على الرغم من أن الطبيب المتابع لحالة الصحافي المصري المعتقل هشام جعفر، الصحية، أوصى مراراً بإجراء الفحوصات والتحاليل الطبية من أجل تغيير جرعات علاجه، تماشياً مع وضعه الصحي الجديد، إلا أنه لا يزال يكتب له نفس الجرعات السابقة أو يغير فيها قليلاً بناءً على ما تصفه له أسرة جعفر عن حالته ووضعه.
يواجه جعفر "الموت البطيء"، كما قال في رسالة، أخيراً. وأضيف إلى ذلك، الابتزاز المالي. فقد كشفت زوجة جعفر، منار طنطاوي، عن واقعة ابتزاز مالي لها من قبل أحد القيادات الشرطية، بطلبه رشوة مالية مقابل الإفراج الصحي عن زوجها، الذي يعاني عدة أمراض بمحبسه.
وقالت طنطاوي عبر حسابها على موقع "فيسبوك"، الجمعة، إنّ اتصالاً جاءها من مجهول، يطلب منها مبلغ 120 ألف جنيه (الدولار= حوالى 18 جنيهاً)، كاشفة أن المتصل أخبرها أن "لجنة طبية، ستعاين السجون، تحت أشراف عميد شرطة، ستقرر الإفراج الصحي عنه في حال دفعت المبلغ المطلوب".
وكتبت طنطاوي: "بعد ما هشام جعفر اتنقل من مستشفى سجن "ليمان طرة" بيومين، ورد لي اتصال تليفوني، قال لي "اسمعي اللي بقولك عليه، فيه لجنة طبية بتلف في السجون. جوزك عيان، اه بس مش مرض موت. الآن يتكتبله تقرير.. تعطيه للمحامي يقدم بيه إعفاء صحي ولا السيسي نفسه يعترض عليه. المطلوب 120الف جنيه". وحين أخبرته طنطاوي أنها لا تملك المبلغ، قال المتصل "طيب 60 ألف والباقي لما يخرج... اتصرفي هيخرج ويبقى في بيته مع أولاده".
وكانت طنطاوي قد روت تفاصيل مزعجة عن زيارتها لجعفر في محبسه يوم 29 مارس/آذار الماضي، حيث أوصاها أن تنقل للجميع تفاصيل وقائع "الموت البطيء داخل السجون، وسط إهمال طبي متعمد".
وقالت الطنطاوي، عبر حسابها على "فيسبوك"، إنها فوجئت بوجه زوجها "شاحباً وحول عينيه السواد، ووجهه لا يخلو من مكان بلا لسعات الناموس"، متابعة: "أول ما اتكلم قالي أنا تعبان واللي بيحصل إهمال طبي متعمد وتجويع متعمد، مش بيرضوا يدخلوا أكل في الزيارات والأكل بتاعهم بايظ وبيجيب تسمم".
وأضاف جعفر، بحسب زوجته "هم قاصدين كل حاجة بتعمد.. واكتبي عن اللي شفتيه ومتسكتوش ومتخافوش وإن شاء الله لو قعدت 50 سنة مش هيهمني. قولي لكل الناس اللي بيحصل. قولي لهم إننا بنموت بالبطيء. قولي لهم إن مش هشام لوحده كل الناس اللي في السجون".
وكانت قوات من الشرطة وضباط بالأمن الوطني المصريين قد اقتحموا مقر مؤسسة "مدى" للتنمية الإعلامية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وألقوا القبض على جعفر ليتم احتجازه بمكان مجهول، إلى أن تم عرضه على النيابة بعدها بأيام. وفي المحضر رقم 720 لسنة 2015 حصر أمن دولة، ووجهت إليه اتهامات بـ "الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها تخريب مؤسسات الدولة، وتلقي رشوة دولية".
وعمل جعفر (51 عاماً) رئيساً لتحرير شبكة "إسلام أون لاين.نت" وموقع "أون إسلام.نت"، وقد أسهم عبر عمله في هذه المواقع في إعداد كوادر صحافية وبحثية شابة تتبنى أسساً مهنية في عملها. وحصل على بكالوريوس العلوم السياسية من جامعة القاهرة عام 1985، وعلى درجة الماجستير في العلوم السياسية من نفس الجامعة، وهو باحث ومحلل سياسي، له العديد من الكتب والدراسات، وشارك كمحاضر في العديد من الندوات والمؤتمرات وورش العمل داخل وخارج مصر.
ولجعفر ثلاثة أبناء (ولدان وبنت)، وله حفيدة من أكبر أبنائه، وهو متزوج من أستاذة جامعية.
ومنذ أحداث 3 يوليو/تموز 2013 تتعمد السلطات الأمنية والقضائية إرهاق معارضي النظام ورافضي الانقلاب العسكري بالكفالات المالية الكبيرة، للإفراج عن المعتقلين، بجانب الرشى التي يطلبها بعض القيادات الأمنية الكبيرة للإفراج عن المعتقلين أو شطب قضاياهم وإفساد محاضر محررة ضدهم لدى السلطات الأمنية والقضائية.
