12 مارس 2022
الدين والسلطة: أي علاقة؟
ظلت العلاقة بين الدين والسلطة على امتداد تاريخ العالم إشكالية، لم تزل أسئلتها تلقي بثقلها على زمننا الراهن، وخصوصا في عالمينا العربي والإسلامي، أسئلة من نوع: هل الدين يستخدم السلطة؟ أم السلطة تستخدم الدين لإحكام قبضتها على البلاد والعباد والثروة؟
قبل الربيع العربي، كانت السلطات تستخدم فزاعة "الإسلام" لتخويف الشعوب من وصول الإسلاميين إلى الحكم، ولا تزال، وقد ساعدتها في "نجاح" إيديولوجيتها تلك قدرتها على الهيمنة على أنظمة التفكير وإقناع قسم كبير من "الجمهور" بصواب رؤيتها، وذلك في وقت كانت فيه السلطات تعمل على إنتاج "أديانها" و"إسلامها" و"فقهائها" كجزء من تلك الاستراتيجية، إذ يمكن ملاحظة أن لكل سلطة "فقهاء" يطبّلون باسمها، يلوون عنق النص بما يتناسب مع استراتيجية السلطة، فيحرّمون أمرا اليوم ليحللوه غدا! ليتحول الدين و(الإسلام منه) إلى مادة صراع بين السلطة والمعارضة التي لم تقصّر هي أيضا في استخدام الدين في معركتها ضد السلطة، الأمر الذي رأينا نماذج كثيرة منه (ولا نزال) في سياق الربيع العربي الذي جاء أيضا ليضعنا بمواجهة هذه العلاقة لإعادة قراءتها من جديد، إذ كان الربيع هذا كاشفا وباعثا على ضرورة إعادة النظر بتلك العلاقة وقراءتها على ضوء المستجدّات الجديدة.
حيث تبين لنا أنّ السلطات المستبدّة تعمل دائما على صناعة "أديانها" وأساطيرها في سبيل البقاء، فتصنع بذلك رجال دين على مقاسها، ليصنع هؤلاء بدورهم "فتاوى" و"نصوصا مقدسة" هدفها الوحيد هو الترويج لما تريده السلطة، أي أن الدين هنا مجرد "متحول تابع" لمتحول مستقل بذاته هو السلطة. إلا أن المشكلة التي تكمن هنا أن هذه النصوص والفتاوى والمدارس لا تنتهي مع انتهاء استخدام السلطة لها، بل تتحول بعد زمن، قد يكون قصيرا أو طويلا، إلى تابع مستقل بذاته، أي يصبح لرجل الدين الذي أنتجته السلطة أنصار وأتباع يدافعون عن "منجزه" بغض النظر عن السلطة، فنصبح مع الزمن أمام نص أنتج في لحظة دنيوية ما لهدف دنيوي ما، فتحول إلى مقدّس لا يمكن نقده أبدا، وهو نفسه "النص المقدس" الذي قد يستخدم ضد سلطة أخرى، لسحب الشرعية منها، وباسم الدين أيضا!
هذا الدرس الذي كشفه الربيع العربي، ونماذج كثيرة منه في عالمنا العربي اليوم، في سورية والسعودية التي قد تكون أبلغ نموذج عنه، يدفعنا اليوم مجدّدا إلى قراءة انتكاسة الربيع العربي على ضوئه، باعتباره أحد الأسباب (وليس كلها) التي أدت إلى هذه الانتكاسة، ما يعني ضرورة إعادة قراءة تاريخ الدين وتاريخ السلطة على ضوء هذا الأمر، بهدف تحرير الدين من ألاعيب السلطات وتحرير السلطة من إمكانية استخدام الدين وتخريبه، والأهم إعادة قراءة النصوص الدينية و"الأفكار" الدينية في تاريخيتها لجهة تعرية اللحظة والكيفية التي ولدت فيها، وبالتالي نزع القداسة عن كل "لا مقدس" فيها، مع الحفاظ على روحية الدين وجوهره المتعالي.
