04 أكتوبر 2024
قطيع التطبيل والنفاق والتخوين
ليست غريبة حالة الشماتة المخزية التي أبداها المطبّلون والإعلاميون من مؤيدي النظام الحاكم في مصر، بعد العمليات الإرهابية في باريس، أخيراً، على الرغم من أن الرئيس الفرنسي هو الرئيس الأوروبي الوحيد الذي لبّى دعوة عبد الفتاح السيسي في حفل افتتاح تفريعة قناة السويس، وهو الأقل تحفظاً في الزعماء الأوروبيين في التعامل مع السيسي، والتحفظ الأوروبي، والغربي عموماً، في التعامل مع النظام الحاكم في مصر، نتيجة انتهاكات حقوق الإنسان وقمع الحريات، وإن يقل هذا التحفظ مع الوقت كما كان متوقعاً، وكما راهن السيسي، ففي نهاية الأمر "المصالح تتصالح".
وليست غريبةً التفسيرات الخائبة والساذجة والمشبعة بالمؤامرة، والتي يروّجها أنصار النظام وأبواقه حول "لماذا فرنسا؟" فستجد مخابيل يروّجون نظرية تآمر أوروبا وأميركا على فرنسا، ومخابيل آخرون يروجون نظرية تآمر فرنسا على نفسها، وأن كل التفجيرات تمثيلية، على اعتبار التفسير الساذج والسطحي الذي يزعم أن أميركا وفرنسا والغرب هم من يحرّكون داعش ضد مصر والشرق الأوسط، وما حدث من عمليات إرهابية في أوروبا وفرنسا تمثيلية أو نيران صديقة.
وليس غريباً هذا الخطاب الموحد الذي يراد به باطل، والذي يتحدث عن حالة الطوارئ والإجراءات الاستثنائية في فرنسا وأوروبا، بعد العمليات الإرهابية، ويتساءلون، بسذاجة مصطنعة أو "استعباط متعمد": لماذا لم يعترض أحد على الإجراءات الاستثنائية في فرنسا. وليس تساؤلهم غير البريء غريباً، فهذا هو الخطاب الموجه الموحد في هذه الأيام، وهذا هو التساؤل والتسطيح المضلل، وكلمة الباطل التي يراد بها مزيد من الباطل، إنها الأوامر التي صدرت بمزيد من التسطيح والتغييب والخداع والتضليل. فهم أول من يعلمون أن حالة الطوارئ في فرنسا مؤقتة، وليست دائمة كعندنا، وأنه لا بد من موافقة البرلمان، أولاً عندهم، وليست برغبة الرئيس والأجهزة الأمنية، كما عندنا، ولا بد أن تكون محكومة بوقتٍ، وبرقابة مجتمعية وضوابط صارمة، وليست إجراءات قمعية واستبدادية، "وحسب المزاج" كما عندنا.
المطبلون والمزايدون هم أول من يعلم أن هناك فارقاً شاسعاً بين تطبيق القانون في فرنسا وتطبيقه في مصر، فقد يكون القانون متشابهاً في البلدين، ولكن أيضا قوانيننا مليئة بالثغرات والمواد والألفاظ المطاطة التي تم وضعها بشكل متعمد، ليتم تطبيقها "حسب المزاج" على المغضوب عليهم، كما أن قانون العقوبات في فرنسا تم تحديثه، أخيراً، في حين أن قانون العقوبات في مصر مليء بالمواد المتراكمة والتعديلات المتداخلة والمتناقضة منذ عشرات السنين.
