04 نوفمبر 2024
ليس عندنا كورونا .. ولا قنّاصة ولا معتقلون
الإجراءات والتدابير التي تتخذها دول عربية وغير عربية بشأن المسافرين من مصر وإليها، لمواجهة الانتشار المرعب لفيروس كورونا، تصيب المواطن المصري بالحزن والأسى على الحال التي وصلت إليها بلاده.
حظر دخول حاملي الجنسية المصرية، سواء قادمين من مصر مباشرًة، أو عن طريق نقط وسيطة، في أي مكان آخر، هكذا قال أول تعميم قطري صادر عن الهيئة العامة للطيران المدني، قبل أن يتم تداركه بتعميم إلحاقي يوضح "تقرّر حظر قبول جميع المسافرين القادمين من جمهورية مصر العربية عن طريق نقاط وسيطة، بما في ذلك حاملي الإقامات سارية المفعول في قطر".
لو وضعت ما سبق إلى جانب التصريحات والإجراءات المعلن عنها في دول أخرى، فرنسا والكويت، على سبيل المثال، فإننا نكون بصدد حذر دولي يتنامى بشأن الأوضاع الصحية في مصر، في ظل حالةٍ من التعتيم والتكتّم والإصرار على إنكار السلطات المصرية التام وجود الفيروس الذي يجتاح العالم في مصر.
الشاهد أن التصريحات الصادرة من السلطات المصرية حتى الآن تتعامل بمنتهى الخفّة، وربما الاستهتار بالمخاوف الدولية النابعة من اكتشاف حالات إصابة وصلت إلى بعض العواصم قادمة من مصر، إذ تركز الردود المصرية على جزئية وحيدة، تبدو مضحكة علميًا، في تركها كل شيء والتعلق بأن الفيروس الذي أصاب هذه الحالات ليس مصدره الأصلي مصر، من دون أن ينتبه المصرحون إلى أن المعضلة ليست في موطن نشأة الفيروس، وإنما في وجوده وانتقاله من هذا المكان أو ذاك.
على أن الكارثة الأخطر هي تحويل الأمر إلى قضية سياسية، يتكرّر فيها مضغ الأوهام المعششة في رأس النظام عن المؤامرة الكونية لضرب السياحة والاقتصاد، واجترار حواديت أهل الشر والحاقدين والمتربصين.. إلى آخر هذا الهراء الذي لا يملك النظام في مصر غيره كلما واجه سؤالًا.
عقلية الإنكار، بوصفه سلاحًا مشهرًا طوال الوقت، من دون بذل أي مجهود في الرصد والتقصي وإعلان الحقائق بشفافية، هي ذاتها العقلية التي لا تخجل من الكذب على العالم بادّعاء أنه لا يوجد معتقلون ولا سجناء رأي ولا حالات اختفاء قسري، أو تصفية وقتل بالتعذيب والإهمال الطبي والحرمان من الدواء في السجون.
هي ذاتها العقلية القديمة التي كانت تقتل المتظاهرين في ميدان التحرير في أثناء ثورة يناير 2011، ثم تصدر بيانات تنضح كذبًا بأن قوات الأمن لا تمتلك قناصة، ولا طلقات رصاص حي، أو قنابل سامة قاتلة.
مشكلة السلطة في مصر أنها أدركت مبكرًا أن الكذب يفيد فيما يخص قضايا حقوق الإنسان، وتعطيل الحريات العامة والخاصة، وتغييب الديمقراطية في مصر، فقد جربت ذلك مع مجتمع دولي يعرف أنها تكذب وتتحرّى الكذب، بل ويساعدها في تصنيعه وتأليفه وترويجه، بحجة أنها تحارب الإرهاب، وتحمي أوروبا والغرب من أمواج المهاجرين واللاجئين عن طريق قمعهم وحبسهم في الداخل، أو إغراقهم في عرض البحر.
ولكن العالم المتساهل إلى حد التواطؤ في مسائل حقوق الإنسان والحريات ليس على استعداد للتساهل على الإطلاق مع احتمالات وصول فيروس كورونا المدمّر إليه قادمًا من مصر، ولن يبكي على سياحةٍ أو اقتصادٍ لنظام عبد الفتاح السيسي، إذا ما كانت هناك احتمالية، ولو ضعيفة، بأن الذهاب والقدوم من المنافذ المصرية خطر على صحة مواطنيها .. كما أنه من الواضح أن هذا العالم لا يأخذ ما يصدر عن المسؤولين المصريين مأخذ الجد، عندما يتعلق الأمر بشؤون علمية وصحية، ومن الواضح كذلك أن بعض الدول تعرف عن الحالة المصرية أكثر مما تعرفه وتخفيه السلطات المصرية.
لا يكفي أن تقول وزارة الصحة المصرية عن الحالات التي تم اكتشافها في فرنسا وكندا لأشخاص قادمين من مصر، إن لهم تاريخًا في السفر إلى دول عدة، لكي يطمئن العالم وينام قرير العين، ذلك أن المعنى الوحيد لهذا التصريح إن الفيروس مرّ من مصر، وبالتالي من الوارد أن يكون قد انتقل من مكان إلى آخر في ظل هشاشة السياسات الصحية في مصر، وجنوحها، طوال الوقت، إلى المظاهر الاستعراضية القريبة من أجواء الخرافة والدجل، وليست فضيحة جهاز الجيش لعلاج الإيدز والفيروسات الشهير باختراع الكفتة بعيدة عن الأذهان.
والحاصل إن السلطات المصرية ليست مشغولةً على أي نحو بمواطنيها في الداخل، إذ تخوض معركة الكورونا بالطريقة التقليدية ذاتها التي تتملّق الخارج وتسترضيه بالكذب والخداع، بحيث يصبح جل همها أن تصدّر صورة وردية، زائفة بالطبع، للعالم الخارجي، أما الداخل فتتركه نهبًا للرعب والفزع والإهمال وسيادة قيم الشعوذة والفهلوة.
حظر دخول حاملي الجنسية المصرية، سواء قادمين من مصر مباشرًة، أو عن طريق نقط وسيطة، في أي مكان آخر، هكذا قال أول تعميم قطري صادر عن الهيئة العامة للطيران المدني، قبل أن يتم تداركه بتعميم إلحاقي يوضح "تقرّر حظر قبول جميع المسافرين القادمين من جمهورية مصر العربية عن طريق نقاط وسيطة، بما في ذلك حاملي الإقامات سارية المفعول في قطر".
لو وضعت ما سبق إلى جانب التصريحات والإجراءات المعلن عنها في دول أخرى، فرنسا والكويت، على سبيل المثال، فإننا نكون بصدد حذر دولي يتنامى بشأن الأوضاع الصحية في مصر، في ظل حالةٍ من التعتيم والتكتّم والإصرار على إنكار السلطات المصرية التام وجود الفيروس الذي يجتاح العالم في مصر.
الشاهد أن التصريحات الصادرة من السلطات المصرية حتى الآن تتعامل بمنتهى الخفّة، وربما الاستهتار بالمخاوف الدولية النابعة من اكتشاف حالات إصابة وصلت إلى بعض العواصم قادمة من مصر، إذ تركز الردود المصرية على جزئية وحيدة، تبدو مضحكة علميًا، في تركها كل شيء والتعلق بأن الفيروس الذي أصاب هذه الحالات ليس مصدره الأصلي مصر، من دون أن ينتبه المصرحون إلى أن المعضلة ليست في موطن نشأة الفيروس، وإنما في وجوده وانتقاله من هذا المكان أو ذاك.
