الكثير من الترقّب صاحب انطلاق الفيلم الذي يروي قصة نجم كرة القدم البرتغالي كريستيانو رونالدو. وفي أسبوع طرحه صار أكثر عمل تم تحميله عبر الإنترنت في العالم، والسبب لذلك واضح.. كريستيانو رونالدو نجم ومثير للجدل دوماً، سواء بالمحبة أو الكراهية، ووقوف شركة سينمائية بحجم "يونيفرسال" وراء فيلم وثائقي عنه يزيد الأمر حماساً، فتلك ليست حلقة برنامج.. ذلك من المفترض أن يكون (فيلماً).
الشيء الأكثر إحباطاً بعد المشاهدة أن فيلم "رونالدو"، للمخرج أنطوني وونك، والذي تم تصويره في 14 شهراً بين عامي 2013 و2014، كان أقل من حلقة برنامج عن حياة النجم البرتغالي والهداف التاريخي لريال مدريد، الفيلم كان مجرد إعلان طويل جداً مدته ساعة ونصف كدعاية مفتوحة لرونالدو.
بداية وقبل أي شيء، يجعل الفيلم من حفلتي توزيع الكرة الذهبية 2013 و2014، اللتين فاز بهما "رونالدو"، كقوسي البداية والنهاية للأحداث، وفي المنتصف تتكرر جملة أن هذا "هو أفضل لاعب في العالم" عشرات المرات، على لسان "رونالدو" ووالدته ومدير أعماله وأصدقائه ومشجعيه، في الملاعب والشوارع وبرامج التلفزيون، الجميع يكرر الجملة، هذا التأكيد (الدعائي) طغى على أي شيء آخر ضمن الأحداث، للدرجة التي تجاوز فيها بمراحل أهمية وضغوطات انتصار كبير كفوز ريال مدريد بدوري أبطال أوروبا بعد 12 عاماً من الغياب، لا يوجد حديث عن (حدث) مثل مباراة بايرن ميونيخ في ألمانيا 0-4 أو خسارة الدوري في الأمتار الأخيرة، لا توجد إشارة للحظة انتصار الكأس على الغريم برشلونة ـ التي غاب عنها رونالدو ــ أو حتى إعطاء ليلة تاريخية مثل نهائي لشبونة ضد أتلتيكو مدريد حقها، ولو بعلاقة ذلك بكونها تقام في مكان نشأة "رونالدو" نفسه. الفيلم لا يحمل أي شيء من هذا، لا توجد قوة سينمائية ولا يوجد حتى إشباع لشغف جمهور ومحبين يريدون معرفة المزيد عن نجم بقيمة كريستيانو، فقط إعلان مفتوح.
هذا الإعلان يمتد بالنظر إلى ثاني أكثر شيء تم التركيز عليه في الفيلم وهو علاقة "رونالدو" بابنه، أمر ربما يحمل جوانب حقيقية ولكن تكرار مشاهد اللعب بين الإثنين أو تحضير الأب لطعام ابنه أو الذهاب معه إلى السرير، إعادة ذلك مرات ومرات جعلت الأمر أيضاً مفتعلاً، كأن الفيلم وسيلة لـ"رونالدو" من أجل رسائل مبطنة عن حياته.
في المقابل، لا توجد في الفيلم أي إشارة لمشاكل أو خلافات من أي نوع، لا يوجد شيء (حقيقي) من ذلك الذي يوجد في حياة أي شخص، إرينا شايك مثلاً التي كانت حبيبة رونالدو لمدة 5 سنوات وتركته أثناء تصوير الفيلم.. لم يتم ذكرها بأي شيء باستثناء جملة عابرة في تقرير إخباري عن أنها "ليست والدة ابنه"، خلافات جوزيه مورينيو أو المشاكل داخل ريـال مدريد قبل وبعد كارلو أنشيلوتي، فترة كأس العالم اختصرت في الفيلم فقط في أن "رونالدو" كان مصاباً وتحامل على نفسه من أجل المشاركة، كل ما في الفيلم يجعل من "رونالدو" قديساً وفي درجة قريبة للآلهة!
