15 نوفمبر 2022
صفقة انتصار أم هزيمة؟
وقعت كل من تركيا والولايات المتحدة على اتفاقية مهمة بشأن شرق الفرات في سورية، بعد اتصالات مكثفة ومتوترة بينهما. وفيما المتوقع أن الأمور سوف تهدأ في حال تطبيق الاتفاقية، إلا أن الضبابية والغموض اللذين يكتنفان هذه الاتفاقية قد يؤديان إلى مشكلات بين الطرفين مستقبلاً بسبب عدم تحديد حدود المنطقة الآمنة بشكل واضح. بالإضافة إلى ذلك، ثمّة في المادة السادسة من الاتفاقية عبارات تتطرّق إلى التهديدات الإرهابية، من دون أن توضح المقصود بهذه التهديدات. ولذلك تبدو هذه المواد في الاتفاقية مفتوحة للتفاسير المختلفة من الطرفين.
ومن ناحية أخرى، ثمّة تناقضات بين الأهداف التركية والنص المشترك، حيث كانت تركيا تتطرق، منذ البداية، إلى ضرورة إنشاء منطقة آمنة، ابتداء من شرق الفرات حتى حدود العراق، كما كانت تعلن أنه سوف تطلق عملية عسكرية في مساحة عمقها ثلاثون كيلومتراً، لكي يتم تنظيفها من العناصر التابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد). ولكن يبدو أن المادة السابعة للنص المشترك تتضمن بنوداً لا تلبّي مطالب الأتراك، وأقرب إلى نقطةٍ تتشابك مع مصالحها القومية. وفقاً لذلك، المساحة المتوقع أن يتم إنشاء المنطقة الآمنة فيها، وفقاً للاتفاقية، لم تكن سوى %15 من إجمال المساحة التي تهدف تركيا إلى السيطرة عليها، والتي تشمل المنطقة التي تمتد من رأس العين حتى تل أبيض.
ومن ناحية أخرى، هناك أسئلة كثيرة بشأن بقاء المنطقة التي تنوي تركيا إنشاءها آمنة طوال المدة التي سيتم توطين اللاجئين فيها، إذ يجتاز عددهم مليوني لاجئ، وعلى الأرجح سوف تجد تركيا صعوباتٍ كبيرة في السيطرة على منطقة واسعة مفتوحة كهذه، وقد تتعرّض لهجمات من الأطراف المتعدّدة، بما فيها التنظيمات المسلحة وغير التنظيمات.
وفي السياق الدبلوماسي قبل اللقاء المهم مع الوفد الأميركي، فإن مفاوضات قد أُجريت بين
الأتراك والروس بشأن التطورات الأخيرة بشأن العملية العسكرية. هذه المفاوضات تثبت كثافة الاتصالات الدبلوماسية وتعقيداتها بشأن الوجود التركي والعملية العسكرية في منطقة شرق الفرات.
ومن ناحية الأرباح والخسائر للولايات المتحدة، بما أن هذه الاتفاقية أدّت إلى تعزيز الوجود الروسي والتحالف بين روسيا وإيران والنظام السوري بشكل خدم المصالح الروسية، ما يعني أن الرابح الأكبر منها هو الأطراف التي لم تشارك في هذه الاتفاقية، وأن من شأن ملء الفراغ الذي أحدثته الولايات المتحدة من الروس أيضاً توجيه الانتقادات داخل الولايات المتحدة.
وهناك مشكلة أساسية بالنسبة إلى تركيا وهي أن قوات سوريا الديمقراطية المتهمة من الأتراك بأنها تنظيم إرهابي كسبت تعاطف المجتمع الدولي، بسبب هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بعد معارك عنيفة دارت بينها وبين الجهاديين أكثر من سنتين في مناطق تسيطر عليها. وهذا سبب مهم بالنسبة إلى رد فعل الرأي العام العالمي تجاه العملية العسكرية التركية. وفي السياق نفسه، يجب أن يذكر أن ما تم ارتكابه بأيدي الفصائل المعارضة السورية من انتهاكاتٍ ألقى ظلاله على العملية العسكرية.
مقابل ذلك، حققت تركيا، على الأرجح، هدفها الأول، ولو جزئياً، على الرغم من كل هذه السلبيات، حيث رفعت الحماية الأميركية، ودخل الجيش التركي في كانتونات منطقة الحكم الذاتي الكردي، وحطّم وحدات كيانها، وأقنعت تركيا الطرف الأميركي بتسليم أسلحة القوات الكردية. وانتهت تجربة "روجا أوفا" على يد الأتراك، بتأييد من إيران وروسيا والنظام السوري، بعد القضاء على التهديد الأمني. ولكن على الرغم من ذلك، يُثير دخول قوات النظام في شمال سورية، بما فيه مدينتا منبج وعين العرب (كوباني)، مخاوف تركيا الأمنية، بسبب إحداث غموض في الأمن التركي. والهدف الثاني لتركيا هو إعادة اللاجئين السوريين في وطنهم وإسكانهم في المنطقة الآمنة، ولكن هذا الأمر لم يتم ذكره في الاتفاقية التي أبرمت بين الطرفين.
