وللشبان أيضاً مغرياتهم التي يعتمد التنظيم الجهادي لنشرها على آلة دعائية ضخمة تشمل وسائل التواصل الاجتماعي، ومنها: المنزل والمال والسلاح، والطبابة الدائمة، والكهرباء المجانية، أما الأطفال فلهم المدارس والمعاهد الإسلامية التي توفر تنشئة عسكرية ودينية.
في مدونتها "يوميات مهاجرة"، تعرض أقصى محمود الفتاة الغامضة التي تقدم نفسها على أنها طبيبة انتقلت للعيش في سورية، للواتي يعبرن عن الرغبة بالسير على خطاها قائلة: "لا ندفع إيجارات هنا. المنازل تعطى مجاناً. لا ندفع فواتير كهرباء أو ماء. ونحصل شهرياً على مواد غذائية: معكرونة، معلبات، أرز، بيض".
وتشير صحف غربية إلى أن أقصى محمود وصلت إلى سورية قادمة من غلاسكو في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، وهي واحدة من نحو 550 شابة انتقلن إلى سورية والعراق، بحسب تقديرات خبراء، بعد أن جذبهم تنظيم الدولة الإسلامية.
وتقول مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط للأبحاث في بيروت لينا الخطيب إن التنظيم "يبيع الشبان والشابات يوتوبيا (وهم المثالية) إسلامية على مقاسه، لا علاقة لها طبعاً بالدين الإسلامي".
وتتابع "يقول لهم هذه هي الدولة الإسلامية الحقيقية الوحيدة في العالم، ويمكنكم أن تصبحوا أشخاصا مهمين فيها"، مشيرة إلى أنه "يستهدف شباناً وشابات لم يكوّنوا هوياتهم بعد".
وتقول أقصى إن المهاجرين يحصلون كذلك في "دولة الخلافة" على الأدوية مجاناً، وعلى مبالغ مالية شهرية للزوج والزوجة ولكل طفل في العائلة، وتشير المرأة الشابة (عشرينية بحسب صحف غربية تحرّت عن هويتها) إلى أن بإمكان النساء المهاجرات العمل ضمن نطاق اختصاصهن، مثل التدريس والطب والتمريض، وإن من لا ترغب بالعمل تكلّف بالدعوة والتجنيد وتعيش في غرفة منفصلة ضمن "مقر" تشارك فيه "أخوات" أخريات.
ويرى حسن حسن مؤلف كتاب "تنظيم الدولة الإسلامية: من داخل جيش الرعب"، أن "الفتيات اللواتي ينضممن إلى هذا التنظيم يبحثن عن المغامرة (...) وبعضهن يعشن في عالم وهمي ويحلمن بالزواج من محاربين".
وتشرح أقصى أن الزواج يتم بعد أن يزور العريس الذي يحصل على "سبعة أيام إجازة" ما إن يتزوج، عروسه ويراها لمرة واحدة، وإن النساء يخترن مهرهن بأنفسهن (...) وهن بالإجمال لا يطلبن مجوهرات، بل يخترن الكلاشينكوف". وفي حفلات الزفاف، لا ألعاب نارية، بل "طلقات رصاص والكثير من التكبير"، فيما السير قرب نهر الفرات هو النزهة المفضلة للمتزوجين حديثاً.
وتنشر أقصى على صفحتها صورة رجل ملتح وقربه عروس بنقاب أبيض، مع عبارة "إلى أن تفرقنا الشهادة". ورداً على سؤال لشابة طلبت منها مساعدتها في اتخاذ قرار مغادرة حبيبها والتوجه نحو سورية، تقول "أعدك أنه في يوم ما سيحتضنك أحدهم طويلاً وسيصلح كل ما انكسر في قلبك. نعم، سيكون الزوج الحلال".
وترى الخطيب أن هذه المدوّنة المكتوبة بالإنكليزية "في حال كانت صحيحة، لا شك أن تنظيم الدولة الإسلامية يشرف عليها (...) إنها أداة من أدوات التجنيد".
وتوصي مجلة "دابق" الإلكترونية الناطقة باسم التنظيم والصادرة بالإنكليزية الراغبين بالهجرة بألا يقلقوا "حيال المال أو إيجاد مسكن. هناك الكثير من المنازل والموارد المخصصة لك ولعائلتك". وفي عدد حمل عنوان "دعوة إلى الهجرة" في شهر أغسطس/آب، أكد التنظيم أن "الخلافة بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى خبراء ومهنيين واختصاصيين، وإلى القضاة وأصحاب الكفاءات العسكرية والإدارية والخدمية والأطباء والمهندسين".
أما الأطفال، فيتلقون تربية عسكرية ودينية متشددة. وعرض التنظيم في تسجيل فيديو نشر على شبكة الإنترنت لقطات من داخل ما يسميه "معهد الفاروق للأشبال" في محافظة الرقة (شمال)، ظهر فيه عشرات الأطفال بملابس عسكرية، وهم يقومون بتدريبات.
إلا أن الوصول إلى "أرض الخلافة" ليس كمغادرتها. فهذا قرار قد يكلف صاحبه حياته. ويوضح حسن أن البعض يكتشف بعد وصوله أن "الواقع عكس التوقعات" ويصطدم "بوحشية" التنظيم الذي يزرع الرعب في مناطق سيطرته وفي العالم.
وتقول الخطيب إنها أجرت "مقابلات مع شبان عادوا من الرقة ومناطق أخرى، وتبين لي أن لديهم شعوراً بالنقمة بعدما أحسوا بأنهم تعرضوا للغش، لأنهم وجدوا حكماً يقوم على القمع ويأمرهم بعدم التفكير". وتتابع "لقد شعروا أنهم بيعوا مشروعاً فارغاً".
اقرأ أيضاً: "داعش" يطلق أكبر عملية تجنيد للأطفال منذ ظهوره
اقرأ أيضاً: "العفو": اغتصاب "داعش" لإيزيديات بالعراق دفعهن للانتحار