ولا يجب أن نغفل تاريخ فرنسا، بلد الحريات في الدفاع عن الحريات، وتاريخنا في الاستبداد والقمع، وتاريخ فرنسا في تطبيق القانون على الجميع بدون محاباة لأحد كدولة قانون. وتاريخنا المعروف دولياً في الاستثناءات والمحاباة لبعض الفئات، أو تطبيق القانون على الغلابة والمعارضين فقط. هل نحن فعلا دولة تحترم القانون أو الدستور، هل يتم تطبيقه على الجميع؟
تعرّض هولاند لانتقادات كثيرة، بعد الحادث الإرهابي، وهناك من رفض الإجراءات الاستثنائية، وهناك من تحفّظ من اليمين واليسار، فهل تم اتهامهم بالعمالة لداعش، أو الانتماء للطابور الخامس؟ هل تم اعتقال المعارضين في فرنسا؟ هل يوجد تخوين كما عندنا؟ هل يتم اعتبار من يعارض الحكومة، أو يرغب في الإصلاح أو التغيير، أخطر من الإرهابي، كما تفعل الأجهزة الأمنية عندنا؟ هل من يعترض على قانون التظاهر أو يخالفه يتم حبسه ثلاث سنوات، أو خمس، كما عندنا؟ هل من الممكن أن يتم الحكم في فرنسا على مجموعة من الشباب بالسجن المؤبد، لمجرد أنهم أقاموا عزاء لصديق لهم، على غير هوى السلطات التي اعتبرت ذلك تجمعاً بدون ترخيص، وتم القبض عليهم، وهو ما حدث، أخيراً، مع بعض قيادات "6 إبريل"؟
هل يمكن أن تسمع في فرنسا عن اعتقال أو حبس من يرفض بعض مواد في الدستور أو كلها؟ أو يتم حبس من يعارض أو حتى يسب الرئيس هولاند؟ هل لديهم قضاء مثلنا يحكم بظاهر الأوراق، ويأخذ برواية الشرطة فقط، ولو كانت مجرد اتهامات مرسلة فقط بدون أي دليل حقيقي؟ هل لديهم قضاء مثلنا يتحرّك بتوجيهات السلطة؟ هل لديهم في فرنسا أماكن احتجاز غير آدمية مثل ما في مصر؟ هل لديهم تعذيب وانتهاكات في السجون أو أماكن الاحتجاز؟ هل لديهم حبس احتياطي، يمكن أن يطول ويتجدد بطول العمر كله، بدون تهم واضحة، وبدون إحالة إلى المحاكمة؟ هل يتم احتجاز الآلاف في فرنسا، ووضعهم في ظروف قاسية، ومعاملتهم كالمجرمين لمجرد الاشتباه، أو لمجرد الاختلاف؟
هل يتم معاملة من يعارض، أو ينتقد بشكل سلمي، مثل أخطر الإرهابيين، مثلما يحدث عندنا؟ هل يتم فرض رأي واحد وصوت واحد وإقصاء لأي فصيل معارض، كما يحدث عندنا؟
للأسف، يعلم قطيع المطبلين أنه لا مقارنة بين هنا وهناك، فالأسباب تختلف والأطراف تختلف، والأشخاص والمؤسسات تختلف، والثوابت والضوابط تختلف. ولكن، ماذا يمكن أن تفعل مع قطيع التطبيل والنفاق وخلط الحقائق؟ هل يُجدي الكلام؟
وليست غريبةً التفسيرات الخائبة والساذجة والمشبعة بالمؤامرة، والتي يروّجها أنصار النظام وأبواقه حول "لماذا فرنسا؟" فستجد مخابيل يروّجون نظرية تآمر أوروبا وأميركا على فرنسا، ومخابيل آخرون يروجون نظرية تآمر فرنسا على نفسها، وأن كل التفجيرات تمثيلية، على اعتبار التفسير الساذج والسطحي الذي يزعم أن أميركا وفرنسا والغرب هم من يحرّكون داعش ضد مصر والشرق الأوسط، وما حدث من عمليات إرهابية في أوروبا وفرنسا تمثيلية أو نيران صديقة.
وليس غريباً هذا الخطاب الموحد الذي يراد به باطل، والذي يتحدث عن حالة الطوارئ والإجراءات الاستثنائية في فرنسا وأوروبا، بعد العمليات الإرهابية، ويتساءلون، بسذاجة مصطنعة أو "استعباط متعمد": لماذا لم يعترض أحد على الإجراءات الاستثنائية في فرنسا. وليس تساؤلهم غير البريء غريباً، فهذا هو الخطاب الموجه الموحد في هذه الأيام، وهذا هو التساؤل والتسطيح المضلل، وكلمة الباطل التي يراد بها مزيد من الباطل، إنها الأوامر التي صدرت بمزيد من التسطيح والتغييب والخداع والتضليل. فهم أول من يعلمون أن حالة الطوارئ في فرنسا مؤقتة، وليست دائمة كعندنا، وأنه لا بد من موافقة البرلمان، أولاً عندهم، وليست برغبة الرئيس والأجهزة الأمنية، كما عندنا، ولا بد أن تكون محكومة بوقتٍ، وبرقابة مجتمعية وضوابط صارمة، وليست إجراءات قمعية واستبدادية، "وحسب المزاج" كما عندنا.