كما تزايدت تجارة الرشى وتوسعت من خلال شبكة من المحامين قريبي الصلة بضباط الشرطة، وباتوا يحددون تسعيرة مقابل الإفراج عن المعتقلين، يعاونهم بعض أفراد النيابات والقضاة.
وفي عشرات آلاف القضايا؛ أصدرت النيابة العامة، أو المحاكم المختلفة، قرارات بإخلاء سبيل المتهمين على ذمة القضايا السياسية، بعد دفع كفالات ضخمة لم تعرفها المحاكم المصرية من قبل، من بينها الحكم على 12 طالباً بجامعة الأزهر في تشرين الثاني/نوفمبر 2013 بالسجن 17 عاماً، أو دفع 64 ألف جنيه كفالة لكل منهم. وفي قضية المظاهرات المعارضة لتنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير؛ أصدرت محكمة استئناف الجيزة في أيار/مايو الماضي قراراً بالإفراج عن عشرات المتهمين بكفالة بلغت قيمتها 100 ألف جنيه لكل معتقل، وبلغ إجمالي الغرامات أربعة ملايين و700 ألف جنيه، وبعد تقديم استئناف على الحكم؛ ألغت المحكمة الحبس، ولكنها أبقت على الغرامة المالية الباهظة، بل إن رئيس المحكمة رفض طلبات 47 متهماً بتقسيط قيمة الغرامة، وأصر على دفعها مرة واحدة.
وكان المستشار خالد النشار، مساعد وزير العدل لشؤون الإعلام، قال في تصريحات صحافية سابقة، إن "الغرامات التي يتم تحصيلها من المتهمين تؤول لخزانة الدولة ممثلة في وزارة العدل، فيما يذهب جزء منها لصالح القضاة"، مضيفاً أن "وزارة العدل حصّلت رسوماً قضائية وكفالات خلال العامين الماضيين فقط؛ بلغت مليارَين و411 مليون جنيه".
واشتكى العديد من المعتقلين من ابتزازهم مالياً خلال فترات حبسهم، قائلين "كل العاملين في السجون من أصغر جندي حتى مأمور السجن؛ يستفيدون مادياً من المعتقلين"، منها أثناء الزيارة تدفع أسرة المعتقل مبالغ نقدية لكل من يتعاملون معهم حتى يسمحوا لهم بإدخال الطعام والملابس له، كما أن الحراس لا يسمحون إلا بدخول المواد الغذائية القليلة، ليتمكنوا لاحقاً من ترويج بضائعهم من "الكانتين" الذي يبيع المواد الغذائية والمشروبات بأضعاف ثمنها للمعتقلين.
وبحسب تقرير صادر عن المرصد المصري للحقوق والحريات في أيار/مايو الماضي؛ فقد بلغت قيمة الكفالات والغرامات التي فرضت على المعتقلين والمعارضين في آلاف القضايا السياسية، نحو 190 مليون جنيه، وذلك في الفترة من 3 تموز/يوليو 2013 حتى نهاية آذار/مارس 2015 فقط.
اقــرأ أيضاً
وقالت طنطاوي عبر حسابها على موقع "فيسبوك"، الجمعة، إنّ اتصالاً جاءها من مجهول، يطلب منها مبلغ 120 ألف جنيه (الدولار= حوالى 18 جنيهاً)، كاشفة أن المتصل أخبرها أن "لجنة طبية، ستعاين السجون، تحت أشراف عميد شرطة، ستقرر الإفراج الصحي عنه في حال دفعت المبلغ المطلوب".
وكتبت طنطاوي: "بعد ما هشام جعفر اتنقل من مستشفى سجن "ليمان طرة" بيومين، ورد لي اتصال تليفوني، قال لي "اسمعي اللي بقولك عليه، فيه لجنة طبية بتلف في السجون. جوزك عيان، اه بس مش مرض موت. الآن يتكتبله تقرير.. تعطيه للمحامي يقدم بيه إعفاء صحي ولا السيسي نفسه يعترض عليه. المطلوب 120الف جنيه". وحين أخبرته طنطاوي أنها لا تملك المبلغ، قال المتصل "طيب 60 ألف والباقي لما يخرج... اتصرفي هيخرج ويبقى في بيته مع أولاده".
Facebook Post |
وكانت طنطاوي قد روت تفاصيل مزعجة عن زيارتها لجعفر في محبسه يوم 29 مارس/آذار الماضي، حيث أوصاها أن تنقل للجميع تفاصيل وقائع "الموت البطيء داخل السجون، وسط إهمال طبي متعمد".
وقالت الطنطاوي، عبر حسابها على "فيسبوك"، إنها فوجئت بوجه زوجها "شاحباً وحول عينيه السواد، ووجهه لا يخلو من مكان بلا لسعات الناموس"، متابعة: "أول ما اتكلم قالي أنا تعبان واللي بيحصل إهمال طبي متعمد وتجويع متعمد، مش بيرضوا يدخلوا أكل في الزيارات والأكل بتاعهم بايظ وبيجيب تسمم".