الشيء الوحيد المثير للانتباه الذي حمله الفيلم وبدا حقيقياً كانت تلك المرحلة التي تم الحديث فيها عن والد "رونالدو" الذي أدمن الكحول ومات في 2005 دون أن يشاهد مجد ابنه، وعلاقة ذلك بكريستيانو وطفله، ولكن حتى ذلك تم اختصاره والاستفادة به ضمن دعائية الفيلم للحديث عن "صلابة" اللاعب وقدرته على التجاوز.
ماذا كانوا ليقولوا؟
البداية.. الوسط.. والنهاية، البناء والعقدة ثم الحل، أن تصنع بطلاً.. يواجه عقبات.. ويتجاوزها. منذ 335 عاماً قبل الميلاد و(البناء الدرامي) الذي وضع "أرسطو" أساسه موضوع على الحركات الثلاث. وفي فيلم "رونالدو" الوثائقي بدا هذا البناء مفقوداً جداً، وجانب من الأمر يتعلق بالأسماء الغائبة والرحلة التي لم يتم الحديث عنها، ويمكن ربط تلك الحركات بأهم 3 أسماء غاب ذكرها عن الفيلم.
بشكل عابر جداً تم الحديث في الفيلم عن مرحلة "رونالدو" في النادي الإنجليزي "مانشستر يونايتد" منذ 2003 وحتى 2009. صحيح أن هدف الفيلم الأساسي هو الحديث عن الحاضر، والذي هو ريـال مدريد بالضرورة، ولكن مرحلة (التأسيس) لكل شيء، وخلق "أفضل لاعب في العالم عام 2008" كانت تستحق المزيد.
درامياً، وجود أليكس فيرغسون، بشخصه أو بالحديث عنه، كان سيمنح الفيلم أرضية قوية يتحرك منها ضمن الحديث عن (شخصية البطل) رونالدو، دائماً مثلاً ما ذكر الأخير أن "السير" هو والده الروحي، كيف لم يتحدث الفيلم عن ذلك الأثر "كوالد" عند الحديث عن افتقاد رونالدو لأبيه عام 2005 بعد إدمانه الكحول؟ أو ربط الدعم النفسي الذي لاقاه من "فيرغسون" طوال الوقت ودعمه بأنه "الأفضل" في إيمان اللاعب الراسخ لاحقاً بكونه "الأفضل"؟
مرحلة "رونالدو" مع المدرب جوزيه مورينيو في ريـال مدريد كانت ممتلئة فعلاً. كيف كانت العلاقة بينه وبين من يؤمن بأنه أفضل لاعب؟ وكيف كان تفاعلهم بتلك القناعة في مقابل الهزائم المتتالية مع برشلونة (غوارديولا كمدرب – ميسي كلاعب)؟ كيف كان "رونالدو ومورينيو" في الحقيقة وجهين لعملة واحدة؟ وعلاقة ذلك بفتور الأمور بينهما في النهاية، والكراهية المبطنة التي صاحبت تصريحاتهم عن بضعهم؟
فترة "مورينيو" في الدراما هي فترة (عقدة) مثالية، صعود وهبوط وصراعات ومحاولات، تمهيداً لوضع أكثر استقراراً ونجاحاً بعد ذلك في مرحلة كارلو أنشيلوتي. كيف استطاع صنّاع الفيلم إذن تجاوز "الرجل الخاص" وعدم الحديث عنه؟
وإذا كان يمكن تفسير عدم ظهور أو الحديث عن فيرغسون أو مورينيو باعتبارهم "ماضٍ" والفيلم صور في 14 شهراً بين 2013 و2014 تبقى عقدة غير مفهومة إطلاقاً، لماذا إذن استبعدت إرينا شايك من أي حديث أو إشارة في الفيلم؟
إرينا شايك هي حبيبة رونالدو لمدة 5 سنوات، والتي تركته في مطلع 2014، أثناء تصوير الفيلم، ودار حديث صاخب حينها حول أثر ذلك على رونالدو، وقدرته على تحويل تحدي وغضب رحيلها وتصريحاتها عنه إلى ماكينة أهداف لا تتوقف في الملعب. وبالتالي، في فيلم يدور بالتحديد خلال الـ14 شهراً التي شهدت رحيل "إرينا".. لا يمكن تصور تجاهلها.
