وضع خشبة على سطح البناء الأول، ركض للخلف ثم انطلق قافزاً نحو سطح البناء المقابل. تبدو لقطة كرتونيَّة مكررة لتشاك جونز، لكنها في الحقيقة مشهد من فيلم العصور الثلاثة 1923 لباستر كيتن، أسطورة الكوميديا الصامتة إلى جانب شابلن وهارولد لويد.
المهرج الأعظم في تاريخ السينما كما وصفه المخرج، ، وعبقري الكوميديا البصرية وكوميديا الموقف، تميز بملامح وجه باردة تماماً على عكس تشارلي تشابلن. لم يضحك كيتن خلال تأديته للنكتة، إيماناً منه بأن ما يبدو للجمهور مضحكاً إنما هو فعل أقل من عادي بالنسبة للشخصية ضمن الفيلم. فلو علمت الشخصية مسبقاً بأنها "بلهاء"، لما تصرَّفت على طبيعتها وأضحكت المشاهد. لم يكن أداء كيتن وحده سبباً للضحك، فديكور الكادر والظروف النفسيّة والقدرات الموضوعة ضمن المشهد، هي مقوّمات لإيصال النكتة الناجحة.
تميز كيتن إلى جانب وجهه المُسطح كما قبعته وحذاءه، بلياقة بدنية عالية ظهرت بشكل واضح في أفلامه. ففي وقت يُستبَدَل فيه ممثل السينما بآخر مختص لتأدية المشاهد الخطرة، أصرَّ كيتن على تنفيذ جميع مشاهده بنفسه، راقصاً فوق القطارات كفيلم الجنرال 1926، وصاعداً أبنية عالية كفيلم رجل الكاميرا 1928، وساقطاً من ارتفاعات كفيلم العصور الثلاثة 1923، ومنفذاً حركات بهلوانية على ساريات السفن كفيلم البحار1924.
اقــرأ أيضاً
لم يستند كيتن في تنفيذ نكاته على نص مُكتمَلٍ. إذْ أنَّ الارتجال سيد مواقف كيتن، فظروف التصوير والأداء وشعوره بالشخصية، يدفعانه لتطوير النكات المكتوبة، والبناء عليها، واختلاق نكات أخرى جديدة. لم يكتشف أحد متى يرتجل كيتن نكاته، ومتى يطبقها كما هي على الورق. ومن المُلاحظ أيضاً، توظيف كيتن جميع المعطيات البصرية للكادر كأدوات تساهم في تحقيق "الضحك". ومن أهم الأدوات التي استخدمها، زوايا التصوير وحركات الكاميرا وأحجام اللقطات، التي يعبر كل منها عن نكتة مختلفة، فتغير زاوية كاميرا واحدة، ستخلق حالة كوميدية خاصة.
أثار هوس كيتن استخدام أحدث التقنيات الإنتاجيَّة موجة من النقد والاستغراب في العشرينيات. وبعد تنفيذه لمجموعة من أفلام طويلة بإنتاجات وتقنيات ضخمة. ضمت شركة "ميترو غولدن مير" (شركة الإنتاج الرائدة منذ بداية العشرينيات والتي أنتجت لتشابلن) كيتن لفريقها ذلك بعد فيلم الجنرال، ليكون فيلم "رجل الكاميرا" أول أفلام كيتن مع الشركة الضخمة، والتي ألزمت سيد المسرح الكوميدي بسيناريو محدد للمرة الأولى. دخول السينما الناطقة بداية الثلاثينيات أثار حفيظة كيتن، ودفعه للاختناق ومن ثم الاختفاء هرباً من تقنيَّةٍ حديثةٍ، إذ استبدلت الكوميديا البصريَّة الصامتة بحوارات مضحكةٍ، خلت من الحركة والأداء الكوميدي المُحترف. الخروج عن المتوقع واضح في كوميديا كيتن، ومع أنه يقود المتلقي لاستنتاج النكتة قبيل حصولها إلى أنه سرعان ما ينفصل عن المشاهد مولداً سياقًا منفصلاً تماماً عن السائد والمتوقّع.
المهرج الأعظم في تاريخ السينما كما وصفه المخرج، ، وعبقري الكوميديا البصرية وكوميديا الموقف، تميز بملامح وجه باردة تماماً على عكس تشارلي تشابلن. لم يضحك كيتن خلال تأديته للنكتة، إيماناً منه بأن ما يبدو للجمهور مضحكاً إنما هو فعل أقل من عادي بالنسبة للشخصية ضمن الفيلم. فلو علمت الشخصية مسبقاً بأنها "بلهاء"، لما تصرَّفت على طبيعتها وأضحكت المشاهد. لم يكن أداء كيتن وحده سبباً للضحك، فديكور الكادر والظروف النفسيّة والقدرات الموضوعة ضمن المشهد، هي مقوّمات لإيصال النكتة الناجحة.
تميز كيتن إلى جانب وجهه المُسطح كما قبعته وحذاءه، بلياقة بدنية عالية ظهرت بشكل واضح في أفلامه. ففي وقت يُستبَدَل فيه ممثل السينما بآخر مختص لتأدية المشاهد الخطرة، أصرَّ كيتن على تنفيذ جميع مشاهده بنفسه، راقصاً فوق القطارات كفيلم الجنرال 1926، وصاعداً أبنية عالية كفيلم رجل الكاميرا 1928، وساقطاً من ارتفاعات كفيلم العصور الثلاثة 1923، ومنفذاً حركات بهلوانية على ساريات السفن كفيلم البحار1924.
لم يستند كيتن في تنفيذ نكاته على نص مُكتمَلٍ. إذْ أنَّ الارتجال سيد مواقف كيتن، فظروف التصوير والأداء وشعوره بالشخصية، يدفعانه لتطوير النكات المكتوبة، والبناء عليها، واختلاق نكات أخرى جديدة. لم يكتشف أحد متى يرتجل كيتن نكاته، ومتى يطبقها كما هي على الورق. ومن المُلاحظ أيضاً، توظيف كيتن جميع المعطيات البصرية للكادر كأدوات تساهم في تحقيق "الضحك". ومن أهم الأدوات التي استخدمها، زوايا التصوير وحركات الكاميرا وأحجام اللقطات، التي يعبر كل منها عن نكتة مختلفة، فتغير زاوية كاميرا واحدة، ستخلق حالة كوميدية خاصة.
أثار هوس كيتن استخدام أحدث التقنيات الإنتاجيَّة موجة من النقد والاستغراب في العشرينيات. وبعد تنفيذه لمجموعة من أفلام طويلة بإنتاجات وتقنيات ضخمة. ضمت شركة "ميترو غولدن مير" (شركة الإنتاج الرائدة منذ بداية العشرينيات والتي أنتجت لتشابلن) كيتن لفريقها ذلك بعد فيلم الجنرال، ليكون فيلم "رجل الكاميرا" أول أفلام كيتن مع الشركة الضخمة، والتي ألزمت سيد المسرح الكوميدي بسيناريو محدد للمرة الأولى. دخول السينما الناطقة بداية الثلاثينيات أثار حفيظة كيتن، ودفعه للاختناق ومن ثم الاختفاء هرباً من تقنيَّةٍ حديثةٍ، إذ استبدلت الكوميديا البصريَّة الصامتة بحوارات مضحكةٍ، خلت من الحركة والأداء الكوميدي المُحترف. الخروج عن المتوقع واضح في كوميديا كيتن، ومع أنه يقود المتلقي لاستنتاج النكتة قبيل حصولها إلى أنه سرعان ما ينفصل عن المشاهد مولداً سياقًا منفصلاً تماماً عن السائد والمتوقّع.