12 مارس 2022
حزب الله والمال الإيراني "النظيف"
اعتاد الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، أن يكرّر، في خطاباته، عبارات من نوع "المال الشريف.. المال النظيف"، ردا على خصومه، وإجابة على تساؤلاتٍ تُطرح بشأن مسألة أموال حزب الله ومصادرها.
وعلى الرغم من أن الرجل لم يخف يوما مصدر الأموال، إلا أن هذا التكرار كان بهدف أمرين، الأول: ليقول إن المال "الآخر" الذي يتلقاه خصومه هو مال غير شريف ومشبوه، وذلك كجزء من المنظومة التي يعمل بها حزب الله، عبر رفع سلاح التخوين في وجه كل معترض. والثاني لشحذ ورص عصبيّة مؤيديه، خصوصا بعد تكاثر الاتهام الموجه للحزب بأنه عميل وتابع لحكم الملالي.
اليوم، يرفع المتظاهرون في إيران شعارات "الموت لحزب الله"، و"اخرجوا من سورية"، و"اهتموا بنا لا بفلسطين"، "اتركوا سورية وشأنها، افعلوا شيئاً لأجلنا"... هي شعارات واضحة في مطالبها، فأصحاب "المال الشريف والنظيف" يطالبون بأموالهم التي يسرقها الملالي ليوزّعوها هنا وهناك في حربهم الإقليمية، الأمر الذي يعني اليوم، وبوضوح، أن الشعب الإيراني يصرخ في وجه ملالي طهران، كما في وجوه الحوثيين والحشد الشعبي وحزب الله وكل المليشيات التي تتلقى الدعم الإيراني: أعيدوا مالنا إلينا، أنتم تسرقون قوت يومنا، أنتم شركاء للولي الفقيه في قتلنا وتجويعنا!
تحتاج الأنظمة المستبدّة والمتسلطة دوما إلى التمدد خارجيا، بغرض تثبيت النظام، وبحثا عن "شرعية" له تُستمد من القضايا المخترعة، فالنظام القائم على العنف والاستبداد يدرك جيدا أنّ القمع وحده لا يكفي لإسكات الجماهير، لذا يتم اختراع إيديولوجيات يسعى المستبدون إلى إحلالها مكان مطالب الشعب الحقيقية. وهنا تغدو قضايا مثل تحرير فلسطين ومواجهة الاستكبار الأميركي...، بمثابة قضايا حاجبة لمطالب الجماهير التي تنسى قضاياها هذه أحيانا، إذ تتماهي مع إيديولوجية الطغاة، وهذا يحصل في السنوات الأولى من عمر الثورات أو الأنظمة، إذ تتوهم الجماهير أن تلك الأنظمة تحمل الخير والرفاه لها. وأن دعم أنظمتها لتلك القضايا ناجم عن بعد ثوري وأخلاقي، إلى أن تكتشف لاحقا كذبها فتثور عليها، ومن بوابة تلك القضايا بالذات.
هذا ما حصل مع النظام السوري في قصة الممانعة، وحصل مع حزب الله، بعد أن أصبح طريق القدس يمر من القصير، وهو يحصل اليوم مع النظام التركي، إذ ملاحظ أنه في موازاة تراجع الديمقراطية التركية على يد حزب العدالة والتنمية، يتم التمدّد التركي في الإقليم، طبعا من دون أن يُغفل هنا أن التمدّد هذا لا يمكن فهمه بدوافع الأنظمة المستبدة فقط، فالطموحات الإمبراطورية لإيران وتركيا وروسيا هي جزء من تاريخ هذه الدول، وهي جزء من طبيعة التحولات الجارية في العالم، لأن الفراغ الذي تخلفه رحيل قوة ما لا بد أن يُملأ.
وضمن هذا السياق، تغدو هذه القوى والمليشيات، ومنها حزب الله، أحد أدوات تلك القوى المستبدة، لقمع شعوبها وتحقيق تمدّدها، بهدف حماية النظام من جهة، وتحقيق تمدّدها الإمبراطوري من جهة أخرى. ما يعني أيضا أن حزب الله وغيره يدرك، منذ اللحظة التي تأسس فيها، أنه جزء من مشروع ديني أصولي، إذ لا يُنسى هنا أن "ولاية الفقيه" هي الإيديولوجيا الدينية التي تجمع الفرع مع المركز، وهي الإيديولوجيا التي تمنح "القداسة"، وبالتالي تمثل الغطاء الديني لهذا النهب والسرقة لقوت الشعوب، تحت مبرّرات واهية، تبدأ من "الجهاد في سبيل الله"، ولا تنتهي عند انتظار "بروز المهدي المنتظر"، أو تمهيد الطريق لظهوره، ما يعني عمليا أن علينا أن لا ننتظر أبدا اعتذار حزب الله، أو أمينه العام، عن سرقة مال الشعب الإيراني النظيف، هذا المال الذي يجب أن يتوقف إرساله هنا وهناك، وتخصيصه لتحقيق المطالب العادلة للشعب الإيراني، فما بالك إن كان هذا المال يخصص أيضا لقتل الشعوب، وقمع تطلعاتها الحرّة، كما يحصل في اليمن وسورية؟
ليس مالا "نظيفا" هذا، بل مال اليتامى والفقراء والمحكومين الإيرانيين، فصفة النظافة تنطبق عليه، حين يصرف لمستحقيه، في حين يغدو نقيضه حين يصرف في الأماكن التي يصرف فيها اليوم. وإذا استعرنا الإيديولوجيا الدينية التي يستند إليها الملالي وحزب الله، فإن سرقة أموال اليتامى والضعفاء تغدو "حوبا كبيرا" (وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا).
