يعالج الصحافي والناشط المعارض الروسي، ميخائيل زيغار، الكواليس المتعلقة بفترة حكم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في كتابه الجديد.
وكان زيغار أسس شبكة الأنباء المستقلة Dozhd، لكن الحكومة الروسية أغلقتها في عام 2014. وأجرى الصحافي خلال سنوات عدة، مقابلات مع عشرات المصادر داخل الكرملين، ويظهر كتابه الجديد، "كل رجال الكرملين"، صورة حقيقية للكواليس الداخلية للسياسة الروسية حيث تحاك المؤامرات، وتعد "الخيانة الجريمة الكبرى"، وفقاً لصحيفة "ذا غارديان".
ونشرت الصحيفة مقابلة مطولة مع زيغار، تضمنت الحديث عن جوانب عدة بشخصية بوتين، وشعبيته التي لم تتأثر رغم كل التوترات في فترة حكمه، مثل تدخل روسيا العسكري في سورية والخلافات مع أوكرانيا وغيرها. وتعالج المقابلة سؤالاً أساسياً: "كيف وصل بوتين إلى هناك؟ وما الذي يدفعه للأمام؟".
دورة الألعاب الأولمبية الشتوية والحملة الترويجية
أفادت مصادر لزيغار بأن بوتين اعترض بداية على دفع مليارات الدولارات للمساعدة في استضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي عام 2014. أقنع السكرتير الصحافي، ديميتري بيسكوف، بوتين بدفع المبلغ، بعد أن أخبره عن ترتيب حملة ترويجية مؤيدة للدورة، ستعرض على اللوحات الإعلانية على الطريق السريع الذي يسافر عليه بوتين إلى موسكو.
وادعى زيغار أن الإعلانات رتبت لتذاع في الوقت الذي يستمع فيه بوتين إلى الراديو في سيارته، وقال بيسكوف لزيغار: "علينا أن نستعمل أساليب مخادعة أحياناً". علماً أن بوتين دفع 50 مليار دولار أميركي حينها دعماً للدورة الأولمبية.
"هاوس أوف كاردز" = السياسة الغربية
عرض زيغار في كتابه، نقلاً عن مصادر حكومية، أن بوتين كان مقتنعاً تماماً بأن أسلوب الخداع والانتقام في المسلسل الأميركي الناجح "هاوس أوف كاردز" House of Crads، عكس السياسة الغربية بدقة، وأمر بوتين زملاءه بمشاهدته. وقال زيغار إن بوتين يعتبر بطل المسلسل المخادع، فرانك أندروود، ممثلاً لنموذج السياسي الأميركي.
لذا يفضّل بوتين دعم سياسيين مثل رئيس وزراء إيطاليا السابق، سيلفيو برلسكوني، أو المرشح الجمهوري لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية، دونالد ترامب، لأنهما أكثر "عملية" و"تهكما"، وفقا لزيغار.
ظهور القرم "من الفراغ"
أفاد زيغار في كتابه بأن قرار ضم شبه جزيرة القرم لم يكن ضمن خطة استراتيجية طويلة المدى، إنما التخذ القرار سريعاً ونفذ خلال 3 أشهر. وحصل الأمر المعاكس في الحرب القصيرة ضد جورجيا في عام 2008، للنزاع حول أوسيتيا الجنوبية، إذ سبقتها تحذيرات ضمن البرامج التلفزيونية قبل أشهر.
شبكة جنون العظمة الخاصة ببوتين
قال المعارض الروسي إن "بوتين ومقربيه، وبينهم رئيس مجلس الأمن نيكولاي باتروشيف وقائد المخابرات بوريس راتنيكوف، يصدقون الإشاعات التي يروجونها حول مخطط أميركا لتدمير روسيا"، مشيراً إلى مقابلة المستشار الرئاسي، باتروشيف، مع صحيفة حكومية بارزة، أعلن فيها أن "أميركا تغار من الموارد الطبيعية العظيمة التي تملكها روسيا". وكان مصدر هذه الادعاءات وسيط روحاني عمل سابقاً في الاستخبارات السوفييتية، وادعى أنه قرأ أفكار وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، مادلين أولبرايت.
أوكرانيا ستُترك "متجمدة"
توقع زيغار، بناءً على مصادره التي تضم أحد المقربين من المستشار الرئيسي لبوتين فلاديسلاف سوركوف، أن السياسة الخارجية تهدف إلى ترك أوكرانيا في حالة صراع مجمد، لمنعها من التطور اقتصادياً.
سرّ صورة بحيرة سيبيريا المشهورة
قال زيغار إن التقاط الصورة هدف إلى تصوير بوتين كـ"رجل حقيقي وشاب وحيوي"، مضيفاً أن بوتين عبر البحيرة سابحا ثلاث مرات، للحصول على الصورة المثالية.
كيف اقتنع ميدفيديف بالتنحي
حاول بوتين تصوير نفسه كرجل قوي أثناء توليه رئاسة الوزراء، ليبدو أفضل من ديميتري ميدفيديف الذي شغل منصب الرئيس بين 2008 و2012، وفقاً لزيغار.
وأشار زيغار إلى أن بوتين كان يطمح لتولي الرئاسة مرة ثانية، فأقنع ميدفيديف بالتنحي في انتخابات عام 2011، محذراً إياه من أن روسيا قد تصبح هدفاً لمؤامرة جديدة تنظمها الولايات المتحدة الأميركية، و"قد نخسر إذا لم تكن القيادة تتمتع بالقوة الكافية".
شتاء 2011 ــ 2012
اعتبرت التظاهرات الشعبية ضد الحكومة الروسية في شتاء 2011 ــ 2012، الحدث الأكثر أهمية في تشكيل الحياة السياسية الحالية هناك. واستنتج بوتين حينها أن القاعدة الداعمة له تحولت من الطبقة المتوسطة والنخبة المثقفة في العاصمة إلى الطبقة العاملة حول روسيا، وفقاً لزيغار. وأشار إلى أن الطبقة هذه "أكثر تحفظاً وتديناً ويشعرون بالحنين إلى الحقبة السوفييتية"، الأمر الذي أولاه بوتين أهمية كبيرة في سياساته اللاحقة.
(العربي الجديد)