وفي مقابل ذلك، اتسع نطاق السيطرة الروسي والإيراني على حساب تركيا التي لم تتمكّن من القضاء النهائي على قوات سورية الديمقراطية، واضطرت لإيقاف العملية العسكرية، وصارت سيطرتها العسكرية في مناطق استولت عليها مثل عفرين وجرابلس والباب أكثر هشاشة أمام تقدّم قوات النظام السوري. ولذلك لا توجد خسارة أو ربح بالنسبة لتركيا في وقت صارت كل الاحتمالات واردة، ويمكن أن تتعرض لمفاجآت تقلب الطاولة وتخلط الأوراق من جديد.
ومن ناحية أخرى، هناك أسئلة كثيرة بشأن بقاء المنطقة التي تنوي تركيا إنشاءها آمنة طوال المدة التي سيتم توطين اللاجئين فيها، إذ يجتاز عددهم مليوني لاجئ، وعلى الأرجح سوف تجد تركيا صعوباتٍ كبيرة في السيطرة على منطقة واسعة مفتوحة كهذه، وقد تتعرّض لهجمات من الأطراف المتعدّدة، بما فيها التنظيمات المسلحة وغير التنظيمات.
وفي السياق الدبلوماسي قبل اللقاء المهم مع الوفد الأميركي، فإن مفاوضات قد أُجريت بين
ومن ناحية الأرباح والخسائر للولايات المتحدة، بما أن هذه الاتفاقية أدّت إلى تعزيز الوجود الروسي والتحالف بين روسيا وإيران والنظام السوري بشكل خدم المصالح الروسية، ما يعني أن الرابح الأكبر منها هو الأطراف التي لم تشارك في هذه الاتفاقية، وأن من شأن ملء الفراغ الذي أحدثته الولايات المتحدة من الروس أيضاً توجيه الانتقادات داخل الولايات المتحدة.
وهناك مشكلة أساسية بالنسبة إلى تركيا وهي أن قوات سوريا الديمقراطية المتهمة من الأتراك بأنها تنظيم إرهابي كسبت تعاطف المجتمع الدولي، بسبب هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بعد معارك عنيفة دارت بينها وبين الجهاديين أكثر من سنتين في مناطق تسيطر عليها. وهذا سبب مهم بالنسبة إلى رد فعل الرأي العام العالمي تجاه العملية العسكرية التركية. وفي السياق نفسه، يجب أن يذكر أن ما تم ارتكابه بأيدي الفصائل المعارضة السورية من انتهاكاتٍ ألقى ظلاله على العملية العسكرية.
مقابل ذلك، حققت تركيا، على الأرجح، هدفها الأول، ولو جزئياً، على الرغم من كل هذه السلبيات، حيث رفعت الحماية الأميركية، ودخل الجيش التركي في كانتونات منطقة الحكم الذاتي الكردي، وحطّم وحدات كيانها، وأقنعت تركيا الطرف الأميركي بتسليم أسلحة القوات الكردية. وانتهت تجربة "روجا أوفا" على يد الأتراك، بتأييد من إيران وروسيا والنظام السوري، بعد القضاء على التهديد الأمني. ولكن على الرغم من ذلك، يُثير دخول قوات النظام في شمال سورية، بما فيه مدينتا منبج وعين العرب (كوباني)، مخاوف تركيا الأمنية، بسبب إحداث غموض في الأمن التركي. والهدف الثاني لتركيا هو إعادة اللاجئين السوريين في وطنهم وإسكانهم في المنطقة الآمنة، ولكن هذا الأمر لم يتم ذكره في الاتفاقية التي أبرمت بين الطرفين.
وفي مقابل ذلك، اتسع نطاق السيطرة الروسي والإيراني على حساب تركيا التي لم تتمكّن من القضاء النهائي على قوات سورية الديمقراطية، واضطرت لإيقاف العملية العسكرية، وصارت سيطرتها العسكرية في مناطق استولت عليها مثل عفرين وجرابلس والباب أكثر هشاشة أمام تقدّم قوات النظام السوري. ولذلك لا توجد خسارة أو ربح بالنسبة لتركيا في وقت صارت كل الاحتمالات واردة، ويمكن أن تتعرض لمفاجآت تقلب الطاولة وتخلط الأوراق من جديد.
مقالات أخرى
03 يناير 2021
23 ديسمبر 2020
14 يونيو 2020