08 مارس 2019
أرض النفاق
محمد لطفي (مصر)
رواية كتبها الراحل يوسف السباعي، وتحولت فيلماً سينمائياً، كتب له السيناريو والحوار سعد الدين وهبه، ومثلها فؤاد المهندس وعبد الرحيم الزرقاني. وهي ليست أرضا بالتعريف الجغرافي، ولا بلداً له حدود، يمكن دخولها بجواز سفر وتأشيرة، لكنها تعبر عن مساحة في النفس البشرية، يمكن أن تقل أو تزيد تبعا للهوى البشري والضعف والحاجة الإنسانية.
تتحدث القصة عن موظف حكومي في مكان وزمان ما، غير راض عن حياته، لكثرة مشكلاته مع رؤسائه في العمل وجيرانه في السكن، يرى في أثناء سيره محلا لبيع الأخلاق (فانتازيا)، فيدخل ويحاول شراء بعض الأخلاق الذميمة، ليستطيع العيش (من وجهة نظره وحلاً لمشكلاته) مع مجتمعه، فيفاجئه البائع بأن الأخلاق السيئة كلها تم بيعها، فالطلب عليها كبير، فيضطر لشراء أخلاق الخير، ويحذره البائع أنها لن تفيده. وبالفعل، يحاول بها حل مشكلاته، فيفشل ويعود، مرة أخرى، إلى البائع، ويشتري حبوباً للنفاق، فيحدث المستحيل، وتحل جميع مشكلاته، ويرتقي في عمله ويحترمه جيرانه، وترتفع مكانته الاجتماعية. لكن المفاجأة أن للحبوب فترة زمنية، ينتهي تأثيرها. لذلك، يسعى إلى شراء كمية أخرى، قبل نهاية مفعول الأولى، ويذهب إلى البائع مرة أخرى، لكن البائع يخطئ ويناوله حبوباً للصراحة، بدلا من حبوب النفاق. ويتناولها سريعاً، فينقلب كل شيء رأسا على عقب، فيطرد من عمله ويرفضه جيرانه، ويسير هائماً وحيداً في الطريق. ولا يجد حلا سوى شراء حبوب للأخلاق الحميدة، بكمية كبيرة، ووضعها في المصدر الرئيسي للمياه في المدينة، فيشربها جميع السكان، ويتحول الجميع إلى أفاضل، ويتصرفون كالملائكة.
وبعد فترة، ينتهي تأثير الحبوب. وفي نهاية مفتوحة (كما يقولون) للفيلم، يعود الجميع، مرة أخرى، إلى أخلاقهم السابقة، ونفاقهم بعد انتهاء تأثير الحبوب. هذا باختصار المحور الرئيسي للفيلم. والنفاق في اللغة إظهار الإنسان غير ما يبطن، وأصل الكلمة من النفق الذي تحفره بعض الحيوانات للاختفاء، وتكون له فتحتان، واحدة للدخول وأخرى للخروج. وسمي المنافقون بذلك، لأن لهم وجهين، يظهرون أياً منهما، تبعا للموقف الذي يواجهونه.
لا أدري لماذا تذكرت هذه القصة، وهذا الفيلم، في أثناء إجازتي في مصر، في الأسبوع الأول من أغسطس/آب الجاري، فأردت مشاركة القارئ فيها.
ويبقى سؤال النهاية: هل يمكن اعتبار الإعلام العربي أرضا للنفاق؟ كما قدمها يوسف السباعي، والسؤال الأهم هل يمكن أن يخطئ أصحابه يوما فيتناولون حبوب الصراحة؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أربع من كن فيه كان منافقا خالصاً، ومن كانت فيه واحدة منهن كانت فيه خصلة من النفاق، حتى يدعها: إذا أؤتمن خان، وإذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر"، صدقت يا سيدي، يا رسول الله.
تتحدث القصة عن موظف حكومي في مكان وزمان ما، غير راض عن حياته، لكثرة مشكلاته مع رؤسائه في العمل وجيرانه في السكن، يرى في أثناء سيره محلا لبيع الأخلاق (فانتازيا)، فيدخل ويحاول شراء بعض الأخلاق الذميمة، ليستطيع العيش (من وجهة نظره وحلاً لمشكلاته) مع مجتمعه، فيفاجئه البائع بأن الأخلاق السيئة كلها تم بيعها، فالطلب عليها كبير، فيضطر لشراء أخلاق الخير، ويحذره البائع أنها لن تفيده. وبالفعل، يحاول بها حل مشكلاته، فيفشل ويعود، مرة أخرى، إلى البائع، ويشتري حبوباً للنفاق، فيحدث المستحيل، وتحل جميع مشكلاته، ويرتقي في عمله ويحترمه جيرانه، وترتفع مكانته الاجتماعية. لكن المفاجأة أن للحبوب فترة زمنية، ينتهي تأثيرها. لذلك، يسعى إلى شراء كمية أخرى، قبل نهاية مفعول الأولى، ويذهب إلى البائع مرة أخرى، لكن البائع يخطئ ويناوله حبوباً للصراحة، بدلا من حبوب النفاق. ويتناولها سريعاً، فينقلب كل شيء رأسا على عقب، فيطرد من عمله ويرفضه جيرانه، ويسير هائماً وحيداً في الطريق. ولا يجد حلا سوى شراء حبوب للأخلاق الحميدة، بكمية كبيرة، ووضعها في المصدر الرئيسي للمياه في المدينة، فيشربها جميع السكان، ويتحول الجميع إلى أفاضل، ويتصرفون كالملائكة.
وبعد فترة، ينتهي تأثير الحبوب. وفي نهاية مفتوحة (كما يقولون) للفيلم، يعود الجميع، مرة أخرى، إلى أخلاقهم السابقة، ونفاقهم بعد انتهاء تأثير الحبوب. هذا باختصار المحور الرئيسي للفيلم. والنفاق في اللغة إظهار الإنسان غير ما يبطن، وأصل الكلمة من النفق الذي تحفره بعض الحيوانات للاختفاء، وتكون له فتحتان، واحدة للدخول وأخرى للخروج. وسمي المنافقون بذلك، لأن لهم وجهين، يظهرون أياً منهما، تبعا للموقف الذي يواجهونه.
لا أدري لماذا تذكرت هذه القصة، وهذا الفيلم، في أثناء إجازتي في مصر، في الأسبوع الأول من أغسطس/آب الجاري، فأردت مشاركة القارئ فيها.
ويبقى سؤال النهاية: هل يمكن اعتبار الإعلام العربي أرضا للنفاق؟ كما قدمها يوسف السباعي، والسؤال الأهم هل يمكن أن يخطئ أصحابه يوما فيتناولون حبوب الصراحة؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أربع من كن فيه كان منافقا خالصاً، ومن كانت فيه واحدة منهن كانت فيه خصلة من النفاق، حتى يدعها: إذا أؤتمن خان، وإذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر"، صدقت يا سيدي، يا رسول الله.