في ذكرى ثورة يناير... صحافي مصري يروي شهادته عن "اقتحام السجون"

19 يناير 2018
صبري: الاتهامات هدفها تشويه الثورة المصرية (محمد عبيد/فرانس برس)
+ الخط -
نشر الصحافي المصري المتخصص في شؤون سيناء، مهند صبري، ما وصفها بـ"شهادة تفصيلية" عما يُعرف بـ"قضية اقتحام أو فتح السجون"، خلال أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني عام 2011 في مصر، حينما اتهم النظام المصري قيادات "جماعة الإخوان المسلمين" بتدبيرها بالتعاون مع "جهات أجنبية"، بينها حركة "حماس" الفلسطينية، و"حزب الله" اللبناني، و"الحرس الثوري الإيراني".

وقال صبري إنه قرر نشر هذه الشهادة مع اقتراب الذكرى السابعة لثورة 25 يناير، ومع إصرار الأجهزة الأمنية المصرية والنظام العسكري الحالي على تصويرها من خلال هذه القضية "الهزلية" على أنها مؤامرة إخوانية مع حركات مسلحة، وإصدار أحكام بالإعدام والمؤبد بلا أي سند قانوني وأدلة قاطعة، ومن دون الحد الأدنى من ضمانات احترام القانون والدستور وحقوق المتهمين.

وأشار صبري في شهادته إلى لقاء صحافي أجراه مع العميد المتقاعد خالد عكاشة (الشاهد الرئيس في القضية) في نهاية عام 2012، للحديث حول ما حدث إبان ثورة يناير، باعتبار أن عكاشة كان رئيس قطاع الحماية المدنية في مديرية أمن شمال سيناء.

وطبقاً لما قاله عكاشة، فإنه قضى أيام الثورة في مقر عمله في العريش رئيساً لقطاع الحماية المدنية التي من بين أفرعها قوات المطافئ والمتفجرات وخلافه.

وأشار كلام عكاشة بشكل مباشر، لا مجال فيه لشك أو تأويل إلى أنه أمضى هذه الفترة متابعاً لما حدث من مكتبه ولم يشارك في أي عمليات ميدانية، حتى حينما أعطى الأمر لقوات المطافئ التابعة له في العريش بأن تتوجه إلى "مسجد الرفاعي" برفقة قوات الأمن المركزي، حيث كان من المفترض أن تخرج التظاهرات في "جمعة الغضب"، قبل أن تحدث أي تطورات عنيفة في الشيخ زويد أو رفح، وفق صبري.

وقال عكاشة في الحوار الصحافي المسجل: "جمعة الغضب... إحنا قعدنا اتفرجنا على جمعة الغضب في مدينة العريش قدامنا الأكل واللب والسجاير، والناس قاعدة بتتفرج على الثورة في قناة الجزيرة... جمعة الغضب من أوله لغاية آخره، شمال سينا تعيش يوم جمعة الغضب متفرجين".


وأكد صبري في شهادته أنه التقى عكاشة مرة أخرى بعد المقابلة الأولى بشهور، في 2013، عندما حل العميد خالد عكاشة كشاهد رئيسي في قصية اقتحام السجون الأولى في محكمة الإسماعيلية، وأدلى بشهادة تضمنت تفاصيل قال صبري إنه "يستحيل لمن شاهد الثورة من مكتبه على التلفزيون أن يؤكدها".

حل عكاشة مرة أخرى في 2014، كشاهد في القضية نفسها، ولكن هذه المرة بعد أحداث يوليو/ تموز عام 2013. وكان المتهمون موقوفين في سجون الدولة، وبينهم الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، ومرشد "الإخوان المسلمين" محمد بديع، وعدد من كبار أعضاء الجماعة ومكتب الإرشاد والذين حُكم عليهم فيها بالإعدام، وهو الحكم الذي ألغته محكمة النقض لاحقاً وأمرت بإعادة المحاكمة. لكن وبحسب شهادة صبري فإن "دور العميد خالد عكاشة لم يتغير، حيث ظهر مرة أخرى ليدلي بنفس الشهادة في إعادة المحاكمة التي تستمر حتى اليوم".

ولفت صبري إلى نص شهادة العميد خالد عكاشة في المحكمة التي أفاد خلالها بأن "المليشيات توجهت إلى القاهرة ومنها لوادي النطرون، وقامت باقتحام السجون تحت تهديد السلاح، لتهريب خلية لحماس مسجونة بوادي النطرون وخلية تابعة لـ"حزب الله" مسجونة قبل 2010، ثم قامت بالرجوع إلى الشريط الحدودي بمسجونين أُخرجوا من السجون"، موضحاً أن قناة "الجزيرة" استضافت عدداً من العناصر التي كانت في السجن، تحدثوا إليها من داخل قطاع غزة.