الشيء الأكثر إحباطاً بعد المشاهدة أن فيلم "رونالدو"، للمخرج أنطوني وونك، والذي تم تصويره في 14 شهراً بين عامي 2013 و2014، كان أقل من حلقة برنامج عن حياة النجم البرتغالي والهداف التاريخي لريال مدريد، الفيلم كان مجرد إعلان طويل جداً مدته ساعة ونصف كدعاية مفتوحة لرونالدو.
بداية وقبل أي شيء، يجعل الفيلم من حفلتي توزيع الكرة الذهبية 2013 و2014، اللتين فاز بهما "رونالدو"، كقوسي البداية والنهاية للأحداث، وفي المنتصف تتكرر جملة أن هذا "هو أفضل لاعب في العالم" عشرات المرات، على لسان "رونالدو" ووالدته ومدير أعماله وأصدقائه ومشجعيه، في الملاعب والشوارع وبرامج التلفزيون، الجميع يكرر الجملة، هذا التأكيد (الدعائي) طغى على أي شيء آخر ضمن الأحداث، للدرجة التي تجاوز فيها بمراحل أهمية وضغوطات انتصار كبير كفوز ريال مدريد بدوري أبطال أوروبا بعد 12 عاماً من الغياب، لا يوجد حديث عن (حدث) مثل مباراة بايرن ميونيخ في ألمانيا 0-4 أو خسارة الدوري في الأمتار الأخيرة، لا توجد إشارة للحظة انتصار الكأس على الغريم برشلونة ـ التي غاب عنها رونالدو ــ أو حتى إعطاء ليلة تاريخية مثل نهائي لشبونة ضد أتلتيكو مدريد حقها، ولو بعلاقة ذلك بكونها تقام في مكان نشأة "رونالدو" نفسه. الفيلم لا يحمل أي شيء من هذا، لا توجد قوة سينمائية ولا يوجد حتى إشباع لشغف جمهور ومحبين يريدون معرفة المزيد عن نجم بقيمة كريستيانو، فقط إعلان مفتوح.
هذا الإعلان يمتد بالنظر إلى ثاني أكثر شيء تم التركيز عليه في الفيلم وهو علاقة "رونالدو" بابنه، أمر ربما يحمل جوانب حقيقية ولكن تكرار مشاهد اللعب بين الإثنين أو تحضير الأب لطعام ابنه أو الذهاب معه إلى السرير، إعادة ذلك مرات ومرات جعلت الأمر أيضاً مفتعلاً، كأن الفيلم وسيلة لـ"رونالدو" من أجل رسائل مبطنة عن حياته.
في المقابل، لا توجد في الفيلم أي إشارة لمشاكل أو خلافات من أي نوع، لا يوجد شيء (حقيقي) من ذلك الذي يوجد في حياة أي شخص، إرينا شايك مثلاً التي كانت حبيبة رونالدو لمدة 5 سنوات وتركته أثناء تصوير الفيلم.. لم يتم ذكرها بأي شيء باستثناء جملة عابرة في تقرير إخباري عن أنها "ليست والدة ابنه"، خلافات جوزيه مورينيو أو المشاكل داخل ريـال مدريد قبل وبعد كارلو أنشيلوتي، فترة كأس العالم اختصرت في الفيلم فقط في أن "رونالدو" كان مصاباً وتحامل على نفسه من أجل المشاركة، كل ما في الفيلم يجعل من "رونالدو" قديساً وفي درجة قريبة للآلهة!
الشيء الوحيد المثير للانتباه الذي حمله الفيلم وبدا حقيقياً كانت تلك المرحلة التي تم الحديث فيها عن والد "رونالدو" الذي أدمن الكحول ومات في 2005 دون أن يشاهد مجد ابنه، وعلاقة ذلك بكريستيانو وطفله، ولكن حتى ذلك تم اختصاره والاستفادة به ضمن دعائية الفيلم للحديث عن "صلابة" اللاعب وقدرته على التجاوز.