على أن الكارثة الأخطر هي تحويل الأمر إلى قضية سياسية، يتكرّر فيها مضغ الأوهام المعششة في رأس النظام عن المؤامرة الكونية لضرب السياحة والاقتصاد، واجترار حواديت أهل الشر والحاقدين والمتربصين.. إلى آخر هذا الهراء الذي لا يملك النظام في مصر غيره كلما واجه سؤالًا.
عقلية الإنكار، بوصفه سلاحًا مشهرًا طوال الوقت، من دون بذل أي مجهود في الرصد والتقصي وإعلان الحقائق بشفافية، هي ذاتها العقلية التي لا تخجل من الكذب على العالم بادّعاء أنه لا يوجد معتقلون ولا سجناء رأي ولا حالات اختفاء قسري، أو تصفية وقتل بالتعذيب والإهمال الطبي والحرمان من الدواء في السجون.
هي ذاتها العقلية القديمة التي كانت تقتل المتظاهرين في ميدان التحرير في أثناء ثورة يناير 2011، ثم تصدر بيانات تنضح كذبًا بأن قوات الأمن لا تمتلك قناصة، ولا طلقات رصاص حي، أو قنابل سامة قاتلة.
مشكلة السلطة في مصر أنها أدركت مبكرًا أن الكذب يفيد فيما يخص قضايا حقوق الإنسان، وتعطيل الحريات العامة والخاصة، وتغييب الديمقراطية في مصر، فقد جربت ذلك مع مجتمع دولي يعرف أنها تكذب وتتحرّى الكذب، بل ويساعدها في تصنيعه وتأليفه وترويجه، بحجة أنها تحارب الإرهاب، وتحمي أوروبا والغرب من أمواج المهاجرين واللاجئين عن طريق قمعهم وحبسهم في الداخل، أو إغراقهم في عرض البحر.
ولكن العالم المتساهل إلى حد التواطؤ في مسائل حقوق الإنسان والحريات ليس على استعداد للتساهل على الإطلاق مع احتمالات وصول فيروس كورونا المدمّر إليه قادمًا من مصر، ولن يبكي على سياحةٍ أو اقتصادٍ لنظام عبد الفتاح السيسي، إذا ما كانت هناك احتمالية، ولو ضعيفة، بأن الذهاب والقدوم من المنافذ المصرية خطر على صحة مواطنيها .. كما أنه من الواضح أن هذا العالم لا يأخذ ما يصدر عن المسؤولين المصريين مأخذ الجد، عندما يتعلق الأمر بشؤون علمية وصحية، ومن الواضح كذلك أن بعض الدول تعرف عن الحالة المصرية أكثر مما تعرفه وتخفيه السلطات المصرية.
لا يكفي أن تقول وزارة الصحة المصرية عن الحالات التي تم اكتشافها في فرنسا وكندا لأشخاص قادمين من مصر، إن لهم تاريخًا في السفر إلى دول عدة، لكي يطمئن العالم وينام قرير العين، ذلك أن المعنى الوحيد لهذا التصريح إن الفيروس مرّ من مصر، وبالتالي من الوارد أن يكون قد انتقل من مكان إلى آخر في ظل هشاشة السياسات الصحية في مصر، وجنوحها، طوال الوقت، إلى المظاهر الاستعراضية القريبة من أجواء الخرافة والدجل، وليست فضيحة جهاز الجيش لعلاج الإيدز والفيروسات الشهير باختراع الكفتة بعيدة عن الأذهان.
والحاصل إن السلطات المصرية ليست مشغولةً على أي نحو بمواطنيها في الداخل، إذ تخوض معركة الكورونا بالطريقة التقليدية ذاتها التي تتملّق الخارج وتسترضيه بالكذب والخداع، بحيث يصبح جل همها أن تصدّر صورة وردية، زائفة بالطبع، للعالم الخارجي، أما الداخل فتتركه نهبًا للرعب والفزع والإهمال وسيادة قيم الشعوذة والفهلوة.