وأضاف جعفر، بحسب زوجته "هم قاصدين كل حاجة بتعمد.. واكتبي عن اللي شفتيه ومتسكتوش ومتخافوش وإن شاء الله لو قعدت 50 سنة مش هيهمني. قولي لكل الناس اللي بيحصل. قولي لهم إننا بنموت بالبطيء. قولي لهم إن مش هشام لوحده كل الناس اللي في السجون".
وكانت قوات من الشرطة وضباط بالأمن الوطني المصريين قد اقتحموا مقر مؤسسة "مدى" للتنمية الإعلامية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وألقوا القبض على جعفر ليتم احتجازه بمكان مجهول، إلى أن تم عرضه على النيابة بعدها بأيام. وفي المحضر رقم 720 لسنة 2015 حصر أمن دولة، ووجهت إليه اتهامات بـ "الانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها تخريب مؤسسات الدولة، وتلقي رشوة دولية".
Facebook Post |
وعمل جعفر (51 عاماً) رئيساً لتحرير شبكة "إسلام أون لاين.نت" وموقع "أون إسلام.نت"، وقد أسهم عبر عمله في هذه المواقع في إعداد كوادر صحافية وبحثية شابة تتبنى أسساً مهنية في عملها. وحصل على بكالوريوس العلوم السياسية من جامعة القاهرة عام 1985، وعلى درجة الماجستير في العلوم السياسية من نفس الجامعة، وهو باحث ومحلل سياسي، له العديد من الكتب والدراسات، وشارك كمحاضر في العديد من الندوات والمؤتمرات وورش العمل داخل وخارج مصر.
ولجعفر ثلاثة أبناء (ولدان وبنت)، وله حفيدة من أكبر أبنائه، وهو متزوج من أستاذة جامعية.
ومنذ أحداث 3 يوليو/تموز 2013 تتعمد السلطات الأمنية والقضائية إرهاق معارضي النظام ورافضي الانقلاب العسكري بالكفالات المالية الكبيرة، للإفراج عن المعتقلين، بجانب الرشى التي يطلبها بعض القيادات الأمنية الكبيرة للإفراج عن المعتقلين أو شطب قضاياهم وإفساد محاضر محررة ضدهم لدى السلطات الأمنية والقضائية.
كما تزايدت تجارة الرشى وتوسعت من خلال شبكة من المحامين قريبي الصلة بضباط الشرطة، وباتوا يحددون تسعيرة مقابل الإفراج عن المعتقلين، يعاونهم بعض أفراد النيابات والقضاة.
وفي عشرات آلاف القضايا؛ أصدرت النيابة العامة، أو المحاكم المختلفة، قرارات بإخلاء سبيل المتهمين على ذمة القضايا السياسية، بعد دفع كفالات ضخمة لم تعرفها المحاكم المصرية من قبل، من بينها الحكم على 12 طالباً بجامعة الأزهر في تشرين الثاني/نوفمبر 2013 بالسجن 17 عاماً، أو دفع 64 ألف جنيه كفالة لكل منهم. وفي قضية المظاهرات المعارضة لتنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير؛ أصدرت محكمة استئناف الجيزة في أيار/مايو الماضي قراراً بالإفراج عن عشرات المتهمين بكفالة بلغت قيمتها 100 ألف جنيه لكل معتقل، وبلغ إجمالي الغرامات أربعة ملايين و700 ألف جنيه، وبعد تقديم استئناف على الحكم؛ ألغت المحكمة الحبس، ولكنها أبقت على الغرامة المالية الباهظة، بل إن رئيس المحكمة رفض طلبات 47 متهماً بتقسيط قيمة الغرامة، وأصر على دفعها مرة واحدة.
وكان المستشار خالد النشار، مساعد وزير العدل لشؤون الإعلام، قال في تصريحات صحافية سابقة، إن "الغرامات التي يتم تحصيلها من المتهمين تؤول لخزانة الدولة ممثلة في وزارة العدل، فيما يذهب جزء منها لصالح القضاة"، مضيفاً أن "وزارة العدل حصّلت رسوماً قضائية وكفالات خلال العامين الماضيين فقط؛ بلغت مليارَين و411 مليون جنيه".
واشتكى العديد من المعتقلين من ابتزازهم مالياً خلال فترات حبسهم، قائلين "كل العاملين في السجون من أصغر جندي حتى مأمور السجن؛ يستفيدون مادياً من المعتقلين"، منها أثناء الزيارة تدفع أسرة المعتقل مبالغ نقدية لكل من يتعاملون معهم حتى يسمحوا لهم بإدخال الطعام والملابس له، كما أن الحراس لا يسمحون إلا بدخول المواد الغذائية القليلة، ليتمكنوا لاحقاً من ترويج بضائعهم من "الكانتين" الذي يبيع المواد الغذائية والمشروبات بأضعاف ثمنها للمعتقلين.
وبحسب تقرير صادر عن المرصد المصري للحقوق والحريات في أيار/مايو الماضي؛ فقد بلغت قيمة الكفالات والغرامات التي فرضت على المعتقلين والمعارضين في آلاف القضايا السياسية، نحو 190 مليون جنيه، وذلك في الفترة من 3 تموز/يوليو 2013 حتى نهاية آذار/مارس 2015 فقط.