26 نوفمبر 2017
باعونا في "25 يناير"
رضا حمودة (مصر)
لا شك أن لحركة شباب 6 إبريل رصيد مشرف في قلوب الشرفاء والأحرار والبسطاء والمهمشين في مصر، ليس لسواد عيونها بطبيعة الحال، بل لما لها من تاريخ ثوري نضالي (وإن كان قصيراً) ضد كل أشكال الظلم والقهر والقمع التي تمارسها الدولة البوليسية العسكرية، إبّان حكم المخلوع حسني مبارك، ومروراً بحكم المجلس العسكري، وصولاً إلى حكم الرئيس محمد مرسي الذي وصلت فيه الحركة إلى أعلى درجات المعارضة الزاعقة (الانفلاتية)، عندما تظاهروا بالملابس الداخلية أمام منزل وزير الداخلية، حتى سقطت الحركة ثورياً وأخلاقياً بمرور الوقت، عندما اختارت الارتماء في حضن الكفيل العسكري (طوعاً أو كرهاً) لإطاحة حكم الاخوان المسلمين، بدعوى تحقيق أهداف الثورة، والانتصار للدولة المدنية التي اختطفها محمد مرسي وجماعته كما يزعمون.
صدمت الحركة جمهورها الثوري في مبادرتها الأخيرة (قبل الطوفان)، والتي تفوح منها رائحة أمنية (أو كُتبت بمداد السلطة) بتخليها عن خطها الثوري المعهود في معارضتها السلطة الغاشمة التي من أجله وُلدت في عام 2008، وعندما اختارت التفاوض والحوار مع السلطة التي تعارضها على التظاهر لإنقاذ الوطن (قبل الطوفان) على حد زعمها في أحد تغريداتها، أخيراً.
باعت حركة 6 أبريل ثورة 25 يناير(التي كانت أحد أبرز أيقوناتها) عندما نشرت تغريدتين صادمتين على "تويتر"، انتهكتا معنى الثورة قيمة، حيث قالت في الأولى "ما أسهل الدعوة إلى ثورة، وما أرخص الدماء في بلادنا، اخترنا الطريق الصعب، وهو الحوار لإنقاذ الوطن". وقالت في الأخرى "كل الأزمات والصراعات وحتى الحروب انتهت على مائدة الحوار، من الوطنية أن تحافظ على مقدرات بلدك وأنت تناهض وتعارض النظام الحاكم"، وقال أحد منسقي الحركة لشبكة رصد بعد نشر هذه التغريدات الجمعة (27 نوفمبر) الماضي " نرفض بشكل عام أي دعوات للتظاهر في الوقت الحالي، خصوصاً وأن مشاركتنا تعني مزيداً من الدماء التي نسعى جاهدين إلى حقنها"، فمنذ متى وحركة 6 أبريل تُلقي بالاً للدماء، وقد دعت وحرّضت على الخروج والتظاهر في جميع الفعاليات الثورية، بمناسبة وغير مناسبة، وكأنها نزهة؟
اعترى الحركة، في نظري، رِدّتان في أدبياتها، ما أسفرعن تناقض وازدواجية في مواقفها، الأولى: تحول الحركة (ربما قسراً نتيجة للحصار الأمني) للمنهج الإصلاحي البعيد تماماً عن النهج الثوري، والذي كانت تعيبه على جماعة الاخوان المسلمين، بعد أن فقدت القدرة تماماً على الحشد والانتشار والوجود في الشارع، وتجلى ذلك بوضوح في احتفالها بالذكرى السابعة (في 6 إبريل الماضي) منذ أشهر في الصحراء ببضع أشخاصٍ، كشفت الحجم الحقيقي للحركة الشبابية التي بدت منهكة تماماً، وربما مخترقة من السلطة، ومنقسمة على نفسها.
الرِدّة الأخرى التي اعترت الحركة عدم اعترافها بأخطائها القاتلة، حيث باعت مبادئها (تداول السلطة، التعددية السياسية، الحرية والمساواة المطلقة، حقوق الانسان، الديمقراطية) لمجرد اختلافها مع فصيل إسلامي، أرادت أن تجرّده من حقه في الوجود والحكم، وتُقصيه من حلبة السياسة لمرجعيته الإسلامية، وفي القلب من هذه الأخطاء، والذي يرقى إلى الخطيئة، هو تواطؤ الحركة مع العسكر بالتنسيق والتفاهم المسبق، أو بالصمت كأضعف الإيمان لإطاحة الإخوان عبر الدبابة، على غير الطريق الديمقراطي، وهو الخطأ نفسه الذي كانت الحركة تأخذه على "الإخوان" بتفاهماتها مع المجلس العسكري، لكنها تتناسى عمداً حتى الآن الاعتذار الصريح عن تلك الأخطاء، في وقت مازالت تطالب جماعة الإخوان بالاعتذار عن أخطائها، لاسيما التفاهم مع العسكر.
