منذ بداية سنة 2014، تغير طبع السلطات الجزائرية تجاه الصحافة، مع الاستحقاق الانتخابي المثير للجدل، عندما ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للانتخابات الرئاسية التي جرت في أبريل/نيسان من العام نفسه، وهو غائب عن المشهد السياسي منذ إصابته بالوعكة الصحية في أبريل 2013. وهو الوضع الذي دفع صحفا ووسائل إعلام إلى مراجعة موقفها ومناوأة الوضع السياسي الذي كانت تعتبر أنّه مسيء لصورة البلاد.
عشية الاستحقاق الانتخابي ذاك، أقدمت السلطات على إغلاق قناة "الأطلس" وحجز تجهيزاتها، بسبب دعمها للمرشح الرئاسي علي بن فليس الذي كان أبرز منافسي الرئيس بوتفليقة في الانتخابات.
كانت الحجة حينها عدم حيازة القناة على ترخيص بالبث، في الوقت الذي كانت فيه عشرات القنوات تبث أيضًا من دون ترخيص. تلى ذلك غلق صحيفة "الجزائر نيوز" ومنعها من الطبع في المطابع الحكومية، بسبب مواقف مالكها الصحافي إحميدة العياشي، المؤيد لحركة "بركات" (تعني كفاية)، والتي كات تقود حراكًا احتجاجياً ضد ترشح الرئيس بوتفليقة في انتخابات 2014. وقبل ذلك كانت صحيفتا "جريدتي"، و"مون جورنال" قد منعتا من الطبع وتم حرمانهما من الإشهار العمومي (الإعلانات الحكوميّة) وملاحقة مالكهما هشام عبود الذي اضطر إلى الخروج من الجزائر إلى باريس، بسبب ملفات فساد نشرتها الصحيفة، تخص شخصيات مقربة من الرئيس بوتفليقة.
وطاولت المضايقات صحفًا أخرى، كانت أقلّ حدةً في مواقفها التحريرية إزاء السلطة، حيث تعرّضت صحيفة "الفجر" لمضايقات تتعلق بالمنع من الطبع بحجة تراكم فواتير، وحرمانها من الإشهار العمومي، بسبب مواقف مديرتها حدة حزام، المناهضة لحكم الرئيس بوتفليقة. كما تعرضت صحيفتا "الخبر" و"الوطن" المستقلتان، وهما أكبر الصحف الناطقة بالعربية والفرنسية على التوالي في البلاد، لمضايقات من قبل الحكومة، حيث طلب وزير الاتصال حميد قرين من المعلنين وشركات الهاتف والسيارات عدم منح إشهارها لهما، بسبب خطهما التحريري المعارض للسلطة وسياسات الرئيس بوتفليقة.
ولم تخلُ المضايقات الحكومية للصحافة المستقلة من الملاحقات القضائية المستمرة ضد عدد من الصحافيين ومدراء الصحف، بعضها ما زال مستمرًا حتى الآن. لكنّ القبضة الحكومية على المشهد الإعلامي اشتدّت في الفترة الأخيرة في اتجاهين، يتعلق الأول بتطهير قطاع الصحافة المكتوبة، والثاني بإعادة ترتيب المشهد التلفزيوني.
اقــرأ أيضاً
في الشق الأول، قرّرت السلطات إعادة توزيع ريع الإشهار والإعلانات الحكومية، حيث تم حرمان ما يزيد عن 60 صحيفة من الإشهار، ما دفع بـ15 صحيفة كدفعة أولى إلى غلق أبوابها وتسريح الصحافيين، بينها صحف "صوت الغرب" و"منبر القراء" و"البهجة" و"المستقبل" و"منبر وهران" وغيرها، بسبب الأزمة مالية خانقة. وتراجعت نسبة توزيع الإشهار الحكومي على الصحف بنسبة 50 في المائة، وتراجعت كمية الإعلانات التي كانت توزعها "وكالة النشر والإشهار الحكومية من حوالي 250 صفحة يوميًا إلى ما لا يتعدى 130 صفحة يوميًا توزع على زهاء 150 عنوانًا إعلاميًا.