وعلى الرغم من أن الرجل لم يخف يوما مصدر الأموال، إلا أن هذا التكرار كان بهدف أمرين، الأول: ليقول إن المال "الآخر" الذي يتلقاه خصومه هو مال غير شريف ومشبوه، وذلك كجزء من المنظومة التي يعمل بها حزب الله، عبر رفع سلاح التخوين في وجه كل معترض. والثاني لشحذ ورص عصبيّة مؤيديه، خصوصا بعد تكاثر الاتهام الموجه للحزب بأنه عميل وتابع لحكم الملالي.
اليوم، يرفع المتظاهرون في إيران شعارات "الموت لحزب الله"، و"اخرجوا من سورية"، و"اهتموا بنا لا بفلسطين"، "اتركوا سورية وشأنها، افعلوا شيئاً لأجلنا"... هي شعارات واضحة في مطالبها، فأصحاب "المال الشريف والنظيف" يطالبون بأموالهم التي يسرقها الملالي ليوزّعوها هنا وهناك في حربهم الإقليمية، الأمر الذي يعني اليوم، وبوضوح، أن الشعب الإيراني يصرخ في وجه ملالي طهران، كما في وجوه الحوثيين والحشد الشعبي وحزب الله وكل المليشيات التي تتلقى الدعم الإيراني: أعيدوا مالنا إلينا، أنتم تسرقون قوت يومنا، أنتم شركاء للولي الفقيه في قتلنا وتجويعنا!
تحتاج الأنظمة المستبدّة والمتسلطة دوما إلى التمدد خارجيا، بغرض تثبيت النظام، وبحثا عن "شرعية" له تُستمد من القضايا المخترعة، فالنظام القائم على العنف والاستبداد يدرك جيدا أنّ القمع وحده لا يكفي لإسكات الجماهير، لذا يتم اختراع إيديولوجيات يسعى المستبدون إلى إحلالها مكان مطالب الشعب الحقيقية. وهنا تغدو قضايا مثل تحرير فلسطين ومواجهة الاستكبار الأميركي...، بمثابة قضايا حاجبة لمطالب الجماهير التي تنسى قضاياها هذه أحيانا، إذ تتماهي مع إيديولوجية الطغاة، وهذا يحصل في السنوات الأولى من عمر الثورات أو الأنظمة، إذ تتوهم الجماهير أن تلك الأنظمة تحمل الخير والرفاه لها. وأن دعم أنظمتها لتلك القضايا ناجم عن بعد ثوري وأخلاقي، إلى أن تكتشف لاحقا كذبها فتثور عليها، ومن بوابة تلك القضايا بالذات.
هذا ما حصل مع النظام السوري في قصة الممانعة، وحصل مع حزب الله، بعد أن أصبح طريق القدس يمر من القصير، وهو يحصل اليوم مع النظام التركي، إذ ملاحظ أنه في موازاة تراجع الديمقراطية التركية على يد حزب العدالة والتنمية، يتم التمدّد التركي في الإقليم، طبعا من دون أن يُغفل هنا أن التمدّد هذا لا يمكن فهمه بدوافع الأنظمة المستبدة فقط، فالطموحات الإمبراطورية لإيران وتركيا وروسيا هي جزء من تاريخ هذه الدول، وهي جزء من طبيعة التحولات الجارية في العالم، لأن الفراغ الذي تخلفه رحيل قوة ما لا بد أن يُملأ.
وضمن هذا السياق، تغدو هذه القوى والمليشيات، ومنها حزب الله، أحد أدوات تلك القوى المستبدة، لقمع شعوبها وتحقيق تمدّدها، بهدف حماية النظام من جهة، وتحقيق تمدّدها الإمبراطوري من جهة أخرى. ما يعني أيضا أن حزب الله وغيره يدرك، منذ اللحظة التي تأسس فيها، أنه جزء من مشروع ديني أصولي، إذ لا يُنسى هنا أن "ولاية الفقيه" هي الإيديولوجيا الدينية التي تجمع الفرع مع المركز، وهي الإيديولوجيا التي تمنح "القداسة"، وبالتالي تمثل الغطاء الديني لهذا النهب والسرقة لقوت الشعوب، تحت مبرّرات واهية، تبدأ من "الجهاد في سبيل الله"، ولا تنتهي عند انتظار "بروز المهدي المنتظر"، أو تمهيد الطريق لظهوره، ما يعني عمليا أن علينا أن لا ننتظر أبدا اعتذار حزب الله، أو أمينه العام، عن سرقة مال الشعب الإيراني النظيف، هذا المال الذي يجب أن يتوقف إرساله هنا وهناك، وتخصيصه لتحقيق المطالب العادلة للشعب الإيراني، فما بالك إن كان هذا المال يخصص أيضا لقتل الشعوب، وقمع تطلعاتها الحرّة، كما يحصل في اليمن وسورية؟
ليس مالا "نظيفا" هذا، بل مال اليتامى والفقراء والمحكومين الإيرانيين، فصفة النظافة تنطبق عليه، حين يصرف لمستحقيه، في حين يغدو نقيضه حين يصرف في الأماكن التي يصرف فيها اليوم. وإذا استعرنا الإيديولوجيا الدينية التي يستند إليها الملالي وحزب الله، فإن سرقة أموال اليتامى والضعفاء تغدو "حوبا كبيرا" (وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا).