم إنشاء مبنى أسطوري للنائب العام على شكل "معبد فرعوني" على مساحة 20 ألف متر مربع مملوء بالتماثيل والتُحف والحوائط والأرضيات الغرانيت والبورسلين والأسقف المُعلقة، وكذلك قُبة سماوية، بكلفة 300 مليون جنيه (33.7 مليون دولار)، على الرغم من وجود مكتب للنائب العام بمبنى دار القضاء العالي التاريخي بوسط القاهرة.
ويستعد نظام السيسي خلال الفترة المقبلة، لتطبيق ضريبة القيمة المُضافة، والتي تحاشت الأنظمة السابقة تطبيقها لآثارها الصعبة على حياة المصريين المعيشية، إذ يؤكد خبراء اقتصاديون أنها "ستتسبب في زيادة جديدة على أسعار السلع والخدمات والغذاء والدواء"، في حلقة من مُسلسل "حلب" جيوب المواطنين عبر نظام ضريبي يتبعه السيسي منذ توليه الرئاسة ويساعده فيه برلمانه، إذ تم رفع الضرائب على دخل المواطنين، وعلى أسعار تذاكر السفر، والضرائب العقارية، والسجائر، وغيرها الكثير من طرق الجباية التي أهلكت المواطنين، ما دفع الشاب المصري أحمد جمال، أحد حَمَلَة الماجستير والدكتوراه إلى الإعلان عن رغبته في بيع كليته في ظل عدم تمكنه من الحصول على وظيفة كغيره من الحاصلين على درجات الماجستير والدكتوراه الذين لم تتوقف مظاهراتهم احتجاجا على أحوالهم المعيشية الصعبة في ظل البطالة المنتشرة بينهم.
دعم الأغنياء
في الوقت ذاته الذي تشتد فيه الدولة في الضرب على يد الفقراء، قامت بالتنازل للملياردير ناصف ساويرس عن ضرائب بقيمة 14 مليار جنيه (1.57 مليار دولار)، تم تخفيضها إلى 7.2 مليارات جنيه (810 ملايين دولار)، كما تم تخفيض غرامة رجل الأعمال وأمين التنظيم السابق للحزب الوطني المنحل، أحمد عز، من 100 مليون جنيه (11 مليون دولار) إلى 10 ملايين فقط (1.1 مليون دولار)، في قضية احتكار الحديد، كما تهرب رجل الأعمال محمد الأمين من ضرائب بمبلغ 420 مليون جنيه (47 مليون دولار).
وبينما يقوم النظام بإنشاء مبنى جديد لوزارة الداخلية على مساحة ضخمة وصلت إلى 300 ألف متر مربع، وبكلفة 200 مليون جنيه (22.5 مليون دولار)، فيما يقوم بحراسته أكثر من 1000 مُجند، في بذخ شديد وتبديد فادح لموارد الدولة، تغرق الشرائح الفقيرة والمتوسطة في طوفان من الغلاء وزيادة الأسعار، إذ تم رفع أسعار غاز المنازل بنسبة 300%، وهي نسبة زيادة لم تحدث في التاريخ، غير أن النظام وفي الوقت نفسه قام بتخفيض أسعار الغاز المُقدم لمصانع الحديد من 7 دولارات إلى 4.5 دولارات فقط لكل مليون وحدة حرارية، أي انه قد تخفيضها لنسبة فاقت الثُلث لم تخدم سوى أصحاب مصانع الحديد الذين يبلغ دخلهم مليارات الدولارات سنويا، في استمرار لسياسات النظام الذي لم يدخر جهدا في "تدليل" الفئات والشرائح الغنية والمرفهة بالأصل.
زيادة أجور الجيش والشرطة والقضاة
في السياق ذاته، تتصاعد حالة التمييز الاقتصادي بين الموظفين المدنيين والفئات الحاكمة من الجيش والشرطة والقضاة في مصر، وخلال عامين من حكم السيسي، لم يتوان خلالهما عن "تدليل" وترفيه ومُضاعفة أجور وبدلات ومرتبات الفئات الثلاث الحاكمة، في الوقت الذي يرفض زيادة مداخيل بقية عمال وموظفي مصر، بحجة عدم توافر موارد، إذ يعتبر السيسي أن أزمة الدين الداخلي ناتجة عن مرتبات الموظفين، متوعداً بسنوات "صعبة"، كما جاء في خطابه الأخير بالإسكندرية، قائلاً "نزوّد المرتبات ازاي؟"، وهو ما سبق أن قاله لـ"المُعلمين" في احتفالية عيد المعلم في سبتمبر/أيلول من العام 2014 "لا تطلبوا المستحيل".
وعلى الرغم من رفض السيسي لزيادة رواتب الموظفين المدنيين، قام بزيادة معاشات القوات المُسلحة سبع مرات خلال عامي حكمه، كما شهدت مداخيل أعضاء الهيئات القضائية طفرة غير مسبوقة، عبر رفع المرتب الأساسي، وإضافة عشرات الآلاف من الجنيهات تحت بنود بدل منصة وبدل جهود غير عادية، وبدل علاج، وقائمة أخرى طويلة أخرى تُكلف الميزانية مئات الملايين لا تأتي على بال السيسي، إضافة إلى الزيادات والعلاوات التي لا يتم الإعلان عنها رسميا لصالح النخبة الحاكمة، التي يرى السيسي أنها فقط هي من تستحق تحسين أحوالها الحسنة أصلا بينما لا بد أن يدفع بقية الشعب من الفقراء والطبقة المتوسطة ثمن تلك الرفاهية له ولنخبته.