توقفت المحامية الأميركية نانسي هولاندر عن التعامل مع متاجر "هوبي لوبي" التي يرأس مجلس إدارتها ستيف غرين بعد تفجر قضية شرائها 5548 قطعة أثرية عراقية مسروقة من وسطاء إسرائيليين وتاجر مقيم في دولة الإمارات في يوليو/تموز الماضي.
وتنعت هولاندر التي تترافع في العديد من القضايا الجنائية التي لها علاقة بالمنطقة العربية، شركة "هوبي لوبي" بالمنافقة، كونها شركة يقول مؤسسها ديفيد غرين إنها تدار مستلهمة المبادئ الدينية، في الوقت الذي قام بشراء آثار مسروقة من مهربين، رغم حظر القانون الأميركي الخاص بحماية المقتنيات التاريخية العراقية الصادر عام 1990، امتلاك الآثار التاريخية العراقية، والتي خرجت من العراق بدون موافقة بغداد، وفق ما جاء في لائحة الاتهام التي وجهتها وزارة العدل الأميركية إلى الشركة في معرض سردها لتفاصيل عملية تهريب الآثار العراقية المسروقة إلى الولايات المتحدة، غير أن الباحث في شؤون الشرق الأوسط والمدير السابق لمركز الذاكرة العراقية حسن منيمنة يرى أن تغريم شركة "هوبي لوبي" الأميركية بدفع ثلاثة ملايين دولار، لا يعد كافيا لحماية التراث الإنساني العراقي والعالمي، إذ لن يؤدي إلى إصلاح الضرر الكبير الذي أصاب القيمة العلمية لتلك الآثار، مؤكدا لـ"العربي الجديد" عدم إمكانية إعادة تلك الآثار إلى مكانها الطبيعي في العراق، وبالتالي فقدان سياقها التاريخي الذي يحرم كل مهتم بتاريخ العراق والإنسانية، من معرفة تاريخ المنطقة التي تمت سرقة الآثار منها، نظراً لأنها تتحول إلى زينة بلا قيمة أو معنى عندما تنقل من بيئتها الأصلية كما يقول.
وباشرت لجنة الثقافة في البرلمان العراقي بإجراءات حصر المتورطين في هذه الفضيحة بالعراق، وفقاً لتأكيد النائب البرلماني عن كتلة دولة القانون، إسكندر وتوت، لـ"العربي الجديد"، والذي قال: "ذهبت قبل مدة إلى دول غربية منها ألمانيا وشاهدت آثارنا هناك، مع الأسف نكتشف أن هناك عربيا شارك في سرقة آثارنا وتهريبها إلى الخارج".
الآثار العراقية عرضة للنهب
بدأت سرقة الآثار العراقية عقب الاحتلال الأميركي في عام 2003، ومن أبرز قضايا الآثار المسروقة التي تفجرت مؤخرا، ما يعرف بـ"النسخة العراقية من أسفار العهد القديم، والمكتوبة على جلد الأيل"، والتي احتفل كيان الاحتلال بوصولها إليه، في ديسمبر/كانون الأول من عام 2015.
وبحسب الباحث منيمنة فإن النسخة العراقية من أسفار العهد القديم، تم العثور عليها في أحد المراكز الأمنية العراقية في حالة مزرية عقب دخول القوات الأميركية إلى بغداد في عام 2003 بعد غرق المستودع الموجودة فيه بالمياه، ما أدى إلى إصابتها بأضرار اقتضت تسليمها مع عدد من الآثار الأخرى إلى السلطات الأميركية والتي عمدت إلى نقلها إلى الولايات المتحدة من أجل معالجتها والحفاظ عليها في أمانة المحفوظات الأميركية في واشنطن، وفق ما تم إعلانه وقتها، قبل أن تظهر في احتفال أقامته وزارة خارجية الاحتلال في مقرها في عام 2015.
ويتهم القضاء العراقي 80 وزيرا، ومسؤولا حكوميا عراقيا يقيم بعضهم في دولة الإمارات بالتورط في قضايا فساد، من بينها سرقات آثار، جمدها القضاء لتوافقات سياسية، بحسب قاضي أول في مجلس القضاء الأعلى (رفض الكشف عن اسمه حفاظا على أمنه الشخصي)، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن ضباطا في الجمارك متهمون في هذا الملف، لكن لم يتم استدعاؤهم حتى الآن، وفقا لملف القضية رقم 7/834 المتعلقة تهريب الآثار العراقية إلى خارج البلاد خلال السنوات 2003 حتى 2010 غير أن هذا الملف ما زال يراوح مكانه لأسباب سياسية تعيق فتحه بشكل مستقل، وتستدعي المتورطين بالقضية وفقا لمسؤولين في مجلس القضاء الأعلى ببغداد.
