فبعد انتشار مقطع فيديو، نهاية الأسبوع الماضي، على منصات الاجتماعية تشتكي فيه "امرأة من "التهميش" في مستشفى بمدينة سطات، وسط المغرب، وآخر لفتاة تشتكي الجوع في مستشفى مراكش، ظهر فيديو جديد لمغربي يحمل الجنسية البريطانية يتحدث عن ظروف استشفائه "الحاطّة من الكرامة"، على حد وصفه.
وكشف صاحب الفيديو عن معاناته بالقول: "تلقيت في مستشفى ابن زهر بمراكش معاملة طيبة من الطاقم الطبي، وبعد تأكيد نتائج التحليل إصابتي بهذا الوباء، نقلت إلى مستشفى محمد السادس، لتنطلق معاناتي، بوضعي في سرير لمريض غادر الغرفة دون تبديل فراشها". وتابع المصاب وهو يذرف الدمع: "مُنعت من الحمام ومن مغادرة الغرفة لقضاء حاجتي، ومنحوني إناءً بلاستيكياً لذلك"، مضيفاً: "منعوا عني ماء الشرب".
وفي الوقت الذي سارعت فيه إدارة المستشفى الجامعي محمد السادس بمراكش إلى نفي المعطيات الواردة في الفيديو، وتأكيد أن "كل المجهودات مبذولة من طرف كل العاملين، للسهر على راحة المرضى مع توفير كل الوسائل المتاحة"، تباينت مواقف الناشطين المغاربة بشأن الفيديو.
عبد الصمد بنشريف، مدير القناة "الثقافية" المغربية، عبّر عن قلقه وصدمته مما وقع، وكتب على حسابه الشخصي في "فيسبوك": "إذا كان هذا الفيديو صحيحاً وما يتضمنه من وقائع صحيحة كذلك، فالأمر مقلق جداً ويستحق فتح تحقيق عاجل جاد ومسؤول".
وتابع: "أكرر إذا كان محتوى هذا الفيديو صحيحاً، فإن الأمر يدعو إلى القلق. لأنه ينسف الجهود الكبيرة التي تبذلها الطواقم الطبية والتمريضية في مختلف مناطق المغرب، ويشوّه سمعتها ويجعل المواطن لا يثق بمؤسساته، بما في ذلك المستشفيات، ويدفعه كذلك إلى عدم تصديق ما يبث من ربورتاجات عن الأجواء الإنسانية والوطنية السائدة في المستشفيات المستقبلة للمصابين بفيروس كورونا الجديد".
وقالت الناشطة بشرى موطو، تعليقاً على شريط الفيديو المثير للجدل: "في الوقت الراهن لا نطالب إلا بحسن معاملة المصابين بكورونا داخل المستشفيات. سنموت من الرعب ونحن نرى المحنة والعذاب الذي يعيشه المرضى. الزموا بيوتكم".
في السياق ذاته، كتب حساب زهرة المغرب: "للأسف هذا حال قطاع الصحة الذي دمروه على مدى عقود. وللأسف مثل هذه الفيديوهات لن تخرج بسبب التعليمات المشددة بخصوص الهواتف عند المرضى. لن يقدروا بعد اليوم توثيق مثل هذه الحالة المزرية والتجاوزات والمعاملة اللاإنسانية الموجودة في أغلب المرافق الصحية. اليوم بلادنا تحصد ما زرعته على مدى عقود من إهمال لهذا القطاع وقطاعات أخرى. لله الأمر من قبل ومن بعد".
في المقابل، عبّر عمر الشرقاوي، المحلل السياسي المغربي، عن امتعاضه مما سماه أداء دور الضحية ومحاولة كسب تعاطف رواد موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك". وقال في تدوينة له: "أيها السادة، هذه ليست لحظة محاسبة لنظامنا الصحي، قد تحدث بعض الهفوات وسوء السلوك هنا وهناك، لكن يتعين تحمّل بعض النقص القائم إلى حين مرور الوباء وقدوم زمن المحاسبة والمساءلة، وكما يقول المثل المغربي: شوية من الحنة وشوية من رطوبية اليد".
Facebook Post |
وفي السياق، كتب الدكتور الصوصي العلوي عبد الكريم، على حسابه الشخصي: "ارحمونا من كثرة النقد الشعبوي، صحيح وضعنا الصحي غير مقبول، لكن علينا ألا نبخس الناس مجهوداتهم. المغرب يوفر للمرضى غرفة لحدود الساعة، في حين أن الدول المتقدمة توفر لهم الحدائق".
وأضاف في تدوينة أخرى: "هؤلاء الناس القادمون من دول بؤرة لفيروس كورونا، والذين دخلوا المغرب هرباً وخوفاً من الفيروس، سواء كانوا مغاربة أو أجانب، لتظهر عليهم الإصابة هنا في المغرب، عليهم ألا يكثروا علينا بالفيديوهات واللايفات (المباشر) من المستشفيات (وبمصطلحات الفرنسية أو الإنكليزية)... بالعربي أنتم قدمتم لمستشفى، وليس لفندق من خمس نجوم. صحيح، غير مقبول وضع الاستشفاء بالمغرب، لكن في المقابل، لماذا تعود إلى المغرب وأنت تدرك أنك عائد من بؤرة للمرض، المسؤولية القانونية والأخلاقية تقتضي ألا تدخل أصلاً".
Facebook Post |
Facebook Post |
من جهته، قال الناشط محمد مباريك: "بغضّ النظر عن الكلام الذي أطلقه، والتحامل على القطاع الصحي. هناك أسئلة منطقية تطرح: هل لدى المصاب بكورونا القدرة على الحديث كل تلك المدة دون انقطاع؟ يدعي أنه عاد إلى المغرب منذ 12 يوماً قادماً من إنكلترا، وأن العدوى انتقلت إليه في مدينة مراكش. فهل مراكش بؤرة للمرض أم إنكلترا؟ هل ممكن له أن يعيش دون ماء لـ12 يوماً؟ هل جرى التعامل معه بتلك القسوة دون 516 مريضاً في المغرب؟!".
واستدرك: "بالبحث في مسيرة الرجل، وهو مستثمر في مجال الفن، وله تجربة في التمثيل، ويمتلك النقود، يبدو أنه معتادٌ معاملة 5 نجوم في الفنادق والمصحات الخاصة، لكن حين نُقل إلى مستشفى عام لم يجد ما قد اعتاده".
Facebook Post |