الرؤية الدبلوماسية الاستراتيجية المشتركة في تجمّع "كواد"
في لقاءين دبلوماسيين رئيسيين عُقدا تحت قيادة الهند في نيودلهي؛ اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين 1 - 2 مارس/ آذار 2023، وحوار ريسينا 2 - 4 من الشهر ذاته، عُقدت عدة لقاءات واجتماعات سياسية ودبلوماسية، ثنائية وأخرى متعدّدة الأطراف، بين نظراء الشركاء والحلفاء الإقليميين والدوليين، ومنها، الاجتماع السادس الوزاري الرباعي "كواد" (الولايات المتحدة، الهند، اليابان وأستراليا) في نيودلهي يوم 3 مارس/ آذار 2023. إذ أتاح اجتماع قمّة مجموعة العشرين فرصة لقاء وزراء خارجية أعضاء تجمّع "كواد"، في حين شارك وزراء خارجية الرباعية في حلقة نقاش عامة كجزء من حوار ريسينا، وذلك في اليوم الذي عُقد فيه الاجتماع الوزاري الرباعي السادس.
كتب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تغريدة على تويتر، "يسعدني أن أنضمّ إلى حلقة نقاش اليوم مع زملائي من وزراء خارجية المجموعة الرباعية في حوار ريسينا. تعتبر المجموعة الرباعية جزءاً حيوياً من رؤيتنا الحرّة والمفتوحة في المحيط الهادئ، وتوضح لوحة اليوم الأولوية التي نوليها للعمل مع شركائنا وحلفائنا في المنطقة".
في السنوات الأخيرة، اتّسعت أجندة قضايا مداولات اجتماعات المجموعة الرباعية "كواد"؛ من معالجة قضايا إنسانية إلى معالجة قضايا اقتصادية وأمنية؛ عبر طرح قضايا منطقة المحيطين الهندي والهادئ ومناقشتها، وفي ذلك المنعطف، اتجاه محلّلين سياسيين واستراتيجيين عديدين إلى الحديث حول احتمالية تحويل التجمّع الرباعي "كواد" إلى "حلف ناتو آسيوي". ليكون هناك وجهات نظر مماثلة من الدبلوماسيين والمسؤولين لدى بعض الدول، فمثلاً، قال المتحدّث الرسمي باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان في فبراير/ شباط 2022، "إن ما تسمّى آلية الرباعية هي، بطبيعتها، أداة لاحتواء الصين ودورانها، والحفاظ على الهيمنة الأميركية". كما حث ليجيان على التخلي عن "عقلية الحرب الباردة التي عفا عليها الزمن، وتصحيح نهجها الخاطئ المتمثل في تعزيز المواجهة الجماعية وممارسة الألعاب الجيوسياسية، والقيام بدور بناء من أجل السلام والاستقرار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ".
تهدف الرؤية المشتركة والمعُلنة للتجمّع الرباعي "كواد"، ضمان "منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة"؛ ربما قد يسهم بناء رؤية استراتيجية مشتركة على مستوى متعدد الأطراف تجاه منطقة المحيطين الهندي والهادئ في تصاعد احتمالات إمكانية تحويل "كواد" إلى "ناتو آسيوي". لكن، في الوقت ذاته، تشكل الحسابات الدبلوماسية والاستراتيجية في السياسة الخارجية لكل دولة عضو على حدة في التجمع الرباعي "كواد" تجاه قضايا منطقة المحيطين، أحد الأسباب الرئيسة التي قد تطيل إمكانية تبنّي "سياسات مشتركة" عبر المجموعة الرباعية لمعالجة قضايا منطقة المحيطين؛ ففي الاستراتيجية "الأحادية"، للولايات المتحدة واليابان رؤية مماثلة ومعُلنة لهدف التجمّع بشأن ضمان "منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرّة والمفتوحة"، في حين أيضاً هناك رؤية استراتيجية لكلٍّ من أستراليا والهند إزاء المنطقة ذاتها، وإن كانت تعبّر عن نهج دبلوماسي واستراتيجي مختلفٍ إلى حدّ ما.
