واصلت الصحف الإسرائيلية اليوم الإثنين الحديث عن التصعيد العسكري على الحدد مع قطاع غزة في الجبهة الجنوبية، على ضوء استمرار تفجير عبوات ناسفة عند السياج الحدودي، بموازاة استمرار الاستعدادات في الطرف الفلسطيني من قطاع غزة لإقامة مدينة الخيام ومسيرة العودة من جهة، وقيام جيش الاحتلال بتعطيل نفقين هجوميين زعم الاحتلال أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) كانت تحاول إعادة تفعيلهما وترميم مسارهما لاختراق الحدود الإسرائيلية عند رفح وقصف بنى تحتية لحركة المقاومة في وسط حي الزيتون، وفق ما أشارت إليه كل من "هآرتس" و"يديعوت أحرونوت" و"معاريف"، التي ذهبت إلى القول إن التصعيد الأمني وصل باكراً، في إشارة إلى عملية طعن مستوطن إسرائيلي أمس في القدس، وعملية الدهس التي وقعت الجمعة، وأسفرت عن مصرع جنديين.
لكن إذا كانت هذه التقارير تعتمد على الأحداث الأخيرة في قطاع غزة، مع تأكيد فصائل المقاومة الفلسطينية من محالات الاحتلال تصعيد الأوضاع الأمنية تمهيداً لعدوان قادم، فقد كان لافتاً أن الصحف تربط بشكل واضح بين هذا التصعيد وبين "مواعيد ومناسبات قادمة" يتصدرها يوم الأرض الفلسطيني في الثلاثين من مارس/آذار الجاري مع الفعاليات الفلسطينية المخططة لإحياء هذه الذكرى، وخاصة مسيرات العودة ليس فقط في القطاع بل أيضاً في الضفة الغربية وعند الحدود الأردنية وفي لبنان، بحسب ما ذهب إليه أليكس فيشمان في صحيفة "يديعوت أحرونوت".
لكن أبرز ما يلفت الانتباه هو ذهاب فيشمان إلى استحضار تقديرات استراتيجية لشعبة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال "أمان" حول قرب نهاية "عقد الهدوء النسبي" في الضفة الغربية أيضاً، سواء بفعل الأوضاع الاقتصادية المرتدية في القطاع، أم بفعل احتدام التوتر بين السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية وبين الشعب الفلسطيني، مما يحمل في طياته بحسب فيشمان مخاطر انفجار مزدوج للغضب الشعبي الفلسطيني ضد السلطة الفلسطينية وضد قوات الاحتلال في حال اندلاع موجات ومسيرات عودة جماهيرية قد يتجه بعضها أيضاً إلى المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، خاصة في ظل غياب الأفق السياسي للحل وعلى ضوء قرار ترامب الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لفلسطين ونقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة في ذكرى النكبة الفلسطينية في الرابع عشر من مايو/أيار القادم.
ويعتبر فيشمان أن العمليات الفردية تخطت كونها فردية، وأصبحت تمثل حالة مزاج شعبي فلسطيني تنذر بانهيار النظام السابق وانهيار متواصل يبحث عن فرصة لتفجير الغضب الفلسطيني في وجه السلطة وفي وجه الاحتلال.
وبحسب فيشمان، وهو ما قد يكون نقلاً لرسالة أمنية، فإن مسيرات جبارة وجماهيرية في يوم الأرض، لن تكون هذه المرة حالة يمكن التغلب عليها فقط بالغاز المسيل للدموع، في سيناريو يمكن له أن ينتهي في حال تحقق وزحف الفلسطينيون بالآلاف في الضفة الغربية باتجاه المستوطنات، وعند الحدود مع غزة باتجاه الداخل الفلسطيني، بسقوط قتلى كثيرين، وقد تكون هذه المسيرات الشرارة التي تشعل الأوضاع في الأراضي المحتلة.
في المقابل وبموازاة ذلك، يشير فيشمان، وهو ما يوافقه عليه عاموس هرئيل في "هآرتس"، إلى التحرك الإسرائيلي النشط مؤخراً لمحاولة إطلاق خطة عربية دولية لتحسين الأوضاع الكارثية في قطاع غزة، كما عكسه اللقاء الذي عقده جاريد كوشنر وجيسون غرينبلاط، الأسبوع الماضي مع عدد من ممثلي الدول العربية في البيت الأبيض، وسط مقاطعة فلسطينية رسمية للقاء احتجاجاً على إعلان ترامب بشأن القدس.
وفي هذا السياق يلفت عاموس هرئيل إلى إيفاد نتنياهو لكل من وزير الشؤون الإقليمية، تساحي هنغبي ومنسق أعمال حكومة الاحتلال، الجنرال يوآف مردخاي للولايات المتحدة ولمؤتمر الدول المانحة في يناير/كانون الثاني في بروكسل، إضافة إلى لقاء مرتقب غداً لهذه الدول وينتظر أن يشارك فيه أيضاً الجنرال يوآف مردخاي، في محاولة إسرائيلية لتفادي تفجير الأوضاع في قطاع غزة، مع محاولة توظيف ذلك في محاولة التوصل لتفاهمات مع حركة "حماس" رغم معارضة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
وتفسر هذه المحاولات التصعيد اللفظي لوزير أمن الاحتلال، أفيغدور ليبرمان السبت، ضد رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، واتهام ليبرمان لعباس بأنه يعتزم وقف التحويلات المالية لقطاع غزة ووقف دفع أثمان الكهرباء، والرواتب، خوفاً من "سحب البساط من تحت أقدامه في قطاع غزة" في الوقت الذي تسعى فيه حكومة الاحتلال لإخراج الخطة لتحسين الأوضاع في القطاع بالتنسيق وبمشاركة مع سبع دول عربية وسط ما وصفه فيشمان في يديعوت أحرونوت "استراتيجية أميركية جديدة تقوم على تجاهل والالتفاف على "نزوات السلطة الفلسطينية في رام الله وتعزيز سلطة حكم حركة حماس في قطاع غزة".