أبو عزرائيل المصري
لم يعرف العراقيون عن أيوب فالح حسن الربيعي الملقب بـ "أبو عزرائيل" أنه درس في جامعات الغرب، وحصل على الدكتوراه.
لكننا نعرف عن المعتز بالله عبد الفتاح، أو "أبو عزرائيل المصري" أنه حاصل على الدكتوراه في العلوم السياسية، وكان مدرساً لها في جامعة ميتشغان الأميركية، قبل أن ينتهي به الحال تلميذا لدى مصطفى بكري وأحمد موسى، وأساطين الفاشية والمكارثية المصرية، بعد انقلاب 2013.
يقود معتز بالله عبد الفتاح حملة على موقع فيسبوك هذه الأيام، عنوانها "أرسلوهم إلى الله"، وشعارها "قطاع الأمن الوطني"، ويدشنها على النحو التالي "معاقبة الإرهابي يوم القيامة دي حاجة بينه وبين ربنا، أما وظيفتنا احنا فهي إننا نبعته إلى ربنا، هو واللي بيدعمه، ويموله، أو يتستر عليه".
هنا، يتفوق أستاذ العلوم السياسية على كل القتلة، ويعيّن نفسه في وظيفة الوكيل الحصري للموت، أو سفير الشرطة وأمن الدولة لدي جهنم، ويختار لنفسه دور "ديليفري الجحيم"، ويدعو الناس إلى أن يكونوا قتلة، يتفانون في خدمة توصيل كل الذين يعتبرهم إرهابيين إلى الله.
هكذا قرر "المعتز بالسيسي عبد الفتاح" أن ينازع عزرائيل في وظيفته، فيقبض الأرواح، ويحرّض الناس على قبضها، كي يرسل أصحابها إلى الله، عبر أقبية التعذيب في الأمن الوطني، وينافس أبو عزرائيل العراقي على كأس التطهير العرقي والقتل على الهوية.
في تقرير عن أبو عزرائيل العراقي، قالت قناة الجزيرة إنه مقاتل شيعي؛ يوصف بأنه من رموز قادة الحشد الشعبي الذي قاتل معه على عدة جبهات، وروّج "بطولاته" إعلاميا، حين عمد إلى إظهاره بهيئة المقاتل الشرس، وأسبغت عليه بشكل مفرط وسائل إعلام عربية وأجنبية مواصفات المحارب الذي يفترس أعداءه بوحشية بالغة.
اسمه الحقيقي أيوب فالح حسن الربيعي، أو أيوب آل ربيع، ويُلقب أيضا "ملاك الموت" و"رامبو العراق". ولا تتوفر معلوماتٌ يقينيةٌ عن مولده ونشأته، ولكن مصادر إعلامية تفيد بأنه وُلد تقريبا عام 1978، وتنقل عنه قوله إنه "موظف حكومي بسيط يملك سيارة أجرة بالتقسيط".
تروي "الجزيرة" أيضاً أنه في 28 أغسطس/ آب 2016 أظهرت صور نشرتها مواقع التواصل الاجتماعي حرق أبو عزرائيل جثةً قال إنها لمقاتل سني في تنظيم الدولة في مدينة بيجي شمالي العراق، إثر استعادتها من سيطرة التنظيم، وتعليقها من قدميها على نار مشتعلة، وتقطيعه أوصالها، التي تهرأت بسبب الاحتراق، بسيفٍ يحمله في يده.
في بلاد متحضرّة، أو نصف متحضرّة، وفي مجتمعاتٍ إنسانية، أو نصف إنسانية، تصنف دعوة أبو عزرائيل المصري جريمةً ضد الإنسانية، تستوجب محاكمة صاحبها على تحريضه على القتل، وعزله عن المجتمع في إحدى مشافي المرضى النفسيين، الخطرين، غير أنه في مصر يسمحون لهذا الصنف من الساديين المتطرفين بتدريس الطلاب في الجامعات، والعبث بوعي الناس وفطرتهم في استوديوهات التلفزة، حيث يقدّم برنامجاً ثابتاً يعلم الجمهور كيف يكون فاشياً ونازياً وسادياً، ومخبراً للأمن يبلغ عن جيرانه وزملائه، بحجة محاربة الإرهاب.
في مصر فقط، يفتتحون سجناً جديداً، أمام كل مركز حقوق إنسان يغلقونه، ويطلقون برنامجاً تلفزيونياً فاشياً، مقابل كل مركز لعلاج ضحايا القمع والتعذيب يقفلونه بالشمع الأحمر، وتلك بيئةٌ مناسبة تماماً لنمو وانتعاش هذا النموذج من "المثقفين" الذين يرون في قتل الخصوم عملاً وطنياً، وجهاداً في سبيل الله ونهضة الأمة.
بدأ هذا الصنف من "القتلة المستنيرين التقدميين" يطل برأسه في فترة التحضير لمذبحة القرن في ميدان رابعة العدوية، إذ كانوا يتنافسون على لقب "المحرّض الأول على المجزرة". ومع الوقت، انخفضت أعدادهم، فاستأثر نفر قليل منهم بكل المخزون الهائل للفاشية والعنصرية، فتضخم رصيد المعتز بالله عبد الفتاح منها، وبات ينافس "أبو عزرائيل الشيعي"، ويصارع "عزرائيل" نفسه لاختطاف مهمة قبض الأرواح، وتوصيلها إلى الله.