وقدّر الخبير الأمني عدد السيارات التي اقتحمت الحدود، مشيراً إلى أن التقديرات لن تقل عن 15 سيارة دفع رباعي تقلّ في كل منها ما بين 5 و6 أفراد مدججين بالسلاح، ولديهم تجهيزات كبيرة، وأشار إلى أن تلك التنظيمات المسلحة غير تابعة لجهات رسمية، ومنها تشكيلات إرهابية أطلقت على نفسها أسماء "التوحيد" و"الرايات السوداء" و"أنصار بيت المقدس" الذي بايع تنظيم "داعش"، وشدد الشاهد على أن أغلب العناصر المهاجمة جاءت من غزة لتنضم إليها عناصر من سيناء.

وأكد الشاهد أن هدف هجوم المليشيات المسلحة على مدينتي رفح والشيخ زويد، هو السيطرة عليهما لمواجهة الدولة المصرية، إذ حاول المعتدون إقامة "إمارة إسلامية" في المنطقة، وكذلك استغلال المساحة الموجودة لإعداد معسكرات تدريب وتأهيل للإرهابيين.

وتساءل صبري: "كيف تسنّى للعميد خالد عكاشة أن يعرف هذه التفاصيل ومن بينها عدد السيارات التي اقتحمت الحدود وعدد من كانوا فيها، بينما كان في مكتبه في العريش يتابع أحداث الثورة عبر التلفزيون طبقاً لما قاله نصاً خلال مقابلتي الصحافية معه؟".

وأضاف: "إذا عرف العميد خالد عكاشة هذه التفاصيل عبر مصادر أخرى، سواء كانوا مرؤوسيه في الحماية المدنية أو قطاعات أخرى في الداخلية، لماذا لم تستدع المحكمة هؤلاء ممن شهدوا الأمور بأنفسهم بدلاً من نقل معلومات غاية في الخطورة عبر وسيط؟ ألا تعد شهادة العميد خالد عكاشة اتهاماً مباشراً وتفصيلياً للقوات المسلحة المصرية وأفرعها وجهازي المخابرات العسكرية والمخابرات العامة بالتقصير والفشل في حماية الوطن وسيادته وحدوده".

وأوضح صبري أيضاً أنه "جمع شهادات من شمال سيناء، ومن مساجين (المرج، ووادي النطرون)، وأنه اتفقت على أن بدو سيناء الذين اتُهموا بالوقوف خلف تسهيل عبور المسلحين ومشاركتهم في اقتحام السجون، لا شأن لهم أو علاقة أو دور بهذا الأمر، وأن موضوع اختراق عشرات العربات المحملة بالمسلحين للحدود الدولية وبدء حرب مسلحة في مدن رفح والشيخ زويد هو ليس فقط أمرٌ يستحيل تصديقه ولكنه يدعو للسخرية. فكيف لحربٍ كالتي وصفها العميد خالد عكاشة أن تدور في مدن لم تنم ولم تهدأ إبان الثورة بلا شهود عيان بالمئات من السكان المحليين الملاصقين لساحة المعركة المزعومة... فضلاً عن ظهور فيديوهات وصور وشهادات على قنوات التلفزيون والمواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي".

واتفقت الشهادات أيضاً، بحسب صبري، على أن "الادعاء بأن حركة "حماس" و"حزب الله" و"الحرس الثوري الإيراني" كوّنوا مليشيا واقتحموا بها الأراضي المصرية ما هو إلا تهمة من مئات التهم التي تُلصق ببدو سيناء، وهدفها الأوحد هو تشويه الثورة المصرية وتصويرها على أنها مؤامرة أجنبية وإلى آخر قائمة الادعاءات الهزلية التي تروجها الدولة والأجهزة الأمنية وأبواقها".

كما أجمعت غالبية الشهادات من شمال سيناء على مشاركة عناصر من بدو وادي النيل المحيطين في القاهرة الكبرى من جميع الاتجاهات، في الهجمات على سجني المرج ووادي النطرون تحديداً، وأنها كلها عناصر جنائية كان هدفها تحرير سجناء قضايا مخدرات كبرى، وأن الدولة المصرية تعرف تحديداً من قام بالهجوم وأقربائهم من نزلاء السجون، حسب صبري.

وأكد صبري أنه خلال لقاء صحافي مسجل جمعه بوكيل جهاز أمن الدولة السابق، اللواء فؤاد علام، أقرّ الأخير بوجود "أمور كثيرة غير مفهومة في أحداث سيناء عموماً، وما جرى في هذه المحافظة تحديداً خلال الثورة المصرية".

وأضاف أنه "من الضروري أن يتم إنشاء "لجنة تقصي حقائق مستقلة" يتوفر لها كل المقومات وكامل الحرية في أن تبذل كل الإمكانات المطلوبة للتحقيق في كل ما يتعلق بشمال سيناء ونشره".