الحكم من فوق كرسي بسكلتة
سبع سنوات عجاف إلا قليلا، ولا يختلف الأمر في شيء. رئيس يحل مشكلة عشرين مليون مواطن ومواطنة مصرية، في سن الشباب والحاجة "بألف عربية خضار"، أو فول مدمس، وبعد عدة شهور، يتذكّر الضرائب الواجب دفعها للفول أو الخضار، من دون أن نرى لا عربات خضار، ولا الفول ولا حتي العدس، ثم ينتقل إلى الصحراء لزراعة أربعة ملايين نخلة، من دون أن نرى النخل حتى في برنامج أحمد موسى، ولا البلح حتى في برنامج وائل الإبراشي، فأين غرست الفسائل؟ واضح بجوار الـ"2 مليون فدّان قمح". رئيس في عاصمة هادئة جدا "اسمها القاهرة" تشدو فيها البلابل الحيرانة ليلا، ويمشي اليمام في الطرقات بجوار الحمام، سارحا في ملكوت الله مع الهديل، بجوار ورد الجوري بالقرب من النهر بعد الفجر، ولا وجود أبداً لزحام، أو أصوات، فكيف لا يحلّ مشكلة مواصلاتها النادرة جدا بالبسكلتة فقط لا غير. ويا حبذا لو كانت بجواره يسرا، أو ليلى علوي فجراً، أمام الكلية الحربية من فوق ظهر درّاجة، حيث آلاف المخبرين لم ينتقلوا بعد إلى أماكن عملهم، لأنهم في صلاة الفجر، واليمام يحاول جاهداً أن يحط على دراجة الرئيس. وفي الصباح، يأتي الحلم واضحا ومبينا لخالد الجندي، أو الشيخ عمرو خالد، أن هذا هو ملك الرئيس في السماء تماما يوم القيامة محاطا باليمام، ويزيدان في باقي أصناف الفاكهة من أعناب، وبطيخ، ورمّان.
لا يختلف الأمر عن وضع علامة "مخالف"، أمام ما لا يقل عن عشرة ملايين منزل، أو في محاولة جر ما يقرب من عشرين مليون مواطن إلى الشهر العقاري، لتسجيل أملاكهم في وقت جائحة، فأين فطنة الحكم؟
كلها محاولات رجلٍ يريد أن يتجوّل بالبسكلته في فجر القاهرة، وقت الشبورة أمام الكلية العسكرية، لأخذ "اللقطة"، بعد أن يملأ نصف مساحة القاهرة بالمُخبرين، وذلك كله لا يختلف في قليل أو كثير عن إصلاح بنية الاقتصاد المصري في شرم الشيخ، بعد عودة المليارات والمستثمرين في أول مؤتمر كانت حصيلته 180 مليار دولار. وغنى المطربون مع الفرق الشعبية في الهواء الطلق، وجاءت طيارات المستثمرين العرب زرافاتٍ زرافات، ثم عادوا بعد ساعتين، وبعدها جاؤوا، وغنّى محمد منير. وبعدها جاؤوا من كل العالم، وكاد أن يغني كتكوت الأمير على غصنه، ولم تظهر أبدا "على ضبّة السوق الـ180مليار دولار" إلى الآن. واضح ابتلعها كتكوت الأمير، وفطن الرجل أن الملاعيب بلا زبدة، فسكتت المؤتمرات تماما، بعدما نعس في آخرها الصحافي مكرم محمد أحمد، في لقطةٍ شهيرة، وكأنها كانت التصريح المباشر للاستغناء عن جهوده، فأين ذهب التصفيق الحارّ للحكم والأمثال التي قالها الزعيم، وأين ذهبت وعوده: "في 30/6/2029 هتشوفوا مصر تانية خالص"، حتى وصل الأمر، بعدما طفح الكيل، إلى اليأس، وقال: "طيب قولولي انتوا أعمل أيه؟".
هل جرّب الرجل كل الخلطات والبهارات حتى أنهم قالوا: "قد يكون الإخوان عملوا له السحر"؟ هل ذهبت إيرادات قناة السويس "الجديدة" إلى البحر وغرقت، وهل غاز "الحقول" التي اكتشفت تباعا ابتلعها البحر أيضا، وهل ذهب منجم السكري تحوّل إلى نحاس مثلا؟ وهل كل الكهرباء التي كنا سنصدرها إلى كل عموم أفريقيا، باذن الله، ماتت في الأسلاك، وهل ملايين الأطنان من الجمبري "أبو راس، وأبو راسين، وتلاتة، هاجرت إلى المياه الباردة؟".
وهل تم استصلاح ملايين الأفدنة في الصحراء، بعدما كثرت الآبار، ولكن شباب الخريجين باعوها وهاجروا إلى أوروبا؟ وهل ذهب ملايين المسلمين والمسيحيين زرافاتٍ زرافاتٍ لأداء صلاة الجمعة والترانيم في أكبر مسجد وكنيسة في العالم، بالعاصمة الإدارية، فزادت البركات، وزاد راتب الموظف الذي توقفت علاواته عند 2014، أم أن فاتورة الكهرباء ضخمة بما فيه الكفاية، حتى على بيوت الله، ما اضطر البروفيسور مجدي يعقوب أن يعجز عن دفع فاتورة كهرباء المستشفى الخاصة به، لأنها ضخمة جدا، مع أننا كنا سنصدرها إلى عموم أفريقيا من ستة شهور فقط، ما جعل السيدة زوجة حاكم الشارقة تتبرّع بقيمة فاتورة الكهرباء للمستشفى. وبعد ذلك، لا نملك إلا أن نقول: "تحيا مصر"، ونكتبها بخط الرقعة على مؤخّرة كل طائرة رافال يستقلها الرئيس في غرفة عمليات الحرب، والتجهيز لضرب سد النهضة في القريب العاجل.