ويحتوى ملف هذه القضية المهمل في رفوف أرشيف مجلس القضاء الأعلى العراقي منذ منتصف عام 2011 على نحو 300 وثيقة وشهادات من مواطنين ومسؤولين عراقيين تحدثوا عن مسلسل تهريب آلاف القطع الأثرية العراقية التي تعود للحقب البابلية والأكادية والآشورية والسومرية والساسانية، فضلا عن مخطوطات يهودية ومسيحية وإسلامية قديمة، وأخرى عثمانية تتعلق بولاية البصرة التي كانت تدير شؤون دول الخليج العربي حينها، ويؤكد هذه الجرائم الأثري العراقي حسن فاضل والذي لفت إلى ما وقع في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2010، إذ أصدر كل من المتحف العراقي المركزي ببغداد والجيش الأميركي بيانات متعاقبة تحدثت عن العثور على ما يزيد على 600 قطعة أثرية عراقية في أحد المستودعات التابعة لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يعود تاريخها إلى خمسمائة سنة قبل الميلاد، وعلق وزير السياحة العراقي وقتها قحطان الجبوري قائلا "إنه تم العثور على القطع الأثرية المقصودة وعددها 638 في صناديق داخل أحد المستودعات التابعة للمالكي بجانب صناديق أخرى تحتوي على أدوات مطابخ، بعد أن تم نسيانها وإهمالها.
"هوبي لوبي" والوسطاء الإسرائيليون
بدأت شركة "هوبي لوبي" المسجلة في أوكلاهوما سيتي في عام 2009 الاهتمام بجمع مخطوطات تاريخية وآثار وقطع تراثية قيمة، وفي بداية عام 2009 بدأ الملياردير الأميركي ديفيد غرين في تمويل، وبناء متحف "الإنجيل" في العاصمة واشنطن بتكلفة بلغت 400 مليون دولار. وجمع مستشارو شركة "هوبي لوبي" أكبر قدر ممكن من مقتنيات الكتاب المقدس من جميع أنحاء العالم، وتواصلوا مع تاجر مقيم في دبي لديه مجموعه تاريخية من الآثار العراقية، فسافر غرين، مع مستشار أثري في يوليو/تموز 2010 إلى دبي للقاء التاجر واثنين من الوسطاء الإسرائيليين، وهناك عاينوا عددا كبيرا من الألواح المسمارية والقطع الأثرية الأخرى معروضة للبيع، وقد حضر تلك المعاينة في الإمارات "الوسيط الإسرائيلي 1" و"الوسيط الإسرائيلي 2 "، إضافة إلى وسيط مقيم في الإمارات متخصص في بيع الآثار القديمة بحسب ما جاء في أوراق الدعوى.
وفي 23 أغسطس/آب من عام 2010 زار مستشار الشركة في إسرائيل، والتقى بـ"الوسيط الإسرائيلي 1 " و"الوسيط الإسرائيلي 2 " وكشف الوسيطان لمستشار "شركة هوبي لوبي" أن القطع الأثرية التي تمت معاينتها في الإمارات تعود ملكيتها لعائلة إسرائيلي ثالث (الوسيط الإسرائيلي 3)، الذي لم يكن حاضرا خلال المعاينة، وأشار الوسطاء الإسرائيليون إلى أن المجموعة الأثرية تم نقلها إلى الإمارات بهدف عرضها للبيع.
وفي شهر ديسمبر/كانون الأول 2010 وقع غرين على صفقة شراء المجموعة الأثرية "الوسيط الإسرائيلي 2 " بقيمة مليون وستمائة ألف دولار أميركي. وتشير مذكرة أرفقت بنص الصفقة إلى أن "الوسيط الإسرائيلي 3 " هو البائع، علما أن أي من ممثلي الشركة لم يلتق المالك الإسرائيلي المزعوم للقطع الأثرية، وقد أمر غرين بتحويل الأموال إلى سبع حسابات بنكية مختلفة منفصلة بناء على طلب "الوسيط الإسرائيلي 1 "، لا يعود أي منها إلى الوسيط الإسرائيلي 3 المفترض أنه المالك الأساسي للمجموعة، وبعد أيام قليلة تم تعديل الاتفاق ليحل توقيع "الإسرائيلي الثالث " بدلا عن "الإسرائيلي الثاني"، وتكشف أوراق القضية أن أول 4 شحنات من الإمارات إلى مقر "هوبي لوبي" تم عن طريق شركة FEDEX بأرقام وثائق شحن رقم؛ 728628096729 و728628096751 و728628096762 و728628097173.