ماذا كانوا ليقولوا؟
البداية.. الوسط.. والنهاية، البناء والعقدة ثم الحل، أن تصنع بطلاً.. يواجه عقبات.. ويتجاوزها. منذ 335 عاماً قبل الميلاد و(البناء الدرامي) الذي وضع "أرسطو" أساسه موضوع على الحركات الثلاث. وفي فيلم "رونالدو" الوثائقي بدا هذا البناء مفقوداً جداً، وجانب من الأمر يتعلق بالأسماء الغائبة والرحلة التي لم يتم الحديث عنها، ويمكن ربط تلك الحركات بأهم 3 أسماء غاب ذكرها عن الفيلم.
بشكل عابر جداً تم الحديث في الفيلم عن مرحلة "رونالدو" في النادي الإنجليزي "مانشستر يونايتد" منذ 2003 وحتى 2009. صحيح أن هدف الفيلم الأساسي هو الحديث عن الحاضر، والذي هو ريـال مدريد بالضرورة، ولكن مرحلة (التأسيس) لكل شيء، وخلق "أفضل لاعب في العالم عام 2008" كانت تستحق المزيد.
درامياً، وجود أليكس فيرغسون، بشخصه أو بالحديث عنه، كان سيمنح الفيلم أرضية قوية يتحرك منها ضمن الحديث عن (شخصية البطل) رونالدو، دائماً مثلاً ما ذكر الأخير أن "السير" هو والده الروحي، كيف لم يتحدث الفيلم عن ذلك الأثر "كوالد" عند الحديث عن افتقاد رونالدو لأبيه عام 2005 بعد إدمانه الكحول؟ أو ربط الدعم النفسي الذي لاقاه من "فيرغسون" طوال الوقت ودعمه بأنه "الأفضل" في إيمان اللاعب الراسخ لاحقاً بكونه "الأفضل"؟
مرحلة "رونالدو" مع المدرب جوزيه مورينيو في ريـال مدريد كانت ممتلئة فعلاً. كيف كانت العلاقة بينه وبين من يؤمن بأنه أفضل لاعب؟ وكيف كان تفاعلهم بتلك القناعة في مقابل الهزائم المتتالية مع برشلونة (غوارديولا كمدرب – ميسي كلاعب)؟ كيف كان "رونالدو ومورينيو" في الحقيقة وجهين لعملة واحدة؟ وعلاقة ذلك بفتور الأمور بينهما في النهاية، والكراهية المبطنة التي صاحبت تصريحاتهم عن بضعهم؟
فترة "مورينيو" في الدراما هي فترة (عقدة) مثالية، صعود وهبوط وصراعات ومحاولات، تمهيداً لوضع أكثر استقراراً ونجاحاً بعد ذلك في مرحلة كارلو أنشيلوتي. كيف استطاع صنّاع الفيلم إذن تجاوز "الرجل الخاص" وعدم الحديث عنه؟
وإذا كان يمكن تفسير عدم ظهور أو الحديث عن فيرغسون أو مورينيو باعتبارهم "ماضٍ" والفيلم صور في 14 شهراً بين 2013 و2014 تبقى عقدة غير مفهومة إطلاقاً، لماذا إذن استبعدت إرينا شايك من أي حديث أو إشارة في الفيلم؟
إرينا شايك هي حبيبة رونالدو لمدة 5 سنوات، والتي تركته في مطلع 2014، أثناء تصوير الفيلم، ودار حديث صاخب حينها حول أثر ذلك على رونالدو، وقدرته على تحويل تحدي وغضب رحيلها وتصريحاتها عنه إلى ماكينة أهداف لا تتوقف في الملعب. وبالتالي، في فيلم يدور بالتحديد خلال الـ14 شهراً التي شهدت رحيل "إرينا".. لا يمكن تصور تجاهلها.
اقرأ أيضاً: البوليس في السينما المصرية: الطيّب والفاسد والشرس