صدر أول بيان مشترك بعد الاجتماع الوزاري الرابع في فبراير/ شباط 2022
بدأ التعاون الرباعي "كفرق عمل" عام 2004؛ لاستجابة إنسانية مع كارثة تسونامي التي حدثت في المحيط الهندي؛ لتنسيق دول المنطقة ومساعدتها. عُقد أول اجتماع (على مستوى كبار المسؤولين) علـى هامـش رابطـة دول جنـوب شـرق آسـيا (آسـيان) في الفيليبين في مايو/ أيار عام 2007. ومع ارتقاء دبلوماسي في أول اجتماع (على مستوى كبار المسؤولين الرباعي من وزارات الخارجية) في سبتمبر/ أيلول 2019، على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. ومع انعقاد آخر في أول قمة رباعية (على مستوى القادة) في شكل افتراضي في 12 مارس/ آذار 2021.
كما أصبحت اجتماعات المجموعة الرباعية تعُقد على أساس ثلث سنوي؛ فمنذ عام 2021 عقد اجتماع وزاري (فبراير/ شباط)، واجتماعان على مستوى القادة (مارس/ آذار، وسبتمبر/ أيلول). وفي عام 2022، عُقد اجتماعان وزاريان (فبراير/ شباط، وسبتمبر/ أيلول)، واجتماعان على مستوى القادة (مارس/ آذار ومايو/ أيار). يعتبر الاجتماع السادس الوزاري الرباعي أعلاه، (الأول) في العام الجاري، في حين اتفق على استضافة أستراليا القمة الرباعية المقبلة من هذا العام. قد تقود الاجتماعات المنتظمة إلى "إضفاء الطابع المؤسسي النظري على الرباعية".
عقب اجتماعات تجمّع "كواد"؛ اتسعت أجندة عمل إطار الشراكة الرباعية؛ فبعد لقاء فرق عمل، واجتماعين للمسؤولين، ومن ثم ثلاثة اجتماعات وزارية، بالإضافة إلى اجتماعين للقادة، صدر أول بيان مشترك بعد الاجتماع الوزاري الرابع في فبراير/ شباط 2022. نحو خطوة أخرى متقدّمة، وقعت الدول الرباعية "المبادئ التوجيهية لتفعيل الشراكة الرباعية.." خلال الاجتماع الخامس الوزاري الرباعي في سبتمبر/ أيلول 2022، ليتبعها تشكيل لجان عمل في الاجتماعات الوزارية والقيادية التي عُقدت لاحقاً.
في إطار الموقف المشترك (على مستوى متعدّد الاطراف) في المجموعة الرباعية "كواد" تجاه منطقة المحيطين الهندي والهادئ؛ أعرب في أول بيان مشترك صدر، والمشار إليه أعلاه، عن "تأكيد التزام المجموعة الرباعية بدعم جهود دول المحيط الهادئ والهندي لتعزيز حرية وانفتاح منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وهي منطقة شاملة ومرنة، وتسعى فيها الدول جاهدة لحماية مصالح شعوبها، خالية من الإكراه". وأُشير إلى ذلك في أول بيان قادة مشترك بعد الاجتماع القيادي (الثالث) في مارس/ آذار 2022، وكذلك في الاجتماع القيادي (الرابع) في مايو/ أيار 2022، وفي الاجتماع الوزاري (الخامس) في سبتمبر/ أيلول 2022.
تشكّل "قضايا الأمن الإقليمي" أولوية في مداولات اجتماعات المجموعة الرباعية؛ لما لها من تداعيات تهدف نحو محاولة "بناء بيئة استراتيجية جديدة" في آسيا ومحيطها
وأخيرا، عقب الاجتماع (السادس) الوزاري الرباعي "كواد"، أعرب البيان المشترك عن "تأكيد التزام الرباعي الثابت بدعم منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرّة والمفتوحة، والتي تتسم بالشمول والقدرة على الصمود. نؤيد بشدة مبادئ الحرية وسيادة القانون والسيادة وسلامة الأراضي والتسوية السلمية للنزاعات دون اللجوء إلى التهديد أو استخدام القوة وحرية الملاحة والتحليق، ونعارض أي محاولة أحادية الجانب لتغيير الوضع الراهن، وكلها ضرورية لتحقيق السلام والاستقرار والازدهار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وما وراءها".