وتؤكد عالمة الآثار العراقية لمياء الكيلاني، أنَّ المتحف الوطني العراقي تعرض للسرقة بعد عام 2003 إذ فقد نحو 200 ألف قطعة أثرية، وتابعت الكيلاني التي تعمل مستشارة في المتحف البريطاني، في تصريحات صحافية "أن هناك معلومات مؤكدة تفيد بأن عدد السراق الذين نزلوا إلى سراديب المتحف الوطني العراقي هم بحدود ثمانية أشخاص، حيث تم سرقة 5000 ختم سومري من السراديب".
تجارة نشطة
يتابع الدكتور نيل برودي أستاذ مادة الآثار المهددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بجامعة أكسفورد، التهديدات المستمرة التي تتعرض لها آثار العراق والتي تنتقل بصورة غير قانونيه إلى بلدان شرق أوسطية وغربية لبيعها، ولا يتم تصنيفها على أنها مسروقة لعدم وجود أدلة، قائلا "في أحسن الأحوال عندما يتم اكتشاف هذه الآثار توصف قانونا بأنها خرجت من العراق بصورة غير قانونية، وتبقى كذلك إلى أن يتم إيجاد أدلة تثبت سرقتها، ولا يزال تهريب الآثار العراقية قائماً حتى اليوم كما يقول برودي، ويؤكد هذه الإفادة إعلان بغداد رسميا في مارس /آذار الماضي عن تقديم طلب عراقي للسلطات الإماراتية بإعادة لوحة عراقية نادرة تتحدث عن معركة ذات الصواري بين المسلمين والبيزنطيين، وهي أول معركة بحرية للمسلمين انتهت بسيطرتهم على البحر الأبيض المتوسط عام 655 ميلادية، وكانت اللوحة سرقت من قصر القدس في بغداد قبل سنوات، وشوهدت معروضة للبيع داخل مزاد في دبي، وبحسب بيان لجنة الثقافة العراقية الصادر في مارس/ آذار الماضي فإن العراق وجه كتابا رسميا للسلطات الإماراتية في أبوظبي بهذا الغرض وهو ما دعا "دار كريستيز" للمزادات إلى الإعلان عن سحب اللوحة، وإيقاف بيعها، ويعود الفضل بذلك لمقيم عراقي التقط صورة للوحة بهاتفه وأرسلها إلى أحد أعضاء البرلمان العراقي، وهو ما يفسره برودي بكون الإمارات مركزا رئيسا للتجارة المحظورة في الشرق الأوسط وغرب أسيا، الأمر الذي يجعل منها مركزا للقاء البائعين والمشترين في ظل دخول أو خروج الآثار كما حدث في واقعة "هوبي لوبي"، إذ تم شحن آثار العراق من الإمارات إلى أميركا، حسبما يقول.
ويوجد حاليا في جامعه كورنيل بنيويورك أكثر من عشرة آلاف قطعة من الألواح الطينية شبيهه بما تمت مصادرته من شركه "هوبي لوبي" يتم القيام بأبحاث عليها، هذه الألواح كانت مملوكه للزوجين جانيت وجوناثون روسن المحامي ورئيس شركة First Republic Corporation of America، والذي يعد أحد أكبر هواة جمع المقتنيات الأثرية في العالم، وكان قد اقتنى هذه الأثريات في التسعينيات بعدما خرجت من العراق بصورة غير شرعية، ولم يتم اتهامه بسرقتها لأنه لا توجد أدلة على تورطه في ذلك وفقا لتأكيدات برودي.
العبور من العراق
وتهرب الآثار العراقية المهمة من خلال موانئ البصرة وبحسب عضو لجنة الأمن والدفاع العراقية في البرلمان النائب عن كتلة حزب الدعوة صادق المحنا، فإن "الأجهزة الأمنية الإمارتية تتحمل مسؤولية دخول الآثار التي ضبطتها الجمارك الأميركية بعد تصديرها من التاجر المقيم في الإمارات إلى شركة هوبي لوبي، إذ إن الكمية كبيرة جدا وهذه الأجهزة تراقب كل شيء وبالتالي، يمكن القول إن الآثار المهربة من العراق ساهم فاسدون بتهريبها، في ظل استهتار إماراتي ساهم في دخولها إلى أراضيها وكان من المفترض أن تتم محاكمة التاجر المقيم في الإمارات بعد الكشف عن القضية أميركيا"، وتابع قائلا لـ"العربي الجديد": "المعلومات المتوفرة لدينا وبيانات وزارة العدل الأميركية وفقا لما جاء في التحقيقات الأميركية في فضيحة هوبي لوبي تؤكد أن الآثار العراقية بيعت داخل الإمارات، لذا تعتبر الإمارات متورطة بشكل مباشر، ومتورطة أخلاقيا، ومدينة باعتذار، وإعادة ما بيع على أرضها من آثار عراقية".