لماذا هذا الأمر مهم جدا؟ لأن سلطات ما بعد الربيع العربي تعمل اليوم مجددا على إنتاج "أساطيرها الدينية" و"رجال دينها" بغية إعادة ضبط الحقل الديني داخل بلدانها، لإعادة استخدام الدين في معركة بقائها ضد الشعوب، مقدمة نفسها باعتبارها "حامية الدين" فيما هي لا تتورع عن تدنيسه حقيقة حين تريد مصلحتها ذلك، فها هو نظام الأسد اليوم يعيد سن القوانين والأنظمة، ويضع استراتيجية جديدة تعيد إنتاج الحقل الديني، بعدما أدت الثورة السورية إلى خلخلة هيمنته عليها، وهذا ما تفعله كل سلطة أخرى أيضا، فهل نتفرّج على إعادة صناعة الاستبداد باسم الدين مجدّدا، أم نعمل مبضع النقد، ونذهب عميقا عميقا هذه المرة؟
حيث تبين لنا أنّ السلطات المستبدّة تعمل دائما على صناعة "أديانها" وأساطيرها في سبيل البقاء، فتصنع بذلك رجال دين على مقاسها، ليصنع هؤلاء بدورهم "فتاوى" و"نصوصا مقدسة" هدفها الوحيد هو الترويج لما تريده السلطة، أي أن الدين هنا مجرد "متحول تابع" لمتحول مستقل بذاته هو السلطة. إلا أن المشكلة التي تكمن هنا أن هذه النصوص والفتاوى والمدارس لا تنتهي مع انتهاء استخدام السلطة لها، بل تتحول بعد زمن، قد يكون قصيرا أو طويلا، إلى تابع مستقل بذاته، أي يصبح لرجل الدين الذي أنتجته السلطة أنصار وأتباع يدافعون عن "منجزه" بغض النظر عن السلطة، فنصبح مع الزمن أمام نص أنتج في لحظة دنيوية ما لهدف دنيوي ما، فتحول إلى مقدّس لا يمكن نقده أبدا، وهو نفسه "النص المقدس" الذي قد يستخدم ضد سلطة أخرى، لسحب الشرعية منها، وباسم الدين أيضا!
هذا الدرس الذي كشفه الربيع العربي، ونماذج كثيرة منه في عالمنا العربي اليوم، في سورية والسعودية التي قد تكون أبلغ نموذج عنه، يدفعنا اليوم مجدّدا إلى قراءة انتكاسة الربيع العربي على ضوئه، باعتباره أحد الأسباب (وليس كلها) التي أدت إلى هذه الانتكاسة، ما يعني ضرورة إعادة قراءة تاريخ الدين وتاريخ السلطة على ضوء هذا الأمر، بهدف تحرير الدين من ألاعيب السلطات وتحرير السلطة من إمكانية استخدام الدين وتخريبه، والأهم إعادة قراءة النصوص الدينية و"الأفكار" الدينية في تاريخيتها لجهة تعرية اللحظة والكيفية التي ولدت فيها، وبالتالي نزع القداسة عن كل "لا مقدس" فيها، مع الحفاظ على روحية الدين وجوهره المتعالي.
لماذا هذا الأمر مهم جدا؟ لأن سلطات ما بعد الربيع العربي تعمل اليوم مجددا على إنتاج "أساطيرها الدينية" و"رجال دينها" بغية إعادة ضبط الحقل الديني داخل بلدانها، لإعادة استخدام الدين في معركة بقائها ضد الشعوب، مقدمة نفسها باعتبارها "حامية الدين" فيما هي لا تتورع عن تدنيسه حقيقة حين تريد مصلحتها ذلك، فها هو نظام الأسد اليوم يعيد سن القوانين والأنظمة، ويضع استراتيجية جديدة تعيد إنتاج الحقل الديني، بعدما أدت الثورة السورية إلى خلخلة هيمنته عليها، وهذا ما تفعله كل سلطة أخرى أيضا، فهل نتفرّج على إعادة صناعة الاستبداد باسم الدين مجدّدا، أم نعمل مبضع النقد، ونذهب عميقا عميقا هذه المرة؟