رسالة مفتوحة إلى الرئيس بايدن
فخامة السيد الرئيس:
أهنئكم فخامة السيد الرئيس على الثقة التي منحكم إياها الشعب الأميركي العظيم، والتي فرح لها ملايين من البشر على امتداد بقاع العالم المختلفة، ضاقوا ذرعا بالسياسات الرعناء وغير المسؤولة للرئيس الذي وضعتم، وبالأساليب الأكثر ديمقراطية، حدّا لسياساته المدمرة بالنسبة للعالم أجمع. ومن ذلك أن شعبي الفلسطيني تحوّل إلى أكبر ضحية لسياسات هذا المسؤول الذي مارس عليه عجرفته وجلافته، وتصرّف في حقوقنا من دون تفويض من أحد، وذلك باسم بلدكم الذي يتأكد للشعوب كافة أنه بريء من سياسات الرئيس وجماعته التي أصبحت معروفة، والتي تقوم على الظلم وسرقة حقوق الشعب الفلسطيني.
اتخذت إدارة الرئيس ترامب مجموعة من القرارات التي استهدفت إلحاق الضرر بالشعب الفلسطيني، بدءا من وقف تقديم المساعدة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بغرض القضاء على حق العودة الذي أقرّته المواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة. وثم التراجع عن حل الدولتين، وخلق مشروع تصفوي جديد للقضية الفلسطينية باسم صفقة القرن، وتكليف مستشاره، جاريد كوشنر، وسفيره في إسرائيل، ديفيد فريدمان، بممارسة أشكال التهديد لفرض هذه الصفقة التي تحرم الشعب الفلسطيني مما تبقّى من حقوقه.
ترافق ذلك مع سياساتٍ غير أخلاقية لفرض التطبيع، بطرقٍ غير أخلاقيةٍ، بين إسرائيل وثلاثة بلدان عربية بعيدة عن جوهر الصراع العربي الإسرائيلي، والغرض دائما الاتفاق على الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. وتم إقفال القنصلية الأميركية في القدس لمنع التواصل بين أبناء الشعب الفلسطيني والإدارة الأميركية، علما أن هناك تواصلا دائما بين أبناء الشعب الفلسطيني وأهلهم في الولايات المتحدة، حيث يشارك فلسطينيون في شتى مناحي الحياة فيها. وأشير هنا إلى أنه تم انتخاب ثلاثة فلسطينيين في مجلس النواب الأميركي، يضافون إلى رابعة كانت قد انتخبت في الانتخابات التشريعية السابقة، وعضو آخر في مجلس المستشارين.
وقد ترافقت هذه الإجراءات بتشديد الحصار على أشكال الوجود الفلسطيني في بلدكم، وإقفال رموز تمثيلية للشعب الفلسطيني في الولايات المتحدة.
يتساءل أبناء شعبنا عن أسباب هذا العداء من طرف واحد له وحقوقه الوطنية. ونشعر بأن العلاقة بيننا حب من طرف واحد. ونتساءل عن أسباب استمرار هذا العداء من طرف واحد، علما أن الأمور كانت قد تطورت في عهد الرئيس الأسبق، بيل كلينتون، بعد توقيع اتفاق إعلان المبادئ بين منظمة التحرير وحكومة إسرائيل في البيت الأبيض في 1993.
ليس خافيا عليكم أن غلاة المتطرّفين الصهاينة، والذين دبّروا، في العام 1995، اغتيال رئيس حكومة إسرائيل، إسحق رابين، وحدهم المسؤولون عن تدهور الأوضاع، وما أدى إليه ذلك من تراجع أنصار السلام في إسرائيل وتفوّق قوى التطرّف والحرب، وهو المعضلة الحقيقية حتى اليوم. وجاءت إدارة ترامب لتعزيز هذا الاتجاه المتطرّف داخل إسرائيل ومجمل المنطقة.
شعبنا الفلسطيني لن يتخلى عن حقوقه، وله في عبر التاريخ ما يكفي من دروس للتمسك بحقوقه.
فخامة الرئيس
أمل أبناء الشعب الفلسطيني الذين عبّروا عن ابتهاجهم بفوزكم أنتم، ونائبتكم كاميلا هاريس، فيكم كبير، في أن تعمموا مبادئكم وشعاراتكم على أبناء الشعب الفلسطيني، وبقية الشعوب العربية والإسلامية، حتى يكون التغيير الذي أتيتم به عاما لشعوب البشرية عامة، خصوصا التي عانت وتعاني من أشكال الاحتلال.
ليس خافيا عليكم، حضرة السيد الرئيس، أن بلادنا فلسطين هي الوحيدة بين بلدان العالم التي لا زالت تعيش تحت الاحتلال، وللإدارات المتعاقبة في بلدكم دور كبير في هذه الحالة، على الرغم من المرحلة المضيئة لإدارة الرئيس كلينتون، والتي قضى عليها قتله رابين.
السيد الرئيس
على الرغم من المآسي والمحن وأشكال الاحتلال وسياساته، والقتل دونما سبب، والسجن، وعلى الرغم من أنه قلما عانى شعب مثله، فإن شعبنا الفلسطيني لن يتخلى عن حقوقه، وله في عبر التاريخ ما يكفي من دروس للتمسك بحقوقه.
هذه رسالة، حضرة السيد الرئيس، من أستاذ فلسطيني لعلم السياسة والقانون الدستوري، عانى، كما بقية شعبه، من المآسي التي سببها الاحتلال. ويأمل أن تساهم في مزيد من التفهم والعمل، انطلاقا دائما من المبادئ التي تدافعون عنها.
وفقكم الله في جهودكم لخدمة البشرية جمعاء من دون استثناء.