وفي سياق ما سبق؛ عبر الموقف المشترك أعلاه، تشكّل "قضايا الأمن الإقليمي" لعل أهمها، "بحر الصين الجنوبي والشرقي"، و"إطلاق كوريا الشمالية الصواريخ الباليستية"، و"الأزمة الإنسانية في أوكرانيا"؛ أولوية في مداولات اجتماعات المجموعة الرباعية؛ لما لها من تداعيات تهدف نحو محاولة "بناء بيئة استراتيجية جديدة" في آسيا ومحيطها.
في أول بيان وزاري مشترك صدر عن المجموعة الرباعية، تم تبنّي "موقف معارض" مما يحدث في "بحر الصين الجنوبي والشرقي"، وموقف إدانة تجاه الصواريخ الباليستية لكوريا الشمالية. وفي أول بيان قادة رباعي مشترك، ولأول مرة تم تقييم "الأزمة الإنسانية في أوكرانيا" وتداعياتها الأوسع. في حين تصدّرت القضايا الثلاث أعلاه، جدول الاجتماع -الرابع- القادة في أيار/ مايو 2022، مع الإشارة إلى تأثير "النزاع في أوكرانيا والأزمة الإنسانية المأساوية المستمرة، وتقييم آثارها على منطقة المحيطين الهندي والهادئ". ومرة أخرى تصدرت القضايا السابقة جدول أعمال الاجتماع الوزاري السادس الرباعي أخيرا.
وفي قراءة مفصلة في محتوى البيانات المشتركة أعلاه، نجد صياغة دبلوماسية حذرة (ومتنوعة) إزاء "قضايا الأمن الإقليمي" سالفة الذكر؛ حيث أدلت البيانات بـ "نعارض بشدة" ما يحدُث في بحر الصين الجنوبي (تجاه الصين)، وموقف "إدانة" إزاء صواريخ كوريا الشمالية، وموقف "مناقشة" تجاه أزمة أوكرانيا، وموقف "غير مسموح" استخدام الأسلحة النووية أو التهديد باستخدامها (تجاه روسيا). ومن جدير ملاحظته، يعود الحذر الدبلوماسي "الممنهج" المتبنّى في البيانات المشتركة لاجتماعات تجمّع "كواد" تجاه تلك القضايا؛ إلى الاختلاف في نهج الاستراتيجيات (الأحادية) لدول الرباعية في التجمّع "كواد" تجاه قضايا منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
منذ 2012، "أصبحت فكرة المحيطين الهندي والهادئ نقطة مرجعية للحكومات الأسترالية لتحديد مصالح السياسة الخارجية والأمنية للبلاد"
تلتزم الولايات المتحدة بإيجاد منطقة المحيطين الهندي والهادئ التي "تكون حرّة ومنفتحة ومتصلة ومزدهرة وآمنة ومرنة"؛ ففي ديسمبر/ كانون الأول 2017، حدّدت أميركا، منطقة المحيطين الهندي والهادئ "على أنها المسرح الجديد في استراتيجيتها للأمن القومي". وفي مايو/ أيار 2018، أعادت الولايات المتحدة تسمية القيادة الأميركية في المحيط الهادئ "باسم قيادة المحيطين الهندي والهادئ". وأوضحت "استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ للولايات المتحدة" الصادرة في فبراير/ شباط 2022 "أن المصالح الأميركية لا يمكن أن تتقدّم إلا إذا رسّخنا بقوة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وتقوية المنطقة نفسها، مع أقرب الحلفاء والشركاء. لمواجهة التحدّيات...". في حين تجري الولايات المتحدة تحديثا مستمرّا على "بنود استراتيجيتها" تجاه المنطقة.
