وحذّر ناشطون من محاولة البعض دفع السوريين إلى التصويت على الاستفتاء أو مشاركة آرائهم عبر وسائل الإعلام، موضحين أن التصويت والتعديل هما من حق المواطن التركي وحده، وهو من يقرر مصلحة بلاده بالشكل الديمقراطي الذي تنتهجه الحكومة التركية المنتخبة.
وتناقلوا عبر تطبيق "واتساب" رسائل موجهة إلى السوريين، مفادها بأن "الحكومة والشعب التركيّين أكّدا في أكثر من مناسبة أن السوريين ضيوف مؤقتون على الديار التركية، حتى انتهاء الحرب الدائرة في بلادهم، إلا لمن يرغب في الاستقرار الدائم بينهم. وبالتالي، من غير اللائق التدخل في شأن الدولة المضيفة التي فتحت ذراعيها بكل مكوناتها لاستقبال اللاجئين خلال الحرب المندلعة منذ ست سنوات".
وتداول ناشطون سوريون على موقع "فيسبوك" المنشور التالي "الأتراك المتعاطفون معنا هم أكثر بكثير من الأتراك الكارهين لتواجدنا... وعلينا أيضاً جعل الآخرين يتعاطفون معنا، لا أن نزيد من كرههم لنا، ما سينعكس أيضاً بالإيجاب على الشعب التركي الذي يتطلّع إلى التغيير... لذلك أعود للتذكير: نحن بصدد اقتراب يوم تقرير المصير للأشقاء الأتراك ولا تجعل أحدا يستغلك ويسألك عن رأيك أو يحاول إقناعك بحق التصويت أو يستدرجك إلى مكان التصويت ليظهر أنك سوري تتلاعب بالانتخاب... علينا فقط الدعاء إلى الله للعبور بتركيا إلى بر الأمان".
وقال الإعلامي والكاتب أسامة حميد "لا أعتقد أن من حق الضيوف التدخل بالشأن الداخلي لأي بلد مضيف... وهذه قاعدة يجب جميعنا الاتفاق عليها، وبما أن معركة الاستفتاء الشعبي حول مسألة تعديل دستور والتحول إلى نظام رئاسي بتركيا، وباتت وشيكة وتبدو حامية الوطيس بين حزبين فقط وهما حزب العدالة والتنمية والحزب الجمهوري المعارض".
وأضاف حميد "كلنا يعرف من دون تحليل أن المعارضة التركية التي يمثلها الحزب الجمهوري قد عبرت بكل صراحة أثناء الانتخابات البرلمانية عن رغبتها بطرد السوريين من تركيا فهذا يعني بكل بساطة عدم إعطاء أي فرصة للمعارضة التركية بأن تستغل انخراط السوريين في الاستفتاء والذي يعبر عنه الشارع التركي فقط ولا علاقة لنا من بعيد أو من قريب فيما يختاره الأتراك".
وصّرح حميد من مدينة غازي عنتاب أن "كلنا يعرف أن الإعلام التركي المعارض يحاول دائماً إبراز السوريين بصورة مهزوزة ويجري تضخيمها وفق الأجندة التي يرغبون بها، حتى أنهم اتهموا السوريين بأنهم سبب زيادة البطالة وتراجع سعر صرف الليرة التركية"، في حديثه لـ "العربي الجديد".
وتابع "علينا دائما أن نتذكر أننا مجرد ضيوف والدولة مسؤولة عن حمايتنا فقط وفق القوانين الدولية، وكما قيل في الحكمة: من يتدخل فيما لا يعنيه يرى شيئاً لا يرضيه، علماً أن الأتراك لا يقدسون أشخاصاً كما الذهنية العربية، هم فقط وببساطة يبحثون عما فيه مصالح بلادهم، وهم أدرى بها".
في المقابل، رأى الكاتب السوري جمال مامو في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الانقسام الحاد حول الاستحقاق الدستوري الذي تشهده تركيا بعد أسبوع، لا يطاول الأتراك وحدهم فحسب، بل يشاركهم في ذلك الانقسام 3 ملايين لاجئ سوري يتوزعون على معظم المدن التركية من الجنوب إلى الشمال.
وعلى الرغم من أن الانقسام السوري حول التعديلات الدستورية لا يتعلق بالتصويت بالموافقة على التعديلات أو رفضها، لأن معظم السوريين لا يملكون حق التصويت والمشاركة في الاستفتاء، فقد نشطت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي باللغتين العربية والتركية تدعو السوريين إلى عدم المشاركة في الأنشطة الجماهيرية التي يعقدها كلا الفريقين أو التجمع أمام مراكز الاستفتاء، كي لا يستخدم وجود السوريين كحجة من قبل أحزاب المعارضة التركية التي يسوق بعضها في وسائل إعلامه أن الحزب الحاكم في تركيا سيسمح لبعض السوريين بالتصويت لكسب الاستفتاء، وفقاً لمامو.
وأضاف مامو "في هذا السياق، وجه أحد الناشطين من التركمان السوريين دعوة إلى جميع السوريين لتجنب حمل الأعلام التركية والتجمع أمام مراكز التصويت يوم الاستفتاء، لكنه قال في نهاية رسالته إنه لا يرى مانعاً في مشاركة السوريين للأتراك في احتفالات الفوز في حال فوز الحزب الحاكم بمعركة الاستحقاق الدستوري".
وأشار الكاتب السوري إلى أن "الحكمة والعقلانية تقضي بتجنب الدخول في معترك السياسة الداخلية التركية واستحقاقاتها، أياً كانت الدوافع والنتائج المرتقبة لهذا التدخل، خاصة أن السوريين يمرون بمرحلة حرجة على المستوى الوطني العام، بعد تصاعد مطالب شعبية تركية بإشراك السوريين في تحرير بلادهم بدلاً من الجنود الأتراك الذين يدفعون حياتهم ثمناً لتحرير أراضي غيرهم كما تزعم بعض الجهات التركية".