لا أجد تعبيراً يتناسب مع تناقضات حركة 6 إبريل، الآن، سوى المصطلح الساخر الذي كانت تطلقه الحركة نفسها على "الإخوان" عندما يرفضون مشاركتهم في بعض الفعاليات الثورية، على طريقة "الإخوان باعونا في محمد محمود"، لتصبح بحق وبعد تعديل منطقي ومعبّر عن الحالة الآن أن "حركة 6 إبريل باعونا في 25 يناير"، بعد أن تبين أن الحركة التي تدعو إلى الاصطفاف تمارس الإقصاء بامتياز بحق فصيل بعينه، وحوار القيادي في الحركة، شريف الروبي، مع قناة الجزيرة مباشر، أخيراً، (9 ديسمبر/كانون أول الجاري) خير دليل، حيث رفض صراحة الاصطفاف مع جماعة الإخوان المسلمين بعد استفتاء 19 مارس/آذار 2011.
صدمت الحركة جمهورها الثوري في مبادرتها الأخيرة (قبل الطوفان)، والتي تفوح منها رائحة أمنية (أو كُتبت بمداد السلطة) بتخليها عن خطها الثوري المعهود في معارضتها السلطة الغاشمة التي من أجله وُلدت في عام 2008، وعندما اختارت التفاوض والحوار مع السلطة التي تعارضها على التظاهر لإنقاذ الوطن (قبل الطوفان) على حد زعمها في أحد تغريداتها، أخيراً.
باعت حركة 6 أبريل ثورة 25 يناير(التي كانت أحد أبرز أيقوناتها) عندما نشرت تغريدتين صادمتين على "تويتر"، انتهكتا معنى الثورة قيمة، حيث قالت في الأولى "ما أسهل الدعوة إلى ثورة، وما أرخص الدماء في بلادنا، اخترنا الطريق الصعب، وهو الحوار لإنقاذ الوطن". وقالت في الأخرى "كل الأزمات والصراعات وحتى الحروب انتهت على مائدة الحوار، من الوطنية أن تحافظ على مقدرات بلدك وأنت تناهض وتعارض النظام الحاكم"، وقال أحد منسقي الحركة لشبكة رصد بعد نشر هذه التغريدات الجمعة (27 نوفمبر) الماضي " نرفض بشكل عام أي دعوات للتظاهر في الوقت الحالي، خصوصاً وأن مشاركتنا تعني مزيداً من الدماء التي نسعى جاهدين إلى حقنها"، فمنذ متى وحركة 6 أبريل تُلقي بالاً للدماء، وقد دعت وحرّضت على الخروج والتظاهر في جميع الفعاليات الثورية، بمناسبة وغير مناسبة، وكأنها نزهة؟
اعترى الحركة، في نظري، رِدّتان في أدبياتها، ما أسفرعن تناقض وازدواجية في مواقفها، الأولى: تحول الحركة (ربما قسراً نتيجة للحصار الأمني) للمنهج الإصلاحي البعيد تماماً عن النهج الثوري، والذي كانت تعيبه على جماعة الاخوان المسلمين، بعد أن فقدت القدرة تماماً على الحشد والانتشار والوجود في الشارع، وتجلى ذلك بوضوح في احتفالها بالذكرى السابعة (في 6 إبريل الماضي) منذ أشهر في الصحراء ببضع أشخاصٍ، كشفت الحجم الحقيقي للحركة الشبابية التي بدت منهكة تماماً، وربما مخترقة من السلطة، ومنقسمة على نفسها.
الرِدّة الأخرى التي اعترت الحركة عدم اعترافها بأخطائها القاتلة، حيث باعت مبادئها (تداول السلطة، التعددية السياسية، الحرية والمساواة المطلقة، حقوق الانسان، الديمقراطية) لمجرد اختلافها مع فصيل إسلامي، أرادت أن تجرّده من حقه في الوجود والحكم، وتُقصيه من حلبة السياسة لمرجعيته الإسلامية، وفي القلب من هذه الأخطاء، والذي يرقى إلى الخطيئة، هو تواطؤ الحركة مع العسكر بالتنسيق والتفاهم المسبق، أو بالصمت كأضعف الإيمان لإطاحة الإخوان عبر الدبابة، على غير الطريق الديمقراطي، وهو الخطأ نفسه الذي كانت الحركة تأخذه على "الإخوان" بتفاهماتها مع المجلس العسكري، لكنها تتناسى عمداً حتى الآن الاعتذار الصريح عن تلك الأخطاء، في وقت مازالت تطالب جماعة الإخوان بالاعتذار عن أخطائها، لاسيما التفاهم مع العسكر.
لا أجد تعبيراً يتناسب مع تناقضات حركة 6 إبريل، الآن، سوى المصطلح الساخر الذي كانت تطلقه الحركة نفسها على "الإخوان" عندما يرفضون مشاركتهم في بعض الفعاليات الثورية، على طريقة "الإخوان باعونا في محمد محمود"، لتصبح بحق وبعد تعديل منطقي ومعبّر عن الحالة الآن أن "حركة 6 إبريل باعونا في 25 يناير"، بعد أن تبين أن الحركة التي تدعو إلى الاصطفاف تمارس الإقصاء بامتياز بحق فصيل بعينه، وحوار القيادي في الحركة، شريف الروبي، مع قناة الجزيرة مباشر، أخيراً، (9 ديسمبر/كانون أول الجاري) خير دليل، حيث رفض صراحة الاصطفاف مع جماعة الإخوان المسلمين بعد استفتاء 19 مارس/آذار 2011.
مقالات أخرى
11 يناير 2017
14 يونيو 2016
04 مايو 2016