أطلقت اليابان، في فبراير/ شباط 2022، رؤية بشأن "منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرّة والمفتوحة"، "لضمان السلام والازدهار في المنطقة وخارجها، من خلال إقامة نظام حر ومفتوح يقوم على القيم والمبادئ المشتركة مثل سيادة القانون. تقود اليابان الجهود المبذولة لوضع قواعد في القرن الحادي والعشرين لتوسيع منطقة اقتصادية حرة وعادلة، عبر تعزيز وجودها بشكل استباقي لأهمية النظام البحري في منطقة المحيطين الهندي والهادئ". ومن جدير ذكره، لليابان استراتيجيات خاصة بالمنطقة؛ مثل تقرير طوكيو حول الاستراتيجية الحرّة والمفتوحة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ الصادر في أبريل/ نيسان 2017، وتُجري اليابان تحديثا مستمرّا على سياساتها إزاء المنطقة.
منذ عام 2012، "أصبحت فكرة المحيطين الهندي والهادئ نقطة مرجعية للحكومات الأسترالية لتحديد مصالح السياسة الخارجية والأمنية للبلاد". وفي العالم التالي، أصدرت أستراليا كتابها الأبيض للدفاع، و"يحدّد منطقة المحيطين الهندي والهادئ مسرحا جديدا ويسلط الضوء على التحول الاستراتيجي في منطقة آسيا والمحيطين الهادئ والهندي".
وأصدرت البحرية الهندية "استراتيجية الأمن البحري الهندية" في 2015، و"التي تحدّد التحوّل إلى المحيطين الهندي والهادئ". وفي خطابٍ لرئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، في حوار شانغريلا في يونيو/ حزيران 2018، حدّدت الهند رؤيتها الاستراتيجية في المنطقة؛ "تقوم القوات المسلحة الهندية، وخصوصا البحرية لدينا، ببناء شراكات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ من أجل السلام والأمن، فضلاً عن المساعدة الإنسانية والإغاثة في حالات الكوارث. إنهم يقومون بالتدريب والتمرين والقيام بمهام النيات الحسنة في جميع أنحاء المنطقة".
يصعب تحديد التحدّيات التي تواجه منطقة المحيطين الهندي والهادئ على مستوى متعدّد الأطراف عبر المجموعة الرباعية "كواد"
وفي قراءة معمّقة للاستراتيجيات أعلاه، نجد اختلافا في الأولويات والاعتبارات الاستراتيجية لكل دولة عضو في التجمّع؛ إذ يعتمد دور الدولة وسياساتها على التحدّيات التي قد تواجهها في المنطقة؛ والتي تحدّد أولويات السياسة الخارجية للدولة؛ حيث تكمن أولويات اليابان وأستراليا في المحيط الهادئ، كما يشكّل المحيط الهندي أولوية أكثر إلحاحاً للهند من المحيط الهادئ. لتشترك أولويات الدول الثلاث السابقة مع أهداف الولايات المتحدة في كلا المحيطيْن، مع التركيز على المحيط الهادئ.
وعليه، يصعُب تحديد التحدّيات التي تواجه منطقة المحيطين الهندي والهادئ على مستوى متعدد الأطراف عبر المجموعة الرباعية "كواد"، وبالتالي افتقار سبل التصدّي (بشكل مشترك) لتحدّيات المنطقة، ما يجعل حالة "التوازن الاستراتيجي" ما بين المصالح الحيوية أمام دول أعضاء المجموعة الرباعية أكثراً تعقيداً. ففي بحر الصين الجنوبي قد يشكّل هدفا مشتركا ما بين دول أعضاء "كواد"؛ عبر تبنّي موقف دبلوماسي "معارض"؛ في حين يستند الموقف المشترك، وكذلك الموقف الثنائي، أحادي الجانب، على الموقف القانوني الدولي، سيما على النحو الوارد في المادة 55 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، عبر تحديد إطار "المنطقة الاقتصادية الخالصة التي تبلغ مساحتها 200 ميل بحري، وهي المنطقة البحرية خارج البحر الإقليمي، يمكن للدولة الساحلية ممارسة الحقوق السيادية والسلطات السيادية إلى حد محدود". في المقابل، استناد الصين على خط الفواصل التسعة (لسان التنّين) منذ 1947، لتتعارض مع "المنطقة الاقتصادية الخالصة"، أي مع مصالح الدول الأخرى في بحر الصين الجنوبي.
