اجتاحت صورة الطفل السوري عمران دقنيش مواقع التواصل الاجتماعي كما الإعلام. لقيت هذه الصورة تفاعلاً كبيراً رغم أن يوميات سورية لا تخلو من مشاهد قاسية. لذا حلل ثلاثة مصوري حرب مكامن القوة في صورة هزت العالم، حتى يتعرفوا على سرها.
وشارك في تحليل الصورة لصحيفة "ذي إندبندنت" كلاً من المصورة الأميركية نيكول تونغ التي كانت برفقة جيمس فولي، الصحافي الذي كان خطفه وأعدمه تنظيم "داعش"، ومدير التصوير في وكالة "فرانس برس" في تركيا، بولنت كيليك، والذي أشرف على خدمات تصوير في كل من أوكرانيا وسورية، ثم المصورة إما بيلز، وهي نصف بريطانية غطت بعدستها الأحداث في سورية منذ 2012.
وقالت تونغ إنها أمضت وقتاً في المستشفيات السورية وشاهدت حالات مشابهة لأطفال لا يبكون من هول الصدمة، فهم تعرضوا لصدمة كبرى، فقد تعرض آباؤهم للقتل، ووجدوا أنفسهم ضحية قنبلة.
وأشارت إلى أن صورة الطفل عمران كان لديها التأثير الأكبر على البالغين، وخصوصاً الآباء. إذ يضعون أطفالهم مكان عمران. طفل بريء كان من المفروض أن يلعب مع أصدقائه الآن بدل أن يكون ضحية حرب. وهو ضحية عنف بشري كبير، ما يجعل الأمر صادماً.
وأكدت المصورة أن الصورة ليست أسوأ ما شاهدت، إذ تصادفت مع أطفال برؤوس مقطوعة وأطراف مفقودة. لكن وسائل الإعلام تفرض رقابة على هذه الصور حتى لا يهرب منها الجمهور. ووصفت ذلك بالمحبط لأنه لا يسمح بإظهار الحقيقة كما هي. أما صورة الطفل عمران فلم تكن دموية بشكل مبالغ فيه، لذا استطاع الناس مشاهدتها وتأملها.
واتفق كيليك مع تونغ في كون قوة الصورة تكمن أساساً في أن البالغين يضعون أبناءهم مكان عمران. وأكد أن الصورة كانت قوية حتى عليه شخصياً.
وتابع كيليك أن الصورة تصبح هامة حين يتخيلون أن أبناءهم كانوا من الممكن أن يكونوا موتى على شاطئ أو جالسين في سيارة إسعاف كما شاهدوا أيلان وعمران في التلفزيون. وتابع مشيراً إلى لمس دقنيش لوجهه، وهو لا يعرف ما الذي جرى له. وقال إن الضوء والوجه والتماثل كانت كلها لمسة إلهية جاءت بالصدفة دفعة واحدة.
وتساءل كيليك عن التأثير الحقيقي لهذه الصورة، فالصور التي يتم أخذها يكون هدفها أساساً أن تكون قوية حتى تؤثر على قرارات المسؤولين. واستبعد أن توقف الصورة الحرب.
وضمت إيما بيلز صوتها إلى صوت زميليها المصورين، معتبرة أن أقوى ما في الصورة هو أن الآباء وضعوا أبناءهم مكان عمران.
ولم تخرج بيليز عن مكان القوة التي توصل إليها المصوران. فالتفاصيل الصغيرة كانت هي منبع القوة، من ارتباك الصغير عمران وصدمته الواضحة والطريقة التي مسح بها دمه عن رأسه، وعينه التي غطاها الدم ووجهه الذي غطاه الدم والغبار.
وأكدت بدورها أن الصورة، رغم قوتها، تظل بدون تأثير. فليس من المفروض مناقشة الصورة بطريقة عاطفية لوقت قصير ثم ينتهي الحديث، بل من المفروض أن يكون النقاش هو حول وضع حد للحرب.
(العربي الجديد)