04 نوفمبر 2024
السيسي يستدعي شفيق "البلدوزر"
يصرخ إعلام الانقلاب على السيسي: واشفيقاه!
ماذا حدث، لكي تندلع كل هذه البكائيات واللطميات في قنوات السيسي، حزناً على بقاء أحمد شفيق في حضرة الغياب، منذ أن غادر مصر، بزعم العمرة، فاستقر به المقام في أبوظبي؟
ماذا جرى، لكي تشتعل نوبة حنين مفاجئ لجنرال الدولة العميقة المتقاعد، لدى أولئك الذين رهنوا مشاعرهم، بزيفها الأجير، وأودعوا مدخراتهم وأرصدتهم من القدرة على النفاق والزمر والطبل في بنك السيسي؟
بالطبع، لا يوجد ما يدفع هؤلاء إلى المخاطرة والمقامرة، بالنداء على أحمد شفيق، في عز جبروت السيسي، فعلى الرغم من إدراكهم أن انقلاب السيسي مسروق من ثورة شفيق المضادة، إلا أنهم، وبما يملكون من مهارات الكمون والاختباء والتلون والتحول والتسلق والقفز، يعرفون أن الغلبة لمن يحمل السلاح من مماليك الدولة العميقة، ويعلمون جيداً أن "قمرة القيادة" لا يمكن أن تتسع لطيار هارب، حتى وإن كان من يقود لا تربطه صلة بعالم الطيران.
ما الذي ذكّرهم بشفيق، إذن، وما الذي ذكّره بموضوع السلطة، على حين غرة، فتصدر تصريحات من مصادر خفية في السلطة تقول له "انس الرجوع"، فيذهب إليه المحاورون، يسجلون صيحته "أبداً لن أنسى"، ويعلنون عن مواعيد البث، وينوهون إلى القذائف التي ستنفجر مع إذاعة الحوار، ثم يحبكون حدوتة المنع والمصادرة، فتتساقط دموعهم على حرمان "شفيق العاشق" من حضن مصر، ويتوسلون إلى الحاكم بأمره أن يستدعيه للرجوع، وتشتعل حقول الميديا مجدداً، بما يسميه بعضهم، شططاً "انفجار الصراع بين شفيق والسيسي"
هل حقاً هناك صراع؟
دعونا نرجع إلى الوراء، وتحديداً بعد أيام من إعلان فوز الدكتور محمد مرسي، برئاسة مصر، عبر انتخابات أدارها وأشرف عليها وأعلن نتائجها المجلس العسكري، وباهى بها الأمم المحبة للديمقراطية، إذ استيقظت مصر في ذلك الوقت على خبر تسلل أحمد شفيق، بأكثر من 12 حقيبة سفر، عبر مطار القاهرة عند الفجر، متجهاً إلى الإمارات، والسؤال هنا: هل كانت السلطات العسكرية تملك في ذلك الوقت منع أحمد شفيق من السفر، لو أرادت، خصوصاً أن دعاوى اتهامه بالفساد والتربح كانت منظورة أمام القضاء؟
بالطبع، كان المجلس العسكري (الذي كان عبد الفتاح السيسي عضواً فيه، ومديراً للمخابرات الحربية) يعرف بهروب شفيق، ويستطيع منعه، إن أراد، لكنه لم يفعل، والخلاصة أنه من العبث افتراض وجود صراع، أو نزاع بين طبقة العسكر الحاكمة الآن، ويمثلها عبد الفتاح السيسي، وبين أحمد شفيق، فالأول هو من اختاره "المعسكر" لكي يأتي له بحكم "الدولة"، والثاني هو أحد الخيول القديمة العجوز لدى أهل المعسكر، من الممكن أن يسندوا له دوراً مساعداً، وقت اللزوم. لكن، من المستحيل أن يذهب إلى دور البطولة.
من يستدعي شفيق الآن، إذن؟
لن يكون مفاجئاً، أو تحليقاً في فضاء نظرية المؤامرة، لو كانت الإجابة: هو عبد الفتاح السيسي، ولا أحد غيره، الذي يستدعي شفيق، ويلاحظ، هنا، أن استعادة اسم شفيق تأتي بعد السؤال الكبير الذي طرحه السيسي على رئيس حكومته "قلت لي سأعمل كالبلدوزر، هو فين البلدوزر ده".
ما الذي يمنع أن يكون "البلدوزر" وارد الإمارات، ليصبح التوصيف الدقيق للموقف هو "قسمة غرماء الثلاثين من يونيو"، وليس "الصراع"، ذلك أن طموح شفيق لا يتعدى الحلم بمنصب رئيس الحكومة، على الأقل في هذه المرحلة، فيما يدرك السيسي أنه بحاجة إلى شفيق، لو أراد تدارك الفوالق والتصدعات في جبهة 30 يونيو/ حزيران، والتي باتت تمثل تهديداً لمشروع الدولة العميقة برمتها.
وإذا وضعت في الحسبان أن النظام يبدي قلقاً متصاعداً من محاولات قوى وحركات ثورية استرجاع بعض عافيتها وديناميكيتها، مع حديث عن محاولات الرجوع لخطوط 24 يناير/ كانون ثاني 2011، يكون منطقياً للغاية، أن تطلق الدولة العميقة والثورة المضادة نفير الاصطفاف والتوحد، وغني عن القول إن الحصة الأكبر من جمهور الثورة المضادة، وبشكل خاص من الفلول والأقباط، كانت "شفيقية الهوى والتوجه"
وللحديث بقية..