عودة الإنترنت للعراق: مقاطع الفيديو وصور قمع التظاهرات تتدفق
تدفقت صور المصابين والقتلى (أحمد الرباعي/فرانس برس)
بعد خمسة أيام من
قطع شبكة الانترنت في
العراق، عاودت السلطات بثّ الخدمة بشكلٍ متذبذب مع استمرار
حجب مواقع التواصل كـ"فيسبوك" و"تويتر"، غير أنّ فتح شبكة الانترنت كان كفيلاً بالسماح بتدفق المئات من مقاطع الفيديو والصور التي وثّق من خلالها ناشطون ومدونون ومتظاهرون عمليّات
القمع والانتهاكات التي تعرض لها
المتظاهرون، إضافةً إلى مواقف إنسانية تعبّر عن تضامن العراقيين وتآلف المجتمع، حيث يُحسب لهذه التظاهرات أنها "غسلت أدران الأحزاب والقوى السياسية الطائفية".
ويستخدم العراقيون برامج فكّ الحجب المختلفة vpn على هواتفهم، للدخول منذ ليلة الإثنين إلى منصات التواصل، والتي غصت بتعليقات الاطمئنان وعبارات الاشتياق للعالم الافتراضي، بالإضافة إلى شروحات وتفاصيل حول كيف كانت الأيام صعبة بلا إنترنت.
وأظهرت مقاطع الفيديو المنشورة بين ليل الإثنين وصباح الثلاثاء متظاهرين مصابين وقتلى جرّاء العنف المفرط الذي استخدمته الحكومة العراقيّة لقمع المتظاهرين ضدّ الفساد، بالإضافة إلى مقاطع تظهر وجود قناصين بالقرب من المتظاهرين، وعنف وحشي ضدّ المتظاهرين. وكتب العراقيون شهاداتهم حول ما حصل معهم وما عانوه، فيما تحدّث آخرون عن مغادرتهم بغداد بحثاً عن مكانٍ آمن.
ومع لهفة العراقيين للتواصل عبر الإنترنت، عبّروا في الوقت نفسه عن غضبهم واستيائهم من الإجراءات الحكومية التي وصفوها بالقمعية من خلال قطع الإنترنت عن الشعب، لعدم إطلاعه على العنف والقمع والاعتداء على المتظاهرين السلميين.
وما إن عادت خدمة الشبكة العنكبوتية مساء الإثنين، حتى خلت المقاهي والأسواق والحدائق العامة من المواطنين الذين سارعوا الى منازلهم للاتصال بالعالم الخارجي ومتابعة أحداث التظاهرات.
وقال عبد الله طه (30 عاماً): "لقد كنا معزولين عن العالم الخارجي، وبقرار حكومي. لقد استطاعت الحكومة أن تفصلنا عن العالم بأجمعه... لا تواصل، ولا متابعة أخبار، ولا معرفة ما حدث في ساحات التظاهرات. لقد أرادت الحكومة أن تجعل منا رهن أخبار مؤسساتها الإعلامية وقنواتها الفضائية التي لا تعبر عن إرادة الشارع بل عن سياسة الحكومة، وهي ليست محل ثقتنا".
وأضاف خلال حديثه مع "العربي الجديد": "كنا ملهوفين على متابعة أحداث التظاهرات، وحتى الشباب بدأوا رحلتهم الجديدة مع عودة الإنترنت للتواصل والبحث عن صور التظاهرات ومعرفة أحداثها"، مبيناً "لقد كانت الحقيقة صادمة بالنسبة لنا، فحجم القمع والاستهتار بأرواح العراقيين بلغ مستوى لم نكن نتوقعه".
وأوضح طه أنّ "الصور المفزعة للقمع والقنص واستخدام الرصاص الحي خلال التظاهرات كانت مأساوية، لا يمكن لحكومة ديمقراطية تقول إن الشعب انتخبها أن تمارس كل هذه الأساليب في قمعه"، مشدداً على "حقيقة أنّ المشاهد كانت مؤلمة، وقد عرفنا من خلالها لماذا أرادت الحكومة حجب العراقيين عن الإنترنت، وإخفاء كل تلك المشاهد البشعة".
من جهته، قال "أبو سجاد"، وهو صاحب مقهى شعبي في منطقة الكرادة بقلب بغداد: "كان المقهى لا يستوعب الشباب خلال الأيام الماضية، بسبب العزلة التي تسبب بها قطع الإنترنت عنهم، ولم يجدوا مكاناً غير المقاهي يجلسون فيها ويحاولون معرفة تفاصيل ما يحدث في ساحات التظاهرات، سيما أن الجميع لا يثقون بالفضائيات الحكومية التي تنقل الأخبار". وأكد لـ"العربي الجديد" أنّ المقاهي خلت ليل الإثنين تماماً من الزبائن الذين غادروها مسرعين إلى منازلهم، وهم يتراكضون للتواصل عبر الشبكة العنكبوتية".
ولم يؤثر قطع الإنترنت على الشباب فحسب، بل حتى الكبار في السن، من الذين اعتمدوه كمصادر موثوقة، لمعرفة ما يجري حولهم من أحداث، وانتقدوا إجراءات قطعه. وأكد "أبو هاجر" (70 عاماً) لـ"العربي الجديد" أنّ "الحياة كانت غير طبيعية لدى الجميع من دون خدمة الإنترنت، إذ اعتدنا على التواصل والاتصال ومتابعة ما يجري من حولنا عبر الشبكة العنكبوتية"، مبيناً "لا يمكن لحكومة تدعي الديمقراطية أن تعزل شعبها عن العالم الخارجي". واعتبر أنّ "ما حدث من قمع وحجب للإنترنت هو قمع للشعب ولحريته، لا يمكن القبول به".
وعلى الرغم من عودة خدمة الإنترنت إلى المحافظات العراقية، إلا أن مواقع التواصل الاجتماعي ما زالت محجوبة، ولم تحدد الحكومة وقتاً لرفع الحجب عنها.