المطبلون والمزايدون هم أول من يعلم أن هناك فارقاً شاسعاً بين تطبيق القانون في فرنسا وتطبيقه في مصر، فقد يكون القانون متشابهاً في البلدين، ولكن أيضا قوانيننا مليئة بالثغرات والمواد والألفاظ المطاطة التي تم وضعها بشكل متعمد، ليتم تطبيقها "حسب المزاج" على المغضوب عليهم، كما أن قانون العقوبات في فرنسا تم تحديثه، أخيراً، في حين أن قانون العقوبات في مصر مليء بالمواد المتراكمة والتعديلات المتداخلة والمتناقضة منذ عشرات السنين.
ولا يجب أن نغفل تاريخ فرنسا، بلد الحريات في الدفاع عن الحريات، وتاريخنا في الاستبداد والقمع، وتاريخ فرنسا في تطبيق القانون على الجميع بدون محاباة لأحد كدولة قانون. وتاريخنا المعروف دولياً في الاستثناءات والمحاباة لبعض الفئات، أو تطبيق القانون على الغلابة والمعارضين فقط. هل نحن فعلا دولة تحترم القانون أو الدستور، هل يتم تطبيقه على الجميع؟
تعرّض هولاند لانتقادات كثيرة، بعد الحادث الإرهابي، وهناك من رفض الإجراءات الاستثنائية، وهناك من تحفّظ من اليمين واليسار، فهل تم اتهامهم بالعمالة لداعش، أو الانتماء للطابور الخامس؟ هل تم اعتقال المعارضين في فرنسا؟ هل يوجد تخوين كما عندنا؟ هل يتم اعتبار من يعارض الحكومة، أو يرغب في الإصلاح أو التغيير، أخطر من الإرهابي، كما تفعل الأجهزة الأمنية عندنا؟ هل من يعترض على قانون التظاهر أو يخالفه يتم حبسه ثلاث سنوات، أو خمس، كما عندنا؟ هل من الممكن أن يتم الحكم في فرنسا على مجموعة من الشباب بالسجن المؤبد، لمجرد أنهم أقاموا عزاء لصديق لهم، على غير هوى السلطات التي اعتبرت ذلك تجمعاً بدون ترخيص، وتم القبض عليهم، وهو ما حدث، أخيراً، مع بعض قيادات "6 إبريل"؟
هل يمكن أن تسمع في فرنسا عن اعتقال أو حبس من يرفض بعض مواد في الدستور أو كلها؟ أو يتم حبس من يعارض أو حتى يسب الرئيس هولاند؟ هل لديهم قضاء مثلنا يحكم بظاهر الأوراق، ويأخذ برواية الشرطة فقط، ولو كانت مجرد اتهامات مرسلة فقط بدون أي دليل حقيقي؟ هل لديهم قضاء مثلنا يتحرّك بتوجيهات السلطة؟ هل لديهم في فرنسا أماكن احتجاز غير آدمية مثل ما في مصر؟ هل لديهم تعذيب وانتهاكات في السجون أو أماكن الاحتجاز؟ هل لديهم حبس احتياطي، يمكن أن يطول ويتجدد بطول العمر كله، بدون تهم واضحة، وبدون إحالة إلى المحاكمة؟ هل يتم احتجاز الآلاف في فرنسا، ووضعهم في ظروف قاسية، ومعاملتهم كالمجرمين لمجرد الاشتباه، أو لمجرد الاختلاف؟
هل يتم معاملة من يعارض، أو ينتقد بشكل سلمي، مثل أخطر الإرهابيين، مثلما يحدث عندنا؟ هل يتم فرض رأي واحد وصوت واحد وإقصاء لأي فصيل معارض، كما يحدث عندنا؟
للأسف، يعلم قطيع المطبلين أنه لا مقارنة بين هنا وهناك، فالأسباب تختلف والأطراف تختلف، والأشخاص والمؤسسات تختلف، والثوابت والضوابط تختلف. ولكن، ماذا يمكن أن تفعل مع قطيع التطبيل والنفاق وخلط الحقائق؟ هل يُجدي الكلام؟