من الملاحظ أنهُ جرى تبنّي موقف "معارض" وليس "إدانة"؛ والسبب تعدّد الأزمات في داخل النزاع في "بحر الصين الجنوبي والشرقي" بين أطرافٍ عديدة، قد تحتاج مطالعةً أخرى لفهم حيثيات (وأبعاد) النزاع في "بحر الصين الجنوبي والشرقي"، وبالتالي مصالح دول أعضاء التجمع الرباعي "كواد".
وفي قضية السلاح النووي وإطلاق كوريا الشمالية الصواريخ الباليستية، تحظى بحالة توافق ما بين دول أعضاء تجمع الرباعي "كواد"؛ فإن موقف "الإدانة" يشكّل حالة مماثلة ومشتركة على المستويين (متعدد الأطراف، والثنائي-أحادي الجانب).
رؤية "كواد" المشتركة لنزاع أوكرانيا تتمحور حول الحديث عن "الأزمة الإنسانية في أوكرانيا" وتعدّياتها ... من دون اتخاذ موقف "إدانة"
أما النزاع في أوكرانيا، فإن الرؤية المشتركة عبر التجمّع الرباعي "كواد" تتمحور حول الحديث عن "الأزمة الإنسانية في أوكرانيا" وتعدّياتها ... من دون اتخاذ موقف "إدانة" أو مناقشة "دور روسيا" في النزاع/ الحرب؛ نتيجة الاختلاف في الآراء والمواقف (على مستوى الثنائي، أحادي الجانب) بين دول أعضاء التجمّع الرباعي؛ تبنت كلٌّ من الولايات المتحدة واليابان وأستراليا موقف "إدانة" صريحا تجاه السياسات الروسية في أوكرانيا. أما للهند موقف "محايد" وعدم "إدانة" ضد روسيا؛ فهناك علاقات وثيقة وحليفة تجمع نيودلهي وموسكو. (انظر/ ي: منال علان، "الهند والغزو الروسي لأوكرانيا.. بين حليف قديم وشريك جديد" العربي الجديد" 10/8/2022)
يدفع موقف "الإدانة" تجاه سياسات الصين في بحر الصين الجنوبي، وسياسات روسيا في أوكرانيا، إلى تبني موقف دبلوماسي وسياسي (أحادي الجانب)؛ والتي تحكمها الاعتبارات الاستراتيجية والمصالح الحيوية لكل دولة عضو على حدة في التجمع الرباعي "كواد"، مما قد يعيق تنامي الرؤية المشتركة لتجمع الرباعي تجاه قضايا منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
قد تتطلّب معالجة "قضايا الأمن الإقليمي" سالفة الذكر إجراء بحث موسّع، عبر دراسة كل قضية على حدة، في إطار تحليل الاستراتيجيات الأحادية لدول أعضاء التجمّع الرباعي "كواد"، وكذلك تحليل السياسة والاستراتيجية المشتركة عبر التجمّع، تجاه قضايا منطقة المحيطين الهندي والهادئ؛ لتفسير وفهم كيفية العمل على مستوى متعدّد الاطراف، وبالتالي معرفة السيناريوهات المحتملة أمام تحوّل "كواد" إلى "حلف ناتو آسيوي"؛ فهناك العديد من أجندة العمل داخل المجموعة الرباعية قابلة للتطبيق في السنوات المقبلة، والمستندة إلى "العمل القانوني الدبلوماسي".
في الوقت الحالي من درجة وتيرة النزاع في بحر الصين الجنوبي، وأزمة إطلاق كوريا الشمالية الصواريخ الباليستية، والحرب بين روسيا وأوكرانيا، ربما قد يكون هناك ضغط عبر التجمّع الرباعي "كواد" على مستوى متعدّد الأطراف؛ لمحاولة إحباط "حالة التصعيد"، وذلك كسياسة تحذير نحو تصاعد "احتمالية" تبنّي سياسة مشتركة، تأخذ صورة حالة "الردع" في أعقاب إحداث تهديد مباشر عند محاولة "بناء بيئة استراتيجية جديدة" في آسيا ومحيطها، قد تتعارض مع المصالح الحيوية والاستراتيجية لدول أعضاء التجمّع الرباعي "كواد"، والتي تتطلب "بناء رؤية استراتيجية مشتركة" تجاه قضايا منطقة المحيطين الهندي والهادئ.