تتطابق إفادة المحنا مع المقدم حيدر علي الساعدي من شرطة موانئ البصرة، والذي قال لـ"العربي الجديد" إن تجارة تهريب الآثار العراقية ازدهرت بشكل كبير خلال الأعوام 2006 و2014، بسبب وجود مافيات مدعومة من أحزاب عراقية، قائلا لدينا معلومات تؤكد أن الآثار التي هربت إلى الولايات المتحدة عن طريق مقيم في الإمارات وإسرائيليين جمعت من مختلف مدن العراق، وخبئت في صناديق خشبية قبل أن توضع بمخازن خاصة في محافظتي بغداد وبابل (100 كلم جنوب بغداد)".
تزوير في فواتير الشحن
رصدت وزارة الثقافة والآثار العراقية، عمليات تهريب للآثار العراقية إلى الولايات المتحدة منذ عام 2010 من خلال مافيات تعمل عبر استصدار إجازة تصدير وشهادة منشأ مزورتين في أعمال باتت تعرف بـ "غسيل الآثار" على غرار عمليات غسل الأموال المعروفة كما يقول وكيل وزارة الثقافة والآثار العراقية قيس رشيد، موضحا في تصريح سابق للتلفزيون الحكومي أن العراق لديه مراسلات عدة مع جهات دولية بشأن مسألة استعادة الآثار المهربة، وهو ما يؤكده الدكتور عارف الخطار أستاذ علم الجريمة بجامعه كاليفورنيا بولاية بنسلفانيا، قائلا لـ"العربي الجديد":" في قصة هوبي لوبي، لم تكن المشكلة فقط تزويراً في فواتير شحن الآثار التي تم التلاعب بها من التاجر المقيم بدولة الإمارات والذي قام بشحن طرود تحتوي على القطع الأثرية إلى ثلاثة عناوين مختلفة لشركة "هوبي لوبي" ببيانات مزيفة تشير إلى أن محتوى الطرود هو بلاطات من السيراميك، بل تعدى الأمر ذلك إلى عملية نقل مقتنيات أثريه مسروقة خرجت من العراق بصورة غير قانونيه، وهو ما جعل الحكومة الأميركية تطالب نظيرتها العراقية بالتحرك لاستعادة آثارها المسروقة المكونة من 1500 لوح مسماري و500 حجر عليها كتابات مسمارية، و3000 قطعة أثرية طينية ، و35 ختما طينيا و13 لوحا مسماريا كبيرا و500 ختم إسطواني حجري.
سرقة 4500 موقع أثري
تعرضت مواقع "الموصل وبغداد وسامراء وبابل وكربلاء وذي قار" الأثرية للنهب بحسب أستاذ الآثار في جامعة بغداد الدكتور علي الحيدري، والذي قال لـ"العربي الجديد" إن المواقع الأثرية العراقية أصبحت نهبا للمليشيات والعصابات، ومافيات الجريمة المنظمة التي تستغل لامبالاة عراقية من قبل الأجهزة المكلفة بحراسة المواقع الأثرية لتقوم بجرائمها بحق تاريخ العراق وإرثه النفيس، معبرا عن استغرابه من عدم علم الحكومة بآلاف القطع الأثرية المهربة منذ سبع سنوات وتتبعها لها للكشف عن سارقها، حتى تم الكشف عنها بعد فشل تهريبها إلى شركة هوبي لوبي، على الرغم من وجود معلومات تؤكد مرور القطع الأثرية المسروقة بالبصرة ومينائها.
ويتابع: "منذ احتلال العراق لا يوجد موقع واحد في ذي قار والمحافظات الجنوبية الأخرى لم يتعرض للسرقة، وأكبر موجات تهريب الآثار تمت أثناء الانهيار الأمني الذي شهده العراق منذ عام 2007 وحتى عام 2010 بعد أن استغلت عصابات تهريب الآثار انشغال القوات الأمنية والأميركية التي كانت متواجدة في ذلك الحين بالاقتتال الطائفي الذي اندلع في محافظات عراقية عدة"، وهو ما يوكده موظف في هيئة آثار محافظة ذي قار (365 كلم جنوب بغداد)، مشيراً إلى بقاء أكثر من ألف موقع أثري بنسبة 85% من المواقع الأثرية العراقية بدون حراسة أمنية بسبب الوضع الحالي للعراق، وحربه ضد العصابات الإرهابية، الأمر ذاته يؤكده الدكتور سام هاردي الأستاذ المساعد في الجامعة الأميركية بروما، والباحث المشارك في معهد أوكل للآثار التطبيقية والمختص في دراسة عمليات النهب والتدمير التي تتعرض لها الممتلكات الثقافية في مناطق النزاع والذي قال إن هناك ما يقرب من 4500 موقع تمت سرقتها في العراق، وإن الطلب على الآثار المسروقة من العراق في أميركا زاد بنسبه 61% خلال العام 2014 بعد سيطرة تنظيم داعش على الموصل ونهب متحف الموصل وبيعه محتوياته في السوق السوداء، ويتطابق تأكيد الحيدري والدكتور هاردي مع الأثري حسن فاضل الذي عمل مع البعثة الإيطالية في محافظة ذي قار جنوب العراق خلال العام 2010، والذي قال لـ"العربي الجديد": "إن عصابات سرقة وتهريب الآثار تقوم منذ احتلال العراق عام 2003 باقتحام المواقع الأثرية أثناء الليل ونهب محتوياتها في ظل حماية من المليشيات المرتبطة بأحزاب سياسية متنفذة لها حصة الأسد من الآثار المسروقة".
مطالب عراقية باستعادة التراث المنهوب
يساعد الإنتربول الدولي جهاز الشرطة ووزارة الثقافة والآثار العراقيين في متابعة قضية الآثار المهربة وفقا لبيان وزارة الثقافة والآثار العراقية، الصادر في يوليو/تموز الماضي والذي ذكر أن ممثل العراق الدائم لدى منظمة "يونسكو" فاتح ممثلية الولايات المتحدة بشأن المطالبة بإعادة الآثار العراقية المهربة بناء على مخاطبات رسمية أجرتها الوزارة، معبرا عن تفاؤلها بشأن حسم هذا الملف قريبا، وهو ما يوكده النائب المحنا، لافتا إلى أن البرلمان العراقي جهز شكوى مدعومة بأدلة لتقديمها إلى الأمم المتحدة واليونسكو للمطالبة بمواجهة شاملة للتجارة المتنامية في الآثار العراقية المنهوبة.
وناقشت لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان العراقي نهاية الشهر الماضي بحضور وزير الثقافة والآثار فرياد راوندوزي، ووكيل الوزارة قيس رشيد وعدد من مدراء ومسؤولي الوزارة سبل إعادة الآثار المهربة إلى الولايات المتحدة بحسب عضو لجنة متابعة الآثار العراقية المهربة خارج البلاد المشكلة من قبل المتحف العراقي ببغداد الدكتور محمد حسين والذي قال لـ"العربي الجديد": "إن الاجتماع أفضى إلى توصية طلب تدخل وزارة الخارجية بالموضوع، ومطالبة رئيس الحكومة بالعمل على تدويل القضية".
وتابع:" لا بد من تعاون جميع الأطراف المتورطة في القضية مع العراق، وعلى وزارة الخارجية العراقية ومكتب رئيس الوزراء التعامل مع الملف سياسيا وجنائيا"، إذ إن المحاكم الأميركية لم تقاضِ سوى الطرف الموجود على الأرض الأميركية، في حين أن البائع والوسيط، لم تتم ملاحقته قضائيا وهو ما لا يشكل ردعا للمتورطين في تجارة آثار العراق المنهوبة وفق ما يقول منيمنة، مضيفا أن على السلطات الأميركية التنسيق مع الحكومة العراقية من أجل إعادة القطع الأثرية، وملاحقة الجهات غير الأميركية المتورطة في عملية سرقة الآثار العراقية، وتهريبها إلى الولايات المتحدة، وهو ما تؤكده المحامية نانسي هولاندر، موضحة أن الشركة حين بدأت تكوين مجموعتها الأثرية نبهها خبير في قانون حقوق الملكية الثقافية إلى توخي الحذر عند شراء الآثار من العراق لأنها في بعض الحالات سرقت من مواقع أثرية وعلى الرغم من التحذير فإن الشركة اشترت القطع من الوسيط، مشيرة إلى أن الحكومة العراقية، يمكنها مقاضاة المتهمين المتورطين في أميركا إذا استطاعت تكييف أركان الجريمة، بأن تحدد السارق والمشاركين في السرقة وتثبت ملكيتها للآثار التي سرقت.