وفي منتصف شهر إبريل/نيسان الماضي أغلقت صحيفة "الأحداث "اليومية أبوابها، وسرحت 48 صحافيًا ومراسلاً. ويعيش الصحافيون في جريدة "اليوم"، بدون أجور منذ أربعة أشهر، فيما اضطرت صحف أخرى إلى وضع خطط لتقليص أعداد الصحافيين والموظفين العاملين فيها، قبل أن تندلع أزمة أخرى بين الحكومة وصحيفتي "الخبر" و"الوطن" المعارضتين، حيث اعترضت الحكومة على خطة إنقاذ وقعتها الخبر مع رجل أعمال معارض يسعد ربراب، ومنعت صحيفة "الوطن" من الدخول إلى مقر جديد انشأته الصحيفة.
انتقلت السلطة إلى وضع جديد مؤخراً، فتوجهت إلى المشهد التلفزيوني لغلق القنوات المعارضة، حيث أغلقت قناة "الوطن" المقربة من الاخوان المسلمين منذ شهر فبراير/شباط الماضي، بحجة استضافتها للقائد السابق للجيش الإسلامي للإنقاذ مدني مزراق، بالرغم من أنّ أكثر من قناة كانت قد استضافته قبل ذلك. وكانت قناة "الخبر" التالية في سلسلة المُستَهدفين، حيث تم اقتحام استوديوهات كانت تصور فيها برامج سياسية وساخرة تبثها القناة، وتم توقيف مدير القناة مهدي بن عيسى، بحجج مختلفة، قبل أن تنقل السلطة معركتها ضد القنوات المستقلة إلى ساحة مفتوحة، حيث أنذرت مجموع القنوات الناشطة في الجزائر، وعددها 50 قناة، من البث والعمل في الجزائر حتى تسوية أوضاعها القانونية والحصول على ترخيص بالبث من قبل سلطة السمعي البصري الجديدة (هيئة ضبط الإعلام المرئي والمسموع) التي تم تعيينها قبل أسبوع.
وأمس الخميس، علّقت السلطات الجزائرية عمل قناة "بي إن سبورت" (beIN Sports) في الجزائر. وذكرت مصادر على صلة بالملف، أنّ "وزارة الاتصال عزت القرار إلى أن ملف ترخيص قناة "بي إن سبورت" في الجزائر يتجاوز وزارة الاتصال، وهو بين يدي الرئاسة".
ولم تُبلغ وزارة الاتصال ممثّلين عن القناة في الجزائر، بالأسباب التي تقف خلف هذا القرار. وكانت القناة، التي تنشط منذ سنتين في البلاد، قد أودعت منذ شهر يناير/كانون الثاني الماضي ملف التجديد السنوي للترخيص بالعمل في الجزائر لدى وزارة الاتصال، لكنها لم تحصل على أي رد بشأنه.
ويعزو مراقبون حرب السلطة المفتوحة ضد الإعلام المستقل في الجزائر، صحفًا وقنوات، إلى بُعد سياسي يرتبط بترتيبات سياسية للمرحلة المقبلة، ما بعد الرئيس بوتفليقة وترتيب انتقال السلطة من دون تشويش إعلامي.
كانت الحجة حينها عدم حيازة القناة على ترخيص بالبث، في الوقت الذي كانت فيه عشرات القنوات تبث أيضًا من دون ترخيص. تلى ذلك غلق صحيفة "الجزائر نيوز" ومنعها من الطبع في المطابع الحكومية، بسبب مواقف مالكها الصحافي إحميدة العياشي، المؤيد لحركة "بركات" (تعني كفاية)، والتي كات تقود حراكًا احتجاجياً ضد ترشح الرئيس بوتفليقة في انتخابات 2014. وقبل ذلك كانت صحيفتا "جريدتي"، و"مون جورنال" قد منعتا من الطبع وتم حرمانهما من الإشهار العمومي (الإعلانات الحكوميّة) وملاحقة مالكهما هشام عبود الذي اضطر إلى الخروج من الجزائر إلى باريس، بسبب ملفات فساد نشرتها الصحيفة، تخص شخصيات مقربة من الرئيس بوتفليقة.
وطاولت المضايقات صحفًا أخرى، كانت أقلّ حدةً في مواقفها التحريرية إزاء السلطة، حيث تعرّضت صحيفة "الفجر" لمضايقات تتعلق بالمنع من الطبع بحجة تراكم فواتير، وحرمانها من الإشهار العمومي، بسبب مواقف مديرتها حدة حزام، المناهضة لحكم الرئيس بوتفليقة. كما تعرضت صحيفتا "الخبر" و"الوطن" المستقلتان، وهما أكبر الصحف الناطقة بالعربية والفرنسية على التوالي في البلاد، لمضايقات من قبل الحكومة، حيث طلب وزير الاتصال حميد قرين من المعلنين وشركات الهاتف والسيارات عدم منح إشهارها لهما، بسبب خطهما التحريري المعارض للسلطة وسياسات الرئيس بوتفليقة.
ولم تخلُ المضايقات الحكومية للصحافة المستقلة من الملاحقات القضائية المستمرة ضد عدد من الصحافيين ومدراء الصحف، بعضها ما زال مستمرًا حتى الآن. لكنّ القبضة الحكومية على المشهد الإعلامي اشتدّت في الفترة الأخيرة في اتجاهين، يتعلق الأول بتطهير قطاع الصحافة المكتوبة، والثاني بإعادة ترتيب المشهد التلفزيوني.
وفي منتصف شهر إبريل/نيسان الماضي أغلقت صحيفة "الأحداث "اليومية أبوابها، وسرحت 48 صحافيًا ومراسلاً. ويعيش الصحافيون في جريدة "اليوم"، بدون أجور منذ أربعة أشهر، فيما اضطرت صحف أخرى إلى وضع خطط لتقليص أعداد الصحافيين والموظفين العاملين فيها، قبل أن تندلع أزمة أخرى بين الحكومة وصحيفتي "الخبر" و"الوطن" المعارضتين، حيث اعترضت الحكومة على خطة إنقاذ وقعتها الخبر مع رجل أعمال معارض يسعد ربراب، ومنعت صحيفة "الوطن" من الدخول إلى مقر جديد انشأته الصحيفة.
انتقلت السلطة إلى وضع جديد مؤخراً، فتوجهت إلى المشهد التلفزيوني لغلق القنوات المعارضة، حيث أغلقت قناة "الوطن" المقربة من الاخوان المسلمين منذ شهر فبراير/شباط الماضي، بحجة استضافتها للقائد السابق للجيش الإسلامي للإنقاذ مدني مزراق، بالرغم من أنّ أكثر من قناة كانت قد استضافته قبل ذلك. وكانت قناة "الخبر" التالية في سلسلة المُستَهدفين، حيث تم اقتحام استوديوهات كانت تصور فيها برامج سياسية وساخرة تبثها القناة، وتم توقيف مدير القناة مهدي بن عيسى، بحجج مختلفة، قبل أن تنقل السلطة معركتها ضد القنوات المستقلة إلى ساحة مفتوحة، حيث أنذرت مجموع القنوات الناشطة في الجزائر، وعددها 50 قناة، من البث والعمل في الجزائر حتى تسوية أوضاعها القانونية والحصول على ترخيص بالبث من قبل سلطة السمعي البصري الجديدة (هيئة ضبط الإعلام المرئي والمسموع) التي تم تعيينها قبل أسبوع.
وأمس الخميس، علّقت السلطات الجزائرية عمل قناة "بي إن سبورت" (beIN Sports) في الجزائر. وذكرت مصادر على صلة بالملف، أنّ "وزارة الاتصال عزت القرار إلى أن ملف ترخيص قناة "بي إن سبورت" في الجزائر يتجاوز وزارة الاتصال، وهو بين يدي الرئاسة".
ولم تُبلغ وزارة الاتصال ممثّلين عن القناة في الجزائر، بالأسباب التي تقف خلف هذا القرار. وكانت القناة، التي تنشط منذ سنتين في البلاد، قد أودعت منذ شهر يناير/كانون الثاني الماضي ملف التجديد السنوي للترخيص بالعمل في الجزائر لدى وزارة الاتصال، لكنها لم تحصل على أي رد بشأنه.
ويعزو مراقبون حرب السلطة المفتوحة ضد الإعلام المستقل في الجزائر، صحفًا وقنوات، إلى بُعد سياسي يرتبط بترتيبات سياسية للمرحلة المقبلة، ما بعد الرئيس بوتفليقة وترتيب انتقال السلطة